الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني في تكليمه بغير لغة العرب صلى الله عليه وسلم
روى البخاري رحمه الله تعالى في باب من تكلم بالفارسية والرّطانة وأبو الشيخ وابن حبّان في باب تكلمه صلى الله عليه وسلم بالفارسية من كتاب أخلاق النبوة [ (1) ] .
عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: قلت يا رسول الله: ذبحنا بهيمة لنا، وطحنت صاعا من شعير، فتعال أنت، ونفر، فصاح رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا أهل الخندق إن جابرا قد صنع سورا فحيّ هلا بكم» [ (2) ] .
وروى أيضا عن أم خالد بنت خالد بن سعيد رضي الله تعالى عنهما قالت: قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي، وعليّ قميص أصفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«سنه سنه» ، وفي لفظ:
«سناه سناه» ، وهي بالحبشية حسنة قالت فذهبت ألعب بخاتم النبوة فزبرني أبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«دعها» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي»
قال عبد الله بن خالد بن سعيد- أحد رواته- فبقيت حتى ذكر [ (3) ] .
وروى أيضا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه إن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«كخ كخ، ألقها، أما تعرف أنا لا نأكل الصدقة؟» .
وروى الإمام أحمد وابن ماجه، وأبو الشيخ، بسند ضعيف، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وأنا أشتكي بطني فقال: «يا أبا هريرة أشكنب درد» ، قلت: نعم، قال:«قم فصل فإن في الصلاة شفاء» [ (4) ] .
تنبيهات
الأول: قال الإمام النووي، والطبري، والطيبي، وأبو الحسن بن الضحاك رحمهم الله تعالى: إن سورا لفظة فارسية، وقد تظاهرت أحاديث صحيحة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم بألفاظ فارسية، وهو يدل على جوازه، قال الطبري: السّور بغير همز الصنيع من الطعام الذي يدعى
[ (1) ] تقدم.
[ (2) ] أخرجه البخاري 4/ 290، 7/ 191، 197 وأبو داود (4024) وأحمد 6/ 365 وابن سعد 4/ 1/ 72، 8/ 170 وابن السني 264 والحاكم 2/ 63، 4/ 188 وابن عساكر كما في التهذيب 5/ 50.
[ (3) ] تقدم.
[ (4) ] ذكره الذهبي في الميزان (2698) وابن الجوزي في العلل المتناهية 1/ 170، 171.
إليه، وقيل الطعام مطلقا، وهو بالفارسية، وقيل بالحبشية، وبالهمز بقية الشرب، والأول: هو المراد هنا، قال الإسماعيلي: السّور كلمة بالفارسية والعربية فقيل له: أليس هو الفضلة؟ فإن لم يكن هناك شيء فضل ذلك منه إنما هو بالفارسية من أتى دعوة.
الثاني: قال الحافظ رحمه الله تعالى: أشار البخاري رحمه الله تعالى إلى ضعف ما ورد من الأحاديث في كراهة الكلام بالفارسية كحديث: كلام أهل النار بالفارسية، وكحديث من تكلم بالفارسية زادت، أو نقصت مروءته، رواه الحاكم في مستدركه، وروى عنه أيضاً عن عمر مرفوعا من أحسن العربية فلا يتكلم بالفارسية وسنده واه.
الثالث: نازع الكرماني رحمه الله تعالى في كون هذه الألفاظ الثلاثة عجمية، لأن الأول يجوز أن يكون من توافق اللغتين، والثاني يجوز أن يكون أصله حسنة، فحذف أوله إيجازا والثالث من أسماء الأصوات.
وأجاب ابن المنير عن الآخر فقال: وجه مناسبته أنه صلى الله عليه وسلم خاطبه بما يفهمه مما لا يتكلم به الرجل مع الرجل فهو كمخاطبة الأعجمي بما لا يفهم مما لا يكلمه من لقيه، قال الحافظ:
وبهذا يجاب عن الباقي، ويزاد بأن تجويز حذف أول جزء من كلمة لا يعرف.
الرابع: قوله لأبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أشكنب درد قال الشّمنّي في حاشيته الشفا: بفتح الهمزة، وسكون المعجمة، وفتح الكاف بعدها نون ساكنة، فموحدة، كذلك، فدالين مهملتين، أولاهما مفتوحة وبينهما راء: وأشكنب معناه بالفارسية البطن ودرد الوجع، لم يتعرض ابن الملقّن، ولا شيخنا الجلال الأسيوطي، في تعليقهما على سنن ابن ماجه بصحة ذلك، ولا ذكر له في النهاية لابن الأثير.
الخامس: قال أبو الفرج بن الجوزي في الجامع حديث أبي هريرة أي الأخير قد روي من طريق لا يعرف مدارها على ليث بن سليم، وكان قد اختلط في آخر عمره.
قال ابن الإصبهاني: ليس له، بل أبو هريرة لم يكن فارسيا، وإنما مجاهد فارسي، فعلى هذا يكون المتكلم بالفارسية أبو هريرة مع مجاهد، وقوله أشكنب درد فارسية ومعناها اشتكيت بطنك؟ انتهى، قلت: فيما قاله نظر، لأن في قوله أن أبا هريرة، لم يكن فارسيا، ثم قال: فعلى هذا يكون المتكلم بالفارسية أبا هريرة مع مجاهد تناقض فليتأمل.
السادس: في بيان غريب ما سبق:
الفارسية: بفاء، فألف، فراء، فسين مهملة مكسورة، فتحتية مفتوحة: لغة منسوبة إلى
فارس، وهم جيل من الناس معروف.
الرّطانة: براء بفتح وبكسر، فطاء مهملة، فألف، فنون، فتاء تأنيث: كلام لا يفهمه الجمهور، إنما هو ملصق بين اثنين، أو جماعة، والعرب تحقق به كلام العجم.
سورا: بسين مهملة مضمومة، فواو، فألف: طعاما لفظة فارسية.
زبرني: بزاي، فموحدة، فراء مفتوحات، فنون، فتحتية، انتهرني، وأغلظ لي في القول.
أبلي وأخلقي كخ كخ: بفتح الكاف وكسرها، وسكون المعجمة، مثقّلا، ومخففا، وبكسرها منونة، وغير منونة فيخرج من ذلك ست لغات، والثاني، وهي كلمة تقال لردع الصبي عند تناوله ما يستقذر، وقيل: عربية، وقيل: أعجمية وزعم بعضهم أنها معربة، أوردها البخاري في باب من تكلم بالفارسية.