الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأصوات، قال: فاطّلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضؤوا قال: قلت: ما هؤلاء؟ قال: انطلق، انطلق، فانطلقنا، فأتينا على نهر أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجل سابح يسبح ما سبح، ثم يأتي الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه، فيلقمه حجرا، فينطلق يسبح، ثم يرجع إليه، كلما رجع فغر له فاه..
فألقمه حجرا، قلت: ما هذان؟ قالا لي: انطلق، انطلق، فانطلقنا، فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء، وإذا هو عنده نار له يحشّها، ويسعى حولها، قلت لهما: ما هذا؟ قالا لي:
انطلق، فانطلقنا، فأتينا على روضة معتمة، فيها من كل نور الربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل، لا أكاد أرى رأسه طولا في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط، قالا لي: انطلق، فانطلقنا، فانتهينا إلى روضة عظيمة، لم أر روضة قط أعظم منها، ولا أحسن، قالا لي: ارق فيها، فارتقينا فيها، فانتهينا إلى مدينة بلبن من ذهب، ولبن من فضة، فأتينا باب المدينة، فاستفتحنا، ففتح لنا، فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء، وشطر كأقبح ما أنت راء، قالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر، فإذا نهر معترض يجري، كأن ماءه المحض في البياض، فذهبوا فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا، قد ذهب السوء عنهم، فصاروا في أحسن صورة، قالا لي: هذه جنة عدن، وهذاك منزلك، فسما بصري صعدا، فإذا قصر مثل الرّبابة البيضاء، قالا لي: هذاك منزلك، قلت لهما: بارك الله تعالى فيكما، دعاني فأدخله، قالا:
أما الآن فلا، وأنت داخله، قلت لهما: فإني قد رأيت منذ الليلة عجبا، فما هذا الذي رأيت؟
قالا لي: أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل الذي يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة، يفعل به إلى يوم القيامة، وأما الرجل الذي أتيت عليه يشر شر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، فيصنع به إلى يوم القيامة، وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل التّنّور فإنهم الزناة والزواني، وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر، ويأكل الحجارة، فإنه آكل الربا، وأما الرجل الكريه المرآة الذي عنده النار يحشها فإنه مالك خازن النار، وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة، وأما القوم الذين كانوا شطر منهم قبيح، فإنهم قوم خلطوا عملا صالحا، وآخر سيّئا، فجاوز الله عنهم، وأنا جبريل وأنا ميكائيل عليهما السلام» [ (1) ] .
تنبيه: في بيان غريب ما سبق:
الخشفة: بخاء فشين معجمتين ففاء مفتوحات، فتاء تأنيث: الحركة، وبسكون الشين:
[ (1) ] أخرجه البخاري 12/ 439 (7048) .
الحس والحركة، وقيل: هو الصوت، وبالتحريك: الحركة، وقيل هما بمعنى.
يمحّصون: بميم فحاء مفتوحتين، فصاد مهملة، فواو، فنون: أي يخلصون.
العفر: بضم العين المهملة، وسكون الفاء، وبالراء: ليست بالشديدة البياض.
الذّنوب بذال معجمة مفتوحة، فنون، فواو، فموحدة: الدلو وفيها ماء أو دون الملأى.
الغرب: بغين معجمة مفتوحة، فراء ساكنة، فموحدة الرواية، أو الدلو العظيمة.
العبقري: بمهملة فموحدة، فقاف، فراء: طنافس ثمان، قال أبو عبيدة رحمه الله تعالى:
تقول العرب لكل شيء من البسط عبقري، ويقال عبقر: أرض يعمل فيها الوشي، فنسب إليها كل شيء جيد، ويقال العبقري: الممدوح الموصوف من الرجال والفرش.
ينزون: بتحتية مفتوحة، فنون ساكنة، فزاي، فواو، فنون: يثبون.
الغدر: عدم الوفاء والغدر ثابت في الدين، زاد مسلم هو في الحديث، أو قاله ابن سيرين.
يهوى: بضم أوله.
يثلغ: بمثلثة ومعجمة بوزن يعلم: يشدخ.
التّدهده: بدالين مهملتين بينهما هاء: الدفع من علو إلى أسفل.
يشرشر: بمعجمتين وراءين: يقطع شقّا.
ضوضؤوا: بهمز، وبدونه: ماض من الضوضأة، وهي أصوات الناس ولغطهم.
يسبح: بمهملتين بينهما موحدة مفتوحة: أي يعوم.
فغر: بفاء ومعجمة وراء: فتح وزنا ومعنى.
المرآة: بفتح الميم وسكون الراء وهمزة ممدودة: المنظر.
يحشها: بفتح أوله وضم الحاء المهملة وتشديد المعجمة: يوقدها.
معتمة: بضم أوله وسكون المهملة وكسر المثناة، وتخفيف الميم، أي شديدة الخضرة.
معترض: بكسر الراء: عرضا.
المحض: بفتح الميم وسكون المهملة ومعجمة: اللبن الخالص من الماء.
سما: بالتخفيف نظر إلى فوق.
صعدا: بضم المهملتين يعني: ارتفاعا كثيرا.
الرّبابة: بفتح الراء وتخفيف الموحدتين: السحابة والله تعالى أعلم بالصواب.