الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُكَيْنَةَ، وَابْنُ طَبَرْزَدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ سِبْطُ ابْنِ هَدِيَّةَ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مِنَيْنَا، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ المُبَارَكِ القَاضِي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَالحَسَنُ بنُ مُسْلِمٍ الفَارِسِيُّ الزَّاهِدُ، وَتُرْكُ بنُ مُحَمَّدٍ العَطَّارُ؛ خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
49 - التَّيْمِيُّ أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ *
الإِمَامُ، العَلَاّمَةُ، الحَافِظُ، شَيْخُ الإِسْلَامِ، أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ طَاهِرٍ القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ، ثُمَّ الطَّلْحِيُّ (1) ، الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ: بِقِوَامِ السُّنَّةِ، مُصَنِّفُ كِتَابِ (التَّرْغِيْبِ وَالتَّرْهِيْبِ) .
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا عَمْرٍو عَبْدَ الوَهَّابِ بنَ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ، وَعَائِشَةَ بِنْتَ الحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ الطَّيَّانَ (2) ، وَأَبَا الخَيْرِ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ رَرَا، وَالقَاضِي أَبَا مَنْصُوْرٍ بنَ شَكْرُوَيْه، وَأَبَا عِيْسَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، وَسُلَيْمَانَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظَ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ السِّمْسَارَ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّكْوَانِيَّ، وَالرَّئِيْسَ أَبَا عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيَّ، وَطَبَقَتَهُم بِأَصْبَهَانَ، وَأَبَا نَصْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيَّ، وَعَاصِمَ بنَ الحَسَنِ، وَخَلْقاً
(*) الأنساب 3 / 368، 369 (الجوزي) ، المنتظم 10 / 90، اللباب 1 / 309، 310، الكامل 11 / 80، مرآة الزمان 8 / 107، تذكرة الحفاظ 4 / 1277 - 1282، العبر 4 / 94، دول الإسلام 2 / 55، الوافي بالوفيات 9 / 211، مرآة الجنان 3 / 263، طبقات الاسنوي 1 / 359، 361، البداية والنهاية 12 / 217، النجوم الزاهرة 5 / 267، طبقات المفسرين للسيوطي: 8، طبقات الحفاظ ص 463، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 112 - 114، كشف الظنون 123، 211، 400، شذرات الذهب 4 / 105، 106، هدية العارفين 1 / 211، الرسالة المستطرفة: 57، تاريخ بروكلمان 6 / 39، 40.
(1)
نسبة إلى الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله من جهة أمه كما سيذكر المؤلف.
(2)
نسبة إلى حرفة الطين المعلومة، وقد تحرفت في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1278 إلى " الطيار " بالراء آخره.
بِبَغْدَادَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ خَلَفٍ الشِّيْرَازِيَّ، وَأَبَا نَصْرٍ مُحَمَّدَ بنَ سَهْلٍ السَّرَّاجَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَحْمَدَ الوَاحِدِيَّ، وَأَقْرَانَهُم بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَقدَمُ سَمَاعِهِ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الطِّهْرَانِيّ؛ صَاحِبِ ابْنِ مَنْدَةَ، فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ، وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِيْنَ.
وَسَمِعَ بِمَكَّةَ، وَجَاوَرَ سَنَةً، وَأَملَى، وَصَنَّفَ، وَجَرَحَ وَعَدَّلَ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ العَرَبِيَّةِ أَيْضاً، وَفِي تَوَالِيفِه الأَشيَاءُ المَوْضُوْعَةُ كَغَيْرِهِ مِنَ الحُفَّاظِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَأَبُو العَلَاءِ الهَمَذَانِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ (1) ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ الصَّائِغُ، وَيَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيُّ - وَهُوَ سِبْطُه - وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدٍ (2) الخَبَّازُ، وَأَبُو الفَضَائِلِ مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ العَبْدَكوِيُّ، وَأَبُو نَجِيْحٍ فَضْلُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ، وَالمُؤَيَّدُ بنُ الإِخْوَةِ، وَأَبُو المَجْدِ زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ الحَافِظُ إِمَامُ أَئِمَّةِ وَقتِه، وَأُسْتَاذُ عُلَمَاءِ عَصرِه، وَقُدْوَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي زَمَانِهِ، حَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، أُصمِتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، ثُمَّ فُلِجَ بَعْدَ مُدَّةٍ، وَمَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِيْنَ، وَاجْتَمَعَ فِي جِنَازَتِه جَمعٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُم كَثْرَةً، وَكَانَ أَبُوْهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدٌ صَالِحاً وَرِعاً، سَمِعَ مِنْ سَعِيْدٍ العَيَّارِ، وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى أَبِي المُظَفَّرِ بنِ شَبِيْبٍ، وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ
…
، إِلَى أَنْ قَالَ: وَوَالِدَتُه (3) كَانَتْ مِنْ ذُرِّيَّةِ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ
(1) انظر " مشيخة " ابن عساكر: 29 / 2.
