الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (13)
يجب اعتقاد أن المؤمنَ إذا أذنبَ ذنوباً كثيرةً، صغائر كانت أو كبائر، لا يكفَّرُ بها وإن خرج من الدنيا غير تائبٍ منها، ومات على الإخلاص والتوحيد (1)، إلا أن يعتقد تحليلَ ما حرّم اللهُ، أو تحريم ما أحلّ الله، فإنّه يكفر بذلك؛ لأنه ذنبٌ من الذنوب القلبيّة المكفّرة (2).
قال بعض العلماء: إلا أن يكون متاوّلاً في ذلك، قلنا: إن أردت التأويل المصادم فلا سمع ولا طاعة لك ولا لنا، وإن أردت التأويل الملائم فليس في ذلك كلامنا (3)، والله يعلم المفسدَ من المُصلح.
(1) من بداية الفصل وإلى قوله: (على الإخلاص والتوحيد)، نقله المؤلف بتصرف من عقيدة السلف (ص 276).
(2)
الكفر يقع بالاعتقاد والقول والعمل، وليس منحصراً في الاعتقاد - كما يقول به قوم - كما أنه ليس شرط التكفير الاعتقاد - كما يقول به آخرون -.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الصارم المسلول (ص 512): (إن سب الله، أو سب رسوله كفر ظاهراً وباطناً، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلًا له، أو كان ذاهلًا عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء، وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل).
والمصنف رحمه الله موافق لأهل السنة والجماعة في قولهم هذا، وكلامه هنا لا يراد به اشتراط الاعتقاد في التكفير عموماً، وإنما أراد به اشتراط ذلك في وقوع التكفير بالمعاصي بأن يعتقد تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل سبحانه، وهذا ظاهر.
(3)
ما ذكره المؤلف من تفصيله للتأويل المقبول والمردود حق؛ إذ ليس كل تأويل يعتبر سائغاً ومقبولاً، فهناك من التأويل ما يعتبر سائغاً، ومنه ما ليس كذلك، فلا بد من مراعاة ذلك، وعدم الخلط بينهما. =
وأمر كلِّ من ارتكب ذنباً - لا نكفِّره به - إلى الله، إن شاء عفا عنه، وأدخله الجنَّة يومَ القيامةِ سالماً غانماً غير مبتلىً بالنار ولا يعاقب على ما [ارتكبه](1) من الذنوب، واكتسبه، ثم استصحبه إلى القيامةِ من الآثام والأوزار، وإن شاء عاقبه وعذّبه مدّةً بعذاب النّار، فإن عذّبه لم يخلدْه فيها، بل يعتقه ويخرجه منها إلى نعيم دار القرار (2).
وكان الشّيخ (3) الإمام أبو الطيب سهل بن محمّد الصعلوكيُّ (4)
= يقول قوام السنة الأصفهاني في الحجة في بيان المحجة (2/ 510 - 511): (المتأول إذا أخطأ، وكان من أهل عقد الإيمان، نظر في تأويله، فإن كان قد تعلّق بأمر يفضي به إلى خلاف بعض كتاب الله أو سنة يقطع بها العذر، أو إجماع فإنه يكفر ولا يعذر؛ لأن الشبهة التي يتعلّق بها من هذا ضعيفة لا يقوى قوة يعذر بها؛ لأن ما شهد له أصل من هذه الأصول، فإنه في غاية الوضوح والبيان، فلما كان صاحب هذه المقالة لا يصعب عليه درك الحق، ولا يغمض عنده بعض موضع الحجة لم يعذر في الذهاب عن الحق، بل عمل خلافه في ذلك على أنه عناد وإسرار، ومن تعمد خلاف أصل من هذه الأصول، وكان جاهلًا لم يقصد إليه من طريق العناد فإنّه لا يكفر؛ لأنه لم يقصد اختيار الكفر، ولا رضي به، وقد بلغ جهده، فلم يقع له غير ذلك، وقد أعلم الله سبحانه أنه لا يؤاخذ إلا بعد البيان، ولا يعاقب إلا بعد الإنذار، فقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}. فكل من هداه الله عز وجل ودخل في عقد الإسلام، فإنّه لا يخرج إلى الكفر إلى بعد البيان). وانظر: نواقض الإيمان القولية والعملية للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف (ص 75 - 92)، ونواقض الإيمان الاعتقادية للدكتور محمّد الوهيبي (1/ 27).
