الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويكنى: أَبَا عُثْمَان، وَهُوَ الَّذِي يُسمى: ربيعَة الرَّأْي. الرَّابِع: حَنْظَلَة بن قيس الزرقي الْأنْصَارِيّ. الْخَامِس: رَافع بن خديج. السَّادِس وَالسَّابِع: عماه، فأحدهما، ظهير، وَالْآخر قَالَ الكلاباذي: لم أَقف على اسْمه. وَقيل: اسْمه مظهر، بِضَم الْمِيم وَفتح الظَّاء وَتَشْديد الْهَاء الْمَكْسُورَة، كَذَا ضَبطه عبد الْغَنِيّ وَابْن مَاكُولَا، وَقيل: اسْمه مهير، كَذَا ذكره فِي (مُعْجم الصَّحَابَة) لِلْبَغوِيِّ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه حراني جزري سكن مصر، وَمَات بهَا سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَأَن اللَّيْث مصري، والبقية مدنيون. وَفِيه: رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ وهما ربيعَة وحَنْظَلَة. وَفِيه: رِوَايَة صَحَابِيّ عَن صحابيين.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (على الْأَرْبَعَاء)، قد مر عَن قريب أَنه جمع: الرّبيع، وَهُوَ النَّهر الصَّغِير. قَوْله:(يستثنيه صَاحب الأَرْض)، كاستثناء الثُّلُث أَو الرّبع من المزروع لصَاحب الأَرْض. قَوْله:(فَقلت لرافع) الْقَائِل هُوَ حَنْظَلَة بن قيس. قَوْله: (كَيفَ هِيَ)، ويروى:(فَكيف هِيَ)، بِالْفَاءِ أَي: كَيفَ الْمُزَارعَة، يَعْنِي: كَيفَ حكمهَا بالدينار وَالدِّرْهَم؟ قَوْله: (فَقَالَ رَافع) إِلَى آخِره، فَقَوْل رَافع يحْتَمل أَن يكون بِاجْتِهَاد مِنْهُ، وَيحْتَمل أَن يكون علم ذَلِك بطرِيق التَّنْصِيص على جَوَازه، أوعلم أَن جَوَاز الْكِرَاء بالدينار وَالدِّرْهَم غير دَاخل فِي النَّهْي عَن كِرَاء الأَرْض بِجُزْء مِمَّا يخرج مِنْهَا، وَمِمَّا يدل على كَون مَا قَالَه مَرْفُوعا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح من طَرِيق سعيد بن الْمسيب عَن رَافع بن خديج، قَالَ:(نهى رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، عَن المحاقلة والمزابنة وَقَالَ: إِنَّمَا يزرع ثَلَاثَة: رجل لَهُ أَرض، وَرجل منح أَرضًا، وَرجل أَكْرِي أَرضًا بِذَهَب أَو فضَّة) . وَفِيه نظر، لِأَن النَّسَائِيّ قَالَ بعد أَن رَوَاهُ: إِن الْمَرْفُوع مِنْهُ النَّهْي عَن المحاقلة والمزابنة، وَإِن بَقِيَّته مدرجة من كَلَام سعيد بن الْمسيب.
وَقَالَ اللَّيْثُ أراهُ وَكَانَ الَّذِي نُهِيَ عنْ ذَلِكَ مَا لَوْ نَظَرَ فِيهِ ذَوُو الفَهْمِ بالحَلالِ والحَرَامِ لَمْ يُجِيزُوهُ لِمَا فِيهِ مِنَ المُخَاطَرَةِ
وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الأول إِلَى اللَّيْث، رحمه الله أَي: قَالَ اللَّيْث بن سعد: أرَاهُ أَي: أَظُنهُ، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب يرجع إِلَى شَيْخه ربيعَة الْمَذْكُور فِي إِسْنَاد الحَدِيث، وَمعنى: أَظُنهُ أَنه لم يجْزم بِرِوَايَة شَيْخه لَهُ، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر هُنَا: قَالَ أَبُو عبد الله، من هَهُنَا قَالَ أَبُو اللَّيْث: أرَاهُ، وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله:(ذَوُو الْفَهم بالحلال وَالْحرَام لم يجيزوه)، وَوَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وَابْن شبويه:(ذُو الْفَهم) ، بِالْإِفْرَادِ، وَكَذَا وَقع: لم يجزه، بِالْإِفْرَادِ، قَوْله:(لما فِيهِ من المخاطرة) ، وَهِي الإشراف على الْهَلَاك، ثمَّ اخْتلفُوا فِي هَذَا النَّقْل عَن اللَّيْث: هَل هُوَ فِي نفس الحَدِيث أم مدرج، فَعِنْدَ النَّسَفِيّ وَابْن شبويه: مدرج، وَلِهَذَا سقط هَذَا عِنْدهمَا، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: الظَّاهِر من السِّيَاق أَنه من كَلَام رَافع، وَقَالَ التوربشتي شَارِح (المصابيح) لم يتَبَيَّن لي أَن هَذِه الزِّيَادَة من قَول بعض الروَاة، أَو من قَول البُخَارِيّ، وَقيل: أَكثر الطّرق فِي البُخَارِيّ تبين أنَّها من كَلَام اللَّيْث وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.
