الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} (النِّسَاء: 6) . فَهَذَا مُبَاح عِنْد الْحَاجة، وَالْوَقْف كَذَلِك، وَلَيْسَ هَذَا مثل من اؤتمن على مَال غَيره لغير الصَّدَقَة فَأعْطى مِنْهُ فَقِيرا بِغَيْر إِذن ربه، فَإِنَّهُ لَا يجوز ذَلِك بِالْإِجْمَاع.
3132 -
حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا سُفْيانُ عنْ عَمْرٍ وَقَالَ فِي صدَقَةِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ لَيْسَ علَى الوَلِيِّ جُناحٌ أَن يأكُلَ ويُؤْكِلَ صَدِيقاً غَيْرَ مُتَأثِّلٍ فكانَ ابنُ عُمَرَ هُوَ يَلِي صَدَقَةَ عُمَرَ يُهْدِي لِلنَّاسِ مِنْ أهْلِ مَكَّةَ كانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِم. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن التَّرْجَمَة تَتَضَمَّن أَرْبَعَة أَشْيَاء، والْحَدِيث يشملها، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة الْمَكِّيّ وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار الْمَكِّيّ.
قَوْله: (قَالَ فِي صَدَقَة عمر) إِلَى آخِره، قَالَ الْكرْمَانِي، رحمه الله: صَدَقَة، بِالتَّنْوِينِ، وَعمر، فَاعل، هَذَا على سَبِيل الْإِرْسَال، إِذْ هُوَ لم يدْرك عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِي بَعْضهَا: صَدَقَة عمر، بِالْإِضَافَة، وَفِي بَعْضهَا: عَمْرو، بِالْوَاو، فالقائل بِهِ هُوَ ابْن دِينَار، أَي: قَالَ ابْن دِينَار فِي الْوَقْف الْعمريّ ذَلِك، وَقَالَ بَعضهم فِي صَدَقَة عمر، أَي: فِي رِوَايَته لَهَا عَن ابْن عمر كَمَا جزم بذلك الْمزي فِي (الْأَطْرَاف) . قلت: لم يذكر الْمزي هَذَا فِي الْأَطْرَاف) أصلا، وَإِنَّمَا قَالَ بعد الْعَلامَة بِحرف الْخَاء الْمُعْجَمَة: حَدِيث عَمْرو بن دِينَار
…
إِلَى آخِره، مَا ذكره البُخَارِيّ، ثمَّ قَالَ: مَوْقُوف، وَالصَّوَاب الْمُحَقق مَا قَالَه الْكرْمَانِي، وَالتَّقْدِير الَّذِي قدره هَذَا الْقَائِل خلاف الأَصْل، وَلَا ثمَّة دَاع يَدعُوهُ إِلَى ذَلِك، وَقَوله، ويوضحه رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عمر: لَا يسْتَلْزم مَا ذكره من التَّقْدِير الْمَذْكُور بالتعسف. قَوْله: (لَيْسَ على الْوَلِيّ) أَي: الَّذِي يتَوَلَّى أَمر الْوَقْف، قَوْله:(جنَاح) أَي: إِثْم، قَوْله:(أَن يَأْكُل)، أَي: بِأَن يَأْكُل مِنْهُ. قَوْله: (أَو يُؤْكَل) ، بِضَم الْيَاء وَكسر الْكَاف، وَهُوَ من الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ. قَوْله:(صديقا)، نصب على أَنه مفعول: يُؤْكَل. قَوْله: (لَهُ)، أَي: للوالي، وَهُوَ جملَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا صفة لقَوْله: صديقا، قَوْله:(غير متاثل) ، نصب على الْحَال من بَاب التفعل، بِالتَّشْدِيدِ، أَي: غير جَامع، يُقَال: مَال مؤثل، ومجد مؤثل أَي: مَجْمُوع ذُو أصل، وَاثِلَة الشَّيْء أَصله، فالمتأثل من يجمع مَالا ويجعله أَلا. قَوْله:(مَالا) مَنْصُوب بِهِ. قَوْله: (فَكَانَ)، أَي: ابْن عمر إِلَى آخِره، فَأَشَارَ إِلَيْهِ الْمزي أَنه مَوْقُوف، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قلت: قد ذكرنَا أَن الْكرْمَانِي صرح بِأَنَّهُ مُرْسل، فَكيف يكون الْمَعْطُوف على الْمُرْسل مَوْصُولا؟ قَوْله:(يهدي)، بِضَم الْيَاء من الإهداء. قَوْله:(للنَّاس)، ويروى: لناس بِدُونِ الْألف، وَاللَّام. قَوْله:(كَانَ) أَي: ابْن عمر: (ينزل عَلَيْهِم) أَي: على النَّاس، وَهَذِه الْجُمْلَة حَال بِتَقْدِير: قد، كَمَا فِي قَوْله:{أوجاؤكم حصرت} (النِّسَاء: 09) . أَي: قد حصرت.