الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القيراط الَّذِي هُوَ جُزْء من الدِّينَار أَو الدِّرْهَم وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ قراريط اسْم مَوضِع بِمَكَّة قرب جِيَاد وَلم يرد القراريط من النَّقْد وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ الَّذِي قَالَه الْحَرْبِيّ أصح وَهُوَ تبع فِي ذَلِك شَيْخه ابْن نَاصِر فَإِنَّهُ خطأ سويدا فِي تَفْسِيره وَقَالَ بَعضهم لَكِن رجح الأول لِأَن أهل مَكَّة لَا يعْرفُونَ مَكَانا يُقَال لَهُ قراريط (قلت) وَكَذَلِكَ لَا يعْرفُونَ القيراط الَّذِي هُوَ من النَّقْد وَلذَلِك جَاءَ فِي الصَّحِيح " ستفتحون أَرضًا يذكر فِيهَا القراط " وَلَكِن لَا يلْزم من عدم معرفتهم القراريط الَّذِي هُوَ اسْم مَوضِع والقراريط الَّتِي من النَّقْد لَا يكون للنَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - بذلك علم فالنبي صلى الله عليه وسلم َ - لما أخبر بِأَنَّهُ رعى الْغنم على قراريط علمُوا فِي ذَلِك الْوَقْت أَنَّهَا اسْم مَوضِع وَلم يَكُونُوا علمُوا بِهِ قبل ذَلِك لكَون هَذَا الِاسْم قد هجر اسْتِعْمَاله من قديم الزَّمَان فأظهره صلى الله عليه وسلم َ - فِي ذَلِك الْوَقْت وَيدل على تأييد ذَلِك شَيْئَانِ أَحدهمَا أَن كلمة على فِي أصل وَضعهَا للاستعلاء والاستعلاء حَقِيقَة لَا يكون إِلَّا على القراريط الَّذِي هُوَ اسْم مَوضِع وعَلى القراريط من النَّقْد يكون بطرِيق الْمجَاز فَلَا يُصَار إِلَى الْمجَاز إِلَّا عِنْد تعذر الْحَقِيقَة وَلَا تعذر هُنَا وَالثَّانِي جَاءَ فِي رِوَايَة كنت أرعى غنم أَهلِي بجياد وَهُوَ مَوضِع بِأَسْفَل مَكَّة فَهَذَا يدل على أَنه يرْعَى تَارَة بجياد وَتارَة بقراريط الَّذِي هُوَ الْمَكَان وَهَذَا يدل أَيْضا أَنه مَا كَانَ يرْعَى بِأُجْرَة فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا دخل للقراريط من النَّقْد فِي هَذَا الْموضع فَإِن قلت مَتى كَانَ هَذَا الرَّعْي فِي عمره صلى الله عليه وسلم َ - (قلت) علم بالاستقراء من كَلَام ابْن إِسْحَاق والواقدي أَنه كَانَ وَعَمه نَحْو الْعشْرين سنة (فَإِن قلت) مَا الْحِكْمَة فِيهِ (قلت) التقدمة والتوطئة فِي تَعْرِيفه سياسة الْعباد وَحُصُول التمرن على مَا سيكلف من الْقيام بِأَمْر أمته (فَإِن قلت) مَا وَجه تَخْصِيص الْغنم فِيهِ (قلت) لِأَنَّهَا أَضْعَف من غَيرهَا وأسرع انقيادا وَهِي من دَوَاب الْجنَّة (فَإِن قلت) مَا الْحِكْمَة فِي ذكره صلى الله عليه وسلم َ - ذَلِك (قلت) إِظْهَار تواضعه لرَبه مَعَ كَونه أكْرم الْخلق عَلَيْهِ وتنبيه أمته على مُلَازمَة التَّوَاضُع وَاجْتنَاب الْكبر وَلَو بلغ أقْصَى الْمنَازل الدنياوية وَفِيه أَيْضا اتِّبَاع لأخوته من الرُّسُل الَّذين رعوا الْغنم وَفِي حَدِيث للنسائي قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بعث مُوسَى وَهُوَ راعي غنم وَبعث دَاوُد وَهُوَ راعي غنم عَلَيْهِمَا وَعَلِيهِ صلوَات الله وَسَلَامه دَائِما أبدا
(بَاب اسْتِئْجَار الْمُشْركين عِنْد الضَّرُورَة أَو إِذا لم يُوجد أهل الْإِسْلَام)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم استيجار الْمُسلمين أهل الشّرك عِنْد الضَّرُورَة وَهَذِه التَّرْجَمَة تشعر بِأَنَّهُ لَا يرى اسْتِئْجَار الْمُشرك سَوَاء كَانَ من أهل الذِّمَّة أَو من غَيرهم عِنْد عدم الضَّرُورَة إِلَّا عِنْد الِاحْتِيَاج إِلَى أحد مِنْهُم لأجل الضَّرُورَة نَحْو عدم وجود أحد من أهل الْإِسْلَام يَكْفِي ذَلِك أَو عِنْد عَدمه أصلا وَأَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وَإِذا لم يُوجد أهل