الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (43)
إذا علمتَ أن لك ربًّا وأنه متنزه عن صفات المربوبين، وأنه منفرد سبحانه بالوحدانية؛ لزمك الوقوفُ عند أمره، ونهيه، وإرشاده في كل شيء، فعظّمت ما عظّم، وحقّرت ما حقّر، وكرّمت ما كرّم، وأهنتَ ما أهان، وقدّمت ما قدّم، وأخّرت ما أخّر، وكبّرت ما كبّر، وصغّرت ما صغّر، وعلمت أنه لا حول ولا قوة لك إلا به، وأنه أوجدك من العدم، ولا يقدر على ذلك غيره، وطوّرك أطواراً، وبصّرك أبصاراً، وفتق (1) لك أنواراً، وطرق لك طرقاً، ودعاك إليه، وجعل لك بفضله ووعده عليه، كل ذلك ليعرفك وجوده، ويحقق (2) لك كرمه وجوده، فهو أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين.
مبتدئ بالنعم قبل استحقاقها، سابق بالنوال (3) قبل السؤال، إذا أعرضت (4) عنه أقبل عليك، يستدرجك بإنعامه وإفضاله، ويواصلك بعطائه ونواله، ويجود عليك بإلهامه وإرساله، ويفتق بصيرتك للفهم عنه وعن رسوله وآله (5)، وجعلك تدْعى في ملكوت السموات
(1) في (ن): (وفيق).
(2)
في (ظ) و (ن): (وتحقق).
(3)
النَّوال: العطاء، وقولك: ما نَوْلُكَ أن تفعل كذا؛ فمنه أيضاً، أي: ليس ينبغي أن يكون ما تعطيناه من نوالِك هذا، وقيل النَّوال: الصواب.
انظر: معجم مقاييس اللغة (5/ 372)، ولسان العرب (11/ 683).
(4)
في (ن): (عرضت).
(5)
بدأ المؤلف رحمه الله يذكر المسلمين عموماً، وينبههم إلى عظيم فضل الله سبحانه وتعالى =
والأرض (1) عظيماً، وصلَّت عليك ملائكة الله سبحانه، وسلّمت تسليماً، واستغفر لك كلُّ شيء حتى الحوت في الماء، والطير (2) في الهواء، وجعلك وارث الأنبياء شافعاً في عَرَصات القيامة، مقدماً فيها على شفاعة الشهداء، وصرت كالملح في الطعام لجميع الأشياء، مستغفراً للسابقين من المؤمنين، شفاء للخلفاء، تزال بك الأدواء ولا تزال إلا بالدواء، لا يتصرف إلا بأمرك لقيامك بأمر رب الأرض والسماء، وتشهد (3) لك الأشياء وأنت لا تشهدها؛ لئلا تحجب شهودك (4) لها، فشهودك لها إيماناً أفضل من شهودها عيانا؛ خوفاً من العطب، وطلباً للسلامة في المنقلب، والازدياد في الصعود والرغب (5).
= على خلقه، حيث أغدق عليهم نعماً عظيمة، ومنحاً جليلة، كما قال تعالى:{وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34].
وقال أيضاً عز وجل: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [لقمان: 20].
وما ذكره المؤلف هنا يعد أيضاً من طرق إثبات ربوبية الله عز وجل.
(1)
(والأرض) ليست في (ظ) و (ن).
(2)
في (ظ) و (ن): (وحتى الطير).
(3)
في (ظ) و (ن): (وشهد).
(4)
في (ظ) و (ن): (بشهودك).
(5)
كلام المصنف رحمه الله هنا كلام مجمل متشابه، يكتنفه الغموض والإيهام، والواجب حمله على كلامه المفصل المحكم في كتابه هذا، وكتبه الأخرى.