الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابن جرير، وابن أبي داود في الشريعة [ (1) ] ، وابن عدي، وابن نصر، والبيهقي في الشعب عن حمران بن أعين [ (2) ] عن أبي حرب بن المسوّر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ ولفظ هنّاد وعبد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا وَجَحِيماً، وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً [المزمل 12، 13] فلما بلغ إليها صعق.
وروى ابن أبي شيبة برجال ثقات، والطبراني عن أبي سعيد، وابن أبي الدّنيا عن أنس رضي الله تعالى عنهما، قال أبو سعيد: إنا يوما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيناه كئيبا، فقال بعضنا:
يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«سمعت هدّة، ولم أسمع مثلها، فأتاني جبريل فسألته عنها، فقال: هذه صخرة هدّت من شفير جهنم، من سبعين خريفا، فهذا حين بلغت قعرها، أحبّ أن يسمعك صوتها» ، فما رؤي رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا ملء فيه حتى قبضه الله تعالى [ (3) ] .
وروى الحارث بن أبي أسامة عن النواس بن سمعان [ (4) ] رضي الله تعالى عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا مقلّب القلوب، ثبت قلبي على دينك» [ (5) ] .
تنبيهات
الأول:
روى عبد بن حميد عن الحسن رحمه الله تعالى قال: لما أنزل الله تعالى:
(وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ)[الأحقاف 9] عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخوف فلما نزلت: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح 1، 2] الآية اجتهد، فقيل له: تجهد نفسك، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟.
[ (1) ] عبد الله بن سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني، أبو بكر بن أبي داود: من كبار حفاظ الحديث. له تصانيف.
كان إمام أهل العراق، وعمي في آخر عمره. ولد بسجستان، ورحل مع أبيه رحلة طويلة، وشاركه في شيوخه بمصر والشام وغيرهما، واستقر وتوفي ببغداد. من كتبه «المصاحف» و «المسند» و «السنن» و «التفسير» و «القراآت» و «الناسخ والمنسوخ» . توفي 316. الأعلام 4/ 91.
[ (2) ] حمران بن أبان مولى عثمان كان من النمر بن قاسط سبي بعين التمر فابتاعه عثمان من المسيب بن نجبة فأعتقه. أدرك أبا بكر وعمر روى عن عثمان ومعاوية. انظر تهذيب التهذيب 3/ 25.
[ (3) ] أخرجه ابن أبي شيبة 13/ 92 أو ابن حجر في المطالب 4671.
[ (4) ] النواس بن سمعان بن خالد الكلابي أو الأنصاري، صحابي مشهور سكن الشام. التقريب 2/ 300.
[ (5) ] ابن حجر في المطالب (462، 4940) وهو عند الترمذي (214، 3522، 3587) وأحمد 3/ 112، 257، 6/ 91 والحاكم 2/ 288، 289 وابن أبي شيبة 10/ 36، 37، 209، 210، 11/ 37 والطبراني في الكبير 1/ 234، 72/ 375 وابن أبي عاصم 1/ 104 والطبري في التفسير 3/ 25 وابن ماجة (199) وابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد (2419) وعبد الرزاق (19646) وأبو نعيم في الحلية 8/ 22 والدولابي في الكنز 2/ 91.
الثاني: روى الترمذي وغيره عن هند بن أبي هالة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متوصلا لإخوانه، ليست له راحة، قال ابن القيم في زاد المعاد: وأما بكاؤه فكان من جنس ضحكه، لم يكن بشهيق، ولا رفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن كان تدمع عيناه حتى يهملا، ويسمع لصدره أزيز، وكان بكاؤه تارة رحمة للميت، وتارة خوفا على أمته، وتارة من خشية الله، وتارة عند سماع القرآن، وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال، يصاحب الخوف والخشية.
الثالث:
قوله: «وأشدّهم له خشية» ،
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: في هذا الحديث إشكال لأن الخوف والخشية حالةٌ تنشأ عن ملاحظة شدّة النّقمة الممكن وقوعها بالخائف، وقد دلّ القاطع على أنه صلى الله عليه وسلم غير معذّب، وقال تعالى: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ [التحريم 8] فكيف يتصوّر منه الخوف؟ فكيف أشد الخوف؟ قال: والجواب أن الذهول جائز عليه صلى الله عليه وسلم، فإذا حصل الذهول عن موجبات نفي العقاب حدث له الخوف، ولا يقال: إن إخباره بشدة الخوف، وعظم الخشية عظم بالنوع لا بكثرة العدد، أي إذا صدر منه الخوف، ولو في زمن فرد كان أشدّ من خوف غيره.
الرابع: في بيان غريب ما سبق:
الخوف: بخاء معجمة مفتوحة، فواو ساكنة، ففاء: الفزع.
الخشية: بخاء معجمة مفتوحة، فشين معجمة، فتحتية مفتوحة، فتاء تأنيث: الخوف.
التضرع: بمثناة فوقية، فضاد معجمة مفتوحة، فراء، فعين مهملة: التذلل، والمبالغة في السؤال والرغبة.
الفضل: بفاء مفتوحة، فضاد معجمة ساكنة، فلام: الإعطاء لا عن إيجاب ولا وجوب.
الوصيفة: بواو فصاد مهملة مكسورة، فتحتية، ففاء فتاء تأنيث: الأمة.
أوه: بهمزة مفتوحة وواو ساكنة، فهاء مكسورة، وربما قلبوا الواو فقالوا: آه من كذا، وربما شدّدوا الواو وكسروها، وسكنوا فقالوا: أوّه، وربما حذفوا الهاء فقالوا: أوّ، وبعضهم بفتح الواو مع التشديد فيقول: أوهّ: وهي كلمة تقال عند الشكاية والتوجع.
خشي العارض: بعين مهملة، فألف، فراء مكسورة، فضاد معجمة: هنا السحاب الذي يعترض في الأفق.
أطّت: بهمزة مفتوحة، فمهملة مشددة: ملئت لكثرة ما فيها من الملائكة.
الصّعدات: الصّعدات بضم الصاد، والعين المهملة، وفتح: الطرقات.
تجأرون: بمثناة فوقية، فجيم، فهمزة مفتوحة: تتضرعون رافعي أصواتكم.
اللهوات: يأتي الكلام عليه في باب ضحكه.