الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس عشر في بكائه صلى الله عليه وسلم
وروى أبو داود والنسائي عن مطرف بن الشخير قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء، ولفظ النّسائي: ولجوفه أزيز كأزيز المرجل يعني من البكاء [ (1) ] .
وروى أبو الشيخ عن علي رضي الله تعالى عنه قال: لقد رأيتنا وما فينا قائم يصلي إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي، وهو يبكي حتى أصبح يعني ليلته.
وروى عبد بن حميد، وأبو الشيخ عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلتي حتى دخل معي في لحافي، وألزق جلده بجلدي، فقال:«يا عائشة ائذني لي في ليلتي لربي» ، فقلت: إني لأحب قربك، فقام إلى ربه في البيت، فما أكثر صب الماء، ثم قام، فقرأ القرآن، ثم بكى، حتى رأيت دموعه قد بلغت حجره، ثم اتكأ على جنبه الأيمن، ثم وضع يده اليمنى تحت خده، ثم بكى حتى رأيت دموعه قد بلغت الأرض، قالت:
فجاء بلال فأذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله أتبكي وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا، وقال: ألا أبكي وقد أنزل الله تعالى الليلة: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إلى قوله فَقِنا عَذابَ النَّارِ؟ وويل لمن قرأ هذه الآيات ولم يتفكر فيها.
وروى عبد بن حميد، وابن جرير، عن قتادة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً الآية فاضت عيناه [ (2) ] .
وروى الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما قدم وفد اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: أسمعنا بعض ما أنزل عليك، فقرأ: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا حتى بلغ إلى قوله: فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ، فإنّ ما يبيضّ عرق وإن دموعه لتسبقه إلى لحيته، فقالوا له:
إنا نراك تبكي، أمن خوف الذي بعثك تبكي؟ قال: «بلى، من خوف الذي بعثني أبكي، إنه بعثني على طريق مثل حد السيف، إن زغت عنه هلكت، ثم قرأ: وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ الآية.
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن صالح بن الخليل قال: ما رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ (1) ] تقدم.
[ (2) ] سيأتي في أدب تلاوة القرآن الكريم.
مبتسما أو ضاحكا، منذ أنزلت هذه الآية: أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ.
وروى أيضاً ابن عديّ- بسند ضعيف- عن حمران بن أعين رحمه الله تعالى قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا يقرؤون: إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا وَجَحِيماً، وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ، وَعَذاباً أَلِيماً فصعق رسول الله صلى الله عليه وسلم [ (1) ] .
وروى ابن أبي الدّنيا وأبو الحسن بن الضحاك عن طريق الوليد بن مسلم قال: أخبرنا أبو سلمة ثابت الدّوسي، عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما- وسنده أبو الوليد جيد- قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم ارزقني عينين هطّالتين، تبكيان تذرفان الدموع، وتشبعاني من خشيتك، قبل أن تكون الدموع دما، والأضراس جمرا» [ (2) ] .
وروى أبو بكر الشافعي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون بعد موته، حتى رأيت دموعه تسيل على عينيه [ (3) ] .
وروى الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع أسامة بن زيد فلما دخل وجده في غاشية أهله فقال:
قد قضى؟ قالوا: لا فبكى [ (4) ] .
وروى ابن عدي بسند ضعيف عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: لما جرد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة بكى، فلما رأى ما مثّل به شهق.
وروى أيضا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا، فالتفت فإذا هو بعمر يبكي، فقال:«يا عمر ههنا تشكب العبرات» [ (5) ] .
وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم صلى الله عليه وسلم: «رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ (6) ][إبراهيم 36] .
[ (1) ] تقدم.
[ (2) ] أخرجه ابن المبارك في الزهد (165) وأبو نعيم في الحلية 2/ 96 وابن عساكر كما في التهذيب 3/ 368.
[ (3) ] سيأتي في الجنائز.
[ (4) ] سيأتي.
[ (5) ] أخرجه ابن ماجة (2945) والحاكم 1/ 454 وانظر نصب الراية 3/ 38 والدر المنثور 1/ 135.
[ (6) ] أخرجه مسلم 1/ 191 (346/ 202) .