الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني والعشرون في مزاحه، ومداعبته صلى الله عليه وسلم
وروى ابن عساكر عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفكه الناس، ورواه ابن الجوزي وزاد: مع صبي [ (1) ] .
وروى ابن عساكر عن حبشي بن جنادة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفكه الناس خلقا [ (2) ] .
وروى الطبراني في الكبير، قال الذهبي رحمه الله تعالى- إسناده قريب من الحسن- عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأمزح، ولا أقول إلا حقا» ، ورواه الخطيب عن أنس [ (3) ] .
وروى أبو الشيخ عن عبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله تعالى عنه قال: ما رأيت أحداً أكثر مزاحا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى المعافي بن زكريا وفيه انقطاع عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مازحا، وكان يقول:«أن الله تعالى لا يؤاخذ المزّاح الصادق في مزاحه» .
وروى ابن ناصر الدين عن أم نبيط [ (4) ] رضي الله تعالى عنها قالت: أهدينا جارية لنا من بني النّجار إلى زوجها، وكنت مع نسوة من بني النجار، ومعي دف أضرب به، وأنا أقول:
أتيناكم أتيناكم، فحيونا نحييكم، ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم، فقالت: فوقف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ما هذا يا أم نبيط؟» فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، جارية من بني النجار نهديها إلى زوجها، قال:«فتقولين ماذا؟» قلت: فأعدت عليه قولي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ولولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم» .
وروى الإمام أحمد والبخاري في الأدب، والتّرمذي، وصححه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا؟ قال: «إني لا أقول إلا حقا» [ (5) ] .
وروى البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالطنا، حتى يقول لأخ لي صغير: يا أبا عمير ما فعل النّغير؟ [ (6) ] .
[ (1) ] أخرجه الطبراني في الصغير 2/ 39 وابن السني (413) والبيهقي في الدلائل 1/ 331 وابن كثير في البداية 6/ 53.
[ (2) ] انظر كنز العمال (17819) .
[ (3) ] الطبراني في الكبير 12/ 391 وانظر المجمع 9/ 17.
[ (4) ] أم نبيط اختلف في اسمها، ذكر أبو نعيم أنّ اسمها نائلة بنت الحصاص انظر الإصابة 8/ 285.
[ (5) ] أخرجه أحمد 2/ 340، 360 والترمذي 4/ 357 (1990) والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 248.
[ (6) ] أخرجه البخاري 10/ 526 (6129، 6203) ومسلم 3/ 1692 (30/ 2150) .
وروى الحسن بن الضحاك عن أبي محمد عبد الله بن قتيبة قال: أخبرنا محمد بن عائشة منقطعا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب بلالا، ويمازحه، فرآه يوما وقد خرج بطنه، فقال:
«أمّ حسّ» .
وروى أبو سعيد بن الأعرابي، وأبو الحسن بن الضحاك، عن علي رضي الله تعالى عنه قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أين لكع؟ ههنا لكع؟» قال: فخرج إليه الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، وعليه لحاف قرنفلي، وهو مادّ يده، فمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده والتزمه، وقال: بأبي أنت وأمي، من أحبني فليحب هذا.
وروى الزبير بن بكّار في كتاب الفاكه، عن عطاء بن أبي رباح رضي الله تعالى عنه أن رجلا قال لابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح؟ فقال ابن عباس:
نعم، فقال الرجل: فما كان مزاحه؟
فقال ابن عباس: إنه كسا ذات يوم امرأة من نسائه ثوبا، فقال لها:«البسيه واحمدي الله وجدي منه ذيلا كذيل الفرس» .
وروى فيه أيضاً عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها مزحت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: أمها يا رسول الله بعض دعابات هذا الحي من بني كنانة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بل بعض مزحنا هذا الحي من قريش» .
وروى ابن إسحاق عن جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في غزوة ذات الرّقاع: «أتبيعني جملك؟» قال: قلت يا رسول الله، بل أهبه لك، قال:«لا، ولكن بعنيه» ، قلت: فسمنيه، قال:«قد أخذته بدرهم» ، قلت: لا، إذن تغبنني يا رسول الله، قال:
«فبدرهمين» ، قلت: لا، فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ الأوقية، فقال:«أفقد رضيت؟» فقلت: رضيت، قال:«نعم» ، قلت هو لك، قال «قد أخذته» .
