الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى عبد الرَّزَّاق أَن عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْتقط حبا أَو حَبَّة من رمان فَأكلهَا، وَعَن ابْن عمر أَنه وجد تَمْرَة فَأَخذهَا فَأكل نصفهَا ثمَّ لقِيه مِسْكين فَأعْطَاهُ النّصْف الآخر. وَفِيه: إِسْقَاط الْغرم عَن أكل الطَّعَام الْمُلْتَقط، وَقيل: يضمنهُ وَإِن أكله مُحْتَاجا إِلَيْهِ، ذكره ابْن الْجلاب.
2342 -
وَقَالَ يَحْياى حدَّثنا سُفيانُ قَالَ حدَّثني مَنصُورً وَقَالَ زَائِدَةُ عنْ مَنْصُورٍ عنْ طَلْحَةَ قَالَ حدَّثنا أنَسٌ وحدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أخبرنَا عبْدُ الله قَالَ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّه عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنِّي لأَنقَلَّبُ إلاى أَهلِي فأجِدُ التَّمْرَةَ ساقِطَة عَلَى فِرَاشي فأرْفَعُهَا لِآكُلَها ثُمَّ أخْشَى أنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيها.
يحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.
وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله مُسَدّد فِي مُسْنده عَن يحيى، وَأخرجه الطَّحَاوِيّ من طَرِيق مُسَدّد.
قَوْله: (وَقَالَ زَائِدَة)، أَي: ابْن قدامَة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله مُسلم، فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن زَائِدَة عَن مَنْصُور عَن طَلْحَة بن مصرف، قَالَ: حَدثنَا أنس بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مر بتمرة فِي الطَّرِيق فَقَالَ: لَوْلَا أَن تكون من الصَّدَقَة لأكلتها. قَوْله: (عبد الله) ، هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَمعمر، بِفَتْح الميمين: هُوَ ابْن رَاشد، وَهَمَّام، بتَشْديد الْمِيم على وزن فعال: ابْن مُنَبّه بن كَامِل الْيَمَانِيّ الأبناوي، وَهَذَا الحَدِيث مضى فِي كتاب الْبيُوع فِي: بَاب مَا يتنزه من الشُّبُهَات مُعَلّقا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله:(فألقيها)، بِضَم الْهمزَة: من الْإِلْقَاء وَهُوَ الرَّمْي، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فألقيها بِالرَّفْع لَا غير، يَعْنِي: لَا يجوز نصب الْيَاء فِيهِ لِأَنَّهُ مَعْطُوف على قَوْله: فارفعها، فَإِذا نصب رُبمَا يظنّ أَنه عطف على قَوْله: أَن تكون، فَيفْسد الْمَعْنى.
7 -
(بابٌ كَيْفَ تُعَرَّفُ لَقَطَةُ أهْلِ مَكَّةَ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ كَيفَ تعرف، بِالتَّشْدِيدِ من التَّعْرِيف على صِيغَة الْمَجْهُول، وَهَذِه التَّرْجَمَة تبين إِثْبَات لقطَة الْحرم، وَفِيه رد على من يَقُول: لَا يلتقط لقطَة أهل الْحرم، وَاسْتَدَلُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ مُسلم بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان التَّيْمِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن لقطَة الْحَاج، وأجابت الْعَامَّة عَن ذَلِك بِأَن المُرَاد التقاطها للتَّمَلُّك لَا للْحِفْظ، وَقد أوضح هَذَا حَدِيث الْبَاب، وَقيل: لم يبين أَن كَيْفيَّة لقطَة الْحرم مثل كَيْفيَّة لقطَة غَيره فِي التَّعْرِيف وَالتَّمْلِيك أم هِيَ مقتصرة على الْحِفْظ فِيهِ؟ قلت: بل هِيَ مقتصرة على الْحِفْظ فَقَط، يدل عَلَيْهِ حَدِيث الْبَاب، وَاكْتفى بِمَا فِي الحَدِيث عَن تَصْرِيح ذَلِك فِي التَّرْجَمَة.
وقالَ طَاوُوسٌ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يَلْتَقِطُ لُقْطَتَها إلَاّ مَنْ عَرَّفَها
هَذَا قِطْعَة من حَدِيث وَصلهَا البُخَارِيّ فِي الْحَج فِي: بَاب لَا يحل الْقِتَال. قَوْله: (لَا يلتقط لقطتهَا)، أَي: لقطَة أهل مَكَّة (إلَاّ من عرفهَا) يَعْنِي: للْحِفْظ لصَاحِبهَا.
