المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل (23) لا (1) نكفّر أحداً من أهل القبلة بذنبٍ (2)، - الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد

[ابن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أولاً: أهمية الموضوع، وأسباب اختياره:

- ‌ثانياً: خطة البحث:

- ‌ثالثاً: منهجي في التحقيق والتعليق:

- ‌أولاً: خدمة نصِّ الكتاب:

- ‌ثانياً: منهجي في التعليق:

- ‌ الدَّراسة

- ‌الفصلُ الأول: ترجمة المؤلف

- ‌ تمهيد:

- ‌ عصره:

- ‌أولاً: أهم الملوك:

- ‌ثانياً: أهم الأحداث:

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ أسرته:

- ‌ مولده:

- ‌ نشأته:

- ‌ طلبه للعلم:

- ‌ الرحلة في طلب العلم:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ صفاته وأخلاقه:

- ‌ مكانته العلمية:

- ‌ تدريسه:

- ‌ فتاواه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌1 - اختصار نصيحة أهل الحديث:

- ‌2 - الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد:

- ‌3 - أدب الخطيب:

- ‌4 - تحفة الطالبين في ترجمة الإِمام محيي الدين:

- ‌5 - ترتيب الفتاوى النووية:

- ‌6 - حكم الاحتكار عند غلاء الأسعار:

- ‌7 - حكم البلوى وابتلاء العباد:

- ‌8 - رسالة في أحكام الموتى وغسلهم:

- ‌9 - رسالة في بيان الفرق الضالة:

- ‌10 - رسالة في السماع:

- ‌11 - سؤال عن قوم من أهل البدع يأكلون الحيات والنيران:

- ‌12 - شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ لابن مالك:

- ‌13 - العدة في شرح العمدة:

- ‌14 - فضل الجهاد:

- ‌15 - الفقه في حكم صيام جميع شعبان ورجب:

- ‌16 - مجلس في زيارة القبور:

- ‌17 - مسألة في حكم المكوس:

- ‌18 - معجم الشيوخ:

- ‌19 - الوثائق المجموعة:

- ‌ وفاته:

- ‌الفصل الثاني: دراسة الكتاب

- ‌المبحث الأول: عنوان الكتاب ونسبته لمؤلفه

- ‌المطلب الأول: عنوان الكتاب

- ‌المطلب الثاني: نسبة الكتاب إلى مؤلفه

- ‌المبحث الثاني: مصادر المؤلف فى كتابه

- ‌المبحث الثالث: عرض لأهم قضايا الكتاب

- ‌أولاً: النُّزول:

- ‌ثانياً: الرؤية:

- ‌ثالثاً: مسألة خلق القرآن، واللفظ به:

- ‌رابعاً: الفوقية والعلو:

- ‌خامساً: الإيمان:

- ‌سادساً: القضاء والقدر:

- ‌سابعاً: الحب والبغض في الله:

- ‌ثامناً: الكفر:

- ‌المبحث الرابع: منهج المؤلف فى كتابه

- ‌المبحث الخامس: وصف النُّسخ الخطيَّة

- ‌المطلب الأول: وصف النُّسخ الخطية

- ‌النُّسخة الأولى:

- ‌النُّسخة الثانية:

- ‌النُّسخة الثالثة:

- ‌المطلب الثاني: التملكات والتعليقات

- ‌المطلب الثالث: تقويم المطبوع من الرسالة

- ‌المبحث السَّادس: تقويم الكتاب

- ‌المطلب الأول: مزايا الكتاب

- ‌المطلب الثاني: المآخد على الكتاب

- ‌فصل (1)

- ‌فصل (2)

- ‌فصل (3)

- ‌فصل (4)

- ‌فصل (5)

- ‌فصل (6)

- ‌فصل (7)

- ‌فصل (8)

- ‌فصل (9)

- ‌فصل (10)

- ‌فصل (11)

- ‌فصل (12)

- ‌فصل (13)

- ‌فصل (14)

- ‌فصل (15)

- ‌فصل (16)

- ‌فصل (17)

- ‌فصل (18)

- ‌فصل (19)

- ‌فصل (20)

- ‌فصل (21)

- ‌فصل (22)

- ‌فصل (23)

- ‌فصل (24)

- ‌فصل (25)

- ‌فصل (26)

- ‌فصل (27)

- ‌فصل (28)

- ‌فصل (29)

- ‌فصل (30)

- ‌فصل (31)

- ‌فصل (32)

- ‌فصل (33)

- ‌فصل (34)

- ‌فصل (35)

- ‌فصل (36)

- ‌فصل (37)

- ‌فصل (38)

- ‌فصل (39)

- ‌فصل (40)

- ‌فصل (41)

- ‌فصل (42)

- ‌فصل (43)

- ‌فصل (44)

- ‌فصل (45)

- ‌فصل (46)

- ‌فصل (47)

- ‌فصل (48)

- ‌فصل (49)

- ‌فصل (50)

- ‌فصل (51)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌ ‌فصل (23) لا (1) نكفّر أحداً من أهل القبلة بذنبٍ (2)،

‌فصل (23)

لا (1) نكفّر أحداً من أهل القبلة بذنبٍ (2)، ونكفّره به إذا اعتقد حلّه (3)، أو جواز ارتكابه، أو أنه مأمور به أو أفضل من غيره؛ لأنه أضاف إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ما لا يجوز إضافته، ومن أضاف إليهما أو إلى أحدهما ما لا يجوز عليه فقد (4) كفر؛ إذ أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم من أوامر الله؛ ولهذا (5) قال الله تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]. وكذلك من أضاف إلى إجماع المسلمين المعتدِّ بهم ما لا يجوز إضافته إليه كفر (6)؛ لإخبار الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بعصمتهم

(1) في (ظ): (ولا).