(2)
في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1278: حميد.
(3)
في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1278: ووالده، وهو خطأ، وسينقل المؤلف أيضا في نهاية الترجمة ص 88 أن نسبته الطلحي هي من جهة أمه.
اللهِ التَّيْمِيِّ؛ أَحَدِ العَشْرَةِ رضي الله عنهم.
قَالَ أَبُو مُوْسَى: قَالَ إِسْمَاعِيْلُ:
سَمِعْتُ مِنْ عَائِشَةَ (1) وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعِ سِنِيْنَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ عَلِيَّكَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ.
قَالَ أَبُو مُوْسَى: وَلَا أَعْلَمُ أَحَداً عَابَ عَلَيْهِ قَوْلاً وَلَا فِعلاً، وَلَا عَانَدَه أَحَدٌ إِلَاّ وَنَصرَه اللهُ، وَكَانَ نَزِهَ النَّفْسِ عَنِ المَطَامعِ، لَا يَدخُلُ عَلَى السَّلَاطِيْنِ، وَلَا عَلَى مَنِ اتَّصلَ بِهِم، قَدْ أَخلَى دَاراً مِنْ مُلكِهِ لأَهْلِ العِلْمِ مَعَ خِفَّةِ ذَاتِ يَدِه، وَلَوْ أَعْطَاهُ الرَّجُلُ الدُّنْيَا بِأَسرِهَا لَمْ يَرْتَفِعْ عِنْدَهُ، أَملَى ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَخَمْسَ مائَةِ مَجْلِسٍ، وَكَانَ يُمْلِي عَلَى البَدِيْهَةِ (2) .
وَقَالَ الحَافِظُ يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ: كَانَ أَبُو القَاسِمِ حَسَنَ الاعْتِقَادِ، جَمِيْلَ الطَّرِيقَةِ، قَلِيْلَ الكَلَامِ، لَيْسَ فِي وَقتِه مِثْلُهُ (3) .
وَقَالَ عَبْدُ الجَلِيْلِ كُوتَاه: سَمِعْتُ أَئِمَّةَ بَغْدَادَ يَقُوْلُوْنَ:
مَا رَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ أَفْضَلُ وَلَا أَحْفَظُ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ (4) .
قُلْتُ: هَذَا قَوْلُ مَنْ لَا يَعلَمُ.
وَقَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ فِي ذِكرِ مَنْ هُوَ عَلَى رَأْسِ المائَةِ الخَامِسَةِ: لَا أَعْلَمُ أَحَداً فِي دِيَارِ الإِسْلَامِ يَصلُحُ لِتَأْوِيْلِ الحَدِيْثِ إِلَاّ إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظَ (5) .
(1) بنت الحسن الوركانية، المتوفاة سنة 460 هـ، مرت ترجمتها في الجزء الثامن عشر برقم (142) .
(2)
انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1278، 1279، و" طبقات " الاسنوي 1 / 360.
(3)
انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1279.
(4)
انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1279 و" طبقات " الاسنوي 1 / 360.
(5)
" تذكرة الحفاظ " 4 / 1279.
قُلْتُ: وَهَذَا تَكلُّفٌ، فَإِنَّهُ (1) عَلَى رَأْسِ المائَةِ الخَامِسَةِ مَا اشْتُهِرَ، إِنَّمَا اشْتُهِرَ قَبْلَ مَوْتِه بِعِشْرِيْنَ عَاماً.
وَرُوِيَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظِ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ فِي عُمُرِي مَنْ يَحفَظُ حِفْظِي.
