الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكاتبات صاحب الدعوة
ونزولاً على أمر الله بدأ صاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم يُبلّغ رسالة ربه لمن حوله من الشعوب والبلدان، وكان هذا بعد صلح الحديبية عام ستة من الهجرة، حيت أتاح هذا الصلح للدعاة أن ينطلقوا حيث شاءوا وهم آمنون من بطش قريش وحلفائها. وفيما يأتي نصوص الكتب التي بعث بها صلى الله عليه وسلم إلى ملوك ورؤساء الدول في ذل العهد.
* كتابه إلى النجاشي ملك الحبشة:
كان النجاشي هذا نصرانياً وملكاً على نصارى الحبشة. وقد أرسل إليه صلى الله عليه وسلم كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام. وحمل الكتاب إليه عمرو بن أمية الضمري في آخر سنة ست - أو في المحرم سنة سبع على خلاف بين كتب السيرة - ونص الكتاب هو:
"هذا كتاب من محمد النبي إلى النجاشي الأصحم عظيم الحبشة: سلام على من اتَّبع الهدى، وآمن بالله ورسوله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وأن محمداً عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الإسلام، فإني أنا رسوله، فاسلم تسلم {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} . فإن أبيتَ فإن عليك إثم النصارى من قومك".
هذا نص الكتاب، وهو يحمل دعوة سلمية إلى الإسلام، تخلو من التهديد بالقتل أو القتال، وإنما تنر من تحمل الإثم أمام الله إذا أعرض المدعو ولم يذعن للحق.
ولما بلغ الكتاب النجاشي أسلم في الحال. وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بإسلامه. ومما يروى أن النجاشي وضع كتاب النبي على عينيه، ونزل على سرير مُلْكه، وجلس على الأرض.
وتأمل ما في الكتاب من لمحات طيبة، فالنجاشي نصراني من أهل الكتاب، لذلك آثر
- صلى الله عليه وسلم أن يذكر له الآية التي أنزلها الله لمخاطبة أهل الكتاب: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ....} وهو النداء الخالج الذي أشرنا إليه من قبل.
* * *
* كتابه إلى المقوقس عظيم القبط
…
ملك مصر:
بعث صاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم بكتاب إلى جريج بن متى المعروف بـ "المقوقس" وكان عظيم القبط بمصر، وملَكِاً عليها، وقد حمل الكتاب إليه حاطب بن أبي بلتعة، وكان نص الكتاب كما رواه أصحاب السير:
"بسم الله الرحمن الرحيم
…
من محمد بن عبد الله ورسوله، إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من أتبع الهدى، أما بعد
…
فإني أدعوك بدعاية الإسلام: أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليتَ فإن عليك إثم أهل القبط:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} .
ولما دخل حاطب على المقوقس قال له: "إنه كان قبلك يزعم أنه الرب الأعلى، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، فانتقم به، ثم انتقم منه. فاعتبر بغيرك ولا يعتبر غيرك بك".
قال المقوقس: أنّ لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منه؟
فقال حاطب: "ندعوك إلى دين الإسلام الكافي به الله فَقْدَ ما سواه. إن هذا النبي دعا الناس، فكان أشدهم عليه قريش، وأعداهم له اليهود، وأقربهم منه النصارى، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبسارة عيسى بمحمد، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوارة إلى الإنجيل، فكل نبي أدرك قوماً فهم أمته، فالحق