(2)

مقصود المؤلف رحمه الله الرد على الخوارج الذين يكفرون بمطلق الذنوب، ولو قال:(لا نكفّر أحداً من أهل القبلة بكل ذنب) لكانت العبارة أحكم؛ لأن هناك من الذنوب ما إن يقترفها العبد فإنه يكفر بذلك؛ حتى لو لم يعتقد استحلال ذلك الذنب، كسب الله تعالى، والسجود للصنم.

(3)

لعل المؤلف استفاده من أبي جعفر الطحاوي، حيث قال في عقيدته:(ولا نكفّر أحداً من أهل القبلة بذنب، ما لم يستحله). انظر: متن العقيدة الطحاوية (ص 14).

(4)

(فقد) ليست في (ظ) و (ن).

(5)

في (ظ) و (ن): (لهذا) بدون واو.

(6)

يقصد بالإضافة هنا مخالفة الإجماع، أما مخالف الإجماع فقد اختلف العلماء في تكفيره على قولين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (19/ 270):(والتحقيق: أن الإجماع المعلوم يكفر مخالفه كما يكفر مخالف النص بتركه، لكن هذا لا يكون إلا فيما علم ثبوت النص به. وأما العلم بثبوت الإجماع في مسألة لا نص فيها فهذا لا يقع، وأما غير المعلوم فيمتنع تكفيره). وسيتحدث المؤلف رحمه الله إن =

ص: 277

من الخطأ (1).

إذا عرفت هذا، فاعلم أنه من كفّر مسلماً بغير حقٍّ أو قال له: يا كافر، من غير استنادٍ إلى ما يكفر ظاهراً هل يكفر بذلك؟ اختلف قول أصحاب الشافعيّ المتأخرين فيه على وجهين:

أحدهما: وهو قول جمهورهم أنه لا يكفر بل هو عاصٍ بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها، فإن كان كما قال، وإلا [حار] (2) عليه"(3)، فلم يصرّح صلى الله عليه وسلم بكفره، وإنما معناه: رجع

= شاء الله عن هذه المسألة بشيء من التفصيل.

انظر: مجموع الفتاوى (7/ 38، 39)، وإحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد (4/ 84)، ونواقض الإيمان القولية والعملية (ص 243 - 245).

(1)

قول المؤلّف: (لإخبار الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بعصمتهم من الخطأ). لعله يشير إلى حديث أبي بصرة الغفاري يرفعه: "سألت الله عز وجل أن لا يجمع أمّتي على ضلالة، فأعطانيها".

أخرجه أحمد في المسند (6/ 396)، والطبراني في الكبير (2/ 280) رقم (2171)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 756) رقم (1390) من طريق الليث، عن أبي وهب الخولاني، عن رجل، عن أبى بصرة به. وإسناده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي بصرة.

ورُوِي من حديث ابن عمر بلفظ: "إن الله لا يجمع أمّتي على ضلالة".

أخرجه الترمذي في الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة (4/ 405) رقم (2167)، والحاكم في المستدرك (1/ 116). قال الترمذي:(هذا حديث غريب من هذا الوجه).

وللحديث شواهد كثيرة، ولذا صحّحه الألباني في آداب الزّفاف (ص 240).

(2)

في (ص): (جار)، والمثبت من (ظ) وهو الموافق لنص الحديث؛ كما في مصادر التخريج السابقة.

(3)

أخرجه البخاري في الأدب، باب من أكفر أخاه بغير تأويل، فهو كما قال:(10/ 514) رقم (6104)، ومسلم في الإيمان، باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر (1/ 79) رقم (60) من حديث عبد الله بن عمر بلفظ: "أيما امرىء =

ص: 278

عليه إثم قوله (1).

والثاني: وهو قول أصحاب الحديث منهم (2) والمحققين أنه يكفر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الكفر راجعاً عليه عند عدم المحلّ في المدعوّ بالكفر، وذلك يقتضي الحكم بكفره، واختار هذا صاحبا التتمة (3)

= قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه"، هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري بمعناه.

وفي رواية عند مسلم (1/ 79 - 80) رقم (61)، وأحمد في المسند (5/ 166) من حديث أبي ذر:" .... ومن دعا رجلًا بالكفر، أو قال: عدو الله، وليس كذلك، الا حار عليه". وحار: بالحاء المهملة، ومعناه: رجع وباء.

