المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل (9) تقدَّم أنه يجب الإيمان بحديث النزول بلا كيفيَّةٍ، وما - الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد

[ابن العطار]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أولاً: أهمية الموضوع، وأسباب اختياره:

- ‌ثانياً: خطة البحث:

- ‌ثالثاً: منهجي في التحقيق والتعليق:

- ‌أولاً: خدمة نصِّ الكتاب:

- ‌ثانياً: منهجي في التعليق:

- ‌ الدَّراسة

- ‌الفصلُ الأول: ترجمة المؤلف

- ‌ تمهيد:

- ‌ عصره:

- ‌أولاً: أهم الملوك:

- ‌ثانياً: أهم الأحداث:

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ أسرته:

- ‌ مولده:

- ‌ نشأته:

- ‌ طلبه للعلم:

- ‌ الرحلة في طلب العلم:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ صفاته وأخلاقه:

- ‌ مكانته العلمية:

- ‌ تدريسه:

- ‌ فتاواه:

- ‌ مؤلفاته:

- ‌1 - اختصار نصيحة أهل الحديث:

- ‌2 - الاعتقاد الخالص من الشك والانتقاد:

- ‌3 - أدب الخطيب:

- ‌4 - تحفة الطالبين في ترجمة الإِمام محيي الدين:

- ‌5 - ترتيب الفتاوى النووية:

- ‌6 - حكم الاحتكار عند غلاء الأسعار:

- ‌7 - حكم البلوى وابتلاء العباد:

- ‌8 - رسالة في أحكام الموتى وغسلهم:

- ‌9 - رسالة في بيان الفرق الضالة:

- ‌10 - رسالة في السماع:

- ‌11 - سؤال عن قوم من أهل البدع يأكلون الحيات والنيران:

- ‌12 - شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ لابن مالك:

- ‌13 - العدة في شرح العمدة:

- ‌14 - فضل الجهاد:

- ‌15 - الفقه في حكم صيام جميع شعبان ورجب:

- ‌16 - مجلس في زيارة القبور:

- ‌17 - مسألة في حكم المكوس:

- ‌18 - معجم الشيوخ:

- ‌19 - الوثائق المجموعة:

- ‌ وفاته:

- ‌الفصل الثاني: دراسة الكتاب

- ‌المبحث الأول: عنوان الكتاب ونسبته لمؤلفه

- ‌المطلب الأول: عنوان الكتاب

- ‌المطلب الثاني: نسبة الكتاب إلى مؤلفه

- ‌المبحث الثاني: مصادر المؤلف فى كتابه

- ‌المبحث الثالث: عرض لأهم قضايا الكتاب

- ‌أولاً: النُّزول:

- ‌ثانياً: الرؤية:

- ‌ثالثاً: مسألة خلق القرآن، واللفظ به:

- ‌رابعاً: الفوقية والعلو:

- ‌خامساً: الإيمان:

- ‌سادساً: القضاء والقدر:

- ‌سابعاً: الحب والبغض في الله:

- ‌ثامناً: الكفر:

- ‌المبحث الرابع: منهج المؤلف فى كتابه

- ‌المبحث الخامس: وصف النُّسخ الخطيَّة

- ‌المطلب الأول: وصف النُّسخ الخطية

- ‌النُّسخة الأولى:

- ‌النُّسخة الثانية:

- ‌النُّسخة الثالثة:

- ‌المطلب الثاني: التملكات والتعليقات

- ‌المطلب الثالث: تقويم المطبوع من الرسالة

- ‌المبحث السَّادس: تقويم الكتاب

- ‌المطلب الأول: مزايا الكتاب

- ‌المطلب الثاني: المآخد على الكتاب

- ‌فصل (1)

- ‌فصل (2)

- ‌فصل (3)

- ‌فصل (4)

- ‌فصل (5)

- ‌فصل (6)

- ‌فصل (7)

- ‌فصل (8)

- ‌فصل (9)

- ‌فصل (10)

- ‌فصل (11)

- ‌فصل (12)

- ‌فصل (13)

- ‌فصل (14)

- ‌فصل (15)