وَقَالَ خالِدٌ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لَا تُلْتَقَطُ لُقْطَتُها إلَاّ لِمُعَرِّفٍ
خَالِد هُوَ الْحذاء، وَهَذَا أَيْضا قِطْعَة وَصلهَا البُخَارِيّ فِي أَوَائِل الْبيُوع فِي: بَاب مَا قيل فِي الصواغ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
3342 -
وَقَالَ أحْمَدُ بنُ سَعْدٍ قَالَ حدَّثنا رَوْحٌ قَالَ حدَّثنا زَكَرِيَّاءُ قَالَ حدَّثنا عَمْرُو بنُ دِينار عَن عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يُعْضَدُ عِضاهُما ولَا يُنَفَّرُ صَيْدُها ولَا تَحل لُقْطَتُها إلَاّ لِمُنْشِدٍ وَلَا يُخْتَلاى خِلَاها فَقَالَ عبَّاسٌ يَا رسولَ الله إلَاّ الْإذْخِرَ فَقَالَ إلَاّ الْإذْخِرَ. .
اخْتلف فِي أَحْمد بن سعيد هَذَا، فَقَالَ مُحَمَّد بن طَاهِر الْمَقْدِسِي: هُوَ ابو عبد الله أَحْمد بن سعيد الرباطي، وَقَالَ أَبُو نعيم: هُوَ أَحْمد بن سعيد الدَّارمِيّ، وروح هُوَ ابْن عبَادَة، وزكرياء هُوَ ابْن إِسْحَاق الْمَكِّيّ. وَوصل هَذَا التَّعْلِيق الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق الْعَبَّاس ابْن عبد الْعَظِيم، وَأَبُو نعيم من طَرِيق خلف بن سَالم، كِلَاهُمَا عَن روح بن عبَادَة.
قَوْله: (لَا يعضد) بِالْجَزْمِ، أَي: لَا يقطع، وَقَالَ الْكرْمَانِي: بِالْجَزْمِ وَالرَّفْع. قلت: الْجَزْم على أَنه نهي، وَالرَّفْع على أَنه نفي، والعضاه شجر أم غيلَان، وكل شجر لَهُ شوك عَظِيم، الْوَاحِدَة عضة بِالتَّاءِ، وَأَصلهَا عضهة. وَقيل: واحدته عضاهة، وعضهت العضاه: إِذا قطعتها. قَوْله: (إلَاّ لِمُنْشِد) ، وَهُوَ المعرّف، يُقَال: أنشدته، أَي: عَرفته. وَقَالَ ابْن بطال: قيل: معنى المنشد من سمع ناشده يَقُول: من أصَاب كَذَا، فَحِينَئِذٍ يجوز للملتقط أَن يرفعها لكَي يردهَا. وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل: المنشد الطَّالِب، وَهُوَ صَاحبهَا، وَقَالَ أَبُو عبيد: لَا يجوز فِي الْعَرَبيَّة أَن يُقَال للطَّالِب: المنشد، إِنَّمَا هُوَ الْمُعَرّف، والطالب الناشد، وَقيل: إِنَّمَا لَا يتَمَلَّك لقطتهَا لِإِمْكَان إيصالها إِلَى رَبهَا إِن كَانَت للمكي، فَظَاهر، وَإِن كَانَت للغريب فيقصد فِي كل عَام من أقطار الأَرْض إِلَيْهَا فيسهل التَّوَصُّل إِلَيْهَا. قَوْله:(وَلَا يخْتَلى خَلاهَا) ، الخلا مَقْصُورا النَّبَات الرطب الرَّقِيق مَا دَامَ رطبا، واختلاؤه قطعه، واختلت الأَرْض كثر خَلاهَا، فَإِذا يبس فَهُوَ حشيش، والإذخر، بِكَسْر الْهمزَة: حشيشة طيبَة الرَّائِحَة يسقف بهَا الْبيُوت فَوق الْخشب، وهمزتها زَائِدَة، قَالَه ابْن الْأَثِير، وَاخْتلف الْعلمَاء فِي لقطَة مَكَّة، فَقَالَت طَائِفَة: حكمهَا كَحكم سَائِر الْبلدَانِ، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: وروينا هَذَا القَوْل عَن عمر وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَابْن الْمسيب، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد، وَقَالَت طَائِفَة: لَا تحل أَلْبَتَّة، وَلَيْسَ لواجدها إلَاّ إنشادها، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَابْن مهْدي وَأبي عبيد بن سَلام.
