المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إشارة إلى الوصف الذي يحياه الحي كافرا، أو مؤمنا، والحال - زهرة التفاسير - جـ ٧

[محمد أبو زهرة]

فهرس الكتاب

- ‌(66)

- ‌(67)

- ‌(68)

- ‌(70)

- ‌(72)

- ‌(76)

- ‌(77)

- ‌(78)

- ‌(79)

- ‌(81)

- ‌(82)

- ‌(83)

- ‌(85)

- ‌(86)

- ‌(87)

- ‌(88)

- ‌(89)

- ‌(91)

- ‌(92)

- ‌(94)

- ‌(95)

- ‌(96)

- ‌(98)

- ‌(99)

- ‌(101)

- ‌(102)

- ‌(103)

- ‌(105)

- ‌(106)

- ‌(108)

- ‌(109)

- ‌(110)

- ‌(112)

- ‌(113)

- ‌(114)

- ‌(116)

- ‌(117)

- ‌(118)

- ‌(120)

- ‌(123)

- ‌(124)

- ‌(125)

- ‌(127)

- ‌(129)

- ‌(سُورَةُ يُونُسَ)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(7)

- ‌(8)

- ‌(9)

- ‌(12)

- ‌(13)

- ‌(14)

- ‌(16)

- ‌(17)

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(21)

- ‌(22)

- ‌(23)

- ‌(25)

- ‌(26)

- ‌(27)

- ‌(28)

- ‌(29)

- ‌(30)

- ‌(31)

- ‌(32)

- ‌(34)

- ‌(35)

- ‌(37)

- ‌(38)

- ‌(39)

- ‌(40)

- ‌(42)

- ‌(44)

- ‌(45)

- ‌(48)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(51)

- ‌(54)

- ‌(55)

- ‌(56)

- ‌(58)

- ‌(59)

- ‌(60)

- ‌(61)

- ‌(62)

- ‌(63)

- ‌(65)

- ‌(67)

- ‌(68)

- ‌(69)

- ‌(70)

- ‌(72)

- ‌(73)

- ‌(74)

- ‌(76)

- ‌(77)

- ‌(79)

- ‌(81)

- ‌(83)

- ‌(85)

- ‌(86)

- ‌(87)

- ‌(88)

- ‌(89)

- ‌(92)

- ‌(93)

- ‌(94)

- ‌(95)

- ‌(96)

- ‌(98)

- ‌(100)

- ‌(101)

- ‌(102)

- ‌(103)

- ‌(105)

- ‌(106)

- ‌(107)

- ‌(108)

- ‌(109)

- ‌(سُورَةُ هُودٍ)

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌(6)

- ‌(7)

- ‌(8)

- ‌(10)

- ‌(11)

- ‌(12)

- ‌(13)

- ‌(14)

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(17)

- ‌(18)

- ‌(19)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(23)

- ‌(24)

- ‌(27)

- ‌(28)

- ‌(29)

- ‌(30)

- ‌(31)

- ‌(32)

- ‌(34)

- ‌(35)

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(39)

- ‌(41)

- ‌(43)

- ‌(44)

- ‌(45)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(53)

- ‌(54)

- ‌(55)

- ‌(56)

- ‌(57)

- ‌(58)

- ‌(59)

- ‌(60)

- ‌(61)

- ‌(62)

- ‌(63)

- ‌(64)

- ‌(65)

- ‌(66)

- ‌(70)

- ‌(72)

- ‌(73)

- ‌(74)

- ‌(75)

- ‌(76)

- ‌(77)

- ‌(79)

- ‌(81)

- ‌(84)

- ‌(85)

- ‌(86)

- ‌(87)

- ‌(88)

- ‌(89)

- ‌(90)

- ‌(92)

- ‌(93)

- ‌(94)

- ‌(95)

- ‌(97)

- ‌(98)

- ‌(99)

- ‌(101)

- ‌(102)

- ‌(103)

- ‌(104)

- ‌(105)

- ‌(106)

- ‌(107)

- ‌(108)

- ‌(109)

- ‌(111)

- ‌(112)

- ‌(113)

- ‌(114)

- ‌(115)

- ‌(117)

- ‌(118)

- ‌(119)

- ‌(121)

- ‌(122)

- ‌(123)