قَالَ أَبُو مُوْسَى: وَقرَأَ بِرِوَايَاتٍ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ القُرَّاءِ، وَأَمَّا التَّفْسِيْرُ وَالمَعَانِي وَالإِعرَابُ، فَقَدْ صَنَّفَ فِيْهِ كُتُباً بِالعَرَبِيَّةِ وَبِالفَارِسِيَّةِ، وَأَمَّا عِلمُ الفِقْهِ، فَقَدْ شُهِرَتْ فَتَاوِيهِ فِي البَلَدِ وَالرَّسَاتِيقِ (2) .
قَالَ أَبُو المَنَاقِبِ مُحَمَّدُ بنُ حَمْزَةَ العَلَوِيُّ: حَدَّثَنَا الإِمَامُ الكَبِيْرُ، بَدِيْعُ وَقتِه، وَقَرِيعُ دَهْرِه، أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ
…
، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَبَلَغَنَا عَنْ أَبِي القَاسِمِ تَعبُّدٌ وَأَورَادٌ وَتَهجُّدٌ، فَقَالَ أَبُو مُوْسَى:
سَمِعْتُ مَنْ يَحكِي عَنْهُ فِي اليَوْمِ الَّذِي قَدِمَ بِوَلَدِه مَيِّتاً، وَجَلَسَ لِلتَّعزِيَةِ، أَنَّهُ جَدَّدَ الوُضُوْءَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ مَرَّاتٍ نَحْوَ الثَّلَاثِيْنَ، كُلُّ ذَلِكَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِه: أَنَّهُ كَانَ يُمْلِي شَرْحَ (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) عِنْدَ قَبْرِ وَلَدِهِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَيَوْمَ تَمَامِه عَمِلَ مَأْدُبَةً (3) وَحَلَاوَةً كَثِيْرَةً، وَكَانَ ابْنُهُ (4) وُلِدَ فِي سَنَةِ خَمْسِ مائَةٍ، وَنَشَأَ، وَصَارَ إِمَاماً فِي اللُّغَةِ وَالعُلُوْمِ حَتَّى مَا كَانَ يَتقدَّمُهُ كَبِيْرُ أَحَدٍ فِي الفَصَاحَةِ وَالبَيَانِ وَالذَّكَاءِ، وَكَانَ أَبُوْهُ يُفضِّلُه عَلَى نَفْسِهِ فِي اللُّغَةِ
(1) في الأصل: فإن، وهو خطأ.
وفي " التذكرة ": فإن الرجل ما كان في رأس المئة قد اشتهر.
(2)
انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1279 وفيه: سرت فتاواه بدل شهرت.
(3)
على هامش النسخة: مائدة.
(4)
أبو عبد الله محمد، ترجمه المؤلف في " تذكرة الحفاظ " 4 / 1280، والاسنوي في " الطبقات " 1 / 361، وابن المعاد في " الشذرات " 4 / 106.
وَجَرَيَانِ اللِّسَانِ، أَمْلَى جُمْلَةً مِنْ شَرْحِ (الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَةٌ مَعَ صِغَرِ سِنِّهِ، مَاتَ بِهَمَذَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ، وَفَقَدَهُ أَبُوْهُ، وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَسَنٍ يَقُوْلُ:
كُنَّا مَعَ الشَّيْخِ أَبِي القَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي مَسْعُوْدٍ الحَافِظِ، فَقَالَ: أَطَالَ اللهُ عُمُرَك، فَإِنَّك تَعِيشُ طَوِيْلاً، وَلَا تَرَى مِثْلَكَ، فَهَذَا مِنْ كَرَامَاتِهِ (1)
…
إِلَى أَنْ قَالَ الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى: وَلَهُ (التَّفْسِيْرُ) فِي ثَلَاثِيْنَ مُجَلَّداً، سَمَّاهُ (الجَامِعَ) ، وَلَهُ (تَفْسِيْرٌ) آخَرُ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَلَهُ (المُوَضّحُ) فِي التَّفْسِيْرِ فِي ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ، وَكِتَابُ (المُعْتَمَدِ) فِي التَّفْسِيْر عَشْرُ مُجَلَّدَاتٍ، وَكِتَاب (السُّنَّةِ) مُجَلَّدٌ، وَكِتَابُ (سِيَرِ السَّلَفِ (2)) مُجَلَّدٌ ضَخْمٌ، وَكِتَابُ (دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ) مُجَلَّدٌ، وَكِتَابُ (المَغَازِي) مُجَلَّدٌ، وَأَشيَاءُ كَثِيْرَةٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ نَاصِرٍ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ ابْنُ أَخِي إِسْمَاعِيْلَ الحَافِظ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ الأَسْوَارِيُّ الَّذِي تَولَّى غَسْلَ عَمِّي - وَكَانَ ثِقَةً -:
أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُنَحِّي عَنْ سَوْأَتِه الخِرْقَةَ لأَجْلِ الغُسْلِ، قَالَ: فَجَبَذَهَا إِسْمَاعِيْلُ بِيَدِهِ، وَغَطَّى فَرْجَهَ.