الْإِسْلَام وَقَوله " لم يُوجد " على صِيغَة الْمَجْهُول وَفِي بعض النّسخ " وَإِذا لم يجد على صِيغَة الْمَعْلُوم أَي وَإِذا لم يجد الْمُسلم أحدا من أهل الْإِسْلَام لِأَن يستأجره وَجَوَاب إِذا مَحْذُوف يعلم مِمَّا قبله لِأَنَّهُ عطف عَلَيْهِ وَقد قَرَّرْنَاهُ (وعامل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - يهود خَيْبَر) مُطَابقَة هَذَا التَّعْلِيق للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَنه صلى الله عليه وسلم َ - عَامل يهود خَيْبَر على الْعَمَل فِي أرْضهَا إِذْ لم يُوجد من الْمُسلمين من يَنُوب منابهم فِي عمل الأَرْض فِي ذَلِك الْوَقْت وَلما قوي الْإِسْلَام اسْتغنى عَنْهُم حَتَّى أجلاهم عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَسقط بذلك قَول بَعضهم وَفِي استشهاده بِقصَّة مُعَاملَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - يهود خَيْبَر على أَن يزرعوها نظر لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَصْرِيح بِالْمَقْصُودِ (قلت) كَيفَ يَنْفِي التَّصْرِيح بِالْمَقْصُودِ فِيهِ فَإِن مُعَامَلَته صلى الله عليه وسلم َ - يهود خَيْبَر على الزِّرَاعَة فِي معنى استئجاره إيَّاهُم صَرِيحًا
4 -
(حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى قَالَ أخبرنَا هِشَام عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة رضي الله عنها واستأجر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبُو بكر رجلا من بني الديل ثمَّ من بني عبد بن عدي هاديا خريتا. الخريت الماهر بالهداية قد غمس يَمِين حلف فِي آل العَاصِي
ابْن وَائِل وَهُوَ على دين كفار قُرَيْش فأمناه فدفعا إِلَيْهِ راحلتيهما ووعداه غَار ثَوْر بعد ثَلَاث لَيَال فأتاهما براحلتيهما صَبِيحَة لَيَال ثَلَاث فارتحلا وَانْطَلق مَعَهُمَا عَامر بن فهَيْرَة وَالدَّلِيل الديلِي فَأخذ بهم وَهُوَ على طَرِيق السَّاحِل) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي " واستأجر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبُو بكر رجلا من بني الديل " وَهَذَا صَرِيح فِي أَنه صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبا بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ استأجرا هَذَا الرجل وَهُوَ مُشْرك إِذْ لم يجدا أحدا من أهل الْإِسْلَام وَقَول بَعضهم وَفِي استشهاده باستئجار الدَّلِيل الْمُشرك على ذَلِك نظر قَول واه صادر من غير ترو وَلَا تَأمل على مَا لَا يخفى وَهَذَا الحَدِيث يَأْتِي كَامِلا فِي أَوَاخِر كتاب الْإِجَارَة قَوْله " واستأجر " بواو الْعَطف إِنَّمَا وَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَأبي الْوَقْت وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا وَقع " اسْتَأْجر " بِدُونِ حرف الْعَطف وَهِي ثَابِتَة فِي الأَصْل فِي نفس الحَدِيث الطَّوِيل لِأَن الْقِصَّة معطوفة على قصَّة قبلهَا وَقَالَ الْكرْمَانِي واستأجر ذكر بِالْوَاو إشعارا بِأَنَّهُ قد تقدم لَهَا كَلِمَات أخر فِي حِكَايَة هِجْرَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فعطف هَذَا عَلَيْهَا (قلت) نسب بَعضهم الْكرْمَانِي فِي قَوْله هَذَا إِلَى الْوَهم حَيْثُ قَالَ وَوهم من زعم أَن المُصَنّف زَاد الْوَاو للتّنْبِيه على أَنه اقتطع هَذَا الْقدر من الحَدِيث انْتهى (قلت) هَذَا الْقَائِل وهم فِي نَقله كَلَام الْكرْمَانِي على هَذَا الْوَجْه لِأَنَّهُ لم يقل بِأَن المُصَنّف زَاد الْوَاو إِلَى آخِره على هَذَا الْوَجْه وَمَا غر هَذَا الْقَائِل فِيمَا قَالَه إِلَّا قَول الْكرْمَانِي إشعارا وَقَوله فعطف