الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعيونها، ومن المطر المنهمر، (وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي) وأقلعي أي أوقفي ماءك المنهمر، (وَغِيضَ الْمَاءُ) أي نقص بعد أن تمت المعجزة ونزلت آية اللَّه تعالى في القوم الكافرين وقُضي الأمر أي أنجز اللَّه وعده بإهلاكه، (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) الضمير يعود إلى سفينته، و (الْجُودِيِّ) جبل، (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) بمعنى استقرت بجوار ذلك الجبل وكأنه منع استمرار سيرها. (وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي إبعادا وطردا وهلاكا للقوم الظالمين الذين اجتمعوا على الظلم، وتناصروا فيه، وبعد أن انتهى الأمر عاود نوحًا عليه السلام كشأن الآباء حنينُه وإشفاقُه على ابنه فنادى ربه مناجيا.
(وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ
(45)
إذ وعده اللَّه تعالى أنه ناج هو وأهله، فقال له ربه نافيًا دخول ابنه في أهله فلا يكون داخلا في الوعد بالنجاة.
(قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
(46)
قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47)
إنه في ذاته عمل غير صالح، فشاقك وترك صفَّك وكان في صف المشركين، وهناك قراءة بكسر الميم في كلمة (عَمَلٌ) على أنه فعَل وبفتح الراء في كلمة (غَيْر) فيكون اللفظ " عمِل غيرَ صالح "(1) ذلك بانضمامه إلى صفوف المعاندين، ويكون في التقدير على القراءة الأولى أنه ذاته صار كأنه عمل غير صالح، وهي أبلغ في الدلالة على فساده من القراءة الثانية، وقد عاتبه اللَّه تعالى:(فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، (الفاء) لترتيب ما قبلها على ما بعدها، فترتب على كونه عمل غير صالح وعَدَّه نوح من أهله - ذلك
(1)(عَمِلَ غيرَ) قراءة يعقوب والكسائي، وقرأ الباقون (عَمَلٌ غَيْرُ). غاية الاختصار (1011).