الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (11)
(من اعترفَ بالوحدانية (1) والإلهية، وجحد (2) النبوةَ من أصلها عموماً، أو نبوة نبيِّنا خصوصاً، أو [أحدٍ](3) من الأنبياء الذين نُصَّ (4) عليهم بعد علمه بذلك، فهو كافرٌ بلا ريب، كالبراهمة (5)، ومعظم اليهود (6)، والأروسيّة (7) ........................
(1) في الشفا: (بالإلهية والوحدانية).
(2)
في الشفا: (ولكنه جحد
…
).
(3)
في (ص): (واحد)، وفي (ظ) و (ن) والشفا ما أثبته.
(4)
في الشفا: (نصَّ الله).
(5)
البراهمة: هم أمة من أمم الهند، ينسبون إلى رجل يقال له (براهما)، وهو ملك من ملوكهم القدماء، قالوا: بنفي النبوات، وقرروا استحالة ذلك في العقول، وهم أصناف وفرق منهم: أصحاب البددة، وأصحاب الفكرة، وأصحاب التناسخ.
انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل (1/ 137)، والملل والنحل (2/ 252).
(6)
اليهود، من هاد الرَّجل: أي تاب ورجع، ويقال إن هذا الاسم لزمهم لقول موسى عليه السلام {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: 156]، وهم أمة موسى عليه السلام، وكتابهم التوراة والذي حرف فيما بعد. أما أشهر وأقدم فرقهم فهي: الصدوقيون، والفريسيون، والربانيون، والقرائيون، وهناك أيضاً: السامرّة، والضانيّة.
انظر: الملل والنحل (1/ 210 - 211)، والفصل في الملل والأهواء والنحل (1/ 287 - 291).
(7)
الأروسية: هم أصحاب (أريوس) وكان قسيساً بالإسكندرية، ومن قوله: التوحيد المجرد، وأن عيسى عليه السلام عبد مخلوق، وأنه كلمة الله تعالى التي بها خلق السموات والأرض، وكان في زمن قسطنطين الأوّل، باني القسطنطينية، وأول من تنصر من ملوك الروم، وكان على مذهب (أريوس) هذا، وهم من فرق الموحدين. انظر: =
من النصارى (1)، والغُرابية (2) من الروافضِ (3) الزاعمين: أن عليًّا كان
= الفصل في الملل والأهواء والنحل (1/ 109).
وقال الخفاجي شارح الشفا للقاضي عياض في كتابه المسمى (نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض)(4/ 538) - عن (أريوس): قيل: إنّه زعم أن لله روحاً أكبر من سائر الأرواح، وقال: إن المسيح جوهر لطيف روحاني خالص، غير مركب ولا ممزوج بالطبائع.
(1)
النصارى: قيل سموا بذلك:
أ - نسبة إلى قرية تسمى: ناصرة، كان ينزلها عيسى عليه السلام فنسبوا إليها،
ب - وقيل: سمو بذلك لقوله تعالى: {كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ} [الصف: 14]. وهم أمة المسيح ابن مريم عليه السلام رسول الله وكلمته، المبعوث بعد موسى عليه السلام، وأنزل الله عليه الإنجيل، ولكنه حُرِّف وبدل منه فيما بعد، وهم من أهل الكتاب، وجماهيرهم لا يقرون بالتوحيد المجرد، بل يقولون بالتثليث، أما أشهر وأقدم فرقهم، فهي: اليعقوبية، والنسطورية، والملكانية.
انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل (1/ 109)، والملل والنحل (؟ / 209 - 222).
(2)
الغرابية: هم فرقة من الرافضة، سموا بذلك لادعائهم أن الله عز وجل أرسل جبريل عليه السلام إلى علي رضي الله عنه فغلط في طريقه، فذهب إلى محمّد؛ لأنه كان يشبهه، وادعوا أنه كان أشبه به من الغراب بالغراب، والذباب بالذباب. وزعموا أن علياً رضي الله عنه كان الرسول وأولاده بعده هم الرسل، ويلعن أتباع هذه الفرقة جبريل عليه السلام، ومحمداً صلى الله عليه وسلم.
انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل (5/ 42)، والفرق بين الفرق (ص 250).
(3)
الروافض: جمع رافضة، وهم: من غلاة الشيعة الذين غلوا في علي وآل البيت، حتى دعوهم من دون الله، وكفّروا سائر الصّحابة إلا قليلًا منهم، وسموا بذلك؛ لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر، وقيل: هم الذين كانوا مع زيد بن علي بن الحسين ثم تركوه؛ لأنهم طلبوا منه أن يتبرأ من الشيخين، فقال: لقد كانا وزيري جدي فلا أتبرأ منهما، فرفضوه، وتفرقوا عنه. ويقال لهم: الإمامية؛ لأنهم يقولون إن إمامة علي رضي الله عنه بالنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا قبل ذلك يسمون بالخشبية. =
المبعوثَ إليه جبريلُ صلى الله عليه وسلم، وكالمعطلةِ (1)، والقرامطةِ (2)، والإسماعيلية (3)، والعنبرية (4) من الرافضة، وإن كان بعضُ هؤلاء قد
= انظر: مقالات الإسلاميين (1/ 16، 64) والفرق بين الفرق (ص 21)، والملل والنحل (1/ 147، 190).
(1)
المعطلة: المقصود بهم هنا كما قال الخفاجي في نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض (4/ 538): هم الذين جحدوا الألوهية والرسالة والأحكام. وقال الملا علي قاري في شرح الشفا للقاضي عياض (2/ 5158): (وكالمعطلة) أي: للوجود بنفي صانعه كالدهرية، أو النافية لحقيقة الأشياء، القائلة بأن الأشياء كلها خيالات وتمويهات كالمنامات، وهم السوفسطائية.
(2)
القرامطة من الفرق الباطنية، وهم ينسبون إلى حمدان بن الأشعث؛ الذي كان يلقب بـ (قرمط)، وكانوا سبباً في كثير من الفتن والقلاقل والحروب على أهل الإسلام، ويزعمون أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نصَّ على إمامة علي رضي الله عنه وتعاقب هذا التنصيص حتى وصل إلى محمّد بن إسماعيل، وزعموا أنه حي إلى اليوم لم يمت، ولا يموت حتى يملك الأرض، وأنه هو المهدي المنتظر، ويقول عنهم شيخ الاسلام ابن تيمية في منهاج السنة (8/ 258): وهم ملاحدة في الباطن، خارجون عن جميع الملل، أكفر من الغالية، ومذهبهم مركب من المجوس، والصابئة، والفلاسفة، مع إظهار التشيع، وجدهم رجل يهودي كان ربيباً لرجل مجوسي، وكان لهم دولة وأتباع. انظر: مقالات الإسلاميين (ص 26)، والفرْق بين الفِرَق (ص 282).
(3)
الإسماعيلية: هم القائلون بإمامة إسماعيل بن جعفر بعد أبيه الصادق، ومن بعده ابنه محمّد، وهو الإمام السابع عندهم؛ ولذا سميت بالسبعية تمييزاً لها عن الاثني عشرية، وهم من غلاة الشيعة، ومن أشهر ألقابهم (الباطنية)، ولزمهم هذا اللقب لقولهم: بأن لكل ظاهر باطناً، ولكل تنزيل تأويلًا، ومذهبهم يدور على تأويل النصوص، وتفسيرها تفسيراً باطنياً بعيداً عن مقاصد الشرع.
انظر: الملل والنحل (1/ 191)، والفرق بين الفرق (ص 62).
(4)
العنبرية: هم المنسوبون إلى عبيد الله - وقيل عبد الله - بن الحسن العنبري نسبة لقبيلة بني العنبر، ولد سنة 105 هـ، قاضي البصرة؛ الذي جوز التقليد في العقليات والعقائد، كما ذكر ذلك الملا علي قاري في شرح الشفا للقاضي عياض (2/ 516)، والخفاجي في نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض (4/ 538). =
أشركوا في كفرٍ آخرَ مع من قبلهم. وكذلك من دان بالوحدانية، وصحة نبوة (1) نبيِّنا صلى الله عليه وسلم، ولكن جوّز على الأنبياء الكذبَ فيما أتوا به، وادّعى في ذلك المصلحة بزعمه أو لم يدَّعِها، فهو كافرٌ بإجماعٍ، كالمتفلسفين (2)، وبعض الباطنية (3)، والروافضِ، وغلاة
= وفي نسخة أخرى للشفا (العبيدية) بدل (العنبرية)، والعبيدية: هم أتباع عبيد الله من بني عبيد ابن بنت القداح؛ الذين ملكوا مصر من الفاطميين.