فَقَالَ الغَاسِلُ: أَحَيَاةٌ بَعْدَ مَوْتٍ (3) ؟!
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: أَبُو القَاسِمِ هُوَ أُسْتَاذِي فِي الحَدِيْثِ، وَعَنْهُ أَخَذتُ هَذَا القَدْرَ، وَهُوَ إِمَامٌ فِي التَّفْسِيْرِ وَالحَدِيْثِ وَاللُّغَةِ وَالأَدبِ، عَارِفٌ بِالمُتُوْنِ وَالأَسَانِيْدِ، كُنْتُ إِذَا سَأَلتُه عَنِ المُشكلَاتِ، أَجَابَ فِي الحَالِ، وَهَبَ أَكْثَرَ أُصُوْلِه فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَأَملَى بِالجَامِعِ قَرِيْباً مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ مَجْلِسٍ (4)، وَكَانَ أَبِي يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ بِالعِرَاقِ مَنْ يَعرِفُ الحَدِيْثَ وَيَفهَمُهُ غَيْرَ
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1280.
(2)
انظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 6 / 40.
(3)
انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1280، و" المنتظم " 10 / 90.
(4)
انظر " الأنساب " 3 / 368.
اثْنَيْنِ: إِسْمَاعِيْلَ الجُوْزِيِّ (1) بِأَصْبَهَانَ، وَالمُؤْتَمَنِ السَّاجِيِّ (2) بِبَغْدَادَ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ: تَلمذتُ لَهُ، وَسَأَلتُهُ عَنْ أَحْوَالِ جَمَاعَةٍ، قَالَ: وَرَأَيْتُهُ وَقَدْ ضَعُفَ، وَسَاءَ حِفْظُه (3) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاقُ: كَانَ أَبُو القَاسِمِ عَدِيْمَ النَّظِيْرِ، لَا مِثْلَ لَهُ فِي وَقتِه، كَانَ مِمَّنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الصَّلَاحِ وَالرَّشَادِ (4) .
وَقَالَ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ: هُوَ فَاضِلٌ فِي العَرَبِيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ.
وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ العَبْدَرِيُّ (5) : مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ مِثْلَ إِسْمَاعِيْلَ، ذَاكَرْتُهُ، فَرَأَيْتُهُ حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ، عَارِفاً بِكُلِّ عِلْمٍ، مُتَفَنِّناً، اسْتُعجِلَ عَلَيْهِ بِالخُرُوجِ.
رَوَى السِّلَفِيُّ هَذَا عَنِ العَبْدَرِيِّ.
وَقَالَ السِّلَفِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ بنَ الطُّيُوْرِيِّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ خُرَاسَانَ مِثْلُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ (6) .
قُلْتُ: قَوْلُ أَبِي سَعْدٍ (7) السَّمْعَانِيِّ فِيْهِ: الجُوْزِيُّ - بِضَمِّ الجِيمِ وَبِزَايٍ - هُوَ لَقَبُ أَبِي القَاسِمِ، وَهُوَ اسْمُ طَائِرٍ صَغِيْرٍ (8) .
وَقَدْ سُئِلَ أَبُو القَاسِمِ التَّيْمِيُّ رحمه الله: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: للهِ حَدٌّ، أَوْ
(1) سيذكر المؤلف قريبا معنى هذه النسبة.
(2)
مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (195) ، وانظر " تبصير المنتبه " 1 / 371.
(3)
انظر " تذكرة الحفاظ " 4 / 1280، 1281.