(1)

هذا القول هو القول الراجح؛ لأن المعروف عند المحققين أن النصوص الواردة في ذلك إنما هي من نصوص الوعيد التي يستحق صاحبها العقوبة الشديدة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (35/ 101 - 102) في معرض ذبه عن أعراض بعض الأئمة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم -:(ومع هذا فقد اتفق المسلمون على أنه لا يكفر أحد من هؤلاء الأئمة، ومن كفرهم بذلك استحق العقوبة الغليظة التي تزجره وأمثاله عن تكفير المسلمين).

انظر: مجموع الفتاوى (1/ 106)، (35/ 103 - 104)، والاستقامة (1/ 165 - 166).

(2)

يقصد بذلك أهل الحديث من أصحاب الشافعي المتأخرين، كما صرح بذلك سابقاً.

(3)

هو أبو سعيد عبد الرحمن بن مأمون النيسابوري، المتولي، الشافعي، صاحب التتمة، تفقه بمرو على الفوراني، وببخارى على أبي سهل الأبيوردي، وبرع في الفقه والأصول والخلاف، وصف كتاباً في أصول الدين، وكتاباً في الخلاف، كان مولده سنة 426 هـ، وتوفي ليلة الجمعة من شوال سنة 478 هـ.

انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (5/ 106)، وطبقات الشافعية للأسنوي (1/ 305)، وشذرات الذهب (3/ 358).

أما كتاب (التتمة) فقال محقق كتاب طبقات الشافعية للأسنوي عبد الله الجبوري (1/ 306) رقم (277) حاشية (3): (التتمة، كتبها تعليقاً على كتاب شيخه أبي القاسم عبد الرحمن الفوراني الإبانة -، ومنها أجزاء كثيرة من نسخ متفرقة، في الأزهرية، =

ص: 279

والبحر (1)، والله أعلم.

إذا عرفت هذا في أحد المسلمين، فاعلم أنه من كفّر نبيًّا أو صحابيًّا أو وليًّا من أولياء الله تعالى، أو أحداً من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، أو أزواجه، أو ضللهم؛ فإنه يكفر بذلك بلا شكٍّ (2).

وقد تقدم الكلام (3) على من سبّ الله أو رسوله أو غيرهما من الرسل والأنبياء، وأما من سبّ صحابيًّا أو تنقصه؛ فالمشهور من مذاهب العلماء عدم تكفيره، والرجوع في أمره إلى الاجتهاد والأدب، وهو المشهور من قول مالك رحمه الله قال: (من شتم أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أبا بكر، أو عمر، أو عثمان، أو عليًّا، أو معاوية، أو

= ودار الكتب، وأحمد الثالث، ومنها مصورات في معهد المخطوطات المصورة. قال الإسنوي: لم يكمل التتمة، بل وصل فيها إلى الحدود، فكملها جماعة).

(1)

هو جمال الدين عبد الحميد بن عبد الرحمن بن عبد الحميد الشيرازي، الشافعي، صاحب كتاب البحر.

كان فقيهاً كبيراً، ذا حظ من كثير من العلوم، ورعاً زاهداً. توفي بشيراز سنة نيف وثلاثين وسبعمئة.

أما كتابه (البحر) فقال عنه الإسنوي: هو مختصر أوضح من الحاوي الصغير، ومتضمن لزيادات، ويقال عنه: بحر الفتاوى.

انظر: طبقات الشافعية للأسنوي (1/ 291)، وشذرات الذهب (6/ 95)، وكشف الظنون (1/ 224).

(2)

قول المصنف رحمه الله بأن من كفر نبياً أو صحابياً، أو إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه يكفر ظاهر لا ريب في صحته؛ لدلالة النصوص عليه.

وأما قوله بأن من كفر ولياً من أولياء الله تعالى، أو أحداً من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه يكفر فليس على إطلاقه؛ لعدم ورود النص بنفي الكفر عنهم من جهة، وإمكان وقوعه منهم من جهة أخرى.

(3)

انظر: (ص 235).

ص: 280

عمرو بن العاص، فإن قال: كانوا على ضلالٍ وكفرٍ قتل، وإن شتمهم بغير هذا من مشاتمة الناس نكّل نكالاً شديداً) (1).

وقال ابن حبيب (2): (من غلا من الشيعة إلى بغض عثمان والبراءة منه أُدّب أدباً شديداً، ومن زاد إلى بغض أبي بكر، أو عمر (3) فالعقوبة عليه أشدّ، ويكرر ضربه ويطال سجنه حتى يموت، ولا يبلغ به القتل إلا في سبّ النبي صلى الله عليه وسلم) (4). وقال أبو محمد بن أبي زيد (5) عن سحنون (6):

(1) ذكره القاضي عياض في الشفا (2/ 1108)، والزواوي في مناقب الإمام مالك (ص 143).

(2)

هو موسى بن عبد الرحمن بن حبيب الإفريقي القطان المالكي، أخذ عن محمد بن سحنون، وشجرة بن عيسى، وغيرهما، وروى عنه تميم بن أبي العربي، وأبو محمد بن مسرور، وجماعة.

