الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الوكالة
قول القاضي رحمه الله: "باب الوكالة كل حق جازت فيه النيابة جازت الوكالة (فيه).
قلت: الأصل في جواز الوكالة قوله سبحانه: {فابعثوا أحكم بورقكم} الآية [الكهف:19]، وصح أن النبي -صلي الله عليه وسلم- (وكل عروة بن الجعد البارقي ليشتري له شاه لأضحيته، ووكل علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخاه عقيلاً) وانعقد الإجماع على جوازها، وجري العمل عليها من الطالب والمطلوب الحاضر والغائب ذكرًا كان أو أنثي، ومنع سحنون وغيره من وكالة المطلوب ورآه من باب اللد، ومنه أبو حنيفة الوكالة إلا من الغائب والحاضر مع حضور الخصم وغيبته.
قوله: "وهي من العقود الجائزة": يعني إذا كانت على وجه التبرع، ولذلك جاز لوكيل عزل نفسه، فإن قارئها العرض على سبيل الإجارة فهي لازمة من الطرفين، ويجب حينئذ أن يكون العمل معلومًا، وإن خرجت مخرج الجعالة ففي المذهب ثلاثة أقوال: الجواز من الطرفين، واللزوم (منها
واللزوم) من جهة الجعل دون المجهول له
قال الإمام أبو عبد الله: الوكيل بالخيار بين أن يقبل الوكالة، أو يمنع، فإن قبلها على الفور عند خطاب الموكل له فلا إشكال في صحة ذلك، وإن لم يقبلها إلا بعد زمان طويل، فيجري على الخلاف في التمليك والتخيير هل لها أن تقضي بعد انفصال المجلس أم لا؟.
قوله: "وليس للوكيل أن يتصرف بعد علمه بعزل الموكل له": قلت: لا خلاف في المذهب أن للموكل أن يعزل وكيله في حضرته أو غيبته ما لم يتعلق بوكالته حق الغير مثل: أن ينشب معه في الخصومة، أو يوكله على قضاء دين (عليه)، فليس له العزل في هذه الصورة، وينعزل الوكيل إذا علم بالعزل بلا خلاف، وهل ينعزل قبل بلوغ العلم إليه بالعزل أم لا؟ قولان مبنيان على اختلاف الأصوليين هل يعتبر النسخ من يوم نزوله، أو من يوم بلوغه، وهل ينعزل بموت الموكل أم لا؟ اما إن كان وكيلاً مخصوصًا فلا لخلاف في انعزاله بالموت، الموكل أم لا؟ أما إن كان وكيلاً مخصوصًا فلا خلاف في انعزاله بالموت، وإن كان وكيلاً مفوضًا إليه المشهور أنه ينعزل بالموت، وقال مطرف: هو على وكالة حتى يعزله الورثة، وعلى هذا الاختلاف يقع الخلاف في تصرف الوكيل يعلم موت الموكل أو عزله قبل علمه بذلك هل يحمل على الرد على الإمضاء، قال أبوبكر بن المنذر: يرد تصرفه في هذا إجماعًا من أهل العلم يعني من الجمهور، وإلا فالخلاف قائم عندنا.
قوله: "ويجوز إطلاقه الوكالة في البيع" وهذا كما ذكره من أن الوكالة (تجري) على مقتضي لفظ الموكل من إطلاق أو تقييد، ويجري الإطلاق
فيها على مقتضى العوائد، ولا يبيع الوكيل على البيع بدون ما سمي الموكل، فإن باع بدون ذلك لم يلزم الموكل (ذلك) وله الخيار في رد البيع، أو إمضائه، فإن إمضاء أخذ الثمن، وإن فسخه والسلعة قائمة أخذها، وإن كانت فائتة، ولم يسم له ثمنًا (طالبة بقيمتها، وإن سمي له الثمن) فهل له مطالبته بما سماه، أو بالقيمة قولان عندنا، ولو قال الوكيل: أنا أتم ما نقص من الثمن الذي سميت لي فهل يلزم الموكل (البيع) أم لا؟ الرد فيه قولان عندنا، ولو قال له: بع بعشرة فباع بها بعد الإشهار لزم البيع، وإن باع لها بغير إشهار ففيه (قولان) اللزم (ونفيه) وكذلك لو قال: بع بمائة نسيئة فباع بمائة نقدًا، أو قال: اشتر بمائة نقدًا واشتر بمائة نسيئة صح ذلك، ولزم الأشهر قاله الشيخ أبو محمد أبن ابي زيد، قال: وخالفني فيه أبو بكر بن اللباد، ولو قال له: بع بالدنانير باع بالدراهيم، أو بالعكس ففي اللزوم قولان، وكذلك لو قال له: بع بعشرة فباع باثني عشر، فالمشهور لزوم البيع للموكل، لأن ذلك مقتضي المصلحة، والمعتمد في ذلك على حديث عروة بن الجعد البارقي (في شراء الأضحية، وقد رضي رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فعله، ودعا له بالبركة) وقد قيل في المدينة: إن للموكل الفسخ في مثل صورة عروة ابن الجعد، واختلف القائلون بأن له الفسخ هل محل خياره في العقد الثانية فقط، أو له الخيار في العقدتين، وهو قول ابن الماجشون، والأول هو المشهور.
قوله: "والوكيل مؤتمن فيما بينه وبين موكله" وهذا كما ذكره، لأن
يده يد أمانة فيما بينه وبين، واما ما يقضي من ديونه ونحوه فلا يبرئ منه إلا بالإشهاد جريًا على العادة المتقدمة أن من دفع إلى غير اليد الذي دفعت إليه فلا يبرأ إلا بالإشهاد أصله الوصي، وقيل: لا يضمن إذا كانت (العادة في البلد) ترك الإشهاد، حكاه الإمام أبو عبد الله وغيره.