المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كيف واجه الإسلام ظاهرة النفاق والمنافقين - سماحة الإسلام في الدعوة إلى الله

[عبد العظيم المطعني]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌المرحلة الأولى للدعوة الإسلامية الدعوة إلى الإسلام بالوسائل السلمية

- ‌الفصل الأول سماحة الدعوة في القرآن الكريم

- ‌القضية الأولى: قضية التوحيد

- ‌ المواجهة:

- ‌ الخطوة الثانية في المواجهة:

- ‌عجز الأصنام

- ‌ الأسباب:

- ‌تمثيل عجز الأصنام

- ‌تمثيل حقارة الأصنام

- ‌تمثيل عقيدة الشرك

- ‌مثُل من التاريخ النبوي

- ‌صورٌ من دلائل التوحيد

- ‌دليل عقلي قاطع على الوحدانية

- ‌تكافُر وتلاعُن

- ‌قطب الدائرة

- ‌القضية الثانية: قضية البعث

- ‌الذي فطركم أول مرة

- ‌الذي أنشأها أول مرة

- ‌دلائل كونية ناطقة

- ‌ مُثُلٌ من الأمم الغابرة:

- ‌المبحث الثاني سماحة الدعوة في القرآن الكريم في العهد المدني

- ‌الظاهرة الأولى مواقف الدعوة السلمية من أهل الكتاب

- ‌ تعميم الدعوى:

- ‌ سماحة نادرة:

- ‌ التي هي أحسن:

- ‌ الصبر والعفو:

- ‌جسور متينة من التواد

- ‌ النداء الخالد:

- ‌الظاهرة الثانية مواقف الدعوة السلمية من النفاق والمنافقين

- ‌قسما النفاق:

- ‌ النفاق الذي واجهته الدعوة:

- ‌ كيف واجه الإسلام ظاهرة النفاق والمنافقين

- ‌ سورة التوبة تتصدى وتواجه:

- ‌ مبدأ إسلامي عام في التسامح:

- ‌الفصل الثاني سماحة الدعوة في القرآن الكريم

- ‌ من شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر

- ‌فإنما عليك البلاغ

- ‌ إن هذه الحرية لها ضابطان:

- ‌ مهمة الدعاة:

- ‌ نصوص أخرى تؤكد هذا المبدأ:

- ‌ حرص صاحب الدعوة، وتعقيب الوحي عليه:

- ‌فلا تذهب نفسك عليهم حسرات

- ‌رحمة عامة لكل الناس

- ‌ خلاصات موجزة:

- ‌الفصل الثالث سماحة الدعوة إلى الإسلام في النشاط النبوي

- ‌مكاتبات صاحب الدعوة

- ‌ تعقيب:

- ‌ كتابه إلى كسرى ملك فارس:

- ‌ موقف ملك الفرس:

- ‌ مغزى هذا الموقف:

- ‌ كتابه إلى ملك الروم:

- ‌ كتابه إلى المنذر بن ساوى:

- ‌ كتابه إلى أمير اليمامة:

- ‌ كتابه إلى صاحب دمشق:

- ‌ خلاصات موجزة:

- ‌المبحث الثاني سماحة الدعوة إلى الإسلام في السُّنَّةِ العملية

- ‌ موقف قريش:

- ‌ الحرب الباردة:

- ‌ ردود القرآن:

- ‌ موقفهم من القرآن:

- ‌ نصيب الأتباع من الحرب الباردة:

- ‌ الصدّ عن سبيل الله:

- ‌ التعذيب البدني والاضطهاد:

- ‌ الهجرة إلى الحبشة:

- ‌ تهديد أبي طالب:

- ‌ مؤامرة لقتل صاحب الدعوة:

- ‌ مقاطعة بني هاشم وبني المطلب:

- ‌ خلاصات موجزة:

- ‌ سماحة الإسلام في العهد المدني بعد الهجرة:

- ‌ نصوص المعاهدة بين المسلمين واليهود:

- ‌ ملحظ ذو خطر:

- ‌ سماحة.... لا إرهاب:

- ‌ بنود صلح الحديبية:

- ‌المرحلة الثانية للدعوة الإسلامية مشروعية القتال، وضوابطه

- ‌الفصل الأول متى.... ولماذا شُرِع القتال في الإسلام

- ‌ أثر الإذن بالقتال بعد الهجرة:

- ‌ البعوث والسرايا

- ‌ الغزوات:

- ‌ مرحلة الأمر الوجوبي:

- ‌ لماذا شُرع القتال

- ‌ ليس للإجبار على اعتناق الإسلام:

- ‌ وليس عقاباً على الكفر:

- ‌ خلاصات موجزة:

- ‌الفصل الثاني ضوابط القتال في الإسلام

- ‌ أنواع الضوابط:

- ‌ عرض الإسلام أولاً

- ‌ خلاصات موجزة:

- ‌الفصل الثالث علاقة المسلمين بغيرهم..... سلام أو حرب

- ‌ الأدلة القرآنية:

- ‌ الأدلة النبوية:

- ‌ أدلة القائلين بالعلاقة السلمية:

- ‌ أدلة العفو والصفح العام:

- ‌ الأدلة الداعية إلى الإحسان:

- ‌ الأدلة من السُنَّة:

- ‌ موازنة بين أدلة القريقين:

- ‌ مناقشة أدلة الفريق الأول:

- ‌ الخلاصة:

- ‌ الخلاصة:

- ‌ الخلاصة:

- ‌ الدليل القرآني الخامس:

- ‌ الدليل النبوي:

- ‌ وقفة مع أدلة الفريق الثاني:

الفصل: ‌ كيف واجه الإسلام ظاهرة النفاق والمنافقين

*‌

‌ النفاق الذي واجهته الدعوة:

لم يظهر النفاق في العقيدة والسلوك، إلا في المجتمع المدني بعد الهجرة فقد ظهرت قوة المسلمين في المدينة، والنفاق ينمو كثيراً في ظل القوة، فلجأ فريق من الكفار والمشركين لإخفاء كفرهم وشركهم، وتظاهروا بأنهم مسلمون رهبة ورغبة: رهبة من قوة المسلمين، ورغبة في دفع الشر عن أنفسهم، وجلب النفع لها، وبذلك استطاع المنافقون أن يندسوا في تجمعات المسلمين، ويغشوا مجالسهم ويؤدون معهم شعائر الدين من صلاة وحج، ويحضرون مجالس مشورتهم ويطلعون على أسرارهم ولا يتراخون لحظة في تدبير المؤامرات ضد الإسلام والكيد له بما استطاعوا من الحيل بعد أن اتخذوا من النفاق غطاء لكفرهم وسء مقاصدهم، ولا ريب أن نفاق العقيدة كفر بل هو أشنع من الكفر الظاهر، لأنه جمع الكذب والخداع إلى أصل الكفر.

ونفاق العقيدة الذي واجهته الدعوة لم ينسلخ عن نفاق السلوك، فالمنافقون كانوا يحرصون على أن يبدوا أمام الناس في سمت الصالحين من عباد الله؛ يذكرون الله بألسنتهم وقلوبهم أحلك من سواد الليل. وهم - في الواقع - أشد خطراً على الإسلام وعلى المسلمين من الذين أعلنوا كفرهم أمام الله والناس واعتزلوا المسلمين.

* * *

*‌

‌ كيف واجه الإسلام ظاهرة النفاق والمنافقين

؟

لم يُصِدر حكماً بإعمال السلاح في رقاب المنافقين، للقضاء على دابرهم، ولم يحل بينهم وبين حقوقهم في الحياة، ولم يصادر حرياتهم لا في قول ولا في فعل، ولكنه وقف منهم موقفاً سلمياً فاقتصر دوره عالى فضح مؤامراتهم، وكشف أسرارهم، وتحذير المسلمين من الإنخداع بهم، وتهديدهم بسوء المصير، ونهى الله صاحب الدعوة عن الركون إليهم والصلاة عليهم إذا ماتوا، ثم الاستغفار لهم أحياءً وأمواتاً.

