الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (51)
ويجبُ اعتقادُ أنَّ أهلَ الجنة يدخلونها مخلدين فيها منعمين لا يخرجون منها أبداً، وأن أهل النار الكفار وأهل الكبائر، فأما الكفار فإنه محتمٌ دخولهم والخلود فيها مؤبداً، لا يخرجون منها، ولا يموتون فيها، ولا يخفف عنهم من عذابها، وأنه عذابٌ أليمٌ، مقيمٌ، عظيم، شديد، كبير، وأن من (1) قال: إنهم ينعمون فيها بالعذاب فهو كافر (2)؛ لأنه كذّب الله تعالى فيما أخبر به عنهم، وما يحصل لهم (3) من الألم، وهذه مقالة الكفار؛ حيث إنهم جعلوا الأشياء المخبر بها عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم مجازيةً وأسماءً لا حقيقة لها، وجعلوا الأسماء التي اقترحوها، والمسمّيات التي اقتحموها حقاً وصدقاً، فكذبهم الله تعالى في ذلك، وقال:{إِنْ هِيَ إلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23].
لما عكسوا باطلهم، وجعلوه حقاً والحق باطلاً؛ عكس عليهم الأمر فجعلوا من أهل النار.
(1) في (ظ): (ومن قال) بدون (أن).
(2)
القائلون بأن أهل النار ينعمون فيها هم الاتحادية كابن عربي الطائي ونحوه، حيث قالوا: إن أهلها يعذبون فيها، ثم تنقلب طبيعتهم، وتبقى طبيعة النارية يتلذذون بها لموافقتها لطبعهم.
انظر: شرح العقيدة الطحاوية بتخريج الألباني (ص 427).
(3)
(من) ليست في (ظ) و (ن).
وأما أهل الكبائر فهم داخلون تحت المشيئة، ولا يخلدون في النار؛ إلا أن يكونوا معتقدين لحل (1) الكبائر، فيكفروا، ويخلدوا فيها، وثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنه يؤتى بالموت في صورة كبش، ويذبح بين الجنة والنار، وينادى: يا أهلَ الجنة، خلود ولا (1) موت، ويا أهلَ النار خلود ولا موت"(2)(3).
وقال الله تعالى عن أهل النار (4)[أنهم](5): {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36].
وقال تعالى عن أهل الجنة: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10].
فهذا ما يسَّره الله تعالى من الكلام في: الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، والحمد لله على تيسيره، وغيره من وجوه الخيرات، وأسأله الثبات على الطاعات الظاهرات والباطنات حتى الممات، إنه وليّ الباقيات الصالحات.
وقد يسَّر الله تعالى في هذا المعتقد من النفائس الجليلات، [والعلوم](6) الباهرات؛ ما يجب على كل مسلمٍ تحصيله، واعتقاده (7)،
(1) في (ظ) و (ن): (بحل).
(2)
في (ظ) و (ن): (لا) بدون (واو).
(3)
أخرجه البخاري في التفسير، باب {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} (8/ 428) رقم (4730)، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها ..... (4/ 2188) رقم (2849) من حديث أبي سعيد الخدري بنحوه.
(4)
(أهل النار) ليست في (ظ).
(5)
في (ظ) و (ن) وليست في (ص).
(6)
في (ص): (والنفائس الباهرات)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.
(7)
لعل مقصود المؤلف رحمه الله بذلك هو: أنه يجب على كل مسلم معرفة محتوى، =
خلوصاً من التشكيكات، وخروجاً من الظلمات إلى الأنوار الزاهرات (1).
وأسأل الله أن ينفع به جميع المؤمنين والمؤمنات (2)، ويجعله حصناً من النيران المؤلمات، وحرزاً من المحذورات، وأن لا يخجلنا يوم الوقوف بين يديه، وأن يجعلنا من المنعم عليهم من النبيين، [والصدّيقين](3)، والشهداء، والصالحين، إنه خير مسؤولٍ، وأكرم مأمولٍ، وهو المنجي من الهلكات، وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم، وصلواته (4) وسلامه على سيدنا محمدٍ خاتم النبيين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى جميع عباد الله الصالحين.
آخر الكتاب
فرغت (5) منه عشية الاثنين ثالث عشر محرم سنة تسعٍ وسبع مائة، أحسن الله خاتمتها، آمين.
= ومضمون هذا المعتقد، الذي جمع أصول أهل السنة والجماعة في الاعتقاد، وليس المقصود وجوب الأخذ بنص معتقد ابن العطار هذا.
(1)
في (ظ) و (ن): (وخروجاً من الظلمات إلى الأمور الباهرات).
(2)
فى (ظ) و (ن): (والمؤلمات).
(3)
في (ص): (والصديق)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.
(4)
في (ظ) و (ن): (وصلاته).
(5)
في (ظ) و (ن): (والحمد لله أولاً وآخراً، وكان الفراغ منه يوم الخميس رابع عشر جمادى الآخر سنة ثمان وثمانين وسبعمئة).