(4)
" تذكرة الحفاظ " 4 / 1281.
(5)
تصحفت إلى " الغندري " في " شذرات الذهب " 4 / 106.
(6)
" تذكرة الحفاظ " 4 / 1281.
(7)
في الأصل: أبي بكر، وهو خطأ.
(8)
بلغة أهل أصبهان، وكان يكره هذا اللقب، ولكنه عرف به.
انظر " الأنساب " 3 / 386، و" اللباب " 1 / 309.
لَا؟ وَهَلْ جَرَى هَذَا الخِلَافُ فِي السَّلَفِ؟
فَأَجَابَ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ أَسْتَعفِي مِنَ الجَوَابِ عَنْهَا؛ لِغُمُوْضِهَا، وَقِلَّةِ وُقُوفِي عَلَى غَرَضِ السَّائِلِ مِنْهَا، لَكِنِّي أُشِيرُ إِلَى بَعْضِ مَا بَلَغَنِي: تَكَلَّمَ أَهْلُ الحَقَائِقِ فِي تَفْسِيْرِ الحَدِّ بِعِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، مَحْصُوْلُهَا أَنَّ حَدَّ كُلِّ شَيْءٍ مَوْضِعُ بَيْنُونَتِه عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ غَرَضُ القَائِلِ: لَيْسَ للهِ حَدٌّ: لَا يُحِيطُ عِلمُ الحَقَائِقِ بِهِ، فَهُوَ مُصِيْبٌ، وَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ بِذَلِكَ: لَا يُحِيطُ عِلمُهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ، فَهُوَ ضَالٌّ، أَوْ كَانَ غَرَضُهُ: أَنَّ اللهَ بِذَاتِه فِي كُلِّ مَكَانٍ، فَهُوَ أَيْضاً ضَالٌّ.
قُلْتُ: الصَّوَابُ الكَفُّ عَنْ إِطلَاق ذَلِكَ، إِذْ لَمْ يَأْتِ فِيْهِ نَصٌّ، وَلَوْ فَرَضنَا أَنَّ المَعْنَى صَحِيْحٌ، فَلَيْسَ لَنَا أَن نَتَفَوَّهَ بِشَيْءٍ لَمْ يَأْذنْ بِهِ اللهُ؛ خَوْفاً مِنْ أَنْ يَدخُلَ القَلْبَ شَيْءٌ مِنَ البِدْعَةِ، اللَّهُمَّ احْفَظْ عَلَيْنَا إِيْمَانَنَا.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ أَبَا نَصْرٍ الحَسَنَ بنَ مُحَمَّدٍ اليُوْنَارَتِيَّ (1) الحَافِظَ، فَرجَّحَه عَلَى أَبِي القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلَ - فَاللهُ أَعْلَمُ - وَكَأَنَّ ابْنَ عَسَاكِرَ لَمَّا رَأَى إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدٍ وَقَدْ كَبِرَ وَنَقَصَ حِفْظُهُ، قَالَ هَذَا.
قَدْ مَرَّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: الإِمَامُ الكَبِيْرُ المُحَدِّثُ أَبُو الحَسَنِ رَزِيْنُ بنُ مُعَاوِيَةَ العَبْدَرِيُّ (2) السَّرَقُسْطِيُّ المُجَاوِرُ، وَالفَقِيْهُ البَدِيْعُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ سَعْدٍ العِجْلِيُّ الهَمَذَانِيُّ (3) ، وَالعَلَاّمَةُ اللُّغَوِيُّ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَكِّيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ القُرْطُبِيُّ (4) ، وَمُسْنِدُ بَغْدَادَ أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ
(1) المتوفى سنة 527 هـ، مرت ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (365) .
(2)
سترد ترجمته برقم (129) .
(3)
سترد ترجمته برقم (56) وسيكررها في الصفحة (144) بعد الترجمة (85) .
(4)
ذكرت مصادر ترجمته في نهاية الترجمة رقم (42) .