4342 -
حدَّثنا يَحْياى بنُ موساى قَالَ حدَّثنا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ قَالَ حدَّثنا اْلأوْزَاعِي قَالَ حدَّثني يَحْياى بنُ أبِي كَثيرٍ قَالَ حدَّثني أبُو سلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ قَالَ حدَّثني أبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ لَمَّا فَتَحَ الله علَى رَسولِهِ صلى الله عليه وسلم مكَّةَ قامَ فِي النَّاسِ فَحمِدَ الله وأثْنى علَيْهِ ثُمَّ قالَ إنَّ الله حبَسَ عنْ مَكَّةَ الفِيلَ وسَلَّطَ علَيْها رسولَهُ والْمُؤْمِنينَ فإنَّها لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كانَ قَبْلي وإنَّها أُحِلَّتْ لي سَاعَة مِنْ نَهَارٍ وإنَّهَا لَا تَحِلُّ لَأَحَدٍ بَعْدِي فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُها وَلَا يخْتَلاى شَوْكُهَا وَلَا تَحلُّ ساقِطَتُها إلَاّ لِمُنْشِدٍ ومَنْ قُتِلَ لَهُ قَتيلٌ فَهْوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إمَّا أنْ يُفْداى وإمَّا أنْ يُقِيدَ فَقَالَ العبَّاسُ إلَاّ الإذْخِرَ فإنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنا وبُيُوتِنَا فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلَاّ الإذْخِرَ فقامَ أَبُو شاهٍ رَجُلٌ مِنْ أهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ اكْتُبُوا لِي يَا رسولَ الله فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم اكْتُبُوا لِأَبِي شاهٍ قُلْتُ لِلأوْزَاعِيِّ مَا قَوْلُهُ اكْتُبُوا لِي يَا رسولَ الله قَالَ هاذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَها مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا تحل ساقطتها إِلَّا لِمُنْشِد) .
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: يحيى بن مُوسَى ابْن عبد ربه أَبُو زَكَرِيَّاء السّخْتِيَانِيّ الْبَلْخِي، يُقَال لَهُ: خت. الثَّانِي: الْوَلِيد بن مُسلم، بِلَفْظ الْفَاعِل من الْإِسْلَام.
الثَّالِث: عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ. الرَّابِع: يحيى بن أبي كثير وَاسم أبي كثير صَالح. الْخَامِس: أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَهَذَا من الغرائب، أَن كل وَاحِد من الروَاة صرح بِالتَّحْدِيثِ. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده. وَفِيه: أَن الْوَلِيد وَالْأَوْزَاعِيّ شاميان وَيحيى يمامي وَأَبُو سَلمَة مدنِي. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ. وَفِيه: ثَلَاثَة من المدلسين على نسق وَاحِد.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن زُهَيْر بن حَرْب وَعبيد الله بن سعيد، كِلَاهُمَا عَن الْوَلِيد بن مُسلم بِهِ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل عَن الْوَلِيد بن مُسلم بِهِ إلَاّ أَنه لم يذكر قصَّة أبي شاه، وَفِي الْعلم عَن مُؤَمل بن الْفضل عَن الْوَلِيد بن مُسلم بِهِ مُخْتَصرا، وَعَن عَليّ بن سهل الرَّمْلِيّ عَن الْوَلِيد بن مُسلم وَفِي الدِّيات عَن الْعَبَّاس ابْن الْوَلِيد بن يزِيد عَن أَبِيه عَن الْأَوْزَاعِيّ بِبَعْضِه. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الدِّيات عَن مَحْمُود بن غيلَان وَيحيى بن مُوسَى، كِلَاهُمَا عَن الْوَلِيد بن مُسلم بِبَعْضِه، وَفِي الْعلم بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن الْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن يزِيد عَن أَبِيه وَعَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وَعَن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الدِّيات عَن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم دُحَيْم عَن الْوَلِيد بن مُسلم بِبَعْضِه: من قتل لَهُ قَتِيل إِلَى قَوْله: يفدى.