والذي يظهر لي أن ما في النسخة الأخرى وهي العبيدية أصح من العنبرية؛ لأن القاضي عياض نسبهم إلى الرافضة والعبيدية لا شك أنهم من طوائف الرافضة، وأما القاضي عبيد الله بن الحسن العنبري فهو من أهل السنة؛ إذ وثقه غير واحد من الأئمة، واشتهر بقوله: تصويب أقوال المجتهدين في أصول الدين، ونقل ابن حجر في التهذيب عن محمّد بن إسماعيل الأزدي أنه رجع عن مقالته التي ذُكرت عنه؛ لما تبين له الصواب.
انظر: مجموع الفتاوى (19/ 138)، وتهذيب التهذيب (7/ 7 - 8).
(1)
في الشفا: (وصحة النبوة، ونبوة نبينا
…
).
(2)
المتفلسفون: وهم الفلاسفة الذين ينسبون إلى الفلسفة، وهي كلمة يونانية بمعنى: محب الحكمة، مركبة من كلمتين:(فيلا) بمعنى؛ محب، و (سوفيا) بمعنى: الحكمة، ويرى معظمهم: القول بقدم العالم، وإنكار النبوات، وإنكار البعث الجسماني، ويرون أن الملائكة هي العقول، وبالجملة فهم عُرفوا بخروجهم عن ديانات الأنبياء.
انظر: الملل والنحل (2/ 58)، والصفدية لابن تيمية (1/ 8 - 9)، ودرء التعارض (5/ 384 - 386).
(3)
الباطنية: هم جماعة ترى أن لظواهر النصوص والأخبار بواطناً، وهم طوائف عديدة تلجأ إلى الرموز والإشارات في تفسير النصوص، وإخراجها عن معانيها الظاهرة، وهم بذلك يهدمون الدين، ويبطلون شعائره وأحكامه، وقد أظهر معظمهم التشيع، ومن طوائف الباطنية: إخوان الصفا وخلان الوفا، والقرامطة، والخرمية، والإباحية، وغيرهم.
انظر: الفرق بين الفرق (ص 281)، والفصل في الملل والأهواء والنحل (5/ 98).
المتصوفة (1)، وأصحاب الإباحة (2)، فإن هؤلاء زعموا أن ظواهر الشرعِ، وأكثر ما جاءت به الرسلُ من الإخبار عمّا كان ويكون من أمور الآخرة والحشر والقيامة والجنة والنار، ليس منها شيءٌ على مقتضى لفظها، ومفهوم خطابها، وإنّما خاطبوا بها الخلق على جهة (3) المصلحةِ
(1) غلاة المتصوفة: الغالية من الصوفية ممّن يقول بالحلول وأن الباري يحل في الأشخاص، وأنه يجوز أن يحل في إنسان، وسبع، وغير ذلك من الأشخاص. وأصحاب هذه المقالة إذا رأوا شيئاً يستحسنونه قالوا: لا ندري لعلّ الله حالّ فيه، ومالوا إلى اطراح الشرائع، وزعموا أن الإنسان ليس عليه فرض، ولا يلزمه عبادة إذا وصل إلى معبوده.
ومن الغلاة من يدعي أن العبادة تبلغ بهم إلى أن يروا الله، ويأكلوا من ثمار الجنة، ومنهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم إلى أن يكونوا أفضل من النبيين والملائكة المقربين. وأشهر غلاة الصوفية: أهل الحلول والاتحاد كالحلاجية، وأهل وحدة الوجود، والمباحية الذين أسقطوا الشرائع، وأحلوا المحرمات.
