الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (48)
احذرْ أن يراك الله حيث نهاك، أو يفقدك حيث أمرك، واعلمْ أن أفضل ما أكرم الله تعالى به أولياءه في دار الدنيا إيقافهم مع أمره ونهيه الطلبي إيماناً وعملاً، واعتقاداً وفعلاً ونطقاً، وفي الدار الآخرة النظر إلى وجهه الكريم.
واعلم أنه لا سبيلَ لأحد إلى معرفة الله بحدٍّ أو دليل (1)، بل هو سبحانه وتعالى حدُّ كلِّ شيءٍ، ودليل كلِّ شيء، ولا سبيل لأحدٍ إلى العلم بالله بإحاطة بل هو سبحانه وتعالى محيط بكل شيءٍ، ومن وراء كل شيء، وكل شيء خلقه (2)، وكل شيء قائم به سبحانه وتعالى، وهو سبحانه قائمٌ بكل شيء، لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في السموات ولا في الأرض، ولا يملك أحدٌ مثقال ذرةٍ في السموات ولا في الأرض، وليس لأحد معه شركة في شيءٍ من ذلك، ولا له سبحانه ظهير في شيء من ذلك.
واعلمْ أن أفضلَ خلقه سبحانه الجنة (3)، وهي غير محدودة (4)،
(1) لعل مقصوده رحمه الله أن معرفة الله واضحة جلية، لا تحتاج إلى دليل، كما قال تعالى:{قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [إبراهيم: 10].
(2)
في (ظ) و (ن): (خلفه).
(3)
ظاهر كلام المصنف رحمه الله الإطلاق، وهو غير صحيح؛ إذ أفضل الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد يخرج كلامه على أن مراده أفضل خلقه؛ باعتبار المنازل، لا عموم الخلق.
(4)
يظهر من كلام المؤلف رحمه الله ومن خلال استدلاله بهذا الحديث، أن الجنة لا يحاط =
بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر"(1).
هذا (2) خلق من خلقه غير محدود، فكيف يكون خالقه محدوداً؟ تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
= بها علماً، وأن نعيمها دائم غير منقطع ولا محدود، قال تعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].
وقال عز وجل: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21].
ويقول تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ} [الرعد: 35].
وقال سبحانه وتعالى: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 32 - 33].
(1)
أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة (6/ 3618) رقم (3244)، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها ..... (4/ 2174) رقم (2824) من حديث أبي هريرة بلفظ:"أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ..... " والباقي بلفظه.
(2)
في (ظ) و (ن): (فهذا).