- ‌فصل (16)

- ‌فصل (17)

- ‌فصل (18)

- ‌فصل (19)

- ‌فصل (20)

- ‌فصل (21)

- ‌فصل (22)

- ‌فصل (23)

- ‌فصل (24)

- ‌فصل (25)

- ‌فصل (26)

- ‌فصل (27)

- ‌فصل (28)

- ‌فصل (29)

- ‌فصل (30)

- ‌فصل (31)

- ‌فصل (32)

- ‌فصل (33)

- ‌فصل (34)

- ‌فصل (35)

- ‌فصل (36)

- ‌فصل (37)

- ‌فصل (38)

- ‌فصل (39)

- ‌فصل (40)

- ‌فصل (41)

- ‌فصل (42)

- ‌فصل (43)

- ‌فصل (44)

- ‌فصل (45)

- ‌فصل (46)

- ‌فصل (47)

- ‌فصل (48)

- ‌فصل (49)

- ‌فصل (50)

- ‌فصل (51)

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌ ‌فصل (9) تقدَّم أنه يجب الإيمان بحديث النزول بلا كيفيَّةٍ، وما

‌فصل (9)

تقدَّم أنه يجب الإيمان بحديث النزول بلا كيفيَّةٍ، وما قيل فيه، ويجب تنزيه الربِّ سبحانه عن الانحدار بعد الصعود (1)، وهو حديثٌ

(1) الانحدار من حَدَرَ، ومن معاني حدر الأصلية: الهبوط، تقول: حدرت الشيء؛ إذا أنزلتَه، والحُدور فعل الحادر، ذكر ذلك ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (2/ 32)، وذكر ابن الأثير أيضاً في النهاية في غريب الحديث (1/ 353) أن الهبوط من معاني الحدور، كما ذكر ذلك ابن منظور أيضاً في لسان العرب (4/ 172) وبين أن كل شيء تحدره من علو إلى سفل هو هبوط، والحُدور: الهبوط، وبفتح الحاء (حَدور) المكان ينحدر منه، والانحدار: الانهباط.

وبين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الهبوط من صفات وأفعال الرب سبحانه وتعالى، حيث قال في شرح حديث النزول (ص 202):(وقد تأول قوم من المنتسبين إلى السنة والحديث: حديث النزول وما كان نحوه من النصوص التي فيها فعل الرب اللازم: كالإتيان والمجيء والهبوط، ونحو ذلك). كما بين أيضاً رحمه الله أن فعل الهبوط ورد في بعض روايات حديث النزول، حيث قال في شرح حديث النزول (ص 198):(وفي لفظ: "إذا بقي من الليل ثلثاه يهبط الرب إلى سماء الدنيا")، وهذه الرواية بهذا اللفظ لم أجدها فيما بحثت فيه، ولكن أخرج الدارقطني في النزول (ص 133) من طريق يونس بن إسحاق عن أبيه عن الأغر بن مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما ولفظه:"إن الله عز وجل يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل يهبط إلى هذه السماء ..... " وأخرجه قريباً من لفظه الصابوني في عقيدة السلف (ص 218 - 219)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 498) رقم (766) عن ابن عبّاس موقوفاً بلفظ:(إن الله يمهل في شهر رمضان كل ليلة إذا ذهب الثلث الأوّل هبط إلى سماء الدنيا ....)، وأورد ابن كثير في تفسيره (1/ 373) أثراً عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ =

ص: 199

ثابتٌ في الصحيحين (1) وقد رواه جماعةٌ من طرقٍ كثيراتٍ عن أبي هريرة، وعبادة بن الصامت (2)، ......................

= وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [البقرة: 210]، قال:(يهبط حين يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب). ورى ابن أبي يعلى بسنده في طبقات الحنابلة (1/ 284) عن الإمام الشّافعيّ قوله: (وأنه يهبط كل ليلة إلى سماء الدنيا يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم). وشبيه بهذه العبارة التي أوردها المؤلف رحمه الله ما قاله ابن تيمية في شرح حديث النزول (ص 232) منزهاً الله تبارك وتعالى: (وليس نزوله كنزول أجسام بني آدم من السطح إلى الأرض بحيث يبقى السقف فوقهم، بل الله منزه عن ذلك).

