الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبةُ الثانية:
الحمدُ لله يُعِزُّ من يشاءُ بالطاعةِ والاستقامة، ويُذِلُّ من يشاءُ بالمعصية والرذيلة، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، ومن يُهِنِ اللهُ فما له من مُكرِم، ومن يهدِ اللهُ فهو المهتدي وهو الموفَّق، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه دعا إلى الحنيفيّةِ السَّمْحة فهدى اللهُ به قلوبًا غُلْفًا، وأسمعَ اللهُ به آذانًا صُمًّا .. اللهم صلِّ وسلِّمْ عليه وعلى سائرِ الأنبياء والمرسلين.
عبادَ الله: ومن الصعوباتِ والمعوِّقات التي تواجه المسلمين في ألبانيا:
4 -
الفقرُ والبطالة، والفقرُ كادَ أن يكون كفرًا، وهو ظاهرٌ لمن تأمَّلَ في ألبانيا، وتزيدُ البطالةُ من شدةِ الحال، وهذه وتلك تزيدُ من مشكلاتِ المسلمين في ألبانيا، وتُسهِمُ بشكلٍ أو بآخرَ في الفسادِ والانحراف.
5 -
والهجرةُ من ألبانيا- ولاسيما في أوساطِ الشباب - للدولِ الكافرة المجاورةِ للبحث عن العمل، هي الأخرى إشكاليةٌ وتحدٍّ ضدَّ الشعبِ الألباني، ولاشكَّ أن لهذه الهجرةِ مخاطرَها في تردِّي الأخلاقِ وانحرافِ الأفكار.
6 -
ويواجه الشبابُ المتديِّنُ والشاباتُ الملتزمات، وهم وهنَّ قليلٌ بالنسبة لغيرهم، تحدٍّ من أهلِيهم والأبعدِينَ لالتزامِهم وقيامِهم بأمر الإسلام، ولربما قيل لهم جهلًا أو تجاهلًا -: وما هذا الدينُ الذي أَتيتُم به؟ وحتى لو لم يُقَلْ لهم شيءٌ، فلك أن تتصوَّرَ وضعَ شابٍّ أو شابةٍ يعيشُ بين أبوينِ لا يُصليِّان ويشربانِ الخمرَ حتى يَثمَلا! ولا تسألْ عن التفريطِ في الواجباتِ الأخرى أو ارتكاب محرَّمات أخرى، ومع ذلك فالحقُّ يقال: إن هؤلاءِ الشبابَ صابرون ومحتسِبون على ما يلقَوْنَ، زادهم اللهُ ثباتَا وهدى، وفتحَ على قلوب أهلِيهم وهداهم للهُدى .. وبفضلِ الله ثم بجهودِ هؤلاءِ الشباب لم تعدِ اللحيةُ مستغربةً، ولم يَعُدِ
الحجابُ معدومًا وإن كانت هذه وتلك لا تمثِّلُ إلا أقليةً وسطَ جموعِ شاردةٍ غافلة.
إخوةَ الإسلام: هذه من أبرزِ الصعوباتِ والمعوِّقات التي تواجهُ المسلمين في ألبانيا -وقد يكون هناك غيرُها- ولكن ما الحلُّ .. وكيف يُسهِمُ المسلمون في تذليلِها أو بعضِها؟ والإجابةُ عبر النِّقاط والمقترَحات التالية:
1 -
شعورُ المسلمين عمومًا -حكومات وأفرادًا، العلماءَ والدعاة، والأغنياءَ- بأوضاعِ المسلمين هناك، ومدُّ يدِ العونِ لهم، وكلٌّ على حسبِ قُدرتِه، ولا ينبغي أن يكون النصارى أسرعَ في النجدةِ والمساعدةِ من المسلمين، وهل تعلمُ أن كفالةَ اليتيم في ألبانيا لمدةِ شهرٍ بخمسٍ وعشرين دولارًا، وهل تعلمُ أن الدعوةَ تُقدَّم لليتيم مع الإطعام وبالمبلغِ نفسِه فهنالك مؤسساتٌ إسلاميةٌ ودعاةٌ إلى الله يقومون بكفالةِ الأيتام ودعوتِهم وتعليمِهم الخيرَ؟
2 -
الإكثار من عقدِ الدَّوراتِ الشرعيةِ والملتَقَيات النافعةِ بالمسلمين والألبانِ عمومًا، وبالشباب المتديِّنِ على وجهِ الخصوص، فتلك ترفعُ من معنويَّاتِهم، وتفقِّهُهم في دينِ الله وتزيدُ من جهدِهم وعطائِهم بإذن الله.
3 -
بناءُ المساجدِ حتى يستطيعَ المسلمون إقامةَ الصلاةِ جماعةً، وقد عَلِمْنا أن قرىً بل مدنًا بأكملِها لا يوجدُ فيها مسجدٌ واحد.
