الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
أنواع الضوابط:
وضوابط القتال التي أوجزنا الحديث عنها تتنوع ثلاثة أنواع:
الأول - ضوابط قبل بدء القتال:
ومنها: أن لا نقاتل العدو إلا إذا سُدَّت كل الطرق أمام التوصل إلى عقد اتفاق سلمي حول النزاع الناشب بيننا وبينه.
ومنها ألَاّ نبدأهم بالقتال حتى يبدأونا هم به مع أخذ الحذر الدقيق منهم، وترقب حركاتهم حتى لا نؤخذ على غِرَّة. ويجوز مبادأتهم بالقتال في حالات الضرورة.
ومنها أنه إذا كان بيننا وبين العدو عهد بعدم الاعتداء، وبدرت منه بوادر قوية على خيانة العهد وجب علينا أن نعلمه بنقض العهد من جانبنا قبل أن نقاتله، عملاً بقوله تعالى:
* * *
الثاني - ضوابط في أثناء القتال:
وهي كل ما تقدم في تفسيره الاعتداء المنهي عنه، ونضيف إليها هنا أمرين:
الأول: عدم المُثْلة بقتلى الأعداء كتقطيع أطرافهم وتعليقهم على حوامل أو أعمدة، أو بقر بطونهم أو تلطيخ وجوهم بمواد مشوهة، فقد ثبت النهي عن المثلة؛ لأنها عمل حقير ولا تليق بكرامة الإنسان مسلماً كان أو غير مسلم.
الثاني: الاستجابة إلى كف القتال إذا طلب العدو ذلك شريطة ألا يكون مخادعاً لنا في التقدم بهذا الطلب، وذلك عملاً بقوله تعالى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
* * *
الثالث - ضوابط ما بعد القتال:
وضوابط ما بعد القتال ضربان:
الأول: سلوكيات تتعلق بآثار القتال وما نتج عنه، وأبرز هذا الضرب التصرف في الأسرى إن وجدوا، وكان المصير فيهم في أول الأمر أن يقتلوا، كما جاء التوجيه في غزوة بدر الكبرى بعد أن تصرف النبي في أسرى قريش نازلاً على رأي أبي بكر، فأطلق سراحهم بعد أخذ الفدية منهم، فنزل الوحي معاتباً:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .
ثم جاء التخيير بين الَمنَّ على الأسرى - إطلاق سراحهم مجاناً - وبين أخذ الفدية منهم، والأمر يرجع إلى تقدير إمام المسلمين أين يرى المصلحة فب الَمنَّ أم في أخذ الفدية كما جاء في قوله تعالى:{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً....} .
وقد توسع الفقهاء في وجوه التصرف في الأسرى، فزاد بعضهم على ماورد في الآية وجهين أو ثلاثة، منها جواز القتل والاسترقاق، والمعول عليه ما ورد في القرآن نفسه، لأنه قطعى الثبوت والدلالة معاً. وعلى كل فإن معاملة الأسرى - وهو في الأسر - يجب أن تكون بالحسنى.
الضرب الثاني: سلوكيات تختص بواقع المسلمين بعد القتال مع إحراز النصر: وهي الالتزام الكامل بمنهج الله من التواضع وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصر الله وإتباع هديه في كل شئون الحياة الخاصة والعامة:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} .