(1)
في (ص): (ارتكب)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.
(2)
من قوله: (وأمر كل من ارتكب ذنبا .....)، وإلى قوله:(..... إلى نعيم دار القرار) نقله المؤلف بتصرف من عقيدة السلف (ص 276).
(3)
(الشّيخ) ليست في (ظ) و (ن).
(4)
هو سهل بن محمّد بن سلّيمان بن محمّد العجلي، أبو الطيب الصعلوكي النيسابوري، الفقيه الشافعي، تفقه على والده، وسمع من أبي العباس الأصم. قال الحاكم: هو من أنظر من رأيناه، تخرج به جماعة، وبلغني أنه كان في مجلسه أكثر =
- رحمه الله يقول: (المؤمّن المذنبُ وإن عذِّب بالنار فإنّه لا يُلقى فيها إلقاء الكفار، ولا يَلقى فيها لقاء (1) الكفار (2)، ولا يشقى فيها (3) شقاء الكفار، ولا يبقى فيها بقاء الكفار (4)(5).
قال الشّيخ الإمام (6) أبو عثمان الصابوني رحمه الله تلميذ أبي الطيب الصعلوكي المذكور: (معنى (7) ذلك أن الكافر يُجرُّ (8) على وجهه إلى النّار، ثم يُلقى (9) في النّار منكوساً في السلاسل، والأغلال، والأنكال الثقال.
والمؤمن المذنب إذا ابتُلِيَ بالنار؛ فإنّه يدخل كما يدخل المجرم السجن في الدنيا (10)[على الرِّجْل](11) من غير تنكيسٍ وإلقاءٍ (12).
= من خمسمئة محبرة. قال الذهبي: كان بعض العلماء يعد أبا الطيب المجدد للأمة دينها على رأس الأربعمئة. توفي في رجب سنة 404 هـ.
انظر: طبقات الشّافعيّة للسبكي (4/ 393)، وسير أعلام النبلاء (17/ 207)، والبداية والنهاية (11/ 324).
(1)
في (ن): (إلقاء).
(2)
عبارة: (ولا يلقى فيها لقاء الكفار) ليست في (ظ).
(3)
في (ظ) و (ن): (بها).
(4)
في عقيدة السلف: (المؤمّن المذنب وإن عذب بالنار، فإنه لا يلقى فيها إلقاء الكفار، ولا يبقى فيها بقاء الكفار، ولا يشقى فيها شقاء الكفار).
(5)
نقله المؤلف بالنص من عقيد السلف (ص 276 - 277).
(6)
في (ظ) و (ن): (قال شيخ الإسلام أبو عثمان).
(7)
في عقيدة السلف: (ومعنى).
(8)
في عقيدة السلف: (يسحب).
(9)
في عقيدة السلف: (ويلقى فيها منكوساً).
(10)
في عقيدة السلف: (في الدنيا السجن).
(11)
في (ظ) و (ن) وعقيدة السلف وليست في (ص).
(12)
في عقيدة السلف: (من غير إلقاء وتنكيس).
ومعنى قوله: لا يلقى (1) من النّار لقاء [الكفار](2): أن الكافر يُحرق بدنُه كلُّه، وكلما (3) نضُجَ جلده بدِّل جلداً غيرَه ليذوق العذاب (4). وأما المؤمنون فلا تلفح وجوهَهم النارُ، ولا تحرق أعضاء السجود منهم (5)، وحرم (6) الله على النّار أعضاء سجوده. ومعنى قوله: لا (7) يبقى في النّار بقاء الكفار؛ أن الكافر يخلدُ (8) ولا يخرج منها [أبداً](9)، ولا يخلّد الله من مذنبي المؤمنين في النّار أحداً. وقوله (10): ولا يشقى بالنار شقاء الكفار فمعناه (11): [أن الكفَّار](12) يؤيسون (13) من رحمة الله، ولا (14) يرجون راحة بحالٍ، وأما المؤمنون فلا ينقطع طمعهم من رحمة الله في كل حال. وعاقبة المؤمنين (15) كلهم الجنةُ؛ لأنهم خلقوا
(1) في عقيدة السلف: (لا يلقى في النّار إلقاء الكفار).
