الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21 -
(بابٌ إذَا أذِنَ لَهُ أوْ حَلَّلَهُ ولَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا أذن رجل لَهُ أَي: لرجل آخر فِي اسْتِيفَاء حَقه. قَوْله: (أَو حلله)، أَي: أَو حلل رجل رجلا آخر، وَهَذِه رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره أَو أحله لَهُ. قَوْله:(وَلم يبين كم هُوَ) أَي: مِقْدَار الْمَأْذُون أَو الْمُحَلّل، وَلم يذكر جَوَاب إِذا الَّذِي هُوَ جَوَاب الْمَسْأَلَة، لِأَن فِيهِ تَفْصِيلًا، لأَنا إِذا قُلْنَا: حَدِيث هَذَا الْبَاب مثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي: بَاب من كَانَت لَهُ مظْلمَة فحللها، هَل يبين مظلمته؟ يكون فِيهِ الْخلاف الْمَذْكُور هُنَاكَ، وَلَكِن حَدِيث أبي هُرَيْرَة مُشْتَمل على الْأُمُور الْوَاجِبَة، وَحَدِيث الْبَاب مُشْتَمل على المكارمة وَقلة التشاح، وَلَا يضر فِي هَذَا عدم معرفَة الْمِقْدَار، لِأَن الْغُلَام فِيهِ لَو حلل من نصِيبه الْأَشْيَاخ وَأذن فِي إِعْطَائِهِ لَهُم لَكَانَ مَا حلل مِنْهُ غير مَعْلُوم، لِأَنَّهُ لَا يعرف مِقْدَار مَا كَانُوا يشربون، وَلَا مِقْدَار مَا كَانَ يشرب هُوَ، وَلَا شكّ أَن سَبِيل مَا يوضع للنَّاس للْأَكْل وَالشرب سَبيله المكارمة وَقلة المشاححة، فعلى هَذَا يقدر الْجَواب هُنَا: جَائِز أَو يجوز.
1542 -
حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخْبرنا مالِكٌ عنْ أبِي حازِمِ بنِ دِينارٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وعنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وعنْ يَسارِهِ الأشْيَاخُ فَقَالَ لِلْغُلامِ أتأْذَنُ لِي أنْ أُعْطِيَ هَؤُلاءِ فَقَالَ الْغُلَامُ لَا وَالله يَا رسولَ الله لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أحَداً قَالَ فَتَلَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي يَدِهِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث، لِأَنَّهُ لَو أذن الْغُلَام لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِدفع الشَّرَاب الَّذِي شرب مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الأشياح الَّذين كَانُوا على يسَاره لَكَانَ تَحْلِيل الْغُلَام غير مَعْلُوم، وَكَذَلِكَ مِقْدَار شربهم وشربه، وَكَانَ دلّ ذَلِك على جَوَازه بِلَا خلاف من غير بَيَان مِقْدَاره، وَلكنه مُقَيّد بِمثل هَذَا الْبَاب كَمَا ذكرنَا، لَا فِي الْأَبْوَاب الَّتِي تتَعَلَّق بالواجبات، وَيجْرِي الْخلاف فِيهَا، من ذَلِك مَا اخْتلف الْعلمَاء فِي هبة الْمشَاع، فَقَالَ مَالك وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر: تجوز ويتأتى فِيهَا الْقَبْض، كَمَا يجوز فِيهَا البيع، وَسَوَاء كَانَ الْمشَاع مِمَّا يقسم، كالدور وَالْأَرْض، أَو مِمَّا لَا يقسم: كَالْعَبْدِ وَالثيَاب والجواهر، وَسَوَاء مِمَّا كَانَ يقبض بِالتَّخْلِيَةِ أَو مِمَّا يقبض بالتحويل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ الْمشَاع مِمَّا يقسم لم تجز هبة شَيْء مِنْهُ مشَاعا، وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يقسم تجوز هِبته.
