الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من دفع القطيعة وَالْأسَارَى وَسَيِّدنَا الشَّيْخ أول من جرد لِسَانه الَّذِي تغمد لَهُ السيوف وتجرد
وَلما بَالغ صَلَاح الدّين فِي توبيخ الْأُمَرَاء وَكَانَ ابْن الْمُقدم أكبر أُمَرَاء دمشق خشى من قدوم صَلَاح الدّين إِلَى الشَّام وأشاع أَن صَلَاح الدّين يُرِيد انتزاع دمشق من ولد مخدومه نور الدّين وَكتب إِلَى صَلَاح الدّين لَا يُقَال عَنْك إِنَّك طمعت فِي بَيت من غرسك ورباك وأسسك وَفِي دست ملك مصر أجلسك ثمَّ تعطف لَهُ وترفق وَيَقُول وَمَا يَلِيق بحالك غير فضلك واتصالك
فَكتب إِلَيْهِ صَلَاح الدّين إِنَّا لَا نؤثر لِلْإِسْلَامِ وَأَهله إِلَّا مَا جمع شملهم وَألف كلمتهم وَلَا نَخْتَار للبيت الأتابكي أَعْلَاهُ الله إِلَّا مَا حفظ أَصله وفرعه فالوفاء إِنَّمَا يكون بعد الْوَفَاة وَنحن فِي وَاد والظانون بِنَا سوء الظَّن فِي وَاد
ثمَّ دخلت سنة سبعين وَخَمْسمِائة
وَقد تزايد طمع الفرنج فِي دمشق بِمَوْت نور الدّين فَرَأى صَلَاح الدّين من الحزم جمع الْمُسلمين على سُلْطَان وَاحِد يُقيم الْملَّة وينصر الشَّرِيعَة وَإنَّهُ ذَلِك الْوَاحِد الَّذِي تعقد عَلَيْهِ الخناصر وَأَن الْإِسْلَام مُحْتَاج إِلَيْهِ وَصَارَ الحاسدون والجاهلون بِأَحْكَام الشَّرِيعَة يعيبون مِنْهُ قَصده لأخذ دمشق وَيَقُولُونَ كَيفَ يسلب ولد أستاذه نعْمَته وَينْزع ملكه وهم كَمَا قَالَ فِي وَاد فَإِنَّهُ فِيمَا يغلب على الظنون الصادقة إِنَّمَا قصد لم شعث
الْإِسْلَام وَقيام الدّين وَظهر ذَلِك على يَده من بعد فَخرج من مصر بجيوش لَا يُحْصى عَددهَا واستخلف أَخَاهُ الْملك الْعَادِل نَائِبا بهَا وَوصل إِلَى بصرى رَابِع عشري ربيع الآخر فَخرج إِلَيْهِ صَاحبهَا منقادا لخدمته ثمَّ تتَابع عَسْكَر الشَّام ملاقين مستبشرين وَنزل بجسر الْخشب فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين وَقد تكاثرت العساكر وازدحم الملاقون وَأصْبح لدُخُول دمشق فعارضه عدد من الرِّجَال فدعستهم عساكره المنصورة وصدمتهم خيوله وعزماته الْمَأْمُورَة وَدخل الْبَلَد وملكها بِلَا قتال ونادى من سَاعَته بإطابة النُّفُوس وَإِزَالَة المكوس وَكَانَت الْولَايَة فِي دمشق قد ساءت والمكوس الَّتِي رَفعهَا نور الدّين قد أُعِيدَت فَأَعَادَ صَلَاح الدّين الْحق إِلَى نصابه وَصَارَت دمشق مثل مصر وَكِلَاهُمَا فِي مَمْلَكَته
ثمَّ خرج إِلَى حمص فنازلها وَنصب المجانيق على قلعتها وَلم يملكهَا وترحل عَنْهَا إِلَى حماة فملكها فِي جُمَادَى الْآخِرَة ثمَّ سَار إِلَى حلب وحاصرها إِلَى آخر الشَّهْر وَبهَا الصَّالح إِسْمَاعِيل ولد نور الدّين وَاشْتَدَّ بهَا الْحصار وَهَذِه هِيَ الفعلة الَّتِي نقمت على صَلَاح الدّين فَالله أعلم بنيته وَأَنه أَسَاءَ الْعشْرَة فِي حق الصَّالح ابْن نور الدّين بِحَيْثُ اسْتَعَانَ الصَّالح عَلَيْهِ بالباطنية وَوَعدهمْ بالأموال فَقتلُوا من أُمَرَاء صَلَاح الدّين الْأَمِير خمارتكين وخلقا وجرحوا صَلَاح الدّين ثمَّ أمسكهم وقتلهم عَن آخِرهم وَرجع إِلَى حمص فحاصرها بَقِيَّة رَجَب وتسلمها بالأمان فِي شعْبَان ثمَّ عطف إِلَى بعلبك فاستلمها ثمَّ رد إِلَى حمص وَقد اجْتمع عَسْكَر حلب وَكَتَبُوا إِلَى صَاحب الْموصل يستعينون بِهِ على صَلَاح الدّين فَجهز إِلَيْهِم جَيْشه وأمدهم بأَخيه عز الدّين مَسْعُود بن مودود بن زنكي فَأقبل الْكل إِلَى حماة وَقد اسْتَقَرَّتْ لصلاح الدّين فحاصروها فَسَار إِلَيْهِم صَلَاح الدّين