الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإشارة هنا إلى الذين هددوا بعذاب الدنيا وإنه لنازل بهم، وأنذروا بعذاب الآخرة، ومن قبل صدوا عن سبيل اللَّه، وأرادوها ملحفين في إرادتهم أن تكون معوجة، والإشارة إلى الموصوف بصفات تدل على أن هذه الصفات هي سبب الحكم، وهذا الحكم هو الخسران المبين.
وأنهم خسروا بضلالا عقولهم، وخسروا أنفسهم بظلمهم، فالظلم خسارة للنفس، وخسروا أنفسهم بكفرهم باليوم الآخر وعدم رجاء ما عند اللَّه، وبعذاب الدنيا والآخرة، ثم قال تعالى:(وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانوا يَفْتَرونَ) أي غابت عنهم الأوثان التي كانوا يحسبونها شفعاء عند اللَّه، وتلفتوا فلم يجدوها والتعبير بـ (ضَلَّ) يفيد أنهم طلبوها فلم يجدوها، أو توهموا أنها تنفعهم فلم تجدهم، وفى تعبيره سبحانه عن الأوثان بقوله تعالى:(مَّا كَانوا يَفْتَرُونَ) إشارة إلى أنها لا وجود لها في ذاتها وإن وجودها كآلهة إنما هو في أوهامهم وافترائهم. ثم يؤكد سبحانه خسارتهم البالغة إلى أقصى حد.
(لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ
(22)
قال الخليل وسيبويه إن (لا جَرَمَ) كلمة واحدة معناها حق ويكون المعنى:
حق وثبت أنهم في الآخرة هم الأخسرون، فالنص يثبت أنهم خسروا وأنهم بلغوا في الآخرة أقصى درجات الخسارة، ولذا جاء جمع (الأَخْسَرُونَ)، وفعل التفضيل هنا يدل على أقصى درجات الخسارة، أي لَا خسارة فوقها أو مثلها بل هي فوق كل خسارة، وما ظنك بخسارة مؤداها البقاء في الجحيبم خالدين فيها إلى ما شاء اللَّه تعالى.
وروي عن الخليل أيضا في (لا جَرَمَ) أن معناها لابد ولا محالة فهي تفيد التأكيد بأنهم في أعلى درجات الخسارة.
والأصل في (لا جَرَمَ) أن لَا نافية، وهي رد لهم في أطماعهم، وبيان بطلانهم، وجرم معناها كسب، والمعنى لَا كسب ذلك الفعل لهم - أنهم الأخسرون. ومؤدى لَا جرم حق كما ذكرنا أولا.