الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرطتم في يوسف، وألقيتموه في غيابة الجب، وهذا الكلام يدل على أن أخاهم الأكبر لم يكن راضيا عن فعلتهم مع يوسف، ويؤكد صدق الرواية التي تقول: إنه كان غائبا، إذ فعلوا فعلتهم مع يوسف، وأنه حاول أن يستعيده ويخرجه من الجب، ولكن السيارة كانوا قد أخذوه.
أبدى الكبير العهد، وأبدى استنكاره لتفريطهم في يوسف، وعبر عن فعلهم بأنه تفريط في حق الأخوة، واستهانة بالواجب نحوها، سيرا في طريق الحقد، والغي، (فَلن أَبْرَحَ الأَرض)، أي مصر، (حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يحْكُم اللَّهُ لِي وهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِين).
ولكن كما أشرنا انبعث فيهم ما كان قد اختفى من نفوسهم الحاسدة، فقالوا في نجواهم:
(ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ
(81)
وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82)
يتضمن هذا الكلام الذي حكاه اللَّه تعالى عن سائر الإخوة مُفْرِدًا الكبير بكلام عاطف نابع من النفس اللوامة، وكلامهم هذا يشير إلى معانٍ:
المعنى الأول: أنهم استهانوا بالأمر، وأن الأمر لَا يتجاوز أن ابنه سرق، وما عبروا بأنه أخوهم بل بأنه ابنه، وهي نغمة الافتراق الحاسدة.
المعنى الثاني: أنهم لم يقولوا اتهم بالسرقة، بل يقولون: إنه سرق، مؤمنين بذلك مستوثقين ومؤكدين، وذلك من بقايا حسدهم وحقدهم عليه.
المعنى الثالث: أنهم يؤكدون سرقته بثلاثة أمور:
الأمر الأول: شهادة القرية التي كانوا فيها وهي المدينة العظيمة بمصر.
الأمر الثاني: شهادة العير التي كنا فيها.