انظر: مقالات الإسلاميين (ص 278 - 288)، والفرق بين الفرق (ص 260 - 264).
(2)
أصحاب الإباحة: هم الذين استباحوا المحرمات، وهم صنفان:
أ - صنف منهم كانوا قبل دولة الإسلام كالمزدكية الذين استباحوا المحرمات، وزعموا أن النَّاس شركاء في الأموال والنساء، ودامت فتنة هؤلاء إلى أن قتلهم أنوشروان في زمانه.
ب - الصنف الثّاني: الخرمدينية، ظهروا في دولة الاسلام، وهم فريقان: بابكية: أتباع بابك الخرمي، ومازيارية: أتباع مازيار الذي ظهر بجرجان، وكلتاهما معروفة بالمحمَّرة.
وقيل في أصحاب الإباحة: هم فرقة من غلاة المتصوفة وجهلتهم، وقيل: هم المباحية، يدَّعون محبة الله، يخالفون الشّريعة، ويزعمون أن العبد إذا بلغ في الحب غاية المحبة يسقط عنه التكليف. وقيل: هم الملاحدة.
انظر: الفرق بين الفرق (ص 266)، ونسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض للخفاجي (4/ 539)، وشرح الشفا للقاضي عياض لملا علي قاري (2/ 516 - 517).
(3)
في (ظ): (وعلى وجهه للمصلحة لهم)، وفي (ن):(على وجهة المصلحة).
لهم؛ إذ لم يمكنهم التصريح لقصور أفهامهم، فمُضَمَّنُ مقالاتهم إبطال الشرائع، وتعطيل الأوامر والنواهي، وتكذيب الرسل، والارتيابُ فيما أتوْا به.
وكذلك من أضاف إلى نبيّنا صلى الله عليه وسلم تعمُّدَ الكذبِ فيما بلّغه، وأخبر به، أو شكّ في صدقه، أو سبَّهُ، أو قال: إنّه لم يبلِّغْ، أو استخفَّ به أو بأحدٍ من الأنبياء، أو أزرى عليهم، أو آذاهم، أو قتل نبيّاً، أو حاربهُ، فهو كافرٌ بإجماع.
وكذلك نُكفِّرُ من ذهب مذهَبَ بعض القدماءِ (1) في أن في كلِّ جنسٍ من الحيوان نذيراً ونبياً (2): من القردة والخنازيزِ والدوابِّ والدود، ويحتجُّ بقوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إلا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24]؛ إذ ذلك يؤدي (3) أن يوصف (4) أنبياءُ هذه الأجناسِ بصفاتهم المذمومةِ. وفيه من الإزراء على هذا المنصب المُنيف ما فيه، مع إجماع المسلمين على خلافه، وتكذيبِ قائله (5).
وكذلك نكفِّر من اعترفَ من الأصول الصحيحةِ بما تقدّمَ [وبنبوّةِ](6) نبيِّنا صلى الله عليه وسلم، ولكن قال: كان أسودَ، أو مات قبل أن يلتحيَ، أو (7) ليس الذي كان بمكةَ والحجازِ، أو ليس بقرشيٍّ؛ لأن وصفه بغير
(1) ذكر الخفاجي في نسيم الرياض بأن هؤلاء هم الفلاسفة والحكماء الخارجون عن ملة الإسلام.
انظر: نسيم الرياض (4/ 540)، وشرح الشفا لملا علي قاري (2/ 517).
(2)
في الشفا: (أو نبياً).
(3)
في الشفا: (يؤدي إلى).
(4)
في (ظ): (أن تصوف)، وفي (ن):(توصف)، وفي (ص)، والشفا ما أثبته.
(5)
في (ظ) و (ن): (من قاله)، وفي (ص) والشفا ما أثبته.
(6)
في (ص) و (ظ): (ونبوة)، في (ن) والشفا ما أثبته.
(7)
في (ظ) و (ن) والشفا: (وليس).
صفاتهِ المعلومةِ [نفيٌ له، وتكذيبٌ به](1).