وفي رواية فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمني ويمازحني، ثم قال:«يا جابر، هل تزوجت بعد؟» قلت: نعم يا رسول الله، قال:«أثيبا أم بكرا؟» قلت: بل ثيبا، قال:«أفلا جارية تلاعبك وتلاعبها» ، قلت: يا رسول الله إن أبي أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعا، فنكحت امرأة تجمع رؤوسهن، وتقوم عليهن، قال: أصبت إن شاء الله، أما إنّا لو قد جئنا صرارا أمرنا بجزور فنحرت، وأقمنا عليها يومنا ذلك، وسمعت بنا امرأتك فنفضت نمارقها، قلت: يا رسول الله ما لنا نمارق، قال:«إنها ستكون، فإذا أنت قدمت فاعمل عملا كيّسا» ، قال: فلما جئنا صرارا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجزور فنحرت، وأقمنا عليها يومنا ذلك، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل، ودخلنا، فحدثت المرأة الحديث، وما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فدونك سمعا وطاعة [ (1) ] .
[ (1) ] انظر السيرة لابن هشام 2/ 206.
وروى البزار، وأبو الحسن بن الضحاك عن زياد بن سبرة قال: أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقف على أناس من أشجع وجهينة، فمازحهم، وضحك معهم، قال:
فوجدت في نفسي، قلت: يا رسول الله تضاحك أشجع وجهينة؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفع يده تحت منكبي، ثم قال:«أما إنهم خير من بني فزارة، ومن بني بدر، وخير من بني الشّريد، وخير من قومك، أو لا أستغفر الله» فلما كانت الردة لم يبق من أولئك الذين خبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد إلا ارتد، قال: وجعلت أتوقع قومي، أهمني ذلك مخافة أن يرتدوا، فأتيت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وكان لي صديقا، فقصصت عليه الحديث، والأمر الذي أخافه، فقال: لا تخافن أما سمعته يقول: «أو لا أستغفر الله» .
وروى أبو بكر الشافعي عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «يا بني» .
وروى أيضا عن جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: له «مرحبا» [ (1) ] .
وروى الإمام أحمد والبخاري في الأدب، وأبو داود والترمذي وصححه عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحمله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنا حاملوك على ولد الناقة» ، فقال: يا رسول الله، ما أصنع بولد الناقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وروى أبو داود والترمذي- وقال حسن غريب- عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «يا ذا الأذنين» [ (2) ] .
وروى البخاري عن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه قال: قلت: يا رسول الله إني أضع تحت رأسي خيطين، فلم يتبين لي شيء، فقال:«إنك لعريض الوسادة» ، وفي لفظ: لعريض القفا يا ابن حاتم، هو بياض النهار من سواد الليل، ورواه أبو نعيم،
وأدخله في باب مداعبته من أخطأ ليزول عن المخطىء بذلك الخجل [ (3) ] .
وروى أبو داود بإسناد جيد عن أسيد بن الحضير رضي الله تعالى عنه أن رجلا من الأنصار كان فيه مزاح فبينا هو يحدث القوم يضحكهم إذ طعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في خاصرته بعود كان في يده، فقال: يا رسول الله أصبرني، قال:«اصطبر» قال إن عليك قميصا، وليس
[ (1) ] أحمد 3/ 267 وأبو داود 5/ 270 (4998) والترمذي 4/ 357 (1991) وفي الشمائل ص 120 (238) والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 248.
[ (2) ] أخرجه أحمد 3/ 127، 260 وأبو داود 5/ 272 (5002) والترمذي 4/ 358 (1992) وفي الشمائل ص 11 (235) والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 248.
[ (3) ] أخرجه البخاري 4/ 157 (1916، 4509، 4510) .
علي قميص، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحتضنه، وجعل يقبل كشحه، قال: أردت هذا يا رسول الله [ (1) ] ،
فقال أبو محمد الحسن: أخبرنا ابن شهاب عن سفيان الثوري رضي الله تعالى عنه عن أبي الزبير به وروى الإمام أحمد وأبو يعلى- برجال الصحيح- وصححه الذهبي عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فأتني أزيهر أزيهر» وهو يقوم يبيع متاعه في السوق، وكان رجلا دميما، فاحتضنه من خلفه، ولا يبصره الرجل، فقال: أرسلني، من هذا؟
فالتفت فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألصق ظهره لصدر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عرفه، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«من يشتري العبد؟ فقال: يا رسول الله إذن والله تجدني كاسدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولكن عند الله لست بكاسد» ، أو قال:«ولكن أنت عند الله تعالى غالب» .