- ‌(سُورَةُ يُوسُفَ)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(5)

- ‌(6)

- ‌(8)

- ‌(9)

- ‌(12)

- ‌(13)

- ‌(14)

- ‌(15)

- ‌(16)

- ‌(17)

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(21)

- ‌(22)

- ‌(24)

- ‌(25)

- ‌(26)

- ‌(27)

- ‌(29)

- ‌(31)

- ‌(32)

- ‌(33)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(37)

- ‌(38)

- ‌(39)

- ‌(40)

- ‌(41)

- ‌(42)

- ‌(44)

- ‌(45)

- ‌(46)

- ‌(47)

- ‌(48)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(53)

- ‌(55)

- ‌(56)

- ‌(57)

- ‌(58)

- ‌(59)

- ‌(60)

- ‌(61)

- ‌(62)

- ‌(64)

- ‌(65)

- ‌(67)

- ‌(68)

- ‌(70)

- ‌(71)

- ‌(72)

- ‌(73)

- ‌(74)

- ‌(75)

- ‌(76)

- ‌(78)

- ‌(80)

- ‌(81)

- ‌(83)

- ‌(85)

- ‌(86)

- ‌(87)

- ‌(89)

- ‌(90)

- ‌(92)

- ‌(93)

- ‌(95)

- ‌(96)

- ‌(97)

- ‌(98)

- ‌(99)

- ‌(100)

- ‌(101)

- ‌(102)

- ‌(103)

- ‌(104)

- ‌(105)

- ‌(106)

- ‌(108)

- ‌(109)

- ‌(110)

- ‌(111)

- ‌(سُورَةُ الرَّعْدِ)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(6)

- ‌(7)

- ‌(8)

- ‌(9)

- ‌(10)

- ‌(15)

الفصل: إشارة إلى الوصف الذي يحياه الحي كافرا، أو مؤمنا، والحال

إشارة إلى الوصف الذي يحياه الحي كافرا، أو مؤمنا، والحال التي سيموت عليها مؤمنا أو كافرا، وأن لَا استغفار لمن لم يرج توبته، ولا استغفار لمن مات، وأغلق أبواب عمله في الدنيا.

(وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) الخطاب للمؤمنين ومعناه، وما لكم أيها المؤمنون من ولي يواليكم وتحبونه إلا اللَّه تعالى، ولا نصير ينصركم سواه، فلا تؤثروا عليه قرابة، فلا ترأفوا بمن عصى اللَّه تعالى ورسوله الذي أرسله رحمة للعالمين، وإنه سبحانه أولى بخلقه يهدي من يشاء ويضل من يشاء.

ولقد بين اللَّه سبحانه مآل الذين تخلفوا والذين اتبعوه في ساعة العسرة في غزوة تبوك فقال تعالى:

ص: 3464

(لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ‌

(117)

كانت غزوة تبوك اختبارا شديدا للمؤمنين وقد تحقق فيها كل البلاء، وتعلم فيها المؤمنون معنى، وصدق عليهم قول الله تعالى:(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156).

ولذا ذكرها اللَّه سبحانه وتعالى ببعض التفصيل، وكرم الذين صبروا، وعاقب الذين خذلوا وثبطوا ثم تخلفوا، وعاتب المؤمنين الذين تخاذلوا في وقت الدعوة إليها، وذلك لأن الصبر في مثل هذه الحال مناط العزة والرفعة، ويجب أن يكونوا كحال هؤلاء الصابرين، ليعتزوا بالإسلام، ويعتز بهم المسلمون في الأرض كلها.

وقد نالهم البلاء كله، فنالهم الخوف، ولولا أن الرسول بينهم، ما استطاعوا الذهاب إلى الرومان، لقد كان من شأن حرب بني الأصفر أن يلقى في قلوبهم