قال الذهبي: كان من أوعية العلم والفقه.

انظر: طبقات المفسرين للداودي (2/ 341)، وسير أعلام النبلاء (14/ 226).

(3)

في (ظ) و (ن): (وعمر).

(4)

من قوله: (وأما من سب صحابيا أو تنقصه ....) وإلى: (

ولا يبلغ به القتل الا في سب النبي صلى الله عليه وسلم) نقله المؤلف بتصرف يسير من الشفا للقاضي عياض (2/ 1108).

(5)

هو عبد الله بن عبد الرحمن، أبو محمد القيرواني، المعروف بابن أبي زيد، شيخ المغرب، انتهت إليه رئاسة المذهب المالكي، سمع من أبي سعيد بن الأعرابي ومحمد بن الفتح، وأخذ عنه خلق كثير منهم: الفقيه عبد الرحيم بن العجوز السبتي، وعبد الله بن الوليد الأنصاري.

قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، ورُحِل إليه من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخص المذهب، وملأ البلاد من تواليفه، وهو صاحب كتاب الرسالة، توفي 389 هـ.

انظر: سير أعلام النبلاء (17/ 10)، وشذرات الذهب (3/ 131)، وترتيب المدارك (4/ 492).

(6)

هو عبد السلام بن حبيب بن حسان بن هلال، أبو سعيد التنوخي، حمصي الأصل، المغربي، القيرواني، المالكي، قاضي القيروان، وصاحب المدونة، ويلقب =

ص: 281

(من قال في أبي بكر، أو عمر، أو عثمان، أو علي (1) رضي الله عنهم: إنهم كانوا على ضلالةٍ وكفر قتل، ومن شتم غيرهم من الصحابة بمثل هذا نكّل النكال الشديد) (2).

وروي عن مالك: من سبّ أبا بكر جلد، ومن سبّ عائشة قتل، قيل له: لم؟ قال: (من رماها فقد خالف القرآن (3)) (4)، قلت: قوله: فقد خالف القرآن، أي: كذّبه.

وبهذا المعنى تمسك من كفّر بسبِّ الصحابة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، قال: لأن الله تعالى أخبر بأنه رضي عنهم ورضوا عنه (5)، ومعلوم أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى الكفر، ولا يرضى عن أصحابه، فمن كفّر من أخبر الله سبحانه برضاه

= بسحنون، سمع من سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وأخذ عنه ولده محمد، وأصبغ بن خليل القرطبي، وبقي بن مخلد.

قال أشهب: ما قدم علينا أحد مثل سحنون، وقال يونس بن عبد الأعلى: سحنون سيد أهل المغرب، وقال عيسى بن مسكين: سحنون راهب هذه الأمة، ولم يكن بين مالك وسحنون أحد أفقه منه.

انظر: ترتيب المدارك (2/ 585)، وسير أعلام النبلاء (12/ 63)، وفيات الأعيان (3/ 180).

(1)

في (ظ) و (ن): (وعمر وعثمان وعليّ).

(2)

ذكره القاضي عياض في الشفا (2/ 1109).

(3)

ذكره القاضي عياض في الشفا (2/ 1109)، والزواوي في مناقب مالك (ص 144).

(4)

من قوله: (وقال أبو أحمد بن أبي زيد ..) وإلى: (

من رماها فقد خالف القرآن)، نقله المؤلف بتصرف يسير من الشفا للقاضي عياض (ص 2/ 1109).

(5)

والآية التي عناها المؤلف هي قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100].

ص: 282

عنه فقد كذّب الله في خبره، ومن كذّب الله تعالى في خبره فهو كافرٌ إجماعاً (1)، والله أعلم.

وقال ابن شعبان (2) عن مالك رحمه الله في قتل من سبّ عائشة: (لأن الله تعالى يقول: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [النور: 17] فمن عاد لمثله فقد كفر)(3).

(1) لشيخ الإسلام ابن تيمية تفصيل جميل في حكم سابّ الصحابة متى يكفر؟ ومتى لا يكفر؟ في الصارم المسلول (ص 586 - 587)، حيث بين أن من اقترن بسبه دعوى الألوهية لأحد من الصحابة أو دعوى النبوة لأحدهم أو القول بأن جبريل غلط في الرسالة، وكذلك من زعم أن القرآن نُقص منه آيات أو له تأويلات باطنة تسقط الشرع الظاهر، أو زعم أنهم ارتدّوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفراً قليلاً، أو أن عامتهم فسّاق، ونحو ذلك، فهذا لا شك في كفره ولا خلاف في تكفيره.

أما من سبهم سبًّا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم، مثل وصف بعضهم بالبخل، أو الجبن، أو قلة العلم، أو عدم الزهد، ونحو ذلك، فهذا يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك.

وأما من لعن وقبّح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم؛ لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد.

(2)

هو محمد بن قاسم بن شعبان، أبو إسحاق المصري، المعروف بابن القرطبي الحافظ، انتهت إليه رئاسة المالكية في مصر، أخذ عن ابن صدقة وغيره، وأخذ عنه الغافقي، والخولاني، وجماعة.