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لما فتح الله على رَسُوله، صلى الله عليه وسلم، مَكَّة قَامَ فِي النَّاس) ظَاهره أَن الْخطْبَة وَقعت عقيب الْفَتْح وَلَيْسَ كَذَلِك، بل وَقعت بعد الْفَتْح عقيب قتل رجل من خُزَاعَة رجلا من بني لَيْث، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن البُخَارِيّ أخرج هَذَا الحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة من وَجه آخر فِي الْعلم فِي: بَاب كِتَابَة الْعلم، عَن أبي نعيم عَن شَيبَان عَن يحيى عَن سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة: أَن خُزَاعَة قتلوا رجلا من بني لَيْث عَام فتح مَكَّة بقتيل مِنْهُم قَتَلُوهُ، فَأخْبر بذلك النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَركب رَاحِلَته فَخَطب فَقَالَ: إِن الله قد حبس عَن مَكَّة الْفِيل أَو الْقَتْل
…
الحَدِيث. قَوْله: (الْقَتْل) فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: بِالْقَافِ وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بِالْفَاءِ وبالياء آخر الْحُرُوف، وَالْمرَاد بِهِ الْفِيل الَّذِي أخبر الله فِي كِتَابه فِي سُورَة {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل} (الْفِيل: 1) . قَوْله: (وَلَا تحل لأحد كَانَ قبلي)، كلمة: لَا، بِمَعْنى: لم، أَي: لم تحل. قَوْله: (وَلَا ينفر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من التنفير، يُقَال:(نفر ينفر نفوراً ونفاراً إِذا فر وَذهب. قَوْله: (وَلَا تحل) على بِنَاء الْمَعْلُوم والساقطة هِيَ اللّقطَة. قَوْله: (إلَاّ لِمُنْشِد) أَي، لمعرف يَعْنِي: لَا تحل لقطتهَا إلَاّ لمن يُرِيد أَن يعرفهَا فَقَط، لَا لمن أَرَادَ أَن يتملكها. قَوْله:(من قتل لَهُ قَتِيل)، قد مر أَنه صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا قَالَ هَذَا لما أخبر أَن خُزَاعَة قتلوا رجلا من بني لَيْث عَام فتح مَكَّة بقتيل مِنْهُم، أَي: بِسَبَب قَتِيل مِنْهُم. قَوْله: (فَهُوَ بِخَير النظرين)، أَي: بِخَير الْأَمريْنِ، يَعْنِي: الْقصاص وَالدية، فَأَيّهمَا اخْتَار كَانَ لَهُ إِمَّا أَن يفدى، على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: يعْطى لَهُ الْفِدْيَة، أَي: الدِّيَة، وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَغَيره: إِمَّا أَن يودى لَهُ، من وديت الْقَتِيل أديه دِيَة: إِذا أَعْطَيْت دِيَته، وَإِمَّا أَن يُقيد، أَي: يقْتَصّ، من الْقود، وَهُوَ الْقصاص وَفِي رِوَايَة: وَأما أَن يُقَاد لَهُ. قَوْله: (فَقَامَ أَبُو شاه) ، بِالْهَاءِ لَا غير، قَالَ النَّوَوِيّ: وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات بِالتَّاءِ، وَكَذَا عَن ابْن دحْيَة. وَفِي (الْمطَالع) : وَأَبُو شاه، مصروفاً ضَبطه بَعضهم، وقرأته أَنا معرفَة ونكرة. قلت: معنى قَوْله: مصروفاً، أَنه بِالتَّنْوِينِ، وَمعنى: شاه، بِالْفَارِسِيَّةِ ملك وَيجمع على شاهان، وَقد ورد النَّهْي عَن القَوْل بشاهان شاه، يَعْنِي: ملك الْمُلُوك، وَيقدم الْمُضَاف إِلَيْهِ على الْمُضَاف فِي اللُّغَة الفارسية.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهَذَا الحَدِيث مُشْتَمل على أَحْكَام: مِنْهَا: أَحْكَام تتَعَلَّق بحرم مَكَّة، وَقد مر أبحاثه فِي كتاب الْحَج. وَمِنْهَا: مَا يتَعَلَّق باللقطة، وَقد مر أبحاثها فِي كتاب اللّقطَة. وَمِنْهَا: مَا يتَعَلَّق بِكِتَاب أبي شاه، وَقد مر فِي كتاب الْعلم. وَمِنْهَا: مَا يتَعَلَّق بِالْقصاصِ وَالدية، وَهُوَ قَوْله: وَمن قتل لَهُ قَتِيل، وَقد اخْتلفُوا فِيهِ، وَهُوَ أَن من قتل لَهُ قَتِيل عمدا فَوَلِيه بِالْخِيَارِ بَين أنم يعْفُو وَيَأْخُذ الدِّيَة أَو يقْتَصّ، رَضِي بذلك الْقَاتِل أَو لم يرض، وَهُوَ مَذْهَب سعيد بن الْمسيب وَمُحَمّد بن سِيرِين وَمُجاهد وَالشعْبِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر. وَقَالَ ابْن حزم: صَحَّ هَذَا عَن ابْن عَبَّاس، وَرُوِيَ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم،