الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَصلُوا إِلَى إِفرَاغَة إِلَاّ وَقَدْ فَنِي مَا بِهَا، وَلَمْ يَبْقَ لابْنِ مَرْدَنِيْشَ سِوَى حِصَانٍ، فَذَبَحَهُ لَهُم، فَحَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أُوقيَة أُوقيَة.
قَالَ اليَسع: فَحَدَّثَنِي المَلِكُ المُجَاهِد ابْنُ عِيَاضٍ (1) حَدِيْث هَذِهِ الغَزَاة، قَالَ:
لَمَّا وَصلَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ غَانِيَة مدينَة زَيْتونَة، خَرَجتُ إِلَيْهِ مِنْ لاردَة مَعَ فُرْسَانِي، فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ.
فَقُلْتُ: الصَّوَابُ جَمعُ جُنْدِ الأَنْدَلُس تَحْتَ رَايَة وَاحِدَة، وَهِلَال وَسُلَيم تَحْتَ رَايَة أُخْرَى، وَيَتقدم الزُّبَيْرُ بن عُمَرَ بِأَهْلِ المَغْرِب وَبِالدوَاب الَّتِي تحمل الأَقوَات، مَعَهُم الطّبول وَالرَّايَات، وَنبقَى نَحْنُ وَالعرب كَمِيناً عَنْ يَمِيْن الجَيْش وَيسَاره، فَإِذَا أَبصر اللَّعِين الرَّايَات وَالطبول وَالزمر حَمل عَلَيْهِ، فَنكر عَلَيْهِ مِنَ الجِهَتَيْنِ.
قَالَ: فَصَلَّينَا الصُّبْحَ فِي لَيْلَة سَبْع وَعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَبصر اللَّعِين الجَيْشَ وَقَدِ اسْتَرَاحَ مِنْ جِرَاحَاتِهِ، وَكَانَ عَسْكَرُهُ إِذْ ذَاكَ أَرْبَعَة وَعِشْرِيْنَ أَلْفَ فَارِسٍ سِوَى أَتْبَاعهِم، فَقصدُوا الطّبول، فَانكسرُوا، وَتَفَرَّقُوا -يَعْنِي المُسْلِمِيْنَ- فَأَتينَا الرُّوْم عَنْ أَيْمَانِهِم، وَنَزَلَ النَّصْرُ وَعَمِلَ السَّيْفَ فِي الرُّوْم حَتَّى بَقِيَ ابْنُ رُذمِيْرَ فِي نَحْوِ أَرْبَعِ مائَةِ فَارِسٍ، فَلجؤُوا إِلَى حصن لَهُم، وَبَات المُسْلِمُوْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ هَلَكَ غَمّاً، وَأَصَابه مرض، مَاتَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً مِنْ هَزِيمتِهِ - فَلَا رحمه الله.
152 - ابْنُ مُسْهِرٍ عَلِيُّ بنُ سَعْدِ بنِ عَلِيٍّ المَوْصِلِيُّ *
الأَدِيْب البَارع، مُهَذَّبُ الدِّيْنِ، عَلِيُّ ابنُ أَبِي الوَفَاءِ سَعْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ المَوْصِلِيُّ، الشَّاعِرُ، وَ (دِيْوَانُه) فِي مُجَلَّدين.
(1) سترد ترجمته برقم (154) .
(*) خريدة القصر (قسم الشام) 2 / 271، وفيات الأعيان 3 / 391 - 395.
مدح الخُلَفَاء وَالمُلُوْك، وَتنقل فِي الولَايَات بِبلده.
وُلِدَ: بآمد، وَمَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ العمَاد: سَنَة سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَلَهُ مِنْ أَبْيَات يَصف الْفَهد:
مِنْ كُلِّ (1) أَهْرَتَ بَادِي السُّخطِ مُطَّرِح الـ
…
ـحَيَاءِ جَهْمِ المُحَيَّا سَيِّئ الخُلُقِ
وَالشَّمْس مُذْ لقَّبُوْهَا بِالغزَالَة أَعـ
…
ـطته الرَّشَا جَسَداً مِنْ لَونِهَا اليَقَقِ (2)
وَنقَّطَتْهُ حِبَاءً (3) مِنْ تَسَالُمِهَا (4)
…
عَلَى المنَايَا نِعَاجُ الرَّمل بِالحَدَقِ
هَذَا وَلَمْ تَبْرُزَا مَعَ سِلمِ جَانبه
…
يَوْماً لِنَاظره إِلَاّ عَلَى فَرَقِ (5)
وَعَمِلَ فِي عصره الصُّوْرِيّ السَّرَّاج مُحَمَّد بن أَحْمَدَ:
شَثْنُ البرَاثِنِ (6) فِي فِيْهِ وَفِي يَدِهِ
…
فَتكُ الصوَارم (7) وَالعسَّالَة الذُّبُلِ
تَنَافَسَ اللَّيْل فِيْهِ وَالنَّهَار مَعاً
…
فَقمَّصَاهُ بِجِلبَابٍ مِنَ المُقَلِ
وَالشَّمْسُ مُذْ لقَّبُوْهَا (8) بِالغزَالَةِ لَمْ
…
تَبرزْ لنَاظره إِلَاّ عَلَى وَجَلِ (9)
(1) في " وفيات الأعيان ": وكل.
والاهرت: الواسع الشدقين.
(2)
يقال: أبيض يقق محركة وككتف: شديد البياض.
وقوله " جسدا " وردت في " وفيات الأعيان ": " حسدا " بالحاء المهملة.
(3)
في الأصل: حياء، والتصويب من الوفيات.
(4)
في " وفيات الأعيان ": كي يسالمها.
ونعاج الرمل: البقر الوحشي.
(5)
الابيات في " وفيات الأعيان " 3 / 392.
وقال ابن خلكان: وهي من قصيدة بديعة وأولها:
هي الموارد بين السحر والحدق * فرد دنان المنايا مورد الانق
وأطيب العيش ما تجنيه من تعب * وأعذب الشرب ما يصفو من الرنق
(6)
في الأصل: البراثين والتصويب من الوفيات.
(7)
في " وفيات الأعيان ": ما في الصوارم.
والعسالة جمع عسال، يقال: رمح عسال: مضطرب لدن. والذبل جمع ذابل، يقال: قنا ذابل: دقيق لاصق الليط.
(8)
في " وفيات الأعيان ": دعوها.
(9)
الابيات في " وفيات الأعيان " 3 / 393.