الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَزَوَّجْتَ بِكْراً أمْ ثَيِّباً أُصِيبَ عَبْدُ الله وتَرَكَ جَوَارِيَ صِغَاراً فتَزَوَّجْتُ ثَيِّباً تُعَلِّمُهُنَّ وتُؤَدِّبُهُنَّ ثُمَّ قالَ ائْتِ أهْلَكَ فَقَدِمْتُ فأخْبَرْتُ خالِي بِبَيْعِ الْجَمَلِ فَلَامَنِي فأخْبَرْتهُ بإعْيَاءِ الْجَمَلِ وبِالَّذِي كانَ مِنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَكْزِهِ إيَّاهُ فلَمَّا قَدِمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَوْتُ إلَيْهِ بِالْجَمَلِ فأعْطَانِي ثَمَنَ الجمَلِ والْجَمَلَ وسَهْمِي مَعَ الْقَوْمِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فاستشفعت بِهِ عَلَيْهِم) والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْبيُوع فِي: بَاب الْكَيْل على البَائِع والمعطي، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَبْدَانِ عَن جرير عَن مُغيرَة عَن الشّعبِيّ عَن جَابر، وَهنا أخرجه عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري التَّبُوذَكِي عَن أبي عوَانَة، بِفَتْح الْعين الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي عَن مُغيرَة بن مقسم عَن عَامر الشّعبِيّ عَن جَابر بن عبد الله، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. ولنتكلم فِيمَا لم يذكر هُنَاكَ.
قَوْله: (عبد الله) ، هُوَ أَبُو جَابر، اسْتشْهد يَوْم أحد، وَهُوَ معنى قَوْله: أُصِيب. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: عبد الله بن عَمْرو بن حرَام بن ثَعْلَبَة الخزرجي السّلمِيّ أَبُو جَابر، نقيب بَدْرِي قتل فِي أحد. قَوْله:(وَترك عيالاً)، بِكَسْر الْعين: جمع عيل، بتَشْديد الْيَاء كجياد جمع جيد، من عَال عِيَاله: مانهم وَأنْفق عَلَيْهِم، وَقد مضى أَنه ترك سبع بَنَات أَو تسعا. قَوْله:(فطلبت إِلَى أَصْحَاب الدّين)، أَي: أنهيت طلبي إِلَيْهِم، وَفِي الأَصْل: الطّلب يسْتَعْمل بِدُونِ صلَة، فَمَا قصد الْمُبَالغَة اسْتَعْملهُ بِحرف الْغَايَة. قَوْله:(صنِّف)، أَمر: من التصنيف، وَهُوَ أَن يَجْعَل الشَّيْء أصنافاً ويميز بَعْضهَا عَن بعض. قَوْله:(على حِدة) أَي: كل وَاحِد على حياله، وَالْهَاء عوض من الْوَاو. قَوْله:(عذق ابْن زيد) ، هُوَ نوع من التَّمْر جيد، و: العذق، بِفَتْح الْعين وَكسرهَا وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة، وَقيل: بِالْفَتْح، النَّخْلَة. قلت: وَفِي (التَّوْضِيح) بِخَط الدمياطي: عذق زيد، قَوْله:(واللين)، بِكَسْر اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: نوع من التَّمْر، وَقيل: التَّمْر الرَّدِيء، وَهُوَ جمع لينَة، وَهِي النَّخْلَة، قَالَه ابْن عَبَّاس، أَو النّخل كُله مَا خلا البرني، وَقَالَ الْكرْمَانِي: اللين اللوان التَّمْر مَا خلا الْعَجْوَة، وَأما الْعَجْوَة فَهِيَ من أَجود تمور الْمَدِينَة، وَيُقَال: أهل الْمَدِينَة يسمون الْعَجْوَة ألواناً، وَقيل: اللين الدقل، وَأَصله: لون، قلبت الواء يَاء لانكسار مَا قبلهَا. قَوْله:(وَقَالَ لكل رجل) أَي: أعْطى لكل رجل من أَصْحَاب الدُّيُون حَتَّى استوفى حَقه، وَقد مر أَن: قَالَ، يسْتَعْمل لمعان كَثِيرَة، فَكل معنى بِحَسب مَا يَلِيق بِهِ. قَوْله:(كَمَا هُوَ)، كلمة: مَا، مَوْصُولَة مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف أَو زَائِدَة، أَي: كمثله، وَفِي رِوَايَة: بَقِي مِنْهُ بَقِيَّة، وَفِي أُخْرَى: بَقِي مِنْهُ أوسق، وَفِي رِوَايَة: بَقِي مِنْهُ سَبْعَة عشر وسْقا. قَوْله: (لم يمس)، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله:(على نَاضِح)، بالضاد الْمُعْجَمَة والحاء الْمُهْملَة: وَهُوَ الْجمل الَّذِي يسقى عَلَيْهِ النّخل. قَوْله: (فأزحف الْجمل)، أَي: كل وأعيى، ومادته: زَاي وحاء مُهْملَة وَفَاء، يُقَال: أزحفه الْمسير إِذا أعياه، وَأَصله أَن الْبَعِير إِذا