ومقصود المؤلف رحمه الله بهذه العبارة ظاهر من حيث تنزيه الله سبحانه وتعالى، ولكن كان من الأفضل والأليق الإعراض عنها؛ لأنه لم يرد بها نص لا نفياً ولا إثباتاً، والالتزام بما قرره من السكوت حيث سكت النص.

أما لفظ الصعود فقد ورد في بعض روايات حديث النزول، كما عند الدارقطني في النزول (ص 133)، وقد سبق ذكره، وجاء في آخره:" ..... ثم يصعد إلى السماء"، وقال ابن تيمية في شرح حديث النزول (ص 234):(قد روي في عدة أحاديث: "ثم يعرج" وفي لفظ: "ثم يصعد").

(1)

متفق عليه من حديث أبي هريرة، رواه البخاري في الدعوات، باب دعاء نصف الليل (11/ 128 - 129) رقم (6321)، وفي التوحيد، باب قوله تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (13/ 464) رقم (7494)، ومسلم في صلاة المسافرين ..... ، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل (1/ 521) رقم (758) بلفظ:"يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له".

واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم:"ينزل" بدل "يتنزل"، والباقي بلفظه.

(2)

أخرجه الآجري في الشريعة (ص 312)، والصابوني في عقيدة السلف (ص 213) عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل الله تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا؛ حتى يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: ألا عبد من عبادي يدعوني فأستجيب له، ألا ظالم لنفسه يدعوني فأغفر له، ألا مُقتَّر عليه رزقه فيدعوني فأرزقه، ألا مظلوم يذكرني فأنصره، ألا عانٍ يدعوني فأفكّه، قال: فيكون كذلك إلى أن يطلع الصبح، وبعلو على كرسيه".

ص: 200

وجابر بن عبد الله (1)، وعلي بن أبي طالب (2)، وعبد الله بن مسعودٍ (3)، وفضالة بن عبيد عن أبي الدرداء (4)، وعبد الله بن عبّاسٍ (5) وأُمّ المؤمنين عائشة (6)، وأمِّ سلمة (7)، كلُّهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حديثٌ [مشهورٌ](8) صحيحٌ لا [مطعن](9) فيه لا من حيث لفظُه، ولا معناه، بل يجب الإيمان به من غير تفكُّرٍ في معناه، بل حظ المؤمن منه أن يشتغل بطاعة الله تعالى في ذلك الوقت، ودعائه، وسؤاله، واستغفاره سبحانه وتعالى، لا معرفة كيفيَّة النزول.

وفي بعض رواياته عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله

(1) سيأتي تخريجه قريباً - إن شاء الله -.

(2)

أخرج هذا الطريق الدارمي في سننه (1/ 348)، والدارقطني في كتاب النزول (ص 89 - 92)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 438)، وأشار إلى هذا الطريق الصابوني في عقيدة السلف (ص 207).

(3)

أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية (ص 286)، والإمام أحمد في مسنده (1/ 388، 403)، والآجري في الشريعة (ص 312)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 443)، والدارقطني في كتاب النزول (ص 98 - 100)، وأشار إليه الصابوني في عقيدة السلف (ص 208).

(4)

أخرج هذا الطريق الدارمي في الرد على الجهمية (ص 285)، وابن خزيمة في التوحيد (ص 135)، والدارقطني في كتاب النزول (ص 151)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 442)، وأشار إليه الصابوني في عقيدة السلف (ص 209).

(5)

أخرجه موقوفاً ابن أبي عاصم في السنة (ص 224)، والدارمي في الرد على الجهمية (ص 287)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 449)، وأشار إليه الصابوني في عقيدة السلف (ص 210).

(6)

سيأتي - إن شاء الله - تخريجه قريباً.

(7)

سيأتي - إن شاء الله - تخريجه قريباً.

(8)

في (ظ) و (ن) وليست في (ص).

(9)

في (ص): (ينطعن) وما أثبته (ظ) و (ن).