(2)
في (ص): (الكافر)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.
(3)
في عقيدة السلف: (كلما) بدون واو.
(4)
بعد قوله (ليذوق العذاب) قال الصابوني في عقيدة السلف: (كما بينه الله في كتابه في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56]).
(5)
في (ظ) و (ن): (منه).
(6)
في عقيدة السلف: (إذ حرم الله).
(7)
في (ظ) و (ن): (ولا).
(8)
في عقيدة السلف: (يخلد فيها).
(9)
في (ظ) و (ن) وعقيدة السلف وليست في (ص).
(10)
في عقيدة السلف: (ومعنى قوله).
(11)
(فمعناه) ليست في عقيدة السلف.
(12)
في (ظ) و (ن) وعقيدة السلف وليست في (ص).
(13)
في عقيدة السلف: (فيها من رحمة الله).
(14)
في (ظ) و (ن): (فلا).
(15)
في (ظ): (وعاقبة المؤمنون)، وهو خطأ.
لها، وخلقت لهم فضلًا من الله ومنةً.
واختلف العلماء من أصحاب الحديث، وغيرهم (1) في ترك المسلمِ صلاةَ الفرضِ متعمّداً، فكفّره بذلك أحمدُ بنُ حنبل (2) وجماعة من [علماء](3) السلف، وأخرجوه [به](4) عن (5) الإسلام) (6)(7)، وبه
(1) في عقيدة السلف: (واختلف أهل الحديث في ترك
…
).
(2)
ممّن ذكر هذا القول عن الإمام أحمد رحمه الله ابن هانئ في مسائل الإمام أحمد (2/ 156)، والخلال في أحكام أهل الملل (ص 209)، والمروزي في تعظيم الصّلاة (2/ 928).
(3)
في (ظ) و (ن) وليست في (ص).
(4)
في (ظ) و (ن) وعقيدة السلف وليست في (ص).
(5)
في عقيدة السلف: (من).
(6)
نقله المؤلف بالنص من عقيد السلف (ص 277 - 279).
(7)
إذا ترك المكلَّف الصّلاة منكراً لوجوبها وجاحداً لها كفر بالاتفاق، أما إن كان معتقداً وجوبها، ولكنه تركها كسلًا حتى خرج الوقت، ففي ذلك خلاف بين أهل العلم على أقوال:
القول الأوّل: أنه كفر بذلك كفراً مخرجاً عن الملة، يقتل إذا لم يتب ولم يصل، وذهب إليه جماعة من السلف، وهو مرويّ عن علي بن أبي طالب، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، وبه قال عبد الله بن المبارك، وإسحاق بن راهويه، وهو قول لبعض أصحاب الشافعي.
القول الثاني: أنه لا يكفر، بل هو فاسق، فإن تاب وإلا قتل حداً، وذهب إليه الإمام مالك والشّافعيّ وكثير من أصحابهما.
القول الثالث: أنه لا يكفر، ولا يقتل، بل يعزر ويحبس حتى يصلّي أو يموت، وذهب إليه أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي.
انظر: نيل الأوطار للشوكاني (1/ 340 - 341)، وكتاب الصّلاة وحكم تاركها لابن القيم (ص 16).
والقول الذي تدل عليه نصوص الكتاب والسنة، والأقرب إلى الصواب هو القول الأول إذ قال بتكفير من تعمد ترك الصّلاة تهاوناً وكسلاً جمع من الصّحابة رضي الله عنهم وكثير =
قال من أصحاب الشافعي منصورُ الفقيه (1)(2) في كتابه: المسور في الفقه (3) رحمهما الله للخبر الصّحيح المعنى (4) المرويِّ في ذلك عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بين العبد وبين (5) الكفر ترك الصّلاة"(6)، وقال صلى الله عليه وسلم:"العهد الذي بيننا وبينهم الصّلاة فمن تركها فقد كفر"(7).
