الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعليل لما قبلها، ولذا كان بينهما فصل، فكمال الاتصال بالعلة (إِنَّهُمْ كفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) وأكد سبحانه كفرهم بأن، وأنهم يحملون أوصافا تقتضي تحقق الكفر بالله وبرسوله، إذ يحاولون أن يخدعوا الله ورسوَله، وقد استمروا على ذلك حتى ماتوا ولذا قال تعالى:(وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) أي ماتوا على حال الفسق والتمرد على الحقائق، وأشد من التعبير بالفسق في حالهم بأنه أشد الكفر؛ لأنهم كافرون، ومخادعون، وغشاشون، فهم تمردوا على الله وتمردوا على كل خلق كريم، والله أعلم بهم.
وهم لَا يفاخرون إلا بما آتاهم الله من مال وولد، ولا يستطيعون المفاخرة بمكارم، وِلذا قال تعالى:
(وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ
(85)
.
تقدمت هذه الآية في هذه السورة عند الكلام على ما يتمناه المنافقون للمؤمنين، ومنع النبي صلى الله عليه وسلم من أن يقبل منهم نفقاتهم، فقد قال تعالى في ذلك:(ومَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كفَرُوا باللَّه وَبِرَسُوله وَلا يَأتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهونَ).
ونرى الآيتين متلاقيتين فِى المعنى والألفاظ، إلا في حرفين: أولهما - أنه هنا عبر (بالواو) فقال تعالى: (ولا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُم) وفي الآية السابقة صر (بالفاء) ولها مناسبتها، والثاني - أنه في هذه الآية لم تذكر (لا) بعد (أَمْوَالُهُمْ)، وفى الآية السابقة ذكرت لَا وأيضا فالنص السابق " إنما يريد الله أن يعذبهم في الحياة الدنيا " وفي هذه الآية:(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا).
وإن هذا الاختلاف في الألفاظ هو تصريف القول الذي هو من أسباب الإعجاز البياني، كما قال تعالى:(وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ. . .)، فهل يعد هذا من التكرار؟ نقول إنه يكون من التكرار إذا كانت المناسبة التي ذكرت فيها الآيتان واحدة، أما إذا اختلفت المناسبة، فإنها تغير المقصود، وإذا تغير المقصود لَا يكون المعنى واحدًا من كل الوجوه.