الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى أبو داود عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه فجاء بخبز وزيت فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:«أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلّت عليكم الملائكة» [ (1) ] .
وروى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنهما قال: نزل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث. وفيه فقال أبي: ادع لنا، فقال:«اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم وارحمهم» [ (2) ] .
تنبيهات
الأول: اختلف في إنكار سيدنا جبريل الأكل متكئا فقال القاضي عياض في الشّفاء رحمه الله تعالى: التمكن للأكل، والتقعد للجلوس له كالتّربع وشبهه من تمكّن الجلسات التي يعتمد فيها الجالس على ما تحته قال: والجالس على هذه الهيئة يستدعي الأكل ويستكثر منه، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما كان جلوسه للأكل جلوس المستوفز مقعيا، قال: وليس معنى الحديث في الاتكاء الميل على شق عند المحققين، وبما فسر به الاتكاء حكاه في الإكمال عن الخطّابي وقال: إنه خالف في هذا التأويل أكثر الناس، وإنهم إنما حملوا الاتكاء على أنه الميل على أحد الجانبين انتهى، وبهذا جزم ابن الجوزي رحمه الله تعالى، وعبارة ابن الأثير: المتكئ في العربية كل من استوى قاعدا على وطاء متمكنا، والعامة لم تعرف المتّكئ إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه، ثم قال: ومن فسر الاتكاء بالميل على أحد الشقين تأوله على مذهب أهل الطب، قال ابن القيم: وهو يضر بالآكل، فإنه يمنع مجرى الطعام الطبيعي على هيئته، ويعوقه عن سرعة نفوذه إلى المعدة بضغط المعدة، فلا تستحكم فتحها للغذاء، وأما الاعتماد على الشيء فهو من جلوس الجبابرة المنافي للعبودية، ولهذا
قال صلى الله عليه وسلم: «آكل كما يأكل العبد» ،
فإن كان المراد بالاتكاء الاعتماد على الوسائد والوطاء الذي تحت الجالس كما نقل عن الخطّابي فيكون المعنى: أني إذا أكلت لم أقعد متكئا على الأوطئة والوسائد كفعل الجبابرة، ومن يريد الإكثار من الأكل لكن آكل بلغة من الزاد فلذلك أقعد مستوفزا.
وفي حديث أنس رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم أكل تمرا وهو مقع، وفي رواية وهو محتفز. رواه مسلم. والمراد الجلوس على وركيه غير متمكن.
[ (1) ] أخرجه ابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد (1352) وابن السني (479) والحاكم 1/ 546 وأبو نعيم في الحلية 6/ 242.
[ (2) ] أخرجه أبو داود (3854) وابن ماجة (1747) وأحمد 3/ 118 وعبد الرزاق (7907) وابن حبان الموارد (1353) وأبو نعيم في الحلية 3/ 72 وابن أبي شيبة 3/. 100
واختلف السلف رحمهم الله تعالى في كراهة الأكل متمكنا:
قال الخطّابي: إذا ثبت كونه مكروها أي خلاف الأولى فالمستحب في صفة الجلوس للأكل أن يكون جاثياً على ركبتيه وظهور قدميه، أو يجلس وينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى، وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في الهدى: ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجلس متورّكا على ركبتيه، ويضع بطن قدمه اليسرى على ظهر اليمنى تواضعا لله تعالى، وأدبا بين يديه، قال: وهذه الهيئة أنفع هيئات الأكل وأفضلها لأن الأعضاء كلها تكون على وضعها الطبيعي الذي خلقه الله تعالى عليه انتهى.
الثاني: قال ابن القيّم: في كونه صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع، وهذا أنفع ما يكون في الأكلات فإن الأكل بالأصبع الواحدة من أكل التكبر، ولا يستلذ به الآكل ولا يمريه ولا يسيغه إلا بعد طول، ولا يفرج آلات الطعام والمعدة بما ينويها في كل أكلة، فيأخذها على إغماض، كما يأخذ الرجل حقه حبة حبة أو نحو ذلك، فلا تلتذ بأخذه، والأكل بالخمسة والراحة يوجب ازدرام الطعام على آلاته، وعلى المعدة، وربما اشتدت الآلات فمات، وتغصب الآلات على دفعه، والمعدة على احتماله، ولا تجد له لذة ولا استمراء، فأنفع الأكل أكله صلى الله عليه وسلم وأكل من اقتدى به بالأصابع الثلاث، ولا عبرة بكراهة الجهال للعق الأصابع استقذارا، نعم لو كان ذلك في أثناء الأكل فينبغي اجتنابه، لأنه يعيد أصابعه، وعليها أثر ريقه، قلت: وهذا هو الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم، ووقع عند سعيد بن منصور عن ابن شهاب مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل يأكل بخمس، فيجمع بينه وبين ما تقدم باختلاف الحال.
الثالث: قول أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط: قال في زاد المعاد: كان صلى الله عليه وسلم لا يرد موجودا، ولا يتكلف مفقودا، وما قرب إليه شيء من الطعام إلا أكله، إلا أن تعافه نفسه فيتركه من غير تحريم، ولا عاب طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه، ولم يكن من عادته صلى الله عليه وسلم حبس نفسه الشريفة على نوع واحد من الأغذية لا يتعداه إلى غيره، فإن ذلك يضر بالطبيعة جدا، ولو أنه أطيب، بل كان صلى الله عليه وسلم يأكل ما جرت عادة أهل بلده بأكله من اللحم والفاكهة والخبز والتمر كما سيأتي، وكان صلى الله عليه وسلم يراعي صفات الأطعمة، وطبائعه، واستعماله على قاعدة الطب فإذا كان في أحد الطعامين ما يحتاج إلى كسر وتعديل كسره وعدله بضده إن أمكن، كتعديله حرارة الرطب بالبطيخ كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وكان إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه، ولم تكن لهم مناديل يمسحون بها أيديهم، ولم تكن عادتهم غسل أيديهم كلما أكلوا.
الرابع: في بيان غريب ما سبق:
القاحة: بقاف فألف فحاء مهملة مفتوحة فتاء تأنيث.
الأرنب: معروف يقال للذكر والأنثى.
الذريع: بذال معجمة مفتوحة فراء مكسورة فتحتية فعين مهملة: السريع.
الإقعاء: بكسر الهمزة وسكون القاف وعين مهملة: أن يلزق الرجل إلييه بالأرض، وينصب ساقيه ويضع يديه بالأرض كما يقعي الكلب، وفسره الفقهاء رحمهم الله تعالى بأن يضع إلييه على عقبيه بين السجدتين، قال أبو عبيدة والأول هو الأولى.
الفور: بفاء مفتوحة فواو ساكنة فراء: وهجها وغليانها.
الخزيرة: بخاء معجمة مفتوحة، ثم زاي مكسورة، وبعد التحتية الساكنة راء: ما يتخذ من الدقيق على هيئة العصيدة، لكنه أرق قاله الطبري، وقال ابن فارس: دقيق يخلط بشحم، وقال العتبي وتبعه الجوهري: أن يؤخذ اللحم فيقطع صغارا ويصب عليه ماء كثير، فإذا نضج ذرّ عليه الدقيق، فإن لم يكن لحم فهي عصيدة وقيل مرقة تصفى من سلالة النّخالة، وقيل الخزيرة بالإعجام من العجين والنّخالة، وبالإهمال من اللبن.
حسّن: بحاء مفتوحة فسين مهملتين: توجع.
الخوان: ما يؤكل عليه معرب وفيه ثلاث لغات كسر الخاء وهي أكثر، وضمها، وإخوان بهمزة مكسورة، قال الحكيم الترمذي: وهو شيء محدث فعلته الأعاجم، وكانت العرب يأكلون على السّفر واحدها سفرة، وهي التي تتخذ من الجلود، ولها معاليق تنضم، وتنفرج بالانفراج، سميت سفرة لأنها إذا حلّت معاليقها انفرجت، وأسفرت عما فيها فقيل سفرة.
السّكرّجة: بسين مهملة، فكاف مضمومتين، فراء مشددة مفتوحة، فجيم، فتاء تأنيث:
إناء صغير نأكل فيه بشيء من الأدم، لأنها أوعية الأصباغ، وهي الألوان ولم يكن من شأنهم الألوان، إنما كان طعامهم الثّريد عليها مقطّعات اللحم.
ولا خبز مرقّق: بميم مضمومة فراء فقافين: أي لأن عامة خبزهم كان الشعير، وإنما يتخذ الرّقاق من دقيق البرّ، وقلّ ما يمكن اتخاذه من الشعير.
المائدة قال في الصحاح: ماده ميدا أعطاه والمائدة مشتقة من ذلك، وهي فاعلة بمعنى مفعولة لأن المالك مادها للناس أي أعطاهم إياها، وقيل مشتقة من ماد يميد إذا تحرك، فهي فاعلة على الباب.
قال الحكيم الترمذي رحمه الله تعالى: المائدة كل شيء يمد ويبسط مثل المنديل والثوب والسفرة، نسب إلى فعله فقيل مائدة، وكان حقه أن يكون مادّة- الدال مضاعفة فجعلوا إحدى الدالين ياء فقيل مايدة، والفعل واقع به، وكان ينبغي أن يكون ممدودا، ولكن خرج مخرج فاعل، كما قالوا: سرّ كاتم، وهو مكتوم، وعيشة راضية وهي مرضيّة.
السّقاء: بسين مهملة مكسورة فقاف فألف فهمزة: ظرف الماء من الجلد.
النّطاق: بنون فطاء فألف فقاف وتقدم تفسيره أوائل الكتاب.
الشّعب: بكسر الشين المعجمة وسكون المهملة.
التّرس: بمثناة فوقية مضمومة فراء ساكنة فسين مهملة: معروف واحد الأتراس.
الحضيض: بحاء مهملة مفتوحة فضادين معجمتين بينهما تحتية ساكنة: قرار الأرض، وأسفل الجبل.
الصّحفة: بصاد مهملة مفتوحة فحاء ساكنة ففاء فتاء تأنيث: إناء كالقصعة المبسوطة.
الوطيئة: بالياء المثناة التحتية والهمزة بوزن سفينة يأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى.
الجشاء: بجيم مضمومة فشين معجمة فألف فهمزة: تنفس المعدة.
الذوّاق: بذال معجمة: ما يذاق باللسان.
المنديل: الأكف: بهمزة مفتوحة فكاف مضمومة ففاء جمع كف وهو اليد أو إلى الكوع.
الساعد: بسين مهملة فألف فعين فدال مهملتين: الذراع والله تعالى أعلم.