الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (26)
ويجب الكفّ عما شَجَر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير الألسنة من ذكر ما يتضمن عيباً ونقصاً فيهم، والترحم على جميعهم، والموالاة لكافتهم (1)، وتعظيم قدر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهن، والدعاء لهن، ومعرفة حقهنّ، والإقرار بأنهن أمهات المؤمنين (2).
ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم[قال](3) "اذكروا محاسن موتاكم، وكفّوا
= حطباً، فأوقدوا ناراً، فلما هموا بالدخول، فقاموا ينظر بعضهم إلى بعض، فقال بعضهم: إنما تبعنا النبي صلى الله عليه وسلم فراراً من النار، أفندخلها؟ فبينما هم كذلك إذ خمدت النار، وسكن غضبه، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"لو دخلوها ما خرجوا منها أبداً، إنما الطاعة في المعروف".
(1)
يجب على كل مسلم أن يحبَّ جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويترضى عنهم، ويترحم عليهم، ويحفظ لهم فضائلهم، ويعترف لهم بسوابقهم، وينشر مناقبهم، وأن الذي حصل بينهم إنما كان عن اجتهاد، والجميع معذورون، ولم يجوز أهل السنة والجماعة الخوض فيما شجر بينهم، قال ابن أبي زيد القيرواني في رسالته (ص 75):(وأن لا يذكر أحد من صحابة الرسول إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الواسطية (ص 201):(ويمسكون عما شجر بين الصحابة. ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه. والصحيح منه هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون).
(2)
من بداية هذا الفصل وإلى قوله: "أمهات المؤمنين" نقله المؤلف بتصرف من عقيدة السلف (ص 294).
(3)
في (ظ) و (ن) وليست في (ص).
عن مساوئهم" (1)، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا" (2) (3)؛ ولأن المقصود من ذكر الأحياء بالمساوئ شرعاً إنما هو انزجارهم عن المعاصي (4) والقبائح، وهذا مفقودٌ في الميت؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا"، وهذا في أحد موتى المسلمين، فكيف بمن أخبر الله عنهم بأنه رضي عنهم ورضوا عنه، وأجمعت الأمة المعتد بإجماعهم على عدالتهم (5)، وأمرنا باتباعهم، وتعظيمهم، وتوقيرهم، والرجوع إليهم في الدين، والعلم، وتفسير الكتاب العزيز، وغير ذلك؟!.
(1) أخرجه أبو داود في الأدب، باب النهي عن سب الموتى (5/ 206) رقم (4900)، والترمذي في الجنائز، باب (34)(3/ 339) رقم (1019)، والطبراني في الكبير (12/ 438) رقم (13599)، وفي الصغير (1/ 280) رقم (461)، وابن حبان في صحيحه (7/ 290) رقم (3020)، والحاكم (1/ 385)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 75) من حديث ابن عمر بلفظه.
قال الترمذي: (هذا حديث غريب، سمعت محمداً يعني البخاري يقول: عمران بن أنس المكي: منكر الحديث).
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي؛ توهماً منهما أن عمران بن أنس هو عمران بن أبي أنس الثقة، وهو غير الأول. والحديث ضعفه الألباني كما في ضعيف أبي داود (ص 484) رقم (4900)، وفي مشكاة المصابيح أيضاً برقم (1678).
(2)
أخرجه البخاري في الجنائز، باب ما ينهي عن سب الأموات (3/ 258) رقم (1393) من حديث عائشة بلفظه.
(3)
قال ابن بطة في الشرح والإبانة (ص 264 - 265): (ثم الترحم على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرهم وكبيرهم، وأولهم وآخرهم، وذكر محاسنهم ونشر فضائلهم، والاقتداء بهديهم، والاقتفاء لآثارهم، وأن الحق في كل ما قالوه، والصواب فيما فعلوه).
(4)
في (ظ) و (ن): (المساوئ).
(5)
أجمع أهل السنة والجماعة على عدالة الصحابة رضي الله عنهم بلا استثناء؛ نظراً لما أكرمهم الله به من شرف الصحبة لنبيه صلى الله عليه وسلم؛ ولما لهم من المآثر الجليلة والمناقب الحميدة، =