ص: 3464

الرعب، وكان المنافقون بينهم يبثون - ذلك الخوف، ويلقون في النفوس الذعر ونالهم الخوف والجوع ونقص الثمرات، إذ تركوها في المدينة وقد نضجت فلم يحصدوها، وكان الجوع والعطش وهم سائرون في شقة بعيدة، جاء في تفسير الحافظ ابن كثير في تصوير المشقة في هذه الغزوة التي أرهبت الرومان وكانت إرهاصا بفتح الشام، فروي عن قتادة أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم خرج بالمؤمنين في لهبان الحر وأصابهم فيها جهد شديد، حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما. . . . وروي عن ابن عباس أنه قيل لعمر بن الخطاب في شأن العسرة فقال عمر بن الخطاب في وصف ما نالهم: خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله تعالى عليه وسلم إلى تبوك في قيظ شديد، فأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع من شدة العطش، وحتى إن الرجل ليذهب يلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع، وحتى إن الرجل لينحر بعيره، ليعصر فرثه، فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده، فقال أبو بكر: يا رسول اللَّه إن اللَّه عز وجل قد عودك في الدعاء خيرا فادع لنا فقال صلى الله عليه وسلم: " تحب ذلك؟ " قال: نعم، فرفع يديه، فلم يرجعها حتى سالت السماء وأهطلت، ثم سكنت فملئوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر، فلم نجدها جاوزت العسكر (1)، هذا ما جاء في ابن كثير، وجاء في غيره أن الرواحل لم تكن موفورة، بل كان العشر يعتقبون على راحلة واحدة أو بعير وإن لم يكن راحلة.

هذه هي المشقة أو إشارة إليها وذكرها القرآن ليبين كما ذكرنا من قبل، كيف يكون الجهاد، وكيف يكون طلب العزة، ورفع الذلة، وكيف يكون الاطمئنان والقوة، وكيف يكون جسر التعب الذي لَا بد لنيل الحياة العزيزة الكريمة من المرور عليه.

يقول تعالى: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ) ساعة الحسرة أي وقت الشدة في الجهد، والمال، والحر الشديد،

(1) البداية والنهاية: ج 6، ص 231.

ص: 3465

وطريق الوصول إلى المكان المنشود، ومحاربة قوم غلاظ شداد هم الذين كانت لهم السطوة.

وقد أشارت الآيات السابقة إلى أن المهاجرين والأنصار كانوا السابقين، وإلى أن الذين تخلفوا، قال سبحانه فيهم ما كان عتبا قاسيا، فيه عقاب لنفوسهم المؤمنة، وبين فيما مضى المخلفين نفاقا وضعفًا في الإيمان.

يقول تعالى: لقد تاب اللَّه تعالى على النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم من أخطائه التي وقع فيها كإذنه للذين استأذنوه من المنافقين، وهو يعلم كذبهم، وكذلك اجتهاده في أمر الأسرى فأخذ فداء الأسرى قبل أن يثخن، ونحو ذلك مما يتعلق بالحروب، والمعاهدات التي تعهد فيها النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم، ويبين اللَّه تعالى أنه أخطأ في اجتهاده، وما كان اجتهاده وتخطئة اللَّه تعالى إلا ليعلم الذين يجيئون من بعده أن الذين يجتهدون بعقولهم يخطئون، وهذا سيد البشر، إذا اجتهد فقد يخطئ، فإن الحاكم أيا كان عرضة للخطأ وليس له أن يستبد بفكره، ويقول مقالة فرعون ما أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد.

ولقد تعلق الجهلاء من النصارى، ولو كانوا في مناصب عالية عندهم، وادعوا أنهم من فلاسفة هذا الزمان، أن عيسى عليه السلام أفضل من محمد صلى اللَّه تعالى عليه وسلم، لأنه لم ينسب إليه ذنب يغفر، ومحمد عليه الصلاة والسلام غفر له كما قال تعالى:(لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. . .)، وقال تعالى:(لَقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِي وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ) فنقول إن ذلك جهل فاحش، أو هوى فاسد، أو هما معا.

أولا - لأن التوبة مقام من مقامات العبودية، والخضوع للذات الألوهية، ولذا وصف الأتقياء بأنهم التوابون، لأن التوبة تنبعث من إحساس بعلو المقام الإلهي، وتفتيش النفس، والبعد عن الغرور، والشعور بالتقصير نحو الذات

ص: 3466

العلية، مهما تكن الأعمال الصالحة، فالعابد يستصغر ما يفعل في جنب اللَّه مهما يكن كبيرا، فيتوب عما يحتمل من وجود تقصير أو فوات طاعة واجبة.