ص: 201

تعالى ينزل إلى (1) السماء الدنيا في ثلث الليل الأخير، فينادي: هل من سائلٍ فأعطيه؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ فلا يبقى شيءٌ فيه الروح إلا علم به إلا الثقلين الجن والإنس، قال: فلذلك تصيح الديوك، وتنهق الحمير، وتنبح الكلاب" (2).

وروى الحسن بن سفيان (3) في مسنده (4) بإسناد صحيح، بروايةٍ عن (5) جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن عشيّة عرفة ينزل الله فيه إلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء ويقول: انظروا إلى عبادي شعثاً (6) غبراً (7) ..........

(1)(إلى) ليست في (ن).

(2)

حديث أبي هريرة في نزول الرب سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا ..... في الصحيحين بنحوه، وتقدم تخريجه قريباً (ص 239) حاشية رقم (1).

وأما آخر الحديث: "فلا يبقى شيء فيه الروح .... " فذكره الصابوني ذكره في عقيدة السلف (ص 211 - 212)، ولم أقف عليه في حديث أبي هريرة بهذا السياق.

(3)

هو الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء، أبو العباس الشيباني الخراساني النسوي، الإمام الحافظ صاحب المسند، ولد سنة بضع وثمانين ومئتين. ارتحل إلى الآفاق، وروى عن أحمد بن حنبل، وإبراهيم بن يوسف. وحدث عنه ابن خزيمة وأبو حاتم بن حبان.

قال الحاكم: كان محدث خراسان في عصره، مقدماً في التثبت، والكثرة، والفهم، والفقه، والأدب. توفي في شهر رمضان سنة 303 هـ.

انظر: الجرح والتعديل (3/ 16)، وطبقات الشافعية للسبكي (3/ 263)، وسير أعلام النبلاء (14/ 157).

(4)

في (ن): (مسند).

(5)

في (ظ) و (ن): (من).

(6)

شعثاً: الشعث (محركة) هو انتشار الأمر أو الشيء، يقولون: لم الله شعثكم، وجمع شعثكم، أي: ما تفرق من أمركم، والأشعث: هو المغبر الرأس. انظر: القاموس المحيط (1/ 168).

(7)

غبراً: هو لون من الألوان، والغبر (محركة) التراب، والغبار كالغبرة بالضم، واغبر =

ص: 202

ضاحين (1)، جاؤوا من كلِّ فجٍّ عميقٍ، أشهدكم أنِّي قد غفرت لهم" (2)(3).

= اليوم اغبراراً: اشتد غباره، وغبّره تغبيراً لطَّخه به، والغبرة بالضم لونه. انظر: القاموس المحيط (2/ 99).

(1)

ضاحين: جمع ضحى، يقال: ضحيت للشمس، أي: برزت لها دون حائل، واعتزلت الظل، ويقال للمحرم: أضح لمن أحرمت له، أي: اظهر واعتزل الظلَّ. انظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 77).

(2)

لعلّ المؤلف نقله من عقيدة السلف (ص 214)، وقد ذكر محقق الكتاب الدكتور ناصر الجديع بأن آخر الحديث غير واضح، وأكمله من صحيح ابن حبّان، وأقول: لعلّ عبارة: (أشهدكم أني قد غفرت لهم)، هي العبارة التي لم تتضح في عقيدة السلف (ص 214) حاشية (6).

(3)

لم أقف على مسند الحسن بن سفيان، حيث إنّه مفقود، وقد جمع الحافظ ابن حجر في المطالب العالية زوائده - أو بعضها - على كتب السنة.

لكن أخرجه ابن حبّان في صحيحه (9/ 164) رقم (3853) عن الحسن بن سفيان، عن محمّد بن عمر بن جبلة، عن محمّد بن مروان، عن هشام الدستوائي، عن أبي الزبير، عن جابر مطولًا نحوه.

وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 263) رقم (2840) من طريق مرزوق، عن أبي الزبير به بلفظ مقارب، وفيه زيادة.

قال ابن خزيمة: (أنا أبرأ من عهدة مرزوق).

