الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه إذا كان اللَّه تعالى يريد لهم الاختيار فلا تكرههم، الاستفهام للإنكار بمعنى النفي، أي ليس لك أن تكره الناس على أن يكونوا مؤمنين، وقدم (أنت) على الفعل لأن موضع النفي أن تكون أنت أيها النبي مكرههم، وقد قرر اللَّه تعالى لهم الاختيار.
(حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) وهذا يفيد أن الإكراه موضع استنكار لأنه إيجاد للإيمان حيث لَا تكون إرادة وقوله تعالى: (حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) فيه ما يدل على أنه ينشئ مؤمنين، وليس له ذلك، إنما هو للَّه تعالى الذي يقول:(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ. . .).
(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22).
* * *
ثم يقول تعالى:
(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ
(100)
* * *
أي ما استقام لنفس أن تؤمن باللَّه وباليوم الآخر والرسل الذين جاءوا بالأدلة الحاسمة إلا بإذن اللَّه تعالى توجيها وتصريفا وتوفيقا فهو سبحانه وتعالى الملهم خلق النفس فسواها ألهمها فجورها وتقواها، فمن سلك سبيل الهداية والرشاد واتبع ما جاء به الرسل واستمع إليهم أخذ اللَّه تعالى بيده إلى الإيمان، ومن سلك سبيل الغواية أمعن في طريق الضلال، وكلاهما بإذن اللَّه تعالى وإرادته.
(وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) الرجس هو الأمر المستقذر في العقل والإدراك والحس، كقوله تعالى:(قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ. . .)، أي أنه قذر حسا، والكفر يعد قذارة معنوية يصيب الفكر