وروى ابن عساكر، وأبو يعلى، برجال الصحيح، غير محمد بن عمرو بن علقمة، قال الهيثمي: وحديثه حسن عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحريرة قد طبختها، فقلت لسودة، والنبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينها: كلي، فأبت أن تأكل، فقلت: لتأكلين أو لألطّخنّ وجهك، فأبت فوضعت يدي فيها، فلطختها، وطليت وجهها فوضع فخذه لها وقال لها:«لطخي وجهها» فلطخت وجهي، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر عمر رضي الله تعالى عنه فقال: يا عبد الله، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيدخل، فقال:«قوما، فاغسلا وجوهكما» ، فما زلت أهاب عمر لهيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم منه.
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لعائشة رضي الله تعالى عنها: «ما أكثر بياض عينيك» [ (2) ] .
وروى الزبير بن بكّار في كتاب الفاكه عن زيد بن أسلم مرسلا أن امرأة يقال لها أم أيمن جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن زوجي يدعوك، قال:«من هو؟ أهو الذي بعينيه بياض؟» فقالت:
أيّ يا رسول الله؟ والله ما بعينيه بياض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بل إن بعينيه بياضا» ، فقالت: لا ولله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«وهل من أحد وإلا وبعينيه بياض؟» ، وجاءته امرأة أخرى فقالت: يا رسول الله احملني على بعير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«احملوها على ابن بعير» ، فقالت: ما أصنع به وما يحملني يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل يجيء بعير إلا ابن بعير؟» وكان مزح معها.
وروى الطبراني وابن عساكر برجال ثقات عن خوّات بن جبير، رضي الله تعالى عنه
[ (1) ] أخرجه أبو داود في الأدب باب (160) عن عمرو بن عون، عن خالد، عن حصين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيّد به.
[ (2) ] ذكره الذهبي في الميزان (390) وابن حجر في اللّسان 3/ 870.
قال: نزلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ الظّهران فخرجت من خبائي فإذا نسوة يتحدثن، فأعجبنني، فرجعت، وأخرجت حلّة لي، فلبستها، ثم جلست إليهن، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبّته، فقال:«أبا عبد الله ما يجلسك إليهن؟» قال فهبت رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلطت، وقلت: يا رسول الله جمل لي شرود فأنا أبتغي له قيدا، قال:«فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبعته، فألقى إلي رداءه، ودخل في الأراك، فكأني أنظر إلى بياض قدميه في خضرة الأراك، فقضى حاجته، ثم توضأ، ثم جاء، فقال: «أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟» ثم ارتحلنا، فجعل لا يلحقني في مسير إلا قال:«السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟» قال: فتعجلت إلى المدينة، واجتنبت المسجد، ومجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما طال علي ذلك تحينت ساعة خلوة المسجد، فأتيت المسجد فجعلت أصلي، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره فجاء فصلى ركعتين خفيفتين، ثم جلس، وطولت الصلاة، رجاء أن يذهب، ويدعني، فقال:«طول أبا عبد الله ما شئت فلست بقائم حتى تنصرف» ، فقلت: والله لأعتذرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرفت، فقال:«السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد جملك؟» فقلت: والذي بعثك بالحق نبيا ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت، فقال:«رحمك الله مرتين أو ثلاثا» ، ثم أمسك عني، فلم يعد لشيء مما كان [ (1) ] .
وروى ابن أبي خيثمة عن عون بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «عون؟» قلت: نعم يا رسول الله قال: «ادخل» ، قلت: كلي؟ قال:
«كلك» .
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن عبد الله بن بسر المازني رضي الله تعالى عنهما قال: بعثتني أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطف من عنب فأكلته، فسألت أمي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا» ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآني قال:«غدر غدر» .
وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم، ولم أبدن، فقال للناس:«تقدموا» ، فتقدموا، ثم قال:
«تعالي حتى أسابقك» ، فسابقته، فسبقته، فسكت عني، حتى حملت اللحم، وبدنت، ونسيت، ثم خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس:«تقدموا» ، ثم قال:«تعالي أسابقك» ، فسبقني، فجعل يضحك، ويقول:«هذه بتلك» [ (2) ] .
[ (1) ] انظر المجمع 9/ 407.
[ (2) ] أخرجه أحمد 6/ 39، 264 والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 18.
وروى ابن عساكر، وابن الجوزي عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لعائشة ذات يوم:«ما أكثر بياض عينك!» .
وروى ابن الجوزي عن ابن أبي الورد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه قال: فرأى رجلا أحمر، فقال:«أنت أبو الورد» .
