الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
وفيهَا عمل صَلَاح الدّين بِمصْر مدرستين للشَّافِعِيَّة والمالكية وَخرج بجيوشه فَأَغَارَ على الرملة وعسقلان وهجم على ربض غَزَّة وَرجع إِلَى مصر وجهز بعض جنده إِلَى قلعة أَيْلَة فغزوها فِي المراكب وافتتحوها واستباحوا الفرنج فِيهَا قتلا وسبيا وَكَانَ فتح هَذِه القلعة واستعادتها من الفرنج أعظم النعم على الْمُسلمين فَإِنَّهَا كَانَت قلعة منيعة وَكَانَت الفرنج قد اتَّخَذُوهَا هِيَ والكرك سَبِيلا إِلَى الْإِحَاطَة بالحرمين الشريفين فَقدر الله فتحهما على يَد هَذَا السُّلْطَان رحمه الله
وَمن كتاب فاضلي من السُّلْطَان إِلَى الْخَلِيفَة يعدد فِيهِ مَا للسُّلْطَان من الفتوحات وَمن جِهَاد الفرنج وَمِنْهَا قلعة بثغر أَيْلَة بناها الْعَدو فِي الْبَحْر وَمِنْهَا المسلك إِلَى الْحَرَمَيْنِ الشريفين بِحَيْثُ كَادَت الْقبْلَة يستولي على أَصْلهَا والمشاعر يسكنهَا غير أَهلهَا ومضجع الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يتَطَرَّق إِلَيْهِ الْكفَّار
فِي كَلِمَات قَالَهَا
ثمَّ دخلت سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة
فَاسْتَفْتَحَ السُّلْطَان الْخطْبَة فِي الْجُمُعَة الأولى مِنْهَا بِجَامِع مصر لبني الْعَبَّاس وأقيمت الْخطْبَة العباسية فِي الْجُمُعَة الثَّانِيَة بِالْقَاهِرَةِ وأعقب ذَلِك موت العاضد فِي يَوْم عَاشُورَاء بِالْقصرِ وَجلسَ السُّلْطَان للعزاء وَأغْرب فِي الْحزن والبكاء وانقرضت دولة الفاطميين وَكَانَ لَهَا أَكثر من مِائَتي سنة وتسلم السُّلْطَان الْقصر بِمَا فِيهِ من خزائنه وذخائره واحتاط على آل الْقصر فجعلهم فِي مَكَان برسمهم وقررت لَهُم المؤونة وجمعت رِجَالهمْ وَاحْترز عَلَيْهِم وَمنعُوا من النِّسَاء لِئَلَّا يتناسلوا وَذكر المؤرخون من نفائس الْقصر وذخائره مَالا نطيل بِذكرِهِ وانتقل الْملك الْعَادِل سيف الدّين أَبُو بكر إِلَى الْقصر بمرسوم أَخِيه فاستقر فِي نِيَابَة السُّلْطَان وكتبت الْكتب إِلَى بَغْدَاد بالبشارة وَأعَاد الْجَواب والخلعة الفائقة العباسية إِلَى السُّلْطَان صَلَاح الدّين
وفيهَا قَالَ ابْن الْأَثِير حدث مَا أوجب نفرة نور الدّين عَن صَلَاح الدّين وَذَلِكَ أَن نور الدّين أرسل إِلَيْهِ يَأْمر بِجمع الْجَيْش والمسير لمنازلة الكرك ليجيء هُوَ بجيشه ويحاصرانها فَكتب إِلَى نور الدّين يعرفهُ أَنه قادم فَرَحل على قصد الكرك وأتاها وانتظر وُصُوله فَأَتَاهُ كِتَابه يعْتَذر باختلال الْبِلَاد فَلم يقبل عذره وَكَانَ خَواص صَلَاح الدّين خوفوه من الِاجْتِمَاع بِهِ وهم نور الدّين بِالدُّخُولِ إِلَى مصر وَإِخْرَاج صَلَاح الدّين عَنْهَا فَبلغ ذَلِك صَلَاح الدّين فَجمع أَهله وأباه وخاله الْأَمِير شهَاب الدّين الحارمي وَسَائِر الْأُمَرَاء وأطلعهم على نِيَّة نور الدّين واستشارهم فَسَكَتُوا فَقَالَ ابْن أَخِيه تَقِيّ الدّين عمر إِذا جَاءَ قَاتَلْنَاهُ وَوَافَقَهُ غَيره من أَهله فشتمهم نجم الدّين أَيُّوب واحتد وَكَانَ ذَا رَأْي ومكر وَقَالَ لتقي الدّين اسْكُتْ وزبره وَقَالَ لصلاح الدّين أَنا أَبوك وَهَذَا خَالك أتظن أَن فِي هَؤُلَاءِ من يُرِيد لَك الْخَيْر مثلنَا فَقَالَ لَا فَقَالَ وَالله لَو رَأَيْت أَنا وَهَذَا نور الدّين لم يمكنا إِلَّا أَن ننزل ونقبل الأَرْض وَلَو أمرنَا بِضَرْب عُنُقك لفعلنَا فَمَا ظَنك بغيرنا فَكل من ترَاهُ من الْأُمَرَاء لَو رأى نور الدّين لما وَسعه إِلَّا التَّرَجُّل وَهَذِه الْبِلَاد لَهُ وَإِن أَرَادَ عزلك فَأَي حَاجَة لَهُ إِلَى الْمَجِيء بل يطلبك بِكِتَاب
وَتَفَرَّقُوا وَكتب أَكثر الْأُمَرَاء لنُور الدّين بمأتم وَلما خلا بولده قَالَ أَنْت جَاهِل تجمع هَذَا الْجمع وتطلعهم على سرك وَلَو قصدك نور الدّين لم تَرَ أحدا مِنْهُم ثمَّ كتب إِلَى نور الدّين بِإِشَارَة وَالِده نجم الدّين يخضع لَهُ ففتر عَنهُ