وله مؤلفات منها: المختصر بما ليس في المختصر، والزاهي في الفقه ومناقب مالك، وكتاب الأشراط.

قال الذهبي: كان صاحب سنة واتباع، وباع مديد في الفقه مع بصر بالأخبار وأيام الناس، مع الورع والتقوى، وسعة الرواية، مات سنة (355 هـ).

انظر: ترتيب المدارك (3/ 293)، وميزان الاعتدال (4/ 14)، وسير أعلام النبلاء (16/ 78).

(3)

ذكره القاضي عياض في الشفا (2/ 1109)، والزواوي في مناقب مالك (ص 144).

ص: 283

وحكى [أبو الحسن](1) الصقلي (2) أن القاضي [أبا بكر بن الطيب](3)(4) قال: (إن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نسبه إليه المشركون سبّح نفسه لنفسه؛ كقوله سبحانه وتعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} [الأنبياء: 26] (5) في آيٍ [كثيرةٍ](6).

وذكر تعالى ما نسبه المنافقون إلى عائشة، فقال:{وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ} [النور: 16] سبّح نفسه في تبرئتها من السوء كما سبّح نفسه في تبرئته (7) من السوء) (8). وهذا يشهد لمالك في قتل من سبّ عائشة، ومعنى هذا - والله أعلم: أن الله سبحانه

(1) في (ص): (الحسن) وفي (ظ) و (ن): (ابن أبي الحسن)، والصواب (أبو الحسن) كما في الشفا.

(2)

هو أبو الحسن علي بن المفرج بن عبد الرحمن الصقلي، القاضي بمكة، سمع أبا بكر محمد بن أبي سعيد الإسفرايني صاحب أبي بكر الإسماعيلي الجرجاني، وأبا ذر الهروي المالكي الحافظ. روى عنه الحافظان أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، وأبو الفتيان عمر بن عبد الكريم بن سعدويه الرواسي. وكانت وفاته سنة نيف وسبعين وأربعمئة، وذكر عبد الله المالكي صاحب (رياض النفوس) أنه توفي سنة تسع عشرة وثلاثمئة، ولم يذكر اسمه وإنما قال: أبو الحسن الصقلي الجزيري، وسرد له بعض القصص.

انظر: الأنساب للسمعاني (3/ 549)، ورياض النفوس (2/ 204 - 206) رقم (213).

(3)

في (ص): (أبا الطيب)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

(4)

هو القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني، كما ذكر ذلك الخفاجي في نسيم الرياض (4/ 610)، وملا علي قاري في شرح الشفا (2/ 557).

(5)

والآية هي: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} .

(6)

في (ص): (كثير)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

(7)

في (ظ) و (ن): (تنزيهه).

(8)

ذكره القاضي عياض في الشفا (2/ 1109).

ص: 284

لما عظّم سبّها كما [عظّم](1) نفسه، وكان سبّها سبًّا لنبيه صلى الله عليه وسلم، وقرن سبّ نبيه صلى الله عليه وسلم وأذاه بأذائه تعالى (2)، وكان حكم مؤذيه تعالى القتل كان مؤذي نبيه كذلك (3)، ولهذا قال ابن شعبان:(ومن سبّ غير عائشة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ففيها قولان: أحدهما: يقتل؛ لأنه سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم بسبّ حليلته (4).

والآخر: أنها كسائر أصحابه يجلد حدّ المفتري، قال: وبالأول أقول) (5). وشتم رجلٌ عائشة بالكوفة، فَقُدِّم إلى موسى بن عيسى العباسي (6) فقال: من أحضر هذا؟ قال ابن أبي ليلى (7): أنا، فَجُلد

(1) في (ص): (يعظم)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

(2)

لعله يشير إلى قوله تعالى: [الأحزاب: 57 - 58]: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} .

(3)

من قوله: (وقال ابن شعبان عن مالك .....) وإلى: (..... كان مؤذي نبيه كذلك) نقله المؤلف بتصرف يسير من الشفا للقاضي عياض (ص 2/ 1109 - 1110).

(4)

في (ظ) و (ن): (خليلته).

(5)

قول ابن شعبان نقله المؤلف بتصرف يسير من الشفا للقاضي عياض (ص 2/ 1112 - 1113).

(6)

قال الخفاجي في نسيم الرياض (4/ 611) معلقاً على موسى بن عيسى العباسي أنه: (منسوب إلى عباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، والذي في التواريخ أنه عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن العباس، وأول من ولِيَ الخلافة من بني العباس السفاح، وجعل ولي العهد بعده أخاه المنصور، وبعده عيسى بن موسى حين خلع نفسه كرهاً، وقيل عوضه عشرة آلاف درهم، وجعل ابنه المهدي بعده، وبعده عيسى ابن موسى، فمات قبل المهدي سنة 168 هـ، ومات المهدي بعده بسنة).