ورواه أيضاً من حديث جابر بنحوه البزار كما في كشف الأستار (2/ 28) رقم (1128)، وأبو يعلى في مسنده (4/ 69) رقم (2090) وعندهم في آخره:"ولم يروا رحمتي ولا عذابي، فلم أر يوماً أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة" بدل: "أشهدكم أني غفرت لهم".

قال ابن منده في التوحيد كما في هامش صحيح ابن حبان - بقلم شعيب الأرناؤوط - (9/ 165): (هذا إسناد متصل حسن، من رسم النسائي).

ولم أقف على كلام ابن منده في المطبوع من كتاب التوحيد.

والحديث ذكره الهيثمي في المجمع (3/ 253) وقال: (رواه أبو يعلى وفيه محمّد بن مروان العقيلي، وثقه ابن معين وابن حبّان، وفيه بعض كلام، وبقية رجاله رجال =

ص: 203

وروى الحاكم أبو عبد الله من رواية أمِّ سلمة رضي الله عنها يظنُّ محمّد بن المنكدر (1) الراوي عنها رفعه، [قالت] (2):(نعم اليوم، يومٌ ينزل الله فيه إلى السماء الدنيا، قالوا: وأيُّ يومٍ ذاك (3)؟ قالت: يوم عرفة) (4).

= الصحيح).

والحديث ضعفه الألباني كما في الضعيفة (2/ 125) رقم (679) وقوى إسناده شعيب الأرناؤوط كما في هامش الإحسان (9/ 164).

وهو الراجح عندي إن شاء الله لتصحيح ابن منده له، ويشهد له أيضاً حديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم (2/ 982) رقم (1348)، والنسائي (5/ 251 - 252)، وابن ماجه (2/ 1002) رقم (3014) بلفظ: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء

" الحديث.

(1)

هو محمّد بن المنكدر بن عبد الله الهدير بن عبد العزى، أبو عبد الله التيمي. روى عن أبي هريرة، وعائشة، وأبي أَيّوب، وغيرهم. وروى عنه ابناه يوسف والمنكدر، وعمرو بن دينار، والزهري. كان ثقة، ورعاً عابداً، قليل الحديث.

قال ابن عيينة: كان من معادن الصدق، ويجتمع إليه الصالحون، ولم ندرك أحداً أجدر أن يقبل النَّاس منه إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبِل منه. وقال الذهبي: مجمع على ثقته وتقدمه في العلم والعمل.

انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 127)، وسير أعلام النبلاء (5/ 353)، وتهذيب التهذيب (7/ 444).

(2)

في (ص) و (ظ): (قال)، وفي (ن) ما أثبته.

(3)

في (ظ) و (ن): (ذلك).

(4)

لم أقف عليه عند الحاكم، والمصنف نقل الخبر بواسطة أبي عثمان الصابونى عن الحاكم كما في عقيدة السلف (ص 223). والخبر أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية (ص 85) رقم (137) من طريق عاصم بن أبي النجود قال: قالت أم سلمة .... فذكره.

وأخرجه أيضاً الدارقطني في كتاب النزول (ص 174) رقم (95)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (3/ 450) رقم (768) كلاهما من طريق الأعمش، عن أبي صالح قال: قالت أم سلمة .... فذكره. ورجال إسناده ثقات. =

ص: 204

وفي روايةٍ عن عائشة - رضى الله عنها - عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل الله تعالى في النّصف من شعبان إلى السماء الدنيا ليلًا إلى آخر النهار من الغد، فيعتق من النار بعدد شعر معز كلبٍ (1)، ويكتب الحاجَّ، وينزِّل (2) أرزاق السنة، ولا يترك أحداً إلا غفر له، إلا مشركاً، أو قاطع رحمٍ، أو عاقاً، أو مشاحناً"(3)(4).

= وعلق الخبر ابن بطة في الإبانة (قسم الرد على الجهمية)(3/ 236) رقم (178). والخبر صحيح بمجموع طرقه، وقد رواه جماعة من الصّحابة.