كما أمره بجهادهم والإغلاط عليهم في الجهاد، والجهاد - هنا - لا يعني القتل والقتال وإسالة الدماء في كل حال. وإنما هو جهاد بالكلمة والدليل والبرهان، وهذا هو منهج

ص: 81

الإسلام مع خصومه، ما لم يبدأوا هم بالعدوان {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} .

وفي سورتي الأحزاب والتوبة تصدى القرآن - سلمياً - لكثير من ألاعيب المنافقين في حدود الإطار العام لموقف الدعوة منهم.

فقد أرجف المنافقون إرجافاً شنيعاً وقت غزوة الخندق التي تحالفت قريش مع من استطاعت من قبائل العرب على غزو المدينة مقر الدولة الإسلامية الناشئة، وهي المعروفة بغزوة الأحزاب. وكان هدف المنافقين صد الناس عن الخروج مع صاحب الجعوة، لإضعاف قوته، وتمهيداً لانتصار قريش وحلفائها عليه.

فكانوا يشيعون روح التخاذل ويكذّبون وعد الله ورسوله ويقولون: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} .

ثم يُحرّضون الناس على الإنسلاخ من قوات الجعوة وينصحونهم بالعودة إلى المدينة ويقولون: {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} .

ويبدأون بتنفيذ مؤامرتهم الدنيئة فيستأذنون النبي في الرجوع إلى المدينة من ميدان القتال بدعوى حمايوة أموالهم واسرهم من اللصوص: {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} .

فماذا صنع القرآن إزاء هذا كله؟ لم يخط نحوهم خطوة واحدة فيها أمر بقتالهم والإطاحة بأعناقهم، وسبى نسائهم وذراريهم ومصادرة أموالهم ودورهم، أو حتى حرمانهم من حقوقهم المدنية، بل أقتصر دوره على تكذيبهم وكشف الأسباب الحقيقة لهروبهم ولتثبيط همم الناس

ادعوا أن بيوتهم عورة فقال القرآن: {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ} ، ثم أفصح عن السبب الحقيقي الذي حملهم على ما صنعوا:{إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} ، وأنهم بسبب نفاقهم

ص: 82

لو اقتحم عليهم العدو دورهم ثم طلب منهم الانقضاض على النبي وصحبه، والإعلان عن كفرهم صراحة لما تلكأ والحظة في إجابة ما طلبه العدو منهم:{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا} .

ثم يأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: {.... لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا} .

ثم تابعت السورة كشف خباياهم حتى الآية رقم (20) ، ومع هذا ظل المنافقون في المدينة بعد هذه الجرائم يتمتعون بكل حقوقهم في الحياة ويتنقلون بين أرجائها في حريات كاملة.

ترى: لو حدث مثل ما فعلوه ضد أي نظام حكم معاصر، ماذا يحدث من النظم الحاكمة؟

المصير معروف: عمالة -تعاون مع العدو - هروب من الميدان - خيانة كبرى للوطن - التحريض ضد النظام. ثم اعتقالات وتوجيه التهم المذكورة ثم تحقيقات، ثم محاكمات، وسعيد الحظ من يُحكم عليه بالمؤبد. والشقي ليس له مصير إلا الإعدام شنقاً أو رمياً بالرصاس. ولا تنفعهم شفاعة الشافعين إن جرؤ أحد على الشفاعة لم، ولو باسم القانون!!

فليسأل خصوم الإسلام في الخارج والداخل، ليسألوا أنفسهم هل فعل الإسلام شيئاً من ذلك مع ألدّ خصومه؟ وأخطر أعدائه؟ حين كان الإسلام يطبق على أيدى قادة يعرفون حقيقة الإسلام، ويحرصون كل الحرص على الإلتزام بأوامره ونواهيه؟ نازلين على حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، تاركين هوى أنفسهم، ماضين على أمر الله فكان واقعهم هو الإسلام في أجلى معانيه.

* * *

ص: 83