الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَخرج من بَغْدَاد إِلَى بِلَاد الرّوم ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد وولاه الإِمَام النَّاصِر لدين الله أَمِير الْمُؤمنِينَ الْقَضَاء وخوطب بأقضى الْقُضَاة ولميزل على ذَلِك إِلَى أَن توفّي قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْحسن الدَّامغَانِي فقلد ابْن البُخَارِيّ قَاضِي الْقُضَاة وخلع عَلَيْهِ وقرىء عَهده بالجوامع وناب فِي الوزارة
توفّي فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخَمْسمِائة
قلت هَذَا كَلَام ابْن النجار وَهُوَ يدل على أَن اسْم قَاضِي الْقُضَاة فِي الِاصْطِلَاح من ذَلِك الزَّمَان أكبر من اسْم أقضى الْقُضَاة كَمَا هُوَ الْيَوْم وَفِي ذهن كثير من النَّاس أَنه كَانَ يَنْبَغِي أَن يعكس هَذَا الِاصْطِلَاح فَإِن أقضى الْقُضَاة أبلغ من قَاضِي الْقُضَاة لما فِيهَا من أفعل التَّفْضِيل وَكتب أسمع الشَّيْخ الإِمَام يخطىء من يَقُول هَذَا وَيَقُول بل لفظ قَاضِي الْقُضَاة أبلغ فَإِن لفظ الأقضى وَإِن دلّ على كَونه أَشد قَضَاء فَفِي لفظ قَاضِي الْقُضَاة مَا يدل على ذَلِك من جِهَة أَنه قَاض على كل قَاض وَلَا كَذَلِك أقضى الْقُضَاة إِذْ لَيْسَ فِيهِ مَا يدل على أَنه قَاض على كل قَاض وَإِذا كَانَ قَاضِيا على كل قَاض كَانَ أَشد قَضَاء وَزِيَادَة أَن لَهُ الْقَضَاء عَلَيْهِم فوضح أَن لفظ قَاضِي الْقُضَاة يدل على مَا دلّ عَلَيْهِ أقضى الْقُضَاة وَزِيَادَة وَأَن مصطلح النَّاس هُوَ الصَّوَاب الَّذِي يدل لَهُ وضع اللَّفْظ
928 - عَليّ بن الْقَاسِم بن المظفر بن عَليّ بن الشهرزوري من أهل الْموصل
سمع بِبَغْدَاد أَبَا غَالب مُحَمَّد بن الْحسن الباقلاني وَغَيره وَولى قَضَاء وَاسِط ثمَّ قَضَاء الْموصل والبلاد الجزيرية والشامية
توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة
وَرَأَيْت فِي بعض المجاميع الْمَكْتُوبَة فِي حُدُود سنة تسعين وَخَمْسمِائة مَا نَصه إِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته أَنْت طَالِق على سَائِر الْمذَاهب فللكلام هَذَا أَرْبَعَة احتمالات
أَحدهَا أَن يَقُول أردْت إِيقَاع الطَّلَاق ناجزا فِي الْحَال وَقَوْلِي على سَائِر الْمذَاهب جرى على لساني من غير قصد أَو قصدته وَلَكِنِّي أفهم مِنْهُ تَنْجِيز الطَّلَاق والوقوع
الثَّانِي أَن يَقُول أردْت إِيقَاع الطَّلَاق ناجزا وَأَرَدْت بِهَذِهِ الزِّيَادَة وُقُوع الطَّلَاق على أَي مَذْهَب اقتضي وُقُوعه فَفِي هذَيْن الِاحْتِمَالَيْنِ يَقع الطَّلَاق ناجزا وَتبين بِهِ وَهُوَ كَمَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِن كلمت زيدا وَقَالَ لم أرد التَّعْلِيق بالصيغة وَإِنَّمَا سبق إِلَيْهِ لساني من غير قصد فَإِنَّهُ يَقع الثَّلَاث كَذَلِك هَاهُنَا
وَالثَّالِث أَن يَقُول قصدت إِيقَاع طَلَاق بِوَجْه يتَّفق النَّاس على وُقُوعه أَو على وَجه لَا يخْتَلف النَّاس فِيهِ وَظَاهر الصِّيغَة اقْتضى أَن هَذَا الْقَصْد أقوى فَإِن أَرَادَ عِنْد تلفظه بذلك امْتنع وُقُوع الثَّلَاث لِأَن قَوْله على سَائِر الْمذَاهب فِيهِ معنى الشَّرْط لم يَقع وَإِذا لم يُوجد الشَّرْط لم يَقع
وَالرَّابِع أَن يَقُول تلفظت بذلك مُطلقًا وَلم يقْتَرن لي بِهِ قصد إِلَى شَيْء لَا إيقاعا فِي الْحَال وَلَا شرطا فِي الْوُقُوع فَمَا الَّذِي يلْزمه فِيهِ فَهُنَا يحْتَمل إِيقَاع الثَّلَاث فِي الْحَال وَيحْتَمل أَن لَا يَقع الطَّلَاق أصلا لِأَن الصِّيغَة ظَاهِرَة فِي تنَاول جَمِيع الْمذَاهب على اتِّفَاق الْوُقُوع وَلم يُوجد ذَلِك وَالله أعلم هَذَا تَخْرِيج الشَّيْخ الإِمَام أبي الْحسن عَليّ بن الْمُسلم الشهرزوري انْتهى
وَعلي بن الْمُسلم الشهرزوري لَا أعرفهُ إِنَّمَا هُوَ عَليّ بن الْقَاسِم هَذَا أَو عَليّ بن الْمُسلم لَا الشهرزوري وَهُوَ جمال الْإِسْلَام الْآتِي قَرِيبا
وَهَذِه الْمَسْأَلَة حدثت فِي زمَان ابْن الصّباغ وَله فِيهَا كَلَام نَقله عَنهُ ابْن أَخِيه أَبُو مَنْصُور وَقد قدمْنَاهُ
وَالَّذِي وجدته هُنَا وَفِي فَتَاوَى ابْن الصّباغ أَنْت طَالِق على سَائِر الْمذَاهب وَلم يقل ثَلَاثًا وَكنت أَظن سُقُوط لَفظه ثَلَاثًا من النَّاسِخ فَلَمَّا توافقت عَلَيْهَا الْكتب