(1)

عدد شعر معز كلب: أي قبيلة بني كلب، وخصهم لأنهم كانوا أكثر غنماً من سائر العرب، وعليه قيل بأن المراد بغفران أكثر عدد من الذنوب المغفورة لأعداد أصحابها.

انظر: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للمباركفوري (3/ 441).

(2)

في (ظ) و (ن): (وتنزل).

(3)

المشاحن: المعادي، والشحناء: العداوة، والتشاحن تفاعلٌ من الشحناء، وهي العداوة، وقيل: المشاحنة: ما دون القتال من السب والتعاير. وقال الأوزاعي - تعليقاً على هذا الحديث كما نقله ابن الأثير -: (أراد بالمشاحن ها هنا صاحب البدعة المفارق لجماعة الأمة). انظر النهاية في غريب الحديث (2/ 449)، ولسان العرب (13/ 234 - 235).

(4)

أخرجه الترمذي في الصوم، باب ما جاء في ليلة النّصف من شعبان (3/ 116) رقم (739)، وابن ماجة في إقامة الصّلاة والسنة فيها (1/ 444) رقم (1389)، وأحمد في المسند (6/ 238) والدارقطني في النزول (ص 89 - 91)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/ 448) من حديث عائشة مرفوعاً بلفظ:"إن الله عز وجل ينزل ليلة النّصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب".

قال الترمذي: (حديث عائشة لا نعرفه إِلَّا من هذا الوجه من حديث الحجاج، وسمعت محمداً - يعني البخاري - يضعف هذا الحديث).

وهذا الحديث قد روي عن جمع من الصّحابة من طرق مختلفة، فقد روي عن أبي بكر وأبي ثعلبة وأبي موسى الأشعري وعبد الله بن عمرو ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم، كما =

ص: 205

قلت: حديث ليلة نصف شعبان ضعيفٌ باتفاق الحفاظ (1)(2)، والله أعلم.

قال الإمام أبو عثمان رحمه الله: ([فلما] (3) صحَّ الخبر في النزول (4) عن الرسول صلى الله عليه وسلم أقرَّ به أهل السنة، وأثبتوه (5)، ولم يعتقدوا تشبيهاً له بنزول الخلق (6)، ولم يبحثوا عن كيفيته؛ إذ لا سبيل إليها بحال) (7).

وقال الحافظ أبو بكر الإسماعيليُّ رحمه الله: (النزول صحَّ الخبر به عن رسول الله (8) صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ

= في السلسلة الصحيحة (3/ 135) رقم (1144)، وذكر الألباني قبل الحكم عليه طرقاً كثيرة، منها: حديث معاذ: "يطّلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن"، وحديث أبي هريرة:"إذا كان ليلة النّصف من شعبان يغفر الله لعباده إلا لمشرك أو مشاحن"، وحديث عائشة الذي مرّ بنا قريباً في هذه الإحالة، ولذا قال الألباني في الصحيحة (3/ 138) بعد ما ساق هذه الطرق بهذه الألفاظ:(وجملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب)، فحكمه بالصحة كان على هذه الأحاديث التي ذكرها بمجموع طرقها وألفاظها.

(1)

في (ظ): (الحافظ).

(2)

قول المؤلف رحمه الله بأن حديث ليلة النّصف من شعبان ضعيف باتفاق الحفاظ، فيه نظر، فالحديث محل خلاف بين العلماء.

(3)

في (ص): (لما)، وفي (ظ) و (ن) وعقيدة السلف ما أثبته.

(4)

في عقيدة السلف: (فلما صح خبر النزول).

(5)

في عقيدة السلف: (أقر به أهل السنة، وقبلوا الخبر، وأثبتوا النزول، على ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يعقدوا

).

(6)

في عقيدة السلف: (خلقه).

(7)

نقله المؤلف بالنص من عقيدة السلف (ص 232).

(8)

في عقيدة السلف: (إن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا، على ما صح به الخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله).

ص: 206

اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210]، وقال تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22]، فتؤمن (1) بذلك كلِّه، على ما جاء بلا كيفٍ، فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيفية ذلك فعل، فانتهينا إلى ما أحكمه، وكففنا عن الذي يتشابه؛ إذ كنا قد أُمرنا به، قال (2) الله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7](3).