والْحَدِيث قد مضى فِي أَوَائِل كتاب الشّرْب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن سعيد ابْن أبي مَرْيَم عَن أبي غَسَّان عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. وَأخرجه هَهُنَا: عَن عبد الله بن يُوسُف التنيسِي عَن مَالك عَن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي: سَلمَة بن دِينَار الْأَعْرَج، وَهنا فِيهِ زِيَادَة، وَهُوَ قَوْله: فتله رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فِي يَده، فتلة، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد اللَّام وَمَعْنَاهُ: دَفعه إِلَيْهِ بِقُوَّة وعنف، قَالَه الْخطابِيّ. وَقَالَ غَيره: وَضعه فِي يَده، وَأنكر غَيره هَذِه، وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى:{وتله للجبين} (الصافات: 301) . أَي: صرعه لَكِن بِرِفْق لَا بعنف، وَقَالَ ابْن التِّين: من قَالَ: الْغُلَام، ابْن عَبَّاس، يُؤْخَذ مِنْهُ أَن الصَّبِي يُسمى غُلَاما، وَمن قَالَ: إِنَّه الْفضل، أَخذ مِنْهُ أَن الْبَالِغ يُسمى غُلَاما.
31 -
(بابُ إثْمِ مَنْ ظَلَمَ شَيْئاً مِنَ الأرْضِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من ظلم شَيْئا من الأَرْض، يَعْنِي: استولى عَلَيْهِ. وَفِيه: إِشَارَة إِلَى أَن الْغَصْب يتَحَقَّق فِي الْعقار، وَأَنه لَيْسَ بمخصوص بِمَا يحول وينقل. وَفِيه: خلاف نذكرهُ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَلم يذكر جَوَاب: من، اكْتِفَاء بِمَا فِي الحَدِيث.
25 -
(حَدثنَا أَبُو الْيَمَان قَالَ أخبرنَا شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ قَالَ حَدثنِي طَلْحَة بن عبد الله أَن
عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن سهل قَالَ أخبرهُ أَن سعيد بن زيد رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يَقُول من ظلم من الأَرْض شَيْئا طوقه من سبع أَرضين) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن قَوْله شَيْئا فِي التَّرْجَمَة يتَنَاوَل قدر شبر وَمَا فَوْقه وَمَا دونه وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع الْحِمصِي وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب وَطَلْحَة بن عبد الله بن عَوْف بن أخي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن سهل الْأنْصَارِيّ الْمدنِي وَقد ينْسب إِلَى جده وَقد نسبه الْمزي الْأنْصَارِيّ أَيْضا وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إِلَّا هَذَا الحَدِيث فَقَط وَفِي هَذَا السَّنَد ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد وهم الزُّهْرِيّ وَطَلْحَة وَعبد الرَّحْمَن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَسَعِيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل الْقرشِي أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ أسلم قَدِيما وَكَانَ مجاب الدعْوَة وَقد أسقط بعض أَصْحَاب الزُّهْرِيّ فِي روايتهم عَنهُ هَذَا الحَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن سهل وجعلوه من رِوَايَة طَلْحَة عَن سعيد بن زيد نَفسه وَفِي مسندي أَحْمد وَأبي يعلى وصحيح ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق ابْن إِسْحَق حَدثنِي الزُّهْرِيّ عَن طَلْحَة بن عبد الله قَالَ أَتَتْنِي أروى بنت أويس فِي نفر من قُرَيْش فيهم عبد الرَّحْمَن بن سهل فَقَالَت إِن سعيدا انْتقصَ من أرضي إِلَى أرضه مَا لَيْسَ لَهُ وَقد أَحْبَبْت أَن تأتوه فتكلموه قَالَ فَرَكبْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ بأرضه بالعقيق فَذكر الحَدِيث وَقَالَ الْكرْمَانِي رُوِيَ أَن مَرْوَان أرسل إِلَى سعيد نَاسا يكلمونه فِي شَأْن أروى بنت أويس وَكَانَت شكته إِلَى مَرْوَان فِي أَرض فَقَالَ سعيد تروني ظلمتها وَقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يَقُول الحَدِيث فَترك سعيد لَهَا مَا ادَّعَت وَقَالَ اللَّهُمَّ إِن كَانَت كَاذِبَة فَلَا تمتها حَتَّى تعمي بصرها وَتجْعَل قبرها فِي بِئْر قَالُوا فوَاللَّه مَا مَاتَت حَتَّى ذهب بصرها فَجعلت