الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيهَا أَمر بإنشاء قلعة الْجَبَل المقطم الَّتِي هِيَ الْآن دَار سلاطين مصر وَجعل على بنائها أَيْضا قراقوش وَلم يكن السلاطين قبلهَا يسكنون إِلَّا دَار الوزارة بِالْقَاهِرَةِ
ثمَّ سَافر إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَتردد إِلَى السلَفِي فَسمع مِنْهُ الحَدِيث ثمَّ عَاد إِلَى مصر وَبنى تربة الشَّافِعِي رضي الله عنه
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة
وفيهَا كَانَت وقْعَة الرملة
سَار السُّلْطَان من الْقَاهِرَة إِلَى عسقلان فسبى من الفرنج كثيرا وغنم وَسَار إِلَى الرملة وَقد تجمعت عَلَيْهِ الفرنج وحملوا على الْمُسلمين فَانْهَزَمُوا وَثَبت السُّلْطَان وَابْن أَخِيه تَقِيّ الدّين عمر وَدخل اللَّيْل واحتوى الفرنج على أثقال الْمُسلمين وَاسْتشْهدَ من الْمُسلمين جمَاعَة مِنْهُم أَحْمد ولد تَقِيّ الدّين عمر وَلم يبْق للْمُسلمين قدرَة على مَاء وَلَا زَاد وتعسفوا الرمال رَاجِعين إِلَى مصر
وَفِي هَذِه الْوَاقِعَة أسر الْفَقِيه عِيسَى الهكاري أكبر الْأُمَرَاء فافتداه السُّلْطَان بستين ألف دِينَار
وَدخل السُّلْطَان الْقَاهِرَة بعد ثَلَاثَة عشر يَوْمًا وتواصلت خَلفه العساكر ثمَّ عَاد السُّلْطَان إِلَى الشَّام
وَدخلت سنة أَربع وَسبعين وَخَمْسمِائة
وفيهَا اجْتمعت الفرنج عِنْد حصن الأكراد فَسَار إِلَيْهِم السُّلْطَان وَلم يَقع قتال ثمَّ أَغَارُوا على أَعمال دمشق وجهز لحربهم فرخشاه ابْن أخي السُّلْطَان فالتقاهم وكسرهم وَقتل من مقدميهم جمَاعَة مِنْهُم هنفري
قَالَ ابْن الْأَثِير وَمَا أَدْرَاك مَا هنفري بِهِ كَانَ يضْرب الْمثل فِي الشجَاعَة
ثمَّ دخلت سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة
وفيهَا ضربت الطبول بِبَغْدَاد وزفت البشائر بانتصار السُّلْطَان صَلَاح الدّين على الفرنج وأسره لصَاحب الرملة وَصَاحب طبرية الْكَافرين وَهِي وقْعَة مرج الْعُيُون
وَمن حَدِيثهَا أَن صَلَاح الدّين كَانَ نازلا تل بانياس بِبَيْت بسراياه فَلَمَّا اسْتهلّ الْمحرم ركب فَرَأى رَاعيا فَسَأَلَهُ عَن الفرنج فَأخْبرهُ بقربهم فَعَاد إِلَى مخيمه وَأمر الْجَيْش بالركوب فَرَكبُوا وَسَار بهم حَتَّى أشرف على الفرنج وهم فِي ألف قنطارية وَعشرَة آلَاف مقَاتل فَارس وراجل فحملوا على الْمُسلمين فثبتوا لَهُم وحملت الْمُسلمُونَ عَلَيْهِم فَوَلوا الأدبار فَقتل أَكْثَرهم وَأسر مِنْهُم مِائَتَان وَسَبْعُونَ أَسِيرًا مِنْهُم بادين وأود مقدم الداوية وَابْن القومصة وأخوا صَاحب جبيل وَابْن صَاحب مرقية وَصَاحب طبرية فَأَما بادين بن بيرزان فاستفك نَفسه بمبلغ وبألف أَسِير من الْمُسلمين واستفك الآخر نَفسه بجملة وَأما أود فجن فِي حبس قلعة دمشق وَانْهَزَمَ من الْوَقْعَة ملكهم مجروحا وأبلى فِي هَذِه الْوَقْعَة عز الدّين فرخشاه بلَاء حسنا
وَاتفقَ أَنه فِي يَوْم الْوَقْعَة ظفر أسطول مصر ببطستين وأسروا ألف نفس فَللَّه الْحَمد على نَصره
وَكَانَ قليج أرسلان سُلْطَان الرّوم طلب حصن رعبان وَزعم أَنه من بِلَاده وَإِنَّمَا أَخذه مِنْهُ نور الدّين على خلاف مُرَاده وَأَن وَلَده الصَّالح إِسْمَاعِيل قد أنعم بِهِ عَلَيْهِ فَلم يفعل السُّلْطَان فَأرْسل قليج عشْرين ألفا لحصار الْحصن فالتقاهم تَقِيّ الدّين عمر صَاحب حماة