قال الشّيخ أبو عثمان رحمه الله: (فأصحاب الحديث يؤمنون بالمحكم (4) والمتشابه (5)، ............................

(1) في عقيدة السلف: (ونؤمن).

(2)

في عقيدة السلف: (في قوله عز وجل).

(3)

نقله المؤلف بالنص من عقيدة السلف (ص 192)، أما قول الحافظ أبي بكر الإسماعيلي فلم أجده في رسالته (اعتقاد أهل السنة).

(4)

المحكم في اللغة: مأخوذ من الإحكام، وهو: إتقان الشي وإحسانه. وفي الاصطلاح: البين الواضح المعنى الظاهر الدلالة، إمّا باعتبار نفسه، أو باعتبار غيره، ومثاله قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 110]، وكذلك آيات الصفات وأحاديثها، فهي من المحكم الواضح البين المعنى.

انظر: لسان العرب (12/ 140 - 144) ومجموع الفتاوى (3/ 60 - 62)، (13/ 172)، ومنهج الاستدلال لعثمان علي حسن (2/ 472 - 477)، والتعريفات الاعتقادية لسعد العبد اللطيف (ص 290).

(5)

المتشابه في اللغة: الشبه والشبيه: المثيل والنظير، ومنه قوله تعالى:{وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} [الأنعام: 141]، والمشتبهات من الأمور: المشكلات، واشتبه الأمر: اختلط.

وفي الاصطلاح: هو ما احتمل عدة أوجه، وقيل كل ما غمض ودق معناه، ويحتاج إلى تفكر وتأمل، واحتمل معاني كثيرة، وقيل: ما كان غير معقول المعنى، وقيل: ما =

ص: 207

وينتهون في المتشابه إلى الإيمان به والعلم بأنه من عند الله، لا ينازعون فيه ولا يمارون) (1).

= استأثر الله بعلمه.

انظر: لسان العرب (13/ 503 - 505)، ومجموع الفتاوى (3/ 60 - 62)، ومنهج الاستدلال لعثمان علي حسن (2/ 473 - 477)، والتعريفات الاعتقادية لسعد العبد اللطيف (ص 290 - 291).

(1)

قول الإمام أبي عثمان الصابوني: لم أجده في عقيدة السلف المطبوعة، وأرجح أن يكون هذا القول في نسخة عقيدة السلف التي كانت بحوزة المؤلف - ابن العطار - بدليل أنه أتى به كتعليق من الصابوني على قول الإمام أبي بكر الإسماعيلي الآنف الذكر؛ الذي ساقه الصابوني في كتابه عقيدة السلف (ص 192)، خاصة وأن ابن العطار يكثر في كتابه هذا النقل من كتاب الصابوني، والله أعلم.

ص: 208

قاعدة

العلم علمان: علم في الخلق موجودٌ، وعلمٌ فيهم مفقودٌ، فعلم القدر [وسرُّه](1) في خلقه مفقودٌ طواه الله تعالى عن الخلق، لم يطّلع عليه ملَكٌ مقربٌ، ولا نبيٌّ مرسلٌ، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} ، [الأنبياء: 23]، فمن سأل لم فعل؟ فقد ردَّ حكم الكتاب، واستحق العقاب، ومن ادعى العلم المفقود فقد كفر، ومن أنكر العلم الموجود فقد كفر، لا يصحُّ الإيمان إِلَّا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود (2).

فإذا كان هذا فيما يتعلّق بالقدر والصفات، فالحذر كلَّ الحذر ممّن يطلب معرفة علم الذات أو يتعرض [لذلك](3)!، فنعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات (4) أعمالنا، والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.

(1) في (ص): (وسيره)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

(2)

من قوله: (العلم علمان: .....) وإلى: (.... وترك طلب العلم المفقود) استفاده المؤلف من متن العقيدة الطحاوية (ص 12).

(3)

في (ص): (للملك)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

(4)

في (ظ) و (ن): (وسيئات) دون (من).

ص: 209