تمشي فِي دارها فَوَقَعت فِي بِئْرهَا قَوْله " طوقه " على بِنَاء الْمَجْهُول قَالَ الْخطابِيّ لَهُ وَجْهَان أَحدهمَا أَنه يُكَلف نقل مَا ظلم مِنْهَا فِي الْقِيَامَة إِلَى الْمَحْشَر فَيكون كالطوق فِي عُنُقه وَالْآخر أَن يُعَاقب بالخسف إِلَى سبع أَرضين كَمَا فِي الحَدِيث الآخر الَّذِي بعده وَقَالَ النَّوَوِيّ وَأما التطويق فَقَالُوا يحْتَمل أَن مَعْنَاهُ أَن يحمل مِنْهُ من سبع أَرضين ويكلف إطاقته ذَلِك أَو يَجْعَل لَهُ كالطوق فِي عُنُقه وَيطول الله عُنُقه كَمَا جَاءَ فِي غلظ جلد الْكَافِر وَعظم ضرسه أَو يطوق اثم ذَلِك وَيلْزم كلزوم الطوق بعنقه وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ هُوَ من تطويق التَّكْلِيف لَا من التَّقْلِيد قَالَ وَلَيْسَ ذَلِك بممتنع فَإِنَّهُ صَحَّ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - أَنه قَالَ " لَا أَلفَيْنِ أحدكُم تَأتي على رقبته بعير أَو شَاة " وَأما الْخَسْف أَن يخسف بِهِ الأَرْض بعد مَوته أَو فِي حشره وَفِي تَهْذِيب الطَّبَرِيّ بَيَان لهَذَا التطويق قَالَ حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع حَدثنَا حسن بن عَليّ حَدثنَا زَائِدَة عَن الرّبيع عَن أَيمن حَدثنِي يعلى بن مرّة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يَقُول أَيّمَا رجل ظلم شبْرًا من الأَرْض كلفه الله أَن يحفره حَتَّى يبلغ سبع أَرضين ثمَّ يطوقه يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يقْضِي بَين النَّاس وَفِي رِوَايَة الشّعبِيّ عَن أَيمن عَنهُ من سرق شبْرًا من أَرض أَو غلَّة جَاءَ يحْتَملهُ يَوْم الْقِيَامَة على عُنُقه إِلَى سبع أَرضين وَفِي رِوَايَة كلف أَن يحمل ترابها إِلَى الْمَحْشَر وَفِي التَّوْضِيح وَالصَّوَاب أَيمن عَن يعلى وَوهم ابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم فِي ظنهما أَن لأيمن صُحْبَة (قلت) وَكَذَا قَالَ الذَّهَبِيّ فِي تَجْرِيد الصَّحَابَة أَنَّهُمَا وهما فِي ذَلِك (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) فِيهِ دَلِيل أَن من ملك أَرضًا ملك أَسْفَلهَا إِلَى مُنْتَهَاهَا وَله أَن يمْنَع من حفر تحتهَا سربا أَو بِئْرا سَوَاء أضرّ ذَلِك بأرضه أَو لَا قَالَه الْخطابِيّ وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ لِأَن حكم أَسْفَلهَا تبع لأعلاها وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ وَقد اخْتلف فِيمَا إِذا حفر أرضه فَوجدَ فِيهَا معدنا أَو شبهه فَقيل هُوَ لَهُ وَقيل بل للْمُسلمين وعَلى ذَلِك فَلهُ أَن ينزل بِالْحفرِ مَا شَاءَ مَا لم يضر بجاره وَكَذَلِكَ لَهُ أَن يرفع فِي الْهَوَاء الْمُقَابل لذَلِك الْقدر من الأَرْض من الْبناء مَا شَاءَ مَا لم يضر بِأحد وَاسْتدلَّ الدَّاودِيّ على أَن السَّبع الْأَرْضين بَعْضهَا على بعض لم يفتق بَعْضهَا من بعض قَالَ لِأَنَّهُ لَو فتقت لم يطوق مِنْهَا مَا ينْتَفع بِهِ غَيره وَقيل بَين كل أَرض وَأَرْض خمس مائَة عَام مثل مَا بَين كل سَمَاء وسماء. وَفِيه تهديد عَظِيم للغصاب. وَفِيه دَلِيل على أَن الْأَرْضين سبع كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ} وَقَالَ الْكرْمَانِي وَفِيه غصب الأَرْض خلافًا للحنفية قلت رمى الْكرْمَانِي كَلَامه جزَافا من غير وقُوف على كَيْفيَّة مَذْهَب الْحَنَفِيَّة فَإِن مَذْهَبهم فِيهِ خلاف فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف الْغَصْب لَا يتَحَقَّق إِلَّا فِيمَا ينْقل ويحول لِأَن إِزَالَة الْيَد بِالنَّقْلِ وَلَا نقل فِي الْعقار فَإِذا غصب عقارا فَهَلَك فِي يَده لَا يضمن وَقَالَ مُحَمَّد يضمن وَهُوَ قَول أبي
يُوسُف الأول وَبِه قَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَأحمد لِأَن الْغَصْب عِنْدهم يتَحَقَّق فِي الْعقار وَالْخلاف فِي الْغَصْب لَا فِي الْإِتْلَاف وَبَعض مَشَايِخنَا قَالُوا يتَحَقَّق الْغَصْب فِي الْعقار أَيْضا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف لَكِن لَا على وَجه يُوجب الضَّمَان وَالْأَكْثَرُونَ على أَنه لَا يتَحَقَّق فِي الْعقار أصلا وَالِاسْتِدْلَال بِحَدِيث الْبَاب على مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ غير مُسْتَقِيم لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - جعل جَزَاء غصب الأَرْض التطوق يَوْم الْقِيَامَة وَلَو كَانَ الضَّمَان وَاجِبا لبينه لِأَن الضَّمَان من أَحْكَام الدُّنْيَا فالحاجة إِلَيْهِ أمس وَالْمَذْكُور جَمِيع جَزَائِهِ فَمن زَاد عَلَيْهِ كَانَ نسخا وَذَا لَا يجوز بِالْقِيَاسِ وَإِطْلَاق لفظ الْغَصْب عَلَيْهِ لَا يدل على تحقق الْغَصْب الْمُوجب للضَّمَان كَمَا أَنه صلى الله عليه وسلم َ - أطلق لفظ البيع على الْحر بقوله " من بَاعَ حرا " وَلَا يدل ذَلِك على البيع الْمُوجب للْحكم على أَنه جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظ أَخذ فَقَالَ من أَخذ شبْرًا من الأَرْض ظلما فَإِنَّهُ يطوقه الله يَوْم الْقِيَامَة من سبع أَرضين فَعلم أَن المُرَاد من الْغَصْب الْأَخْذ ظلما لَا غصبا مُوجبا للضَّمَان فَإِن قلت قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - " على الْيَد مَا أخذت حَتَّى ترد " يدل على ذَلِك بِإِطْلَاقِهِ وَالتَّقْيِيد بالمنقول خِلَافه قلت هَذَا مجَاز لِأَن الْأَخْذ حَقِيقَة لَا يتَصَوَّر فِي الْعقار لِأَن حد الْأَخْذ أَن يصير الْمَأْخُوذ تبعا ليده فَافْهَم
26 -
(حَدثنَا أَبُو معمر قَالَ حَدثنَا عبد الْوَارِث قَالَ حَدثنَا حُسَيْن عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَن أَبَا سَلمَة قَالَ حَدثهُ أَنه كَانَت بَينه وَبَين أنَاس خُصُومَة فَذكر لعَائِشَة رضي الله عنها فَقَالَت لَهُ يَا أَبَا سَلمَة اجْتنب الأَرْض فَإِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ من ظلم قيد شبر من الأَرْض طوقه من سبع أَرضين) مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث الْمَاضِي وَرِجَاله سَبْعَة الأول أَبُو معمر عبد الله بن عَمْرو بن الْحجَّاج المقعد الْبَصْرِيّ الثَّانِي عبد الْوَارِث بن سعيد الثَّالِث حُسَيْن الْمعلم الرَّابِع يحيى بن أبي كثير الطَّائِي الْيَمَانِيّ الْخَامِس مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ السَّادِس أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن السَّابِع أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي بَدْء الْخلق عَن عَليّ عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة وَأخرجه مُسلم فِي الْبيُوع عَن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي وَعَن إِسْحَق بن مَنْصُور قَوْله " بَين أنَاس خُصُومَة " وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق حَرْب بن شَدَّاد عَن يحيى بِلَفْظ وَكَانَ بَينه وَبَين قومه خُصُومَة فِي أَرض وَهَذَا يُفَسر أَن الْخُصُومَة كَانَت فِي أَرض وَأَنَّهَا كَانَت بَينه وَبَين قومه وَعلم مِنْهُ أَن المُرَاد من قَوْله أنَاس هم قومه وَلَكِن مَا علمت أَسمَاؤُهُم قَوْله " فَذكر لعَائِشَة " فِيهِ حذف الْمَفْعُول وَسَيَأْتِي فِي بَدْء الْخلق من وَجه آخر بِلَفْظ فَدخل على عَائِشَة فَذكر لَهَا ذَلِك قَوْله " قيد شبر " بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف أَي قدر شبر قَوْله " أَرضين " بِفَتْح الرَّاء وَجَاء إسكانها أَيْضا -
4542 -
حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا عبْدُ الله بنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حدَّثنا مُوساى بنُ عُقْبَةَ عنْ سالِمٍ عنْ أبِيهِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ أخذَ مِنَ الأرْضِ شَيْئاً بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ إلَى سَبْعِ أرْضِينَ. (الحَدِيث 4542 طرفه فِي: 6913) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (من أَخذ من الأَرْض شَيْئا بِغَيْر حَقه) ، لِأَن الْأَخْذ بِغَيْر الْحق ظلم، وَرِجَاله كلهم ذكرُوا غير مرّة، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عمر يروي عَن أَبِيه.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي بَدْء الْخلق عَن بشر بن مُحَمَّد عَن ابْن الْمُبَارك.