هَذَا عَلَيْهَا وَأخذ مِنْهُمَا مَا ذهب إِلَيْهِ وهمه فنسبه إِلَى الْوَهم وَمعنى قَوْله إشعارا يَعْنِي للإشعار بِأَنَّهُ وَاو الْعَطف حَيْثُ قَالَ قد تقدم لَهَا كَلِمَات أخر يَعْنِي من الْمَعْطُوف عَلَيْهِ وَمعنى قَوْله فعطف هَذَا عَلَيْهَا يَعْنِي أظهر وَاو الْعَطف على الْكَلِمَات الَّتِي تقدّمت لَا أَنه زَاد المُصَنّف من عِنْده وَاو الْعَطف قَوْله " رجلا من بني الديل " وَاسم هَذَا الرجل عبد الله بن أَرقم فِيمَا قَالَه ابْن إِسْحَق وَقَالَ ابْن هِشَام عبد الله بن أريقط وَقَالَ مَالك اسْمه رقيط والديلي بِكَسْر الدَّال وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره لَام وَقَالَ الرشاطي الديل فِي الأزد الديلِي بن هداء بن زيد وَفِي ثَعْلَب الديل بن زيد وَفِي إياد الديل بن أُميَّة وَفِي ضبة الديل بن ثَعْلَبَة وَفِي عبد الْقَيْس الديل بن عَمْرو وَالنِّسْبَة إِلَى ذَلِك كُله الديل بِكَسْر الدَّال وَإِسْكَان الْيَاء من دَال يديل إِذا تعلق الشَّيْء وتحرك وَيُقَال مِنْهُ اندال يندال وَقَالَ ابْن هِشَام رجلا من بني الديلِي بن بكر وَكَانَت أمه من بني سهم بن عَمْرو وَكَانَ مُشْركًا قَوْله " من بني الديل " جملَة فِي مَحل النصب على أَنَّهَا صفة لقَوْله رجلا قَوْله " ثمَّ من بني عبد بن عدي " وَعبد خلاف الْحر وعدي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الدَّال وَتَشْديد الْيَاء من بني بكر قَوْله " هاديا " صفة لرجلا أَيْضا من هداه الطَّرِيق إِذا أرشده إِلَيْهِ قَوْله " خريتا " أَيْضا صفة بعد صفة والخريت بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا تَاء مثناة من فَوق وَهُوَ الماهر الَّذِي يَهْتَدِي لأخرات الْمَفَازَة وَهِي طرقها الْخفية ومضايقها وَقيل أَرَادَ بِهِ أَنه يَهْتَدِي لمثل خرت الإبرة من الطَّرِيق أَي ثقبها وَحكى الْكسَائي خرتنا الأَرْض إِذا عرفناها وَلم تخف علينا طرقها قَوْله " الخريت الماهر " بالهداية مدرج من قَول الزُّهْرِيّ قَوْله " قد غمس يَمِين حلف " أَي دخل فِي جُمْلَتهمْ وغمس نَفسه فِي ذَلِك وَالْحلف بِكَسْر الْحَاء الْعَهْد الَّذِي يكون بَين الْقَوْم وَإِنَّمَا قَالَ غمس إِمَّا لِأَن عَادَتهم أَنهم كَانُوا يغمسون أَيْديهم فِي المَاء وَنَحْوه عِنْد التَّحَالُف وَإِمَّا أَنه أَرَادَ بالغمس الشدَّة قَوْله " الْعَاصِ بن وَائِل " بِالْهَمْزَةِ بعد الْألف وباللام وَيُقَال العَاصِي بِالْيَاءِ وبدونه وَآل الْعَاصِ هم بَنو سهم رَهْط من قُرَيْش قَوْله " فأمناه " أَي فأمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبُو بكر الرجل من أمنت فلَانا فَهُوَ آمن وَذَاكَ مَأْمُون قَوْله " راحلتيهما " تَثْنِيَة رَاحِلَة وَهِي من الْإِبِل الْبَعِير الْقوي على الْأَسْفَار والأحمال وَالذكر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء وَالتَّاء فِيهَا للْمُبَالَغَة وَقَالَ الْوَاقِدِيّ كَانَ أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اشتراهما بثمانمائة دِرْهَم وَكَانَ حبسهما فِي دَاره يعلفها إعدادا للسَّفر قَالَ ابْن إِسْحَاق لما قرب أَبُو بكر الراحلتين إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - قدم لَهُ أفضلهما فَقَالَ اركب يَا رَسُول الله فدَاك أبي وَأمي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - إِنِّي لَا أركب بَعِيرًا لَيْسَ لي قَالَ فَهِيَ لَك يَا رَسُول الله بِأبي وَأمي قَالَ مَا الثّمن الَّذِي ابتعتها بِهِ قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ أَخَذتهَا بذلك " قَالَ فَهِيَ لَك يَا رَسُول الله وروى الْوَاقِدِيّ أَنه أَخذ