(7)

هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، أبو عبد الرحمن الكوفي، الفقيه، قاضي الكوفة. روى عن عطاء بن أبي رباح، وإسماعيل بن أمية. وروى عنه شعبة، ووكيع. =

ص: 285

ثمانين، وحُلِق رأسه، وأسلمه في الحجّامين (1)(2).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله الله في أصحابي، الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً (3)، (4) بعدي، فمن أحبهم فبحبِّي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه"(5). وقال صلى الله عليه وسلم (6): "لا تسبوا

= قال العجلي: كان فقيهاً، صاحب سنة، صدوقاً، جائز الحديث، وكان عالماً بالقرآن. وضعفه الجمهور في الحديث لسوء حفظه، توفي سنة 148 هـ.

انظر: الجرح والتعديل (7/ 322)، وميزان الاعتدال (3/ 613)، وتهذيب التهذيب (3/ 224).

(1)

الحجّامين: جمع حجام، والحجام: المصاص، يقال للحاجم الحجّام لامتصاصه فم المِحْجَمة. وأصله الحجم: وهو المص، يقال: حجم الصبي ثدي أمه؛ إذا مصّه.

انظر: لسان العرب (12/ 116 - 117)، وتاج العروس (16/ 129).

(2)

نقل المؤلف هذه القصة من الشفا للقاضي عياض (ص 2/ 1110 - 1111).

(3)

في (ظ) و (ن): (عرضا).

(4)

الغرض: هو الهدف الذي يرمى فيه، وجمعه أغراض، والغُرض: شدة النزاع نحو الشيء والشوق إليه.

انظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 360)، ولسان العرب (7/ 193).

(5)

أخرجه الترمذي في المناقب، باب في من سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (5/ 653) رقم (3862)، وأحمد في المسند (5/ 54)، وفي فضائل الصحابة (1/ 47) رقم (2، 1) وابن أبي عاصم في السنة (2/ 465) رقم (992)، والمقدسي في النهي عن سب الأصحاب (ص 65) رقم (4) من حديث عبد الله بن مغفل بنحوه.

قال الترمذي: (هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه).

والحديث ضعفه الألباني كما في ظلال الجنة (2/ 465)، وفي السلسلة الضعيفة برقم (2901).

(6)

في (ظ) و (ن): (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم).

ص: 286

أصحابي، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً" (1)(2).

وروي في حديثٍ: "لا تسبوا أصحابي فإنه يجيء قومٌ في آخر الزمان يسبون أصحابي، فلا تصلّوا عليهم، ولا تصلّوا معهم، ولا تناكحوهم، ولا تجالسوهم، وان مرضوا فلا تعودوهم"(3)، وقال صلى الله عليه وسلم:"من سبّ أصحابي فاضربوه"(4).

وقد أعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن سبهم وأذاهم يؤذيه، وأذى النبي صلى الله عليه وسلم حرامٌ. وقال:"لا تؤذوني في أصحابي، ومن آذاهم فقد آذاني"(5). وقال

(1) قال ابن الأثير في الصرف: (أي: التوبة)، وقيل: النافلة، والعدل: الفدية، وقيل: الفريضة.

انظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 24).

(2)

تقدم تخريجه في (ص 327) حاشية رقم (3) وهو حديث حسن بمجموع طرقه وشواهده.

(3)

أخرجه الخلال في السنة (2/ 483) رقم (769)، والخطيب في الكفاية في علم الرواية (ص 96) وابن عساكر في تاريخ دمشق (14/ 344) من حديث أنس بنحوه. وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 162)، وقال:(قال ابن حبان: خبر باطل لا أصل له).

وأشار شيخ الإسلام في الصارم المسلول (3/ 1099) إلى ضعفه، حيث قال:(في هذا الحديث نظر).

وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله كما في ضعيف الجامع الصغير (2/ 68) رقم (1537).

(4)

تقدم تخريجه في (ص 236) حاشية رقم (2)، من حديث علي بلفظ:"من سب الأنبياء قُتل، ومن سب الأصحاب جُلد"، قال عنه الألباني في السلسلة الضعيفة (1/ 244) رقم (206):(موضوع).

(5)

أخرجه الترمذي في المناقب (5/ 653) رقم (3862)، وأحمد في المسند (5/ 54)، وفي فضائل الصحابة (1/ 47) رقم (1)، وابن أبي عاصم في السنة (2/ 479) رقم (992)، والمقدسي في النهي عن سب الأصحاب (ص 65) رقم (4) من حديث عبد الله بن مغفل بلفظ:"الله، الله في أصحابي ..... "، وفيه: "ومن آذاهم فقد =

ص: 287

- صلى الله عليه وسلم: "لا تؤذوني في عائشة"(1).

وقال: "فاطمة بضعة منّي، يوذيني ما آذاها (2)(3).

وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه نذر (4) قطع لسان عبيد الله ابن [عمر](5)؛ إذ شتم المقداد بن الأسود؛ فكلّم في ذلك فقال: (دعوني أقطع لسانه حتى لا يشتم أحداً (6) بعد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) (7).

= آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه" واللفظ للترمذي.

والحديث ضعفه الألباني كما في ظلال الجنة (2/ 479)، وفي السلسلة الضعيفة برقم (2901).

(1)

هذه الرواية جزء من حديث طويل، أخرجه البخاري في الهبة، باب من أهدى إلى صاحبه، وتحرّى بعض نسائه دون بعض (5/ 205) رقم (2581)، وفيه:"لا تؤذوني في عائشة فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة".

(2)

أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم (4/ 1903) رقم (244)، (94) من حديث المسور بن مخرمة بلفظه.

وهو عند البخاري في فضائل الصحابة، باب ذكر أصهار النبي صلى الله عليه وسلم ..... (7/ 85) رقم (3729) بنحوه.

(3)

من قوله: (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله، الله في أصحابي .........) وإلى: (...... يؤذيني ما آذاها") نقله المؤلف بتصرف من الشفا للقاضي عياض (ص 2/ 1106 - 1108).

(4)

في (ظ) و (ن): (ندر).

(5)

هو عبيد الله بن عمر بن الخطاب القرشي رضي الله عنهما، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أنجاد قريش وفرسانهم، قُتل بصفين مع معاوية رضي الله عنه.

انظر: الاستيعاب لابن عبد البر (3/ 1010).

(6)

في (ظ) و (ن): (أحدٌ)، بالرفع، وبالتالي يكون الفعل (يشتم) مبنيًّا للمجهول.

(7)

أخرجه اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة (7/ 1263 - 1264) رقم (2376 - 2377)، وابن بشران في أماليه (ص 125) رقم (271)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (38/ 60) من طريق قيس بن الربيع، عن وائل بن داود، عن البهي قال: شتم ابن لعمر بن الخطاب ...... فذكره بنحوه، وعند بعضهم: (وقع بين عبيد الله بن =

ص: 288

وأُتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأعرابيٍّ يهجو الأنصار، فقال:(لولا أنَّ له صحبةً لكفيتكموه)(1).

قال (2) مالك رحمه الله: (من انتقص أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فليس له [في] (3) هذا الفيء حقٌّ، قد قسّم الله الفيء في ثلاثة أصنافٍ، فقال تعالى:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: 8] الآية، ثم قال:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: 9] الآية، ثم قال:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10] الآية، فمن تنقَّصهم فلا حقَّ له في فيء المسلمين) (4).

= عمر، وبين المقداد كلام فشتم عبيد الله المقداد .....) فذكره.

وعزاه ابن تيمية في الصارم المسلول (3/ 1104) لابن بطة، ولم أجده في المطبوع. وعزاه ملا علي القاري في شرح الشفا (4/ 569) لتاريخ الخطيب، وابن عساكر. ولم أجده في تاريخ بغداد المطبوع.

وفي إسناده: البهيّ، وهو عبد الله مولى مصعب بن الزبير، ويقال: إنه عبد الله بن اليسار، ليست له رواية عن عمر بن الخطاب، فهو لم يشهد القصة.

وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: (لا يحتج بالبهيّ، وهو مضطرب الحديث)(التهذيب: 6/ 90)، وقال ابن حجر في التقريب (ص 330):(صدوق يخطىء).

وعليه فإسناده فيه ضعف؛ للانقطاع بين البهي وعمر، وكذا ضعف البهي نفسه، والله أعلم.

(1)

عزاه شيخ الإسلام في الصارم المسلول (3/ 1105) لأبي ذر الهروي. ولم أقف عليه عنده.

وعزاه السيوطي في مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا (ص 248) رقم (1362): لمحمد بن قدامة المروزي في كتاب الخوارج عن أبي سعيد الخدري، وقال:(بسند رجاله ثقات). وعزاه ملا علي قاري في شرح الشفا (2/ 558) بمثل ما عزاه السيوطي.

(2)

في (ظ) و (ن): (وقال).

(3)

في (ص): (من)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

(4)

أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (7/ 1344 - 1345) =

ص: 289

وفي كتاب ابن شعبان (1): (من قال في واحد منهم: إنه ابن زانية [و] (2) أمه مسلمة، يحدُّ (3) عند بعض أصحابنا حدّين: حدًّا له، وحدًّا لأمّه، ولا أجعله كقاذف الجماعة في كلمة؛ لفضل هذا على غيره؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم:"من سبَّ أصحابي فاجلدوه"(4). قال: "ومن قذف أمّ أحدهم وهي كافرةٌ حُدّ حدّ الفرية؛ لأنه سبّ له، فإن كان أحدٌ من ولد [هذا] (5) الصحابي حيًّا قام بما يجب [له] (6)، وإلا فمن قام به من المسلمين كان على الإمام قبول قيامه"، قال (7): وليس (8) هذا كحقوق غير الصحابة، لحرمة هؤلاء [بنبيهم](9) صلى الله عليه وسلم، ولو سمعه الإمام وأشهد عليه كان وليَّ القيام به (10).

وروى أبو مصعبٍ (11) عن مالكٍ: (من انتسب إلى .........

= رقم (2400)، وذكره القاضي عياض في الشفا (2/ 1111)، وترتيب المدارك (2/ 4746).