(بابٌ)
كَذَا وَقع لفظ: بَاب، مُجَردا عَن التَّرْجَمَة عِنْد جَمِيع الروَاة، وَهُوَ كالفصل من الْبَاب الَّذِي قبله، وَهُوَ غير منون، لِأَن التَّنْوِين عَلامَة الْإِعْرَاب، وَالْإِعْرَاب لَا يكون إلَاّ بعد العقد والتركيب، أللهم إلَاّ إِذا قُلْنَا: تَقْدِيره: هَذَا بَاب، فَيكون حِينَئِذٍ معرباً على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف.
8432 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سِنَانٍ قَالَ حدَّثنا فُلَيْحٌ قَالَ حدَّثنا هِلالٌ ح وحدَّثنا عَبدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا أَبُو عامِرٍ قَالَ حَدثنَا فلَيْحٌ عنْ هِلَالِ بنِ عَلِيٍّ عنْ عَطَاءِ بنِ يَسارٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَوماً يُحَدِّثُ وعِنْدَهُ رجُلٌ مِنْ أهْلِ البَادِيَةِ أنَّ رَجُلاً مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ
اسْتأذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ فَقَالَ لَهُ ألَسْتَ فِيما شِئْتَ قَالَ بَلى ولَكِنِّي أحِبُّ أنْ أزْرَعَ قَالَ فَبَذَرَ فبَادَرَ الطَّرْفَ نباتُهُ واسْتوَاؤُهُ واسْتِحْصَادُهُ فكَانَ أمْثال الجِبالِ فيَقُولُ الله تَعَالَى دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ فإنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شيءٌ فَقَالَ الأعْرَابِيُّ وَالله لَا تَجِدُهُ إلَاّ قُرَشِيَّاً أوْ أنْصَاريَّاً فإنَّهُمْ أصْحابُ زَرْعٍ وأمَّا نَحْنُ فلَسْنَا بأصْحَابِ زَرْعٍ فضَحِكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم. (الحَدِيث 8432 طرفه فِي: 9157) .
وَجه إِدْخَال هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب يُمكن أَن يكون فِي قَوْله: فَإِنَّهُم أَصْحَاب زرع مَعَ التَّنْبِيه على أَن أَحَادِيث النَّهْي عَن كِرَاء الأَرْض إِنَّمَا هُوَ نهي تَنْزِيه لَا نهي تَحْرِيم، لِأَن الزَّرْع لَو لم يكن من الْأُمُور الَّتِي يحرض فِيهَا بالاستمرار عَلَيْهِ لما تمنى الرجل الْمَذْكُور فِيهِ الزَّرْع فِي الْجنَّة مَعَ عدم الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ فِيهَا.
ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: مُحَمَّد بن سِنَان، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَفِي آخِره نون أَيْضا، وَقد تقدم فِي أول الْعلم. الثَّانِي: فليح، بِضَم الْفَاء وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره حاء مُهْملَة: ابْن سُلَيْمَان، وَقد تقدم فِي أول الْعلم. الثَّالِث: هِلَال بن عَليّ، وَهُوَ هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، وَيُقَال: هِلَال بن أبي، وَيُقَال: هِلَال بن أُسَامَة. الرَّابِع: عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الْمَعْرُوف بالمسندي. الْخَامِس: أَبُو عَامر عبد الْملك بن عَمْرو بن قيس الْعَقدي. السَّادِس: عَطاء بن يسَار ضد الْيَمين تقدم فِي الْإِيمَان. السَّابِع: أَبُو هُرَيْرَة.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي سِتَّة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن فليحاً وهلالاً وَعَطَاء مدنيون، وَأَن عبد الْملك بَصرِي وَأَن شَيْخه عبد الله بن مُحَمَّد البُخَارِيّ، وَأَنه من أَفْرَاده، وَكَذَلِكَ مُحَمَّد بن سِنَان من أَفْرَاده. وَفِيه: أَنه سَاق الحَدِيث على لفظ الْإِسْنَاد الثَّانِي، وَفِي كتاب التَّوْحِيد على لفظ مُحَمَّد بن سِنَان.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن مُحَمَّد بن سِنَان وَهُوَ من أَفْرَاده.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (وَعِنْده رجل)، جملَة حَالية. قَوْله:(من أهل الْبَادِيَة)، وَفِي رِوَايَة: من أهل البدو، وهما من غير همز، لِأَنَّهُ من: بدا الرجل يَبْدُو، إِذا خرج إِلَى الْبَادِيَة، وَالِاسْم: البداوة، بِفَتْح الْبَاء وَكسرهَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُور، وَحكى: بَدَأَ بِالْهَمْز يبْدَأ، وَهُوَ قَلِيل. قَوْله:(أَن رجلا)، بِفَتْح همزَة: أَن، لِأَنَّهُ فِي مَحل المفعولية. قَوْله:(اسْتَأْذن ربه فِي الزَّرْع) أَي: فِي مُبَاشرَة الزَّرْع، يَعْنِي: سَأَلَ الله تَعَالَى أَن يزرع. قَوْله: (أَلَسْت فِيمَا شِئْت؟) وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن سِنَان: أولست فِيمَا شِئْت، بِزِيَادَة الْوَاو، وَمعنى هَذَا اسْتِفْهَام على سَبِيل التَّقْرِير، يَعْنِي: أولست كَائِنا فِيمَا شِئْت من التشهيات، قَالَ: بلَى، الْأَمر كَذَلِك، وَلَكِن أحب الزَّرْع. قَوْله:(فبذر) ، يَعْنِي ألقِي الْبذر، وَفِيه حذف تَقْدِيره: فَأذن لَهُ بالزرع فَعِنْدَ ذَلِك قَامَ وَرمى الْبذر على أَرض الْجنَّة فنبت فِي الْحَال واستوى، وَأدْركَ حَصَاده فَكَانَ كل حَبَّة مثل الْحَبل. قَوْله:(فبادر)، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن سِنَان: فأسرع فتبادر. قَوْله: (الطّرف)، مَنْصُوب بقوله: فبادر، و: نَبَاته، بِالرَّفْع فَاعله. قَالَ ابْن قرقول: الطّرف: بِفَتْح الطَّاء وَسُكُون الرَّاء: هُوَ امتداد لحظ الْإِنْسَان حَيْثُ أدْرك. وَقيل: طرف الْعين، أَي: حركتها، أَي: تحرّك أجفانها. قَوْله: (واستحصاده) ، من الحصد، وَهُوَ قلع الزَّرْع، وَالْمعْنَى: أَنه لما بزر لم يكن بَين ذَلِك وَبَين اسْتِوَاء الزَّرْع ونجاز أمره كُله من الْقلع والحصد والتذرية وَالْجمع إلَاّ قدر لمحة الْبَصَر. قَوْله: (دُونك) ، بِالنّصب على الإغراء، أَي: خُذْهُ. قَوْله: (فَإِنَّهُ)، أَي: فَإِن الشَّأْن لَا يشبعك شَيْء، من الإشباع، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن سِنَان: لَا يسعك، بِفَتْح الْيَاء وَالسِّين الْمُهْملَة وَضم الْعين، وَله معنى صَحِيح. قَوْله:(فَقَالَ الْأَعرَابِي) ، هُوَ ذَلِك الرجل الَّذِي كَانَ عِنْده من أهل الْبَادِيَة.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: أَن فِي الْجنَّة يُوجد كل مَا تشْتَهي الْأَنْفس من أَعمال الدُّنْيَا ولذاتها، قَالَ الله تَعَالَى:{وفيهَا مَا تشتهيه الْأَنْفس وتلذ الْأَعْين} (الزخرف: 17) . وَفِيه: أَن من لزم طَريقَة أَو حَالَة من الْخَيْر أَو الشَّرّ أَنه يجوز وَصفه بهَا وَلَا حرج على واصفه. وَفِيه: مَا جبل الله نفوس بني آدم عَلَيْهِ من الاستكثار وَالرَّغْبَة فِي مَتَاع الدُّنْيَا إلَاّ أَن الله تَعَالَى أغْنى أهل الْجنَّة عَن نصب الدُّنْيَا وتعبها. وَفِيه: إِشَارَة إِلَى فضل القناعة وذم الشره. وَفِيه: الْإِخْبَار عَن الْأَمر الْمُحَقق الْآتِي بِلَفْظ الْمَاضِي، فَافْهَم.