= من أئمة أهل العلم، وممن ذكر ذلك المروزي في تعظيم قدر الصّلاة (2/ 636) حيث قال:(وهذا مذهب جمهور أصحاب الحديث)، وذكره ابن تيمية في الفتاوى (28/ 308) حيث قال:(وهل يُقتل كافراً أو مسلماً أو فاسقاً؟ فيه قولان، وأكثر السلف على أنه يقتل كافراً، وهذا كله مع الإقرار بوجوبها).
انظر: مجموع الفتاوى (22/ 47)، (28/ 359 - 360)، والحموية (ص 445). بتحقيق الدكتور حمد التويجري، ونواقض الإيمان القولية والعملية للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف (ص 450 - 498).
(1)
هو أبو الحسن منصور بن إسماعيل التميمي، المصري، الشافعي، الضرير، كان فقيهاً متصرفاً في علوم كثيرة لم يكن في زمانه في مصر مثله. قرأ على أصحاب الشافعي وأصحاب أصحابه، له مصنفات مليحة في الفقه، منها: الهداية، والسافر، والواجب، والمستعمل، وغيرها. وله شعر مليح، توفي سنة ست وثلاثمئة.
انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (3/ 478)، وطبقات الشافعية للأسنوي (1/ 299) رقم (274)، وسير أعلام النبلاء (14/ 238).
(2)
ذكر الإمام النووي رحمه الله من قال بكفر تارك الصّلاة من أئمة الشافعية، ومنهم منصور الفقيه، في المجموع شرح المهذب (3/ 15).
(3)
هذا الكتاب من الكتب المعتمدة في الفقه الشافعي، وبحثت عنه مطبوعاً أو مخطوطاً فلم أجده، ويبدو أنه مفقود، وكل من ترجم لمنصور الفقيه نسب هذا الكتاب إليه.
(4)
في (ظ) و (ن): (المرضي).
(5)
في (ظ) و (ن): (بين العبد والكفر).
(6)
أخرجه أبو داود في السنة، باب في رد الإرجاء (5/ 58) رقم (4678)، وابن ماجة في إقامة الصّلاة، باب فيمن ترك الصّلاة (1/ 342) رقم (1078).
(7)
أخرجه الترمذي في الإيمان، باب ما جاء في ترك الصّلاة (5/ 15) رقم (2621)، والنسائي في الصّلاة، باب الحكم في تارك الصّلاة (1/ 231)، وابن ماجة في إقامة الصّلاة، باب ما جاء فيمن ترك الصّلاة (1/ 342) رقم (1079)، وأحمد في المسند =
وقال شقيق بن سلمة أبو وائل (1) التابعيّ الإمام الجليل، وأدرك زمان النّبيّ صلى الله عليه وسلم:(ما كان أصحابُ النّبيّ (2) محمّد (3) صلى الله عليه وسلم يعدُّون شيئاً تركُه كفرٌ غير الصّلاة) (4).
= (5/ 346)، وابن أبي شيبة في الإيمان (ص 14) رقم (46) من حديث بريدة بلفظه. قال الترمذي:(هذا حديث حسن صحيح غريب).
وقال الألباني في هامش كتاب الإيمان لابن أبي شيبة (ص 15): (إسناده صحيح على شرط مسلم).
(1)
هو شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي، مخضرم، أدرك النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما رآه. روى عن عمر بن الخطّاب، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم. وروى عنه حبيب بن أبي ثابت، والحكم بن عتيبة. كان من أعلم أهل الكوفة بحديث ابن مسعود. وقال ابن معين: أبو وائل ثقة لا يُسأل عن مثله. وقال الذهبي: كان رأساً في العلم والعمل. توفي سنة 82 هـ.
انظر: طبقات ابن سعد (6/ 96)، وسير أعلام النبلاء (4/ 161)، وتهذيب التهذيب (3/ 649).
(2)
(النّبيّ) ليست في (ن).
(3)
(محمّد) ليست في (ظ).
(4)
أخرجه الترمذي في الإيمان، باب ما جاء في ترك الصّلاة (5/ 15) رقم (2622) من طريق الجريري، عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال:(كان أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصّلاة).
قال الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم (2622): (صحيح)، وكذا في المشكاة رقم (579).
