الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
834 - عبد الله بن مُحَمَّد بن هبة الله بن عَليّ بن المطهر بن أبي عصرون ابْن أبي السّري
القَاضِي الإِمَام أَبُو سعد التَّمِيمِي الْموصِلِي قَاضِي الْقُضَاة الشَّيْخ شرف الدّين
نزيل دمشق وقاضي الْقُضَاة بهَا وعالمها ورئيسها
مولده فِي شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة
تفقه أَولا على القَاضِي المرتضى ابْن الشهرزوري وَأبي عبد الله الْحُسَيْن بن خَمِيس الْموصِلِي وتلقن على الْمُسلم السرُوجِي
وَقَرَأَ بِبَغْدَاد بالسبع على أبي عبد الله الْحُسَيْن بن مُحَمَّد البارع وبالعشر على أبي بكر المزرقي ودعوان وسبط الْخياط
وَتوجه إِلَى وَاسِط فتفقه بهَا على القَاضِي أبي عَليّ الفارقي ولازمه وَعرف بِهِ وعلق بِبَغْدَاد عَن أسعد الميهني وَأخذ الْأُصُول عَن أبي الْفَتْح بن برهَان وَسمع من أبي الْقَاسِم
ابْن الْحصين وَأبي البركات ابْن البُخَارِيّ وَإِسْمَاعِيل بن أبي صَالح الْمُؤَذّن وَسمع قَدِيما فِي سنة ثَمَان وَخَمْسمِائة من أبي الْحسن بن طوق
روى عَنهُ أَبُو الْقَاسِم بن صصري وَأَبُو نصر ابْن الشِّيرَازِيّ وَأَبُو مُحَمَّد بن قدامَة وَخلق آخِرهم موتا الْعِمَاد أَبُو بكر عبد الله بن النّحاس وَعَاد من بَغْدَاد إِلَى بَلَده الْموصل بِعلم كثير فدرس بالموصل سنة ثَلَاث وَعشْرين وَخَمْسمِائة ثمَّ أَقَامَ بسنجار مُدَّة وَدخل حلب فِي سنة خمس وَأَرْبَعين ودرس بهَا وَأَقْبل عَلَيْهِ صَاحبهَا إِذْ ذَاك الْملك نور الدّين الشَّهِيد فَلَمَّا انْتقل إِلَى دمشق سنة تسع وَأَرْبَعين استصحبه مَعَه ودرس بالغزالية وَولى نظر الْأَوْقَاف ثمَّ ارتحل إِلَى حلب ثمَّ ولى قَضَاء سنجار وحران وديار ربيعَة وتفقه عَلَيْهِ هُنَاكَ خلائق ثمَّ عَاد إِلَى دمشق فِي سنة سبعين فولى بهَا الْقَضَاء سنة ثَلَاث وَسبعين وعظمت رياسته ومكانته ونفذت كَلمته وَألقى بهَا عَصا السّفر وَاسْتقر مستوطنا
وَكَانَ من أَعْيَان الْأمة وأعلامها عَارِفًا بِالْمذهبِ وَالْأُصُول وَالْخلاف مشارا إِلَيْهِ فِي تحقيقات الْفِقْه دينا خيرا متواضعا سعيد الطلعة مَيْمُون النقيبة مَلأ الْبِلَاد تصانيف وتلامذة وَعنهُ أَخذ الْفِقْه شيخ الْإِسْلَام فَخر الدّين ابْن عَسَاكِر وَغَيره وَبنى لَهُ الْملك نور الدّين الْمدَارِس بحلب وحماة وحمص وبعلبك وَبنى هُوَ لنَفسِهِ مدرستين بِدِمَشْق وبحلب
وَمن تصانيفه صفوة الْمَذْهَب على نِهَايَة الْمطلب فِي سبع مجلدات وَكتاب الِانْتِصَار فِي أَربع مجلدات وَكتاب المرشد فِي مجلدين وَكتاب الذريعة فِي معرفَة
الشَّرِيعَة وَكتاب التَّيْسِير فِي الْخلاف وَكتاب مَأْخَذ النّظر ومختصر فِي الْفَرَائِض وَله كتاب الْإِرْشَاد فِي نصْرَة الْمَذْهَب لم يكمله وَذهب فِيمَا نهب لَهُ بحلب وَله أَيْضا فَوَائِد الْمَذْهَب والتنبيه فِي معرفَة الْأَحْكَام وَكتاب الْمُوَافق والمخالف مذعنا لدينِهِ وورعه وسعة علمه وَكَثْرَة رياسته وسؤدده
قَالَ شَيخنَا الذَّهَبِيّ وَقد سُئِلَ عَنهُ الشَّيْخ الْمُوفق فَقَالَ كَانَ إِمَام أَصْحَاب الشَّافِعِي فِي عصره وَكَانَ يذكر الدَّرْس فِي زَاوِيَة الدولعي وَيُصلي صَلَاة حَسَنَة وَيتم الرُّكُوع وَالسُّجُود ثمَّ تولى الْقَضَاء فِي آخر عمره وَعمي وَسَمعنَا درسه مَعَ أخي أبي عمر وانقطعنا عَنهُ فَسمِعت أخي يَقُول دخلت عَلَيْهِ بعد انقطاعنا فَقَالَ لم انقطعتم عني فَقلت إِن أُنَاسًا يَقُولُونَ إِنَّك أشعري فَقَالَ وَالله مَا أَنا بأشعري هَذَا معنى الْحِكَايَة
انْتهى كَلَام الذَّهَبِيّ نقلته من خطه وأخشى أَن تكون الْحِكَايَة مَوْضُوعَة للْقطع بِأَن ابْن أبي عصرون أشعري العقيدة وَغَلَبَة الظَّن بِأَن أَبَا عمر لَا يجتريء أَن يذكر هَذَا القَوْل وَلَا أحد يتجرأ فِي ذَلِك الزَّمَان على إِنْكَار مَذْهَب الْأَشْعَرِيّ لِأَنَّهُ جادة الطَّرِيق وَلَا أَظن أَن ابْن أبي عصرون يفتخر إِذْ ذَاك بهما ويعاتبهما على الِانْقِطَاع وَلَيْسَ فِي الْحِكَايَة من قَوْله فَسمِعت أخي إِلَى آخرهَا مَا يقرب عِنْدِي صِحَّته غير أَنَّهُمَا انقطعا عَنهُ لكَونه مُخَالفا لَهما فِي العقيدة وَالله يعلم سَبَب الِانْقِطَاع
وَكَانَ الْمُوفق وَأَبُو عمر من أهل الْعلم وَالدّين لَا ننكر ذَلِك وَلَا ندفعه وَإِنَّمَا ننكر وندفع من شَيخنَا تعرضه كل وَقت لذكر العقائد وفتحه لأبواب مقفلة وَكَلَامه فِيمَا لَا يدريه وَكَانَ السُّكُوت عَن مثل هَذَا خيرا لَهُ فِي قَبره وآخرته وَلَكِن إِذا أَرَادَ الله أمرا بلغه