4 -
كفالةُ الأئمةِ والدعاةِ إلى الله، فهناك مَن لديهِ استعدادٌ للدعوةِ لكن قد يشغلُه البحثُ عن المعاشِ له أو لمن يَعُولُ عن الدعوةِ إلى الله، ولو وُجِدَ من يَكفُلُهم لتفرَّغُوا للدعوة، وهل تعلمُ أن المبلغَ الذي يُكفَل به الداعيةُ -ذكرًا كان أم أنثى- مائةُ دولار شهريًا تقريبًا، ومن جهَّز غازيًا فقد غزا، والجهادُ بالمال لا يقلُّ أهميةً عن الجهادِ بالنفس.
5 -
إقامةُ المشاريع الدَّعويةِ ذات الجوانب الإغاثيةِ، فهذه تستقطبُ عددًا من المسلمين لفقرِهم وحاجتِهم، ومن يُطعِمُ يستطيعُ أن يعلِّمَ ويدعوَ.
6 -
بعثُ الدعاةِ للإقامةِ هناك للدعوةِ وتعليمِ الخير، وكم من طاقةٍ معطَّلةٍ وفي بلادِ المسلمين حاجةٌ إليها، وأيُّ قَدْرٍ من العِلْم والدعوةِ يكفي هناك، إذِ المسلمون محتاجون إلى شيءٍ يُقدَّمُ لهم.
7 -
استقطابُ عددٍ من أبناءِ المسلمين الألبانِ إلى بلادِ المسلمين على هيئة مِنَحٍ دراسية يتعلَّمون العربيةَ والعلومَ الشرعية ثم يعودون إلى بلادِهم دعاةً إلى اللهِ على بصيرة، وأئمةً في المساجدِ، ومُفتِين .. وهكذا وللحقِّ فإنَّ لبلادِ الحرمين وللجامعةِ الإسلامية بالذاتِ والجامعات الأخرى سهمًا واضحًا، وأثرًا ملموسًا يراه الزائرُ رأْي العينِ. ولِما رأيناهُ من أثرٍ ندعو للمزيدِ، فالحاجةُ لا تزالُ قائمةً.
8 -
فتحُ مدارسَ للبنين تزاحمُ مدارسَ النصارى، وأُخرى للبناتِ تُحافظُ على الحِشْمة وتمنعُ الاختلاط .. وهذه وتلك من أنفعِ الوسائلِ إذا أُحسِنَ اختيارُ المعلِّمين والمناهجِ، واستمرَّت متابعةُ المتخرِّجين وتوظيفِهم.
9 -
دعمُ المؤسساتِ الإسلاميةِ الألبانيةِ العاملةِ هناك، وهي أحوجُ ما تكونُ للدعمِ والمساندة .. والفرقُ كبيرٌ بين إمكاناتِها ودعمِها وبينَ المؤسساتِ التنصيرية.
10 -
وحيث تقومُ اليومَ عددٌ من المؤسَّسات والهيئاتِ الإسلاميةِ من خارج ألبانيا بالدعوةِ هناك، ولها أثرٌ واضحٌ وللدعاة فيها جهدٌ مشكورٌ، فهذه كذلك تستحقُّ الدعمَ والمساندة .. ومن أبرزِها مؤسسةُ الوَقْف الإسلامي، وهناك مؤسساتٌ غيرُها تُذكَر وتُشكَر وليس المجالُ حصرًا لشيءٍ منها.
11 -
وللإعلامِ دورٌ كبيرٌ في نقلِ الصورة، وعلى الإعلاميين كِفلٌ كبيرٌ من
المسؤولية .. وذلك عبرَ الخبرِ والتحليلِ الصحفيِّ، والبرنامجِ الإذاعي، والقنواتِ المرئية .. فكلُّ ذلك يُسهِم في توعيةِ المسلمين في ألبانيا وينقلُ أخبارَهم، ويقدِّم الحلولَ لمشاكلهم.
12 -
كما يُسْهِمُ في التوعيةِ هناك وجودُ مطبعةٍ تُسهِم في نشرِ تعاليم الإسلام عبرَ الكتاب والمجلَّة ونحوها.
إن هذه الخطواتِ الإعلاميةَ ونظائرَها لو عُنِيَ المسلمون بها ووفَّروها لإخوانِهم في ألبانيا -لكان ذلك نافعًا ومؤثِّرًا بإذن الله لا على مستوى ألبانيا وحدَها، بل على مستوى البلقانِ كلِّها .. وعسى اللهُ أن يهيئَ للمسلمينَ مِن أمرِهم رُشدًا.
عبادَ الله: تِلكُم جولةٌ سريعةٌ في أرضِ ألبانيا بأوضاعِها واحتياجاتِها والمقترَحات حيالَها -أسألُ الله أن ينفعَ بها، وللحديثِ بقيةٌ إن شاءَ الله في موقعٍ آخر .. وعن حالةٍ أُخرى أَستكملُها في الخطبةِ القادمةِ بإذن الله تعالى.
اللهم اجمعْ كلمةَ المسلمين على الحقِّ والدِّين، وكلِّلْ جهودَ الدعاةِ والعاملين بالتوفيقِ والسَّداد، واخلُفْ على المتقينَ وأَغنِ فقراءَ المسلمين من فضلِك يا ربَّ العالمين.