وروى الترمذي، وابن الجوزي، عن أنس رضي الله تعالى عنهما أن عجوزا دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن شيء فقال لها ومازحها:«لا يدخل الجنة عجوز» ، وحضرت الصلاة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، وبكت بكاء شديدا، حتى رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: يا رسول الله إن هذه المرأة تبكي لما قلت لها: لا يدخل الجنة عجوز، فضحك، وقال:«أجل لا يدخل الجنة عجوز، ولكن الله تعالى قال: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً [الواقعة 35] وهذا لعجائز الرّمص» ، ورواه الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله تعالى عنها.
وروى الإمام أحمد والبخاري في الأدب، ومسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم سليم ولها ابن من أبي طلحة، يكنى أبا عمير، وكان يمازحه، فدخل عليه فرآه حزينا فقال:«ما لي أرى أبا عمير حزينا؟» قالوا: يا رسول الله مات نغره الذي كان يلعب به فجعل يقول: «أبا عمير ما فعل النغير؟» .
وروى الحاكم في علوم الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بيد الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما فيرفعه على باطن قدميه ويقول: «حزقّة حزقّة ترقّ عين بقه، اللهم إني أحبه فأحبه» [ (1) ] .
وروى ابن أبي شيبة، وأبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلع لسانه للحسن بن علي فيرى الصبي لسانه فيهش إليه [ (2) ] .
وروي عن أبي هريرة قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فثقل على القوم بعض متاعهم، فجعلوا يطرحونه عليّ فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«أنت زاملة» .
وروى البخاري في الأدب وابن عساكر عن سفينة رضي الله تعالى عنه قال: ثقل على القوم متاعهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ابسط كساءك» ، فجعلوا فيه متاعهم فقال
[ (1) ] انظر المجمع 9/ 176 وابن عساكر كما في التهذيب 4/ 205.
[ (2) ] انظر اتحاف السادة المتقين 7/ 501.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احمل فأنت [ (1) ] سفينة» ، قال: فلو حملت من يومئذ وقر بعير، أو بعيرين، أو ثلاثة- حتى بلغ سبعة- ما ثقل علي [ (2) ] .
وروى أبو بكر الشافعي عن سفينة رضي الله تعالى عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان إذا أعيا بعض القوم ألقى علي سيفه، ألقى علي ترسه، حتى حملت من ذلك شيئا كثيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أنت سفينة» [ (3) ] .
وروى أبو بكر بن أبي خيثمة، وأبو سعيد بن الأعرابي، وأبو بكر الشافعي عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ذا الأذنين» .
وروى ابن عساكر عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن ابن عليّ على ظهره، فإذا سجد نحاه.
وروي عن أبي ابن ليلى [ (4) ] رضي الله تعالى عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء الحسن، فأقبل، ثم تمرغ عليه، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فقبل زبيبته.
وروى ابن عساكر وأبو الحسن بن الضحاك، والحاكم عن أبي جعفر الخطمي أن رجلا كان يكنى أبا عمرة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا أم عمرة» فضرب الرجل بيده إلى مذاكره، فقال: والله ما ظننت إلا أني امرأة لما قلت لي يا أم عمرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنما أن بشر أمازحكم» .
وروى الطبراني عن حصين والد عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيت فاطمة رضي الله تعالى عنها فخرج إليه الحسن أو الحسين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ارق بأبيك عين بقّة» ، وأخذ بإصبعه يرقى على عاتقه، ثم خرج الآخر:
الحسن أو الحسين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مرحبا ارق، بأبيك عين بقّة» ، وأخذ بإصبعه، فاستوى على عاتقه الآخر، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأقفيتهما حتى وضع أفواههما على فيه، ثم قال:«اللهم إني أحبهما فأحبهما، وأحب من يحبهما» [ (5) ] .
وروى أبو محمد الرّامهرمزي بسنده قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق بن يحيى
[ (1) ] في: فإنما أنت.
[ (2) ] أخرجه أحمد 5/ 221 والطبراني في الكبير 7/ 97 والبيهقي في الدلائل 6/ 47 وانظر المجمع 9/ 366.
[ (3) ] أحمد 5/ 220 والطبراني في الكبير 7/ 97.
[ (4) ] عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، المدني، ثم الكوفي، ثقة من الثانية، اختلف في سماعه من عمر، مات بوقعة الجماجم، سنة ست وثمانين، وقيل: غرق. التقريب 1/ 496.
[ (5) ] أخرجه الطبراني في الكبير 3/ 42 وانظر المجمع 9/ 180.