(1)

ابن شعبان من كبار علماء المالكية، وله كتب كثيرة لكن إذا أطلق كتاب ابن شعبان، فيقصد به: الزاهي في الفقه، وهو من أهم مراجع المالكية، وكثيرا ما ينقلون منه ويحيلون عليه.

(2)

في (ص): (أو أمه)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

(3)

في (ظ) و (ن): (حدَّ).

(4)

تقدم تخريجه في (ص 236) حاشية رقم (2) من حديث علي بلفظ: "من سب الأنبياء قتل، ومن سب الأصحاب جُلد".

(5)

في (ظ) و (ن) وليست في (ص).

(6)

في (ظ) و (ن) وليست في (ص).

(7)

أي ابن شعبان.

(8)

في (ظ) و (ن): (فليس).

(9)

في (ص): (نبيهم) بدون الباء، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

(10)

قول ابن شعبان ذكره القاضي عياض في الشفا (2/ 1112).

(11)

هو أبو مصعب أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن مصعب القرشي الزهري =

ص: 290

[بيت](1) النبي صلى الله عليه وسلم يضرب ضرباً وجيعاً، ويشهر ويحبس (2) طويلاً حتى تظهر توبته (3)؛ لأنه استخفاف بحقَّ الرسول صلى الله عليه وسلم) (4).

وقال القاضي عياض رحمه الله: وأفتى أبو المطرّف الشعبي (5) - فقيه مالَقَة - (6) في رجل أنكر تحليف امرأةٍ .........................

= المدني، قاضي المدينة، ولد سنة خمسين ومئة، ولازم مالك بن أنس، وتفقه به، وسمع منه الموطأ وأتقنه عنه، وحدث عنه البخاري ومسلم، وبقية الستة، لكن النسائي بالواسطة.

قال الدارقطني: أبو مصعب ثقة في الموطأ، وقدمه على يحيى بن بكير، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: صدوق.

وقال الذهبي: احتج به أصحاب الصحاح، قال ابن حزم: آخر شيء روى من الموطآت: موطأ أبي مصعب، وموطأ أحمد بن إسماعيل السهمي. توفي سنة: 241 هـ.

انظر: سير أعلام النبلاء (11/ 436)، وتذكرة الحفاظ (2/ 60)، وتهذيب التهذيب (11/ 52).

(1)

في (ص): (بنت)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

(2)

في (ظ): (ويجلس).

(3)

في (ن): (ثوبته).

(4)

ذكره القاضي عياض في الشفا (2/ 1113).

(5)

هو أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس القرطبي المالكي، حدث عن أبي عيسى الليثي، وأبي جعفر بن عون الله، وحدث عنه: أبو عمر الطلمنكي، وأبو عمر بن سمبق، وله مؤلفات كثيرة منها: كتاب القصص، وأسباب النزول، وفضائل الصحابة .....

قال الذهبي: كان حافظاً، ناقداً، جهبذاً، مجوّداً، محققاً، بصيراً بالعلل والرجال، مع قوة في الفقه والفضائل، وكان يملي من حفظه، ولي الوزارة للمظفر بن أبي عامر.

انظر: ترتيب المدارك (4/ 671)، وسير أعلام النبلاء (17/ 211)، والنجوم الزاهرة (14/ 231).

(6)

مالَقَة: بفتح اللام والقاف، هي كلمة أعجمية، وتطلق على مدينة في الأندلس، =

ص: 291

بالليل (1)، وقال: لو كانت بنت أبي بكر الصديق ما حلفتْ إلا بالنهار، وصوب [قوله](2) بعض المتسمِّين بالفقه، فقال أبو المطرف:(ذكر هذا لابنة أبي بكر الصديق في مثل (3) هذا يوجب عليه الضرب الشديد، والسجن الطويل، والفقيه الذي صوّب قوله هو أحق باسم الفسق من اسم [الفقيه](4)، فيتقدم إليه في ذلك ويؤخر ولا تقبل فتواه ولا شهادته، وهي جرحةٌ ثابتة فيه، ويبغض في الله عز وجل) (5)، والله أعلم (6).

= كانت عامرة من أعمال ريّة، تطل على شاطىء البحر بين الجزيرة الخضراء والمريّة، عمّرت وقصدها التجار وأصحاب المراكب، فتضاعفت عمارتها، وصارت مقصداً لكل الناس، ونسب إليها كثير من أهل العلم منهم: عزيز بن محمد اللخمي المالقي، وسليمان المعافري المالقي، وغيرهم.

انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (5/ 43).

(1)

أي: وجّه لهذه المرأة يمين، وأريد منها أن تحلف بالليل وهي محجبة ومخدرة.

انظر: (شرح الشفا للقاضي عياض) لملا علي قاري (2/ 560).

(2)

في (ص): (قول)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

(3)

(مثل) ليست في (ظ) و (ن).

(4)

في (ص): (الفقه)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

(5)

من قوله: (وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه نذر ......) وإلى نهاية هذا الفصل، نقله المؤلف بتصرف من الشفا للقاضي عياض (2/ 1111 - 1114).

(6)

(والله أعلم) ليست في (ظ) و (ن).

ص: 292