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: جَوَاز أكل الْوَلِيّ على الْوَقْف وإيكاله غَيره بِالْمَعْرُوفِ، وَقد أَخذ هَذَا من قَوْله تَعَالَى:{وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} (النِّسَاء: 09) . وَهَذَا فِي مَال الْيَتِيم، وَفِي مَال الْوَقْف أَهْون من ذَلِك، وَقَالَ الْمُهلب: هَذَا مُبَاح عِنْد الْحَاجة، وَهَذَا سنة الْوَقْف: أَن يَأْكُل مِنْهُ الْوَلِيّ ويؤكل لِأَن الْحَبْس لهَذَا حبس. وَقَالَ ابْن التِّين: فِيهِ: أَن النَّاس فِي أوقافهم على شروطهم، وأهداه ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، كَانَ على وَجْهَيْن: أَحدهمَا للشّرط الَّذِي فِي الْوَقْف أَن يُؤْكَل صديقا لَهُ، وَالْآخر: أَنه كَانَ ينزل على الَّذين يهدى إِلَيْهِم مُكَافَأَة عَن طعامهم، فَكَأَنَّهُ هُوَ أكله. وَفِيه: الاستضافة ومكافأة الضَّيْف، وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِي هَذَا الْبَاب مستقصىً فِي كتاب الْوَقْف، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
31 -
(بابُ الوَكالَة فِي الحُدودِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْوكَالَة فِي إِقَامَة الْحُدُود.
4132
- 5132 حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ أخبرنَا اللَّيْثُ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ زَيْدِ بنِ خالِدٍ وَأبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ واغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأةِ هذَا فإنِ اعْتَرَفَتْ فارْجُمْهَا
…
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أغد يَا أنيس) إِلَى آخِره، فَإِن أمره بذلك تَفْوِيض لَهُ.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، وَزيد بن خَالِد يكنى أَبَا طَلْحَة الْجُهَنِيّ الصَّحَابِيّ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ فِي ثَمَانِيَة مَوَاضِع فِي الندور وَفِي الْمُحَاربين وَفِي الصُّلْح وَفِي الْأَحْكَام وَفِي الشُّرُوط وَفِي الِاعْتِصَام وَفِي خبر الْوَاحِد وَفِي الشَّهَادَات. وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن قُتَيْبَة وَعَن عَمْرو النَّاقِد وَعَن أبي الطَّاهِر وحرملة وَعَن عبد بن حميد. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن إِسْحَاق بن مُوسَى وَعَن نصر بن عَليّ وَغير وَاحِد كلهم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْقَضَاء وَفِي الرَّجْم عَن قُتَيْبَة وَفِي الْقَضَاء والشروط عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَعَن الْحَارِث بن مِسْكين وَفِي الرَّجْم عَن مُحَمَّد بن يحيى وَعَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَعَن عبد الْعَزِيز بن سَلمَة وَعَن مُحَمَّد بن رَافع. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْحُدُود من أبي بكر بن أبي شيبَة وَهِشَام بن عمار وَمُحَمّد بن الصَّباح.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قَالَ: واغد يَا أنيس)، طرف من حَدِيث طَوِيل أخرجه فِي كتاب الْمُحَاربين فِي: بَاب الِاعْتِرَاف بِالزِّنَا، حَدثنَا عَليّ بن عبد الله أخبرنَا سُفْيَان، قَالَ: حفظناه من الزُّهْرِيّ، قَالَ: أَخْبرنِي عبيد الله أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة وَزيد ابْن خَالِد، قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَامَ رجل فَقَالَ: أنْشدك الله إلَاّ قضيت بَيْننَا بِكِتَاب الله، فَقَامَ خَصمه وَكَانَ أفقه مِنْهُ، فَقَالَ: اقْضِ بَيْننَا بِكِتَاب الله وإيذن لي، قَالَ: قل. قَالَ: إِن ابْني كَانَ عسيفاً على هَذَا فزنى بامرأته، فَافْتَدَيْت مِنْهُ بِمِائَة شَاة وخادم، ثمَّ سَأَلت أهل الْعلم فَأَخْبرُونِي أَن على ابْني جلد مائَة وتغريب عَام، وعَلى امْرَأَته الرَّجْم. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأقضين بَيْنكُمَا بِكِتَاب الله، جلّ ذكره: الْمِائَة شَاة وَالْخَادِم مَرْدُود، وعَلى ابْنك جلد مائَة وتغريب عَام، وأغد يَا أنيس على امْرَأَة هَذَا، فَإِن اعْترفت فارجمها. فغدا عَلَيْهَا فَاعْترفت فرجمها
…
الحَدِيث، وَذكر هُنَا هَذِه الْقطعَة لأجل التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة. قَوْله:(واغدُ) أَمر من: غَدا يَغْدُو، وبالغين الْمُعْجَمَة من الغدو، وَهُوَ الذّهاب وَهُوَ عطف على مَا تقدم عَلَيْهِ فِي الحَدِيث. قَوْله:(يَا أنيس) تَصْغِير أنس، وَهُوَ أنيس بن الضَّحَّاك الْأَسْلَمِيّ، وَيُقَال: مكبرا، ذكر لَهُ عمر حَدِيثا، وَإِنَّمَا خصّه من بَين الصَّحَابَة قصدا إِلَى أَنه لَا يُؤمر فِي الْقَبِيلَة إلَاّ رجل مِنْهُم لنفورهم عَن حكم غَيرهم، وَكَانَت الْمَرْأَة أسلمية.
وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الْوكَالَة فِي الْحُدُود وَالْقصاص، فَذهب أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِلَى أَنه لَا يجوز قبُولهَا فِي ذَلِك، وَلَا يُقَام الْحَد وَالْقصاص حَتَّى يحضر الْمُدَّعِي، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَجَمَاعَة: تقبل الْوكَالَة فِي ذَلِك، وَقَالُوا: لَا فرق بَين الْحُدُود وَالْقصاص والديون إلَاّ أَن يَدعِي الْخصم أَن صَاحبه قد عَفا عَنهُ فتوقف عَن النّظر فِيهِ حَتَّى يحضر.
6132 -
حدَّثنا ابنُ سَلَاّمٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عنْ أيُّوبَ عنِ ابنِ أبِي مُلَيْكَة عنْ عُقْبَةَ بنِ الحارِثِ قالَ جِيءَ بالنُّعَيْمَانِ أَو ابنِ النُّعَيْمانِ أَو ابنِ النُّعَيْمَانِ شارِباً فأمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منْ كانَ فِي البَيْتِ أنْ يَضْرِبوا قَالَ فكُنتُ أَنا فِيمَنْ ضَرَبَهُ فضَرَبناهُ بالنِّعالَ والجَرِيدِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَأمر من كَانَ فِي الْبَيْت أَن يضربوه) ، لِأَن الإِمَام إِذا لم يتول إِقَامَة الْحَد بِنَفسِهِ وَولى غَيره كَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة التَّوْكِيل.
وَرِجَاله: مُحَمَّد بن سَلام، قَالَ الْكرْمَانِي: الصَّحِيح البيكندي البُخَارِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَابْن أبي مليكَة، بِضَم الْمِيم هُوَ عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة، وَعقبَة بن الْحَارِث بن عَامر الْقرشِي النَّوْفَلِي الْمَكِّيّ، لَهُ صُحْبَة، أسلم يَوْم فتح مَكَّة، روى لَهُ البُخَارِيّ ثَلَاثَة أَحَادِيث.
قَوْله: (بالنعيمان)، بِالتَّصْغِيرِ. قَوْله:(أَو بِابْن النعيمان) ، شكّ من الرَّاوِي، وَوَقع عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَة: جِيءَ بنعمان أَو نعيمان، فَشك هَل هُوَ بِالتَّكْبِيرِ أَو التصغير، وَفِي رِوَايَة: بالنعيمان، بِغَيْر شكّ، وَوَقع عِنْد الزبير بن بكار فِي النّسَب من طَرِيق أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه، قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ رجل يُقَال لَهُ النعيمان، يُصِيب الشَّرَاب
…
فَذكر الحَدِيث نَحوه، وروى ابْن مَنْدَه من حَدِيث مَرْوَان بن قيس السّلمِيّ من صحابة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم