الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع في بغاله، وحميره صلى الله عليه وسلم
وفيه نوعان:
الأول: في بغاله صلى الله عليه وسلم وهن سبع:
الأولى: دلدل لم يمت صلى الله عليه وسلم عن شيء سواها.
وروى ابن سعد عن الزهري قال: أهدي دلدل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروة بن عمرو الجذامي انتهى، كذا في هذه الرواية، والمشهور أن الذي أهداها له المقوقس كما سيأتي.
وروى أيضا عن علقمة بن أبي علقمة قال: بلغني والله أعلم أن اسم بغلة النبي صلى الله عليه وسلم الدّلدل، وكانت شهباء، وكانت بينبع حتى ماتت.
وروى أيضا عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه قال: كانت دلدل بغلة النبي صلى الله عليه وسلم أول بغلة رئيت في الإسلام، أهداها له المقوقس، بقيت حتى كانت زمن معاوية.
وروى أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة شهباء، فهي أول بغلة كانت في الإسلام، فبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجته أم سلمة، فأتته بصوف، وليف ثم فتلت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم لها رسنا وعذارا، ثم دخل البيت، فأخرج عباءة مطرّفة فثناها، ثم ربّعها على ظهرها، ثم سمى وركب، وردفني خلفه.
وروى ابن عساكر- من طرق- أنها بقيت حتى قاتل عليها علي بن أبي طالب في خلافته الخوارج، وذكر ابن إسحاق إنها كانت في منزل عبد الله بن جعفر يجشّ، أو يدق لها الشعير، وقال الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد القدسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يركب دلدل في الأسفار، وعاشت بعده حتى كبرت، رأيت أسنانها، وكان يجش لها الشعير، وماتت بينبع [ (1) ]، والدّلدل: عظيم القنافذ والدّلدال: الاضطراب وقد تدلدل الشيء: أي تحرك متدليا.
الثانية: فضّة.
روى ابن سعد عن زامل بن عمرو إن فروة بن عمرو الجذامي أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة يقال لها فضّة، فوهبها لأبي بكر.
وروى عبد بن حميد عن كثير بن العباس رضي الله تعالى عنهما قال: لزمنا
[ (1) ](ينبع) : بالفتح، ثم السكون، والباء موحدة مضمومة، وعين مهملة، مضارع نبع: حصن وقرية غنّاء على يمين رضوى لمن كان منحدرا من أهل المدينة إلى البحر على ليلة من رضوى.
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارق يعني يوم حنين، وهو على بغلة شهباء، وفي لفظ: بيضاء أهداها له فروة بن نعامة الجذامي.
وروى ابن أبي شيبة عن ابن أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنه أن ملك أيلة أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء، وكساه رسول الله صلى الله عليه وسلم بردة وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى عمر بن عبد الله الأنصاري في جزئه عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأخذ القوم في عقبة، أو ثنية قال: فكان الرجل إذا ما علاها قال: لا إله إلا الله والله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أيها الناس إنكم لا تدعون أصم، ولا غائبا» ، وهو على بغلة يعرضها، فقال:«يا أبا موسى» ، أو «عبد الله بن قيس، ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟» قلت: بلى، قال:«لا حول ولا قوة إلا بالله» [ (1) ] .
الثالثة: بغلة أهداها ابن العلماء وهو بفتح العين المهملة، وإسكان اللام، وبالمد، قاله النووي، والقرطبي، وزاد وهو تأنيث الأعلم، مشقوقة الشفة العليا.
وروى مسلم أول الفضائل والبخاري في كتاب الجزية والموادعة بعد الجهاد عن أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنه قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فذكر الحديث، وقال فيه وجاء رسول ابن العلماء صاحب أيلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب، وأهدى له بغلة بيضاء، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهدى له بردة رواه أبو نعيم في المستخرج، ولفظه وأهدى ملك أيلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء، فكساه برداء، وقال أبو نعيم: بردة، وكتب له ببحرهم، قال علي بن محمد بن الحسين بن عبدوس: كانت طويلة محذوفة، كأنما تقوم على رمال، حسنة السير فأعجبته، ووقعت منه، وهي التي
قال له فيها علي بن أبي طالب حين خرج عليها: كأن هذه البغلة قد أعجبتك يا رسول الله، قال:«نعم» ، قال:«لو شئت لكان لك مثلها» ، قال: وكيف؟ قال: «هذه أمها عربية، وأبوها حمار ولو أنزينا حمارا على فرس لجاءت بمثل هذه» ، فقال: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون.
وروى ابن سعد عن علي رضي الله تعالى عنه قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة، فقلنا: يا رسول الله إنا أنزينا الحمر على خيلنا فجاءتنا بمثل هذه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون» .
الرابعة: بغلة أهداها له كسرى، فركبها بحبل من شعر، ثم أردف ابن العباس خلفه رواه في تفسير قوله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ من سورة الأنعام، قال
[ (1) ] أحمد 4/ 407، 418.