تَعب يجر رسنه، وَكَأَنَّهُ كنى بقوله: أزحف، على بِنَاء الْفَاعِل عَن جَرّه الرسن عَن الإعياء. وَقَالَ ابْن التِّين: صَوَابه: فزحف، ثلاثي إلَاّ أَنه ضبط بِضَم الْهمزَة وَكسر الْحَاء فِي أَكثر النّسخ، وَفِي بَعْضهَا بِفَتْحِهَا، وَالْأول أبين. قَوْله:(فوكزه) بالزاي، أَي: ضربه بالعصا، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والحموي: وركزه، بالراء مَوضِع الْوَاو، أَي: ركز فِيهِ العصي، وَالْمرَاد بِهِ الْمُبَالغَة فِي ضربه بهَا. قَوْله:(وَلَك ظَهره إِلَى الْمَدِينَة) ، أَرَادَ بِهِ ركُوبه عَلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَة، قَوْله: فلامني، من اللوم، وَكَانَ لومه إِمَّا لكَونه مُحْتَاجا إِلَيْهِ، وَإِمَّا لكَونه بَاعه النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلم يَهبهُ مِنْهُ. قَوْله:(وسهمي)، بِالنّصب أَي: وَأَعْطَانِي أَيْضا سهمي من الْغَنِيمَة، ويروى: فسهمني، بِلَفْظ فعل الْمَاضِي، وَفِيه فَوَائِد كَثِيرَة ذَكرنَاهَا هُنَاكَ.
91 -
(بابُ مَا يُنْهَى عنْ إضاعَةِ الْمَالِ وقَوْلِ الله تَعَالَى وَالله لَا يُحِبُّ الْفسَادَ وإنَّ الله لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعالى {أصَلَوَاتُكَ تَأْمُرُكَ أنْ نَتْرُكَ مَا يَعبُد آبَاؤُنَا أوْ أنْ نَفْعَلَ فِي أمْوَالِنا مَا
نَشاءُ} (هود: 78) . وَقَالَ تَعَالَى: {ولَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أمْوَالَكُمْ} (النِّسَاء: 5) . والحَجْرِ فِي ذَلِكَ وَمَا يُنْهَى عنِ الخِدَاعِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان النَّهْي عَن إِضَاعَة المَال. وَكلمَة: مَا، مَصْدَرِيَّة، وإضاعة المَال صرفه فِي غير وَجهه، وَقيل: إِنْفَاقه فِي غير طَاعَة الله تَعَالَى، والإسراف والتبذير.
قَوْله: (وَقَول الله) بِالْجَرِّ عطف على مَا قبله. قَوْله: (وَالله لَا يحب الْفساد) ، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: إِن الله لَا يحب الْفساد، وَالْأول هُوَ الَّذِي وَقع فِي التِّلَاوَة، وَالثَّانِي سَهْو من النَّاسِخ، وَالْفساد خلاف الصّلاح. قَوْله:(وَلَا يصلح عمل المفسدين) كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن شبويه والنسفي: لَا يحب، بدل: لَا يصلح، وأصل التِّلَاوَة أَن الله لَا يصلح عمل المفسدين، وَغير هَذَا سَهْو من الْكَاتِب، وَقيل: يحْتَمل أَنه لم يقْصد التِّلَاوَة. قلت: فِيهِ بعد لَا يخفى. قَوْله: {أصلواتك} (هود: 78) . فِي سُورَة هود وأولها: {قَالُوا يَا شُعَيْب أصلواتك تأمرك. .} (هود: 78) . إِلَى قَوْله: {إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد} (هود: 78) . كَانَ شُعَيْب، عليه الصلاة والسلام، كثير الصَّلَوَات، وَكَانَ قومه إِذا رَأَوْهُ يُصَلِّي تغامزوا وتضاحكوا، فقصدوا بقَوْلهمْ: أصلواتك تأمرك؟ السخرية والهزء، وَإسْنَاد الْأَمر إِلَى الصَّلَاة على طَرِيق الْمجَاز. قَوْله:{أَن نَتْرُك} (هود: 78) . أَي: بِأَن نَتْرُك، أَي: بترك مَا يعبد آبَاؤُنَا. قَوْله: {أَو أَن نَفْعل} (هود: 78) . أَي: أَتَأْمُرُنَا صلواتك بِأَن نَفْعل فِي أَمْوَالنَا مَا تشَاء أَنْت، وَهُوَ مَا كَانَ يَأْمُرهُم من ترك التطفيف والبخس. وَقَالَ زيد بن أسلم: كَانَ مِمَّا ينهاهم شُعَيْب، عليه الصلاة والسلام، عَنهُ وعذبوا لأَجله، قطع الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم، وَكَانُوا يقرضون من أَطْرَاف الصِّحَاح لتفضل لَهُم القراضة، وَكَانُوا يتعاملون بالصحاح عددا وبالمكسور وزنا ويبخسون. قَوْله:{إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد} (هود: 78) . قَول: مِنْهُم، على سَبِيل الِاسْتِهْزَاء، ونسبتهم إِيَّاه إِلَى غَايَة السَّفه، وَوجه ذكر هَذِه الْآيَة فِي هَذِه التَّرْجَمَة فِي قَوْله: أَو أَن نَفْعل فِي أَمْوَالنَا مَا نشَاء، لِأَن تصرفهم فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير على الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ إِضَاعَة لِلْمَالِ، وَكَانَ شُعَيْب، عليه الصلاة والسلام، ينهاهم عَن ذَلِك، فَلَمَّا لم يتْركُوا هَذِه الفعلة عذبهم الله تَعَالَى. قَوْله:(وَقَالَ) أَي: وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} (النِّسَاء: 5) . هَذِه الْآيَة فِي النِّسَاء، وتمامها:{الَّتِي جعل الله لكم قيَاما وارزقوهم فِيهَا وَاكْسُوهُمْ، وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا} (النِّسَاء: 5) . وَوجه ذكر هَذِه الْآيَة هُنَا أَيْضا هُوَ أَن إيتَاء الْأَمْوَال للسفهاء إضاعتها. وَقَالَ الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس: المُرَاد بالسفهاء: النِّسَاء وَالصبيان، وَقَالَ سعيد بن جُبَير: هم الْيَتَامَى، وَقَالَ قَتَادَة وَعِكْرِمَة وَمُجاهد: هم النِّسَاء، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا أبي حَدثنَا هِشَام بن عمار حَدثنَا صَدَقَة بن خَالِد حَدثنَا عُثْمَان بن أبي العاتكة عَن عَليّ بن يزِيد عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِن النِّسَاء السُّفَهَاء إلَاّ الَّتِي أطاعت قيمها) . وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: ذكر عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم: حَدثنَا حَرْب بن شُرَيْح عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أبي هُرَيْرَة: {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} (النِّسَاء: 5) . قَالَ: الخدم وهم شياطين الْأنس. قَوْله: (قيَاما)، أَي: تقوم بهَا معايشكم من التِّجَارَات وَغَيرهَا. قَوْله: {وارزقوهم فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} (النِّسَاء: 5) . وَعَن ابْن عَبَّاس: لَا تعمد إِلَى مَالك وَمَا خولك الله وَجعله لَك معيشة فتعطيه امْرَأَتك أَو بنيك، ثمَّ تنظر إِلَى مَا فِي أَيْديهم، وَلَكِن أمسك مَالك وَأَصْلحهُ وَأَنت الَّذِي تنْفق عَلَيْهِم من كسوتهم ومؤونتهم ورزقهم. وَقَالَ ابْن جرير: حَدثنَا ابْن الْمثنى حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا شُعْبَة عَن فراس عَن الشّعبِيّ عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى، قَالَ: ثَلَاثَة يدعونَ الله فَلَا يستجيب لَهُم: رجل كَانَت لَهُ امْرَأَة سَيِّئَة الْخلق فَلم يطلقهَا، وَرجل أعْطى مَاله سَفِيها، وَقد قَالَ الله تَعَالَى:{وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} (النِّسَاء: 5) . وَرجل كَانَ لَهُ دين على رجل فَلم يشْهد عَلَيْهِ، وَقَالَ مُجَاهِد:{وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا} (النِّسَاء: 5) . يَعْنِي: فِي الْبر والصلة. قَوْله: (وَالْحجر فِي ذَلِك)، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله:(إِضَاعَة المَال)، أَي: الْحجر فِي ذَلِك أَي: فِي السَّفه، وَقَالَ ابْن كثير فِي (تَفْسِيره) : وَيُؤْخَذ الْحجر على السُّفَهَاء من هَذِه الْآيَة أَعنِي، قَوْله:{وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء} (النِّسَاء: 5) . وهم أَقسَام، فَتَارَة يكون الْحجر على الصَّغِير، فَإِنَّهُ مسلوب الْعبارَة، وَتارَة يكون الْحجر للجنون، وَتارَة يكون لسوء التَّصَرُّف لنَقص الْعقل أَو الدّين، وَتارَة يكون الْحجر للفلس، وَهُوَ مَا إِذا أحاطت الدُّيُون بِرَجُل وضاق مَاله عَن وفائها، فَإِذا سَأَلَ الْغُرَمَاء الْحَاكِم الْحجر عَلَيْهِ حجر عَلَيْهِ. انْتهى. وَالسَّفِيه: هُوَ الَّذِي يضيع مَاله ويفسده بِسوء تَدْبيره، وَالْحجر فِي اللُّغَة: الْمَنْع، وَفِي الشَّرْع: الْمَنْع من التَّصَرُّف فِي المَال، وَقَالَ أَصْحَابنَا: السَّفه هُوَ الْعَمَل بِخِلَاف مُوجب الشَّرْع وَاتِّبَاع الْهوى، وَمن عَادَة السَّفِيه التبذير والإسراف فِي النَّفَقَة وَالتَّصَرُّف لَا