الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (24)
ونعتقد جواز الجمعة والعيدين وغيرهما خلف كل إمامٍ مسلم، برًّا كان أو فاجراً (1)، (2)، وهذا إذا كان الإمام الخليفة أو السلطان، أما إذا كان الإمام غيرهما فالأولى أن يكون عدلًا، ويكره أن يكون فاسقاً.
والحق في إمامته للمسلمين لا فيها حقٌ للسلطان سوى التولية، ذكر ذلك جماعةٌ من العلماء؛ ولأنه وصلة بين الخلق وخالقهم فالأولى (3) أن يكون عدلاً، وقال صلى الله عليه وسلم:"ليؤمكم خياركم وأكثركم أخذاً للقرآن"(4).
ونعتقد جواز الجهاد للكفار معهم وإن كانوا جورةً فجرةً، وندعوا لهم بالإصلاح، وبسط العدل في الرعية، ولا يجوز الخروج عليهم
(1) في (ظ) و (ن): (فاجرٌ).
(2)
هذه الجملة استفادها المؤلف من عقيدة السلف (ص 294)، حيث قال الصابوني رحمه الله:(ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين، وغيرهما من الصلوات خلف كل إمام مسلم، براً كان أو فاجراً).
(3)
في (ظ) و (ن): (والأولى).
(4)
أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 88)، والطبراني في الكبير (20/ 328) رقم (777)، والحاكم في المستدرك (3/ 222) من حديث أبي مرثد الغنوي بلفظ:"إن سَركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم".
قال الدارقطني: (إسناد غير ثابت).
وضعفه الألباني كما في السلسلة الضعيفة (4/ 303) رقم (1823). وأما طرفه الثاني فيشهد له حديث عمرو بن سلمة عند البخاري في المغازي (8/ 22) رقم (4302) بلفظ: "وليؤمكم أكثركم قرآناً".
بالسيف وإن صدر منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف (1)، ويجوز الخروج عليهم بقول الحق (2)؛ لإعلاء كلمة الله تعالى والصدق، ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبدٌ حبشيٌّ كأن رأسه زبيبة"(3) رواه البخاري.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحبّ وكره إلا أن يُؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"(4) رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال (5) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك"(6) رواه مسلم.
(1) من قوله: (ونعتقد جواز الجهاد
…
) وإلى قوله: (
…
إلى الجور والحيف) نقله المؤلف بتصرف من عقيدة السلف للصابوني (ص 294).
(2)
الصدع بكلمة الحق ومناصحة الأئمة، لا يعتبر خروجاً عليهم؛ لأن ذلك من مقتضى النصيحة لأئمة المسلمين، بل ورغب النبي صلى الله عليه وسلم في أن يؤدي المؤمن النصيحة إلى أئمة الجور وإن خاف منهم الهلاك، وعد ذلك من أفضل الجهاد كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الآتي ذكره إن شاء الله، إلا أن ذلك مشروط بالالتزام بالضوابط الشرعية الأخرى، ومراعاة المصالح والمفاسد والأحوال، وذلك موكول لأهل العلم القادرين على تمييز ذلك والمدركين لمآلاته، والمصنف رحمه الله إنما أراد بقوله هذا؛ بدليل ما سيأتي من كلامه من تفصيل ذلك باعتبار أحوال الأئمة.
(3)
أخرجه البخاري في مواضع، منها كتاب الأذان، باب إمامة العبد والمولى (2/ 184) رقم (693).
(4)
أخرجه البخاري في الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (13/ 121) رقم (7144)، ومسلم في الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية
…
(3/ 1469) رقم (1839) من حديث ابن عمر بلفظه.
(5)
في (ظ) و (ن): (أنه قال).
(6)
أخرجه مسلم في الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية ........ (3/ 1465) رقم (1836) من حديث أبي هريرة بلفظه.
وعن أبي هنيدة وائل بن حجر رضي الله عنه قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفيُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه"، ثم سأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اسمعوا وأطيعوا؛ فإنما عليهم ما حمِّلوا وعليكم ما حملتم" رواه مسلم (1).
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم وبحبونكم، وتصلّون عليهم ويصلّون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم". قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم، قال: "لا ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة (2)(3) رواه مسلم، يصلّون عليهم: يدعون لهم.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الجهاد كلمة عدلٍ عند سلطان جائر" رواه أبو داود والترمذي (4)، (5)، وقال: حديث حسن.
(1) أخرجه مسلم في الإمارة، باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق (3/ 1474) رقم (1846) من حديث وائل بن حجر بلفظه مطولاً.
(2)
في (ظ): لم تكرر جملة (لا ما أقاموا فيكم الصلاة).
(3)
رواه مسلم في الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم (3/ 1481) رقم (1855) من حديث عوف بن مالك بلفظه، وفيه:"أفلا ننابذهم السيف".
(4)
هو أبو عيسى محمد بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك الترمذي. ولد في حدود سنة عشر ومئتين. روى عن قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن حجر وغيرهم. وعنه أبو بكر السمرقندي، وأبو حامد المروزي وغيرهما. وهو صاحب (الجامع) المسمى بـ (السنن)، وكتاب (العلل). كانت وفاته سنة تسع وسبعين ومئتين بترمذ.
انظر: سير أعلام النبلاء (13/ 270)، والبداية والنهاية (11/ 71).
(5)
أخرجه أبو داود في الملاحم، باب الأمر والنهي (4/ 514) رقم (4344)، والترمذي في الفتن، باب ما جاء أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر (4/ 409) رقم (2174) من حديث أبي سعيد الخدري بلفظه. قال الترمذي: (حديث =
فإن كان الإمام الذي هو السلطان الغالب عليه قبول الحق والعمل به ألان له القول، ولم يخرج عليه به، وإن كان جائراً أغلظ له في القول إلا أن يخاف أن يسطو عليه، فيلين له القول، والكتاب العزيز والسنة النبوية تشهد بهذا جميعه (1)، أما الكتاب فقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94] ومعلوم أن الصدع لا يكون غالباً إلا بغلظةٍ.
وقال تعالى لموسى وهارون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: 44]، لما قالا:{إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى} [طه: 45](2).
وأما السنة فيما رويناه عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أهان السلطانَ أهانه الله" رواه الترمذي (3) وقال: حديث حسن.
= حسن غريب من هذا الوجه).
وأخرجه أيضاً ابن ماجه في الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (2/ 1329) رقم (4011)، وأحمد في مسنده (3/ 19)، والحاكم في المستدرك (4/ 505، 506) من حديث أبي سعيد الخدري أيضاً بلفظه، وفي رواية "كلمة حق" بدل "كلمة عدل"، وقال الحاكم:(تفرد بهذه السياقة علي بن زيد بن جدعان القرشي عن أبي نضرة، والشيخان رضي الله عنهما لم يحتجا بعلي بن زيد).
وحسن إسناده الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (1/ 806) رقم (491) بمجموع طريقيه.
(1)
في (ظ) و (ن): (بجميع هذا).
(2)
في (ظ): (إنا) وهذا خطأ.
(3)
أخرجه الترمذي في الفتن، باب ما جاء في الخلفاء (4/ 435) رقم (2224) من حديث أبي بكرة بلفظه عن زياد بن كسيب العدوي قال: كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق، فقال أبو بلال: انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق، فقال أبو بكرة: اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أهان سلطانَ الله في الأرض أهانه الله".
قال الترمذي: (حديث حسن غريب).
ورواه أيضاً أحمد في مسنده (5/ 42)، والطيالسي في مسنده (ص 121) رقم (887)، والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 367)، وابن أبي عاصم في السنة (2/ =