وثانيا - أن الأخطاء التي لَا يؤاخذ عليها بحسن فرط طاعته، واستجابته لما يطلبه العلي الأعلى بأنها ما كانت تجوز، وأنها تخالف الطاعة المطلقة التي هي حق اللَّه على عباده، وخصوصا الأنبياء الذين هم صفوة خلق اللَّه تعالى.

وثالثا - أن محمدا صلى اللَّه تعالى عليه وسلم كان بمقتضى دين الفطرة، ومعالجة أحوال الناس، والجهاد في دعوة الحق، معرضا لأن يخطئ، لَا أن يذنب، ولفرط طاعته، واستقامة نفسه يحس بأن خطأه كالذنب، والرضا به لَا يتفق مع مقامه من اللَّه تعالى الذي يخاطبه.

ورابعا - أن التوبة يجب أن تكون خلة ثابتة من خلال المؤمنين؛ لأنها رجوع إلى اللَّه تعالى، والمؤمن لَا يجوز أن تغره الحياة، فلا يرجع إلى اللَّه تعالى، فالرجوع إلى اللَّه بالتوبة يجب ألا يغفل المؤمن عنها؛ لأنها في ذاتها تجديد للإيمان، وتذكير بالطاعة المستمرة، وتوبة محمد سيد البشر دعوة للمؤمنين لأن يتوبوا كما قال تعالى:(. . . وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31).

وخامسا - أن النفوس كلما علت أحست بأن الهفوات كأنها ذنوب، فتلجأ تائبة بالإنابة إلى ربها، وهذا ما يقوله العلماء: حسنات الأبرار سيئات المقربين.

وبهذا يتبين أن التوبة، والغفران والإحساس بالخطأ كأنه ذنب سمات الأبرار والعلو في مقام إدراك معنى الربوبية والعبودية، وليس نقصا في الذات النبوية ذات أفضل البشر.

وذكر بعد النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم المهاجرين؛ لأنهم الذين كونوا الخلية الأولى للإسلام، ولأنهم الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ابتغاء نشر

ص: 3467

الدعوة الإسلامية، واستمساكا بدينهم، وكان الأنصار الذين آووا ونصروا، وإذا كان المهاجرون آزروا النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم، وأقاموا معه الدعامة الأولى لبناء الإسلام، فالأنصار هم الذين عاونوا النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم في إقامة الدولة الإسلامية، وإذا كان الأولون هم قوم النبي صلى الله عليه وسلم وأقرباءه، فالأنصار هم أحباؤه الذين أقسم لهم وإنه لصادق:" لو سلك الناس شعبا، وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار "، والذين دعا لهم فقال:" اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار "(1)، رحمهم الله ولعن من أذاهم وأبى.

وقد وصف اللَّه المهاجرين والأنصار بوصف يبين حالهم في حال الشديدة التي كانت في تبوك ففال: (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ)، والساعة الجشء من الزمن كالغداة، والعشي، والظهيرة، وهذا وصف كاشف لحالهم ولخبيئه، فالمهاجرون الذين تركوا الدار والأهل والمال هم الذين اتبعوا النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم في ساعة الشدة، وكذلك الأنصار الذين آووا ونصروا، وكانوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة هم كذلك الذين اتبعوه في ساعة العسرة، وقد ذكرنا بعض ما كان من عسرة شديدة، حتى أن الأعناق كادت تنقطع من شدة العطش لولا دعاء الرسول صلى اللَّه تعالى عليه وسلم.

وقد صور اللَّه تعالى شدة العسرة على بعض النفوس فقال تعالى: (مِنْ بَعْدِ مَا كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ منْهمْ)، أي أن الشدة بلغت أقضاها حتى كادت تزيغ قلوب أي تنحرف وتضل قلوب فريق منهم، ولكنهم لم يزيغوا، ولم يضلوا، بل اصطبروا، ومرت الشديدة، وانتهوا إلى الاطمئنان.

وقال تعالى: (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ) الضمير في (عَلَيْهِمْ) إما أن يعود إلى المهاجرين والأنصار، ويكون تأكيدا لقبول توبة اللَّه لهم، وإما أن يعود على الذين كادت تزيغ قلوبهم، وهذا ما نميل إليه، ويكون المعنى إن العسرة كانت شديدة

(1) سبق تخريجه.

ص: 3468