قَوْله: (شَيْئا) يتَنَاوَل قَلِيلا وَكَثِيرًا قَوْله: (خسف بِهِ)، أَي: بذلك الشَّيْء الَّذِي أَخذه من الأَرْض بِغَيْر حق، وَقد ذكرنَا أَنه يخسف بِهِ بعد مَوته، أَو فِي حشره، وَلَكِن بعد أَن ينْقل جَمِيع مَا أَخذه إِلَى سبع أَرضين، وَيجْعَل كُله فِي عُنُقه طوقاً ثمَّ يخسف بِهِ، وروى الطَّبَرِيّ وَابْن حبَان من حَدِيث يعلى بن مرّة مَرْفُوعا، الحَدِيث مضى فِي الْبَاب الَّذِي قبله، وروى ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَاد حسن من حَدِيث أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ:(أعظم الْغلُول يَوْم الْقِيَامَة ذِرَاع أَرض يسرقه الرجل فيطوقه من سبع أَرضين) .
قَالَ الْفِربْرِي قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بنُ أبي حاتِمٍ
أَبُو جَعْفَر: هُوَ مُحَمَّد بن أبي حَاتِم البُخَارِيّ وراق البُخَارِيّ، وَقد ذكر عَنهُ الْفربرِي فِي هَذَا الْكتاب فَوَائِد كَثِيرَة عَن البُخَارِيّ وَغَيره، وَثبتت هَذِه الْفَائِدَة فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن مشايخه الثَّلَاثَة، وَسَقَطت لغيره. فَافْهَم.
قَالَ أبُو عَبْدِ الله هذَا الحَدِيثُ لَيْسَ بُخُرَاسَانَ فِي كِتابِ ابنُ الْمُبارَكِ أمْلاهُ عَلَيْهِمْ بالْبَصْرَةِ
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله: (هَذَا الحَدِيث)، أَشَارَ بِهِ إِلَى حَدِيث الْبَاب. قَوْله:(لَيْسَ بخراسان فِي كتاب ابْن الْمُبَارك) ، أَرَادَ أَن عبد الله بن الْمُبَارك صنف كتبه بخراسان، وَحدث بهَا هُنَاكَ، وَحملهَا عَنهُ أَهلهَا، إلَاّ هَذَا الحَدِيث فَإِنَّهُ أملاه عَلَيْهِم بِالْبَصْرَةِ. قَوْله:(فِي كتاب)، ويروى: فِي كتب. قَوْله: (أملاه) ، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي: أمْلى عَلَيْهِم، بِحَذْف الْمَفْعُول، وَهُوَ الضَّمِير الْمَنْصُوب. قيل: لَا يلْزم من كَونه لَيْسَ فِي كتبه الَّتِي حدث بهَا فِي خُرَاسَان أَن لَا يكون حدث بِهِ بخراسان، فَإِن نعيم بن حَمَّاد الْمروزِي مِمَّن حمل عَنهُ بخراسان، وَقد حدث عَنهُ بِهَذَا الحَدِيث، وَأخرجه أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه) من طَرِيقه، وَيحْتَمل أَن يكون نعيم أَيْضا إِنَّمَا سَمعه من ابْن الْمُبَارك بِالْبَصْرَةِ، وَهُوَ من غرائب الصَّحِيح، وَالله سبحانه وتعالى أعلم بِالصَّوَابِ.