ووصله الحاكم بذكر أبي هريرة فيه، أخرجه في المستدرك (1/ 7) من طريق الجريري، عن عبد الله بن شقيق العقيلي، عن أبي هريرة قال: ...... فذكره بلفظ الترمذي السابق.
تنبيه: قول المؤلف (شقيق بن سلمة) وهمٌ منه، وإنما هو عبد الله بن شقيق العقيلي، والله أعلم.
وعبد الله بن شقيق العقيلي هو أبو عبد الرّحمن، ويقال أبو محمّد البصري، روى عن أبيه على خلاف فيه، وعن عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وعنه محمّد بن سيرين وقتادة. =
وذهب الشافعي وجمهور أصحابه وجماعة من علماء السلف رحمهم الله إلى أنه لا يكفّرُ [بها](1) ما دام يعتقد وجوبها، وإنما يستوجب القتل كما يستوجبه المرتدُّ عن الإسلام.
وتأوّلوا الأحاديث على من ترك الصّلاة جاحداً لها (2)؛ كما أخبر الله تعالى عن يوسف عليه السلام أنَّه قال: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [يوسف: 37](3) ولم يكن تلبّس بكفرٍ، ولكن ترْكه ترْكَ (4) ....................................
= وهو من تابعي أهل البصرة، ثقة في الحديث، وثقه أحمد بن حنبل، وأبو حاتم، وابن معين.
انظر: الجرح والتعديل (5/ 81)، وتهذيب التهذيب (4/ 336).
(1)
في (ص): (به)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.
(2)
الأحاديث الواردة في هذه المسألةُ علقت الكفر بترك الصّلاة، فمناط الحكم بالكفر فيها ترك الصّلاة، وقد يكون هذ الترك جحوداً، أو تهاوناً أو كسلًا. فمن قال إن تارك الصّلاة لا يكفر إلا إذا كان جاحداً لوجوبها، فقد جعل مناط الحكم في هذه المسألةُ غير ما حدده الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم إنّه على هذا التأويل لا فرق بين الصّلاة وغيرها، فلا تكون إقامتها عهداً وحداً يعرف به المسلم من الكافر؛ لأن من ترك شيئاً من شعائر الإسلام وفرائضه الظاهرة جحوداً لوجوبها فهو كافر بالإجماع، فجحد الوجوب لا يختص بالصلاة وحدها، مع أن الصّحابة رضي الله عنهم قد جعلوا ترك الصّلاة هو مناط الكفر دون بقية الأعمال. فعلم من كل هذا أنه لا اعتبار بقول من يخصص الترك بالجحود. وأخرج الخلال في أهل الملل والردة من كتابه الجامع (2/ 535) رقم (1363) قولًا للإمام أحمد في تارك الصّلاة، حيث قال:(لا أعرفه إلا هكذا من ظاهر الحديث، فأمَّا من فسره جحوداً فلا نعرفه).
انظر: مجموع الفتاوى (7/ 614)، والدرر السنية في الأجوبة النجدية (4/ 102)، ونواقض الإيمان القولية والعملية للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف (ص 495 - 496)، وضوابط التكفير للدكتور عبد الله القرني (ص 155 - 156).
(3)
في (ظ) و (ن): بدون قوله تعالى: {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [يوسف: 37].
(4)
في (ظ): (نزل).
جاحدٍ له (1)(2).
(1) من قوله: (وذهب الشافعي
…
)، وإلى: (
…
ترْك جاحدٍ له) نقله المؤلف بتصرف من عقيدة السلف (ص 279).
(2)
قياس المؤلف رحمه الله الترك في آية يوسف بالترك الوارد في الأحاديث الدالة على كفر تارك الصّلاة، قياس مع الفارق، وبالرجوع إلى تفسير هذه الآية نجد أن ابن كثير فسر الترك بالاجتناب والهجر؛ كما في تفسيره (2/ 740)، وبين الشيخ السعدي في تفسيره لهذه الآية (ص 398):(والترك كما يكون للداخل في شيء ثم ينتقل عنه، يكون لمن لم يدخل فيه أصلًا، فلا يقال: إن يوسف كان من قبل على غير ملة إبراهيم).