الرَّحْمَن بنُ مُحَمَّدِ بنِ زُرَيْقٍ الشَّيْبَانِيُّ القَزَّازُ (1) ، وَمُسْنِدُ العَصرِ قَاضِي المَرَسْتَانِ (2) أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَنْصَارِيُّ البَغْدَادِيُّ، وَالزَّاهِدُ القُدْوَةُ يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الهَمَذَانِيُّ (3) بِمَرْوَ، وَمُسْنِدُ نَيْسَابُوْرَ أَبُو الفُتُوْحِ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ شَاه الشَّاذْيَاخِيُّ (4) ، وَالمُعَمَّرُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ تَوْبَةَ (5) الأَسَدِيُّ العُكْبَرِيُّ، وَأَخُوْهُ؛ أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ الجَبَّارِ (6) .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ مَحْمُوْدٍ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الهَادِي، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَنَا جَدِّي لأُمِّي؛ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَهْلٍ السَّرَّاجُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ الأَزْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مَسْعُوْدٍ الهَمَذَانِيُّ، قَالَا:
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيْقٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَطْعَمَتِ المَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، فَلَهَا أَجْرُهَا، وَلَهُ مِثْلُهُ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَهُ بِمَا احْتَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ (7)) .
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: سَأَلتُ إِسْمَاعِيْلَ يَوْماً: أَلَيْسَ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ
(1) تقدمت ترجمته برقم (42) .
(2)
تقدمت ترجمته برقم (12) .
(3)
تقدمت ترجمته برقم (41) .
(4)
تقدمت ترجمته برقم (17) .
(5)
تقدمت ترجمته برقم (15) .
(6)
تقدمت ترجمته برقم (16) .
(7)
إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1425) ، و (1437) و (1439) و (1440) و (1444) و (2065) ، ومسلم (1024) والترمذي (672) وأبو داود (1685) من طريق الأعمش ومنصور، كلاهما عن شقيق أبي وائل بهذا الإسناد، وأخرجه الترمذي (671) والنسائي 5 / 65 من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي وائل، عن عائشة.
عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: اسْتوَى: قَعَدَ (1) ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ لَهُ: إِسْحَاقُ بنُ رَاهويه يَقُوْلُ: إِنَّمَا يُوْصَفُ بِالقُعُوْدِ مَنْ يَمَلُّ القِيَامَ.
قَالَ: لَا أَدْرِي أَيشٍ يَقُوْلُ إِسْحَاقُ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَخْطَأَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي حَدِيْثِ الصُّوْرَةِ، وَلَا يُطعَنُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، بَلْ لَا يُؤْخَذُ عَنْهُ هَذَا فَحَسْبُ.
قَالَ أَبُو مُوْسَى: أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّهُ قَلَّ إِمَامٌ إِلَاّ وَلَهُ زَلَّةٌ، فَإِذَا تُرِكَ لأَجْلِ زَلَّتِه، تُرِكَ كَثِيْرٌ مِنَ الأَئِمَّةِ، وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفعَلَ.
وَعَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، قَالَ: كُنَّا نَمضِي مَعَ أَبِي القَاسِمِ إِلَى بَعْضِ المَشَاهِدِ، فَإِذَا اسْتَيقَظْنَا مِنَ اللَّيْلِ، رَأَينَاهُ قَائِماً يُصَلِّي.
وَذَكَرَ أَبُو مُوْسَى فِي نِسبَةِ أَبِي القَاسِمِ التَّيْمِيِّ الطَّلْحِيِّ: أَنَّ ذَلِكَ النَّسَبَ لَهُ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ، ثُمَّ قَالَ: وَابْن أُخْتِ القَوْمِ مِنْهُم.
(1) في ثبوت ذلك عن ابن عباس وقفة، فقد نقل عنه محيي السنة البغوي في تفسيره وأكثر المفسرين أن معناه: ارتفع، وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى (ثم استوى على العرش) من سورة الاعراف الآية 54 ما نصه: فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدا، ليس هذا موضع بسطها، وإنما يسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح: مالك، والاوزاعي، والثوري، والليث بن سعد والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهم، من أئمة المسلمين قديما وحديثا وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه، و (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، بل الامر كما قال الأئمة - منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري -:" من شبه الله بخلقه فقد كفر ". ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ".
وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والاخبار الصحيحة، على الوجه الذي يليق بجلال الله تعالى، ونفى عن الله تعالى النقائص، فقد سلك سبل الهدى.
وانظر لزاما " فتح الباري " 13 / 405 - 408 الطبعة السلفية.