وكذلك من ادّعى نبوَّةَ أحدٍ مع نبينا صلى الله عليه وسلم أو بعده كالعيسوية (2)[من](3) اليهود القائلين: بتخصيص رسالته إلى العرب، وكالخرَّمية (4) القائلين: بتواتر الرسل (5)، وكأكثر الرافضة القائلين: بمشاركة عليٍّ في الرسالةِ للنبيَّ صلى الله عليه وسلم (6) وكذلك كلُّ إمامٍ عند هؤلاء يقوم مقامه في النبوةِ
(1) وفي (ص): (نفيٌ أو تكذيبٌ)، وفي (ظ):(جحد نفيٍ له) أما عبارة: (وتكذيب به، وكذلك من ادّعى نبوة أحدٍ مع نبيّنا صلى الله عليه وسلم أو بعده كالعيسوية) فقد سقطت من أصل (ظ) ومصححة في الهامش، وفي (ن):(جحد نفيٍ له، أو تكذيب به)، وفي الشفا ما أثبته.
(2)
العيسوية: أصحاب أبي عيسى إسحاق بن يعقوب الأصفهاني، كان في زمن المنصور، وقد بدأ دعوته أيّام مروان بن محمّد، وادَّعى أنه نبي، وأنه المسيح المنتظر، ويقول بنبوة عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل، وبنبوة محمّد صلى الله عليه وسلم إلى بني إسماعيل عليه السلام إلى سائر العرب، وكان من مذهب أبي عيسى تجويز حدوث النبوة بعد نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قتل بالري مع أصحابه من قبل جنود المنصور.
انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل (1/ 179)، والملل والنحل (1/ 215).
(3)
في (ظ) و (ن) والشفا، وليست في (ص).
(4)
الخرَّمية: هم أتباع بابك الخرمي الذي خرج على المأمون، وظهر في جبل البدين بناحية أذربيجان سنة 201 هـ، وكثر أتباعه، واستحلوا المحرمات، واستباحوها، وقتلوا الكثير من المسلمين، وسفكوا الدماء، وقد تربصت به جيوش بني العباس إلى أن تم أسره، ثم قتله المعتصم سنة 223 هـ، وأمر بصلبه، وهو يعتبر أحد زعماء الباطنية.
انظر: الفرق بين الفرق (ص 266 - 267)، والفصل في الملل والأهواء والنحل (1/ 87).
(5)
أي: تواتر الرسل بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم.
(6)
في الشفا: (للنبي صلى الله عليه وسلم وبعده)، أي: حال وجوده صلى الله عليه وسلم وبعد مماته، وقد ذكر شراح الشفا أن أكثر الرافضة يقولون بذلك.
انظر: شرح الشفا لملا علي قاري (5/ 422).
والحجّة، [وكالبزيعيّة] (1) (2) والبيانيَّة (3) منهم القائلين: بنبوة بزيعٍ وبيانٍ وأشباه هؤلاء. أو من ادّعى النبوة لنفسهِ، أو جوّز اكتسابها والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها، كالفلاسفة، وغلاة المتصوِّفة (4).
وكذلك من ادّعى منهم أنه يوحى إليه (5) وإن لم يدّع النبوةَ، أو أنَّه
(1) في (ص) و (ظ) و (ن): (كالبزيعية) بدون واو، وفي الشفا ما أثبته.
(2)
البزيعيّة: وهم أصحاب بزيع بن موسى، يزعمون أن جعفر الصادق بن محمّد هو الله، وأنه ليس بالذي يرون، وأنه تشبه للناس بهذه الصورة، وزعموا أن كل ما يحدت في قلوبهم وحي، وأن كل مؤمن يوحى إليه. وزعموا أن منهم من هو خير من جبريل وميكائيل عليهما السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم، وزعموا أنه لا يموت منهم أحد، وأن أحدهم إذا بلغت عبادته رفع إلى الملكوت.
انظر: مقالات الإسلاميين (ص 12)، والفرق بين الفرق (ص 248)، والفصل في الملل والأهواء والنحل (1/ 180).
(3)
البيانية: هم أتباع بيان بن سمعان التَّميميُّ؛ الذي ظهر بالعراق أوائل القرن الثّاني الهجري. ويزعم أتباعه أن الإمامة صارت من محمّد ابن الحنفية إلى ابنه أبي هاشم عبد الله بن محمّد، ثم صارت من أبي هاشم إلى بيان بن سمعان بوصيته، وقد اختلف أصحابه في نبوته وألوهيته، وقد زعم أن الإله الأزليّ رجل من نور، وأنه يفنى كله غير وجهه، وهذه الفرقة خارجة عن جميع فرق الإسلام، ووصل خبر بيان إلى خالد القسريّ في زمان ولايته في العراق، فاحتال على بيان حتى ظفر به وصلبه. انظر: مقالات الإسلاميين (ص 5 - 6)، والفرق بين الفرق (ص 236)، والملل والنحل (2/ 152).
(4)
أما من ادعى النبوة فكالمختار بن أبي عبيد الثقفي، أما من جوّز اكتسابها أي: أجاز تحصيل النبوة بالمجاهدة والرياضة والبلوغ بصفاء القلب إلى مرتبة النبوة عن طريق الفيض من الله إلى القلب، فهذا كحال الفلاسفة الحكماء ومنهم ابن سينا صاحب الشفاء، وكذلك كحال غلاة المتصوفة الجهال، ومنهم ابن عربي، حيث جعل نفسه خاتم الأولياء، وادَّعى أن خاتم الأنبياء يستفيض من خاتم الأولياء.
انظر: شرح الشفا لملا علي قاري (5/ 422 - 423).
(5)
كما قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ =
أُصعد (1) إلى السماء، ويدخل الجنَّة، ويأكل من ثمارها، ويعانق الحورَ العين، فهؤلاء كلهم كفارٌ مكذَّبون [للنبي](2) صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أخبر (3) صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين، وأنه (4) لا نبيَّ بعده (5)، وأخبر عن الله عز وجل أنه خاتمُ النبيين، وأُرسل (6) كافةً للناس، وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره، وأن مفهومَه المراد به (7) دون تأويلٍ ولا تخصيصٍ،
= أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93]، قال الشّيخ السعدي رحمه الله في تيسير الكريم الرّحمن (ص 265): (لا أحد أعظم ظلماً، ولا أكبر جرماً ممّن كذب على الله، بأن نسب إلى الله قولاً أو حكماً، وهو تعالى بريء منه، وإنّما كان هذا أظلم الخلق؛ لأن فيه من الكذب وتغيير الأديان أصولها وفروعها، ونسبة ذلك إلى الله، ما هو أكبر من المفاسد.
ويدخل في ذلك ادعاء النبوة، وأن الله يوحي إليه وهو كاذب في ذلك، فإنّه مع كذبه على الله، وجرأته على عظمته وسلطانه يوجب على الخلق أن يتبعوه، ويجاهدهم على ذلك، ويستحل دماء من خالفه وأموالهم. ويدخل في هذه الآية لكل من ادعى النبوة كمسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، والمختار، وغيرهم ممن اتصف بهذا الوصف).
(1)
في (ظ) و (ن) والشفا: (يصعد).
(2)
في (ص): (النّبيّ)، وفي (ظ) و (ن) والشفا ما أثبته.
(3)
في الشفا: (أخبر النّبيّ).
(4)
(وأنه) ليست فى الشفا.
(5)
أخرجه البخاري في المغازي، باب غروة تبوك (8/ 112 رقم 4416)، ومسلم في فضائل الصّحابة، باب من فضائل عليّ بن أبي طالب (4/ 1870 رقم 2404) أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال مخاطباً عليّ بن أبي طالب:"أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلا أنّه لا نبيّ بعدي".
(6)
في الشفا: (وأنه أرسل).
(7)
في الشفا: (منه).
ولا (1) شكَّ في كفر هؤلاء الطَّوائف كلِّها قطعاً، إجماعاً وسمعاً) (2) والله أعلم.
(1) في (ظ) و (ن) والشفا: (فلا).
(2)
نقله المؤلف بالنص من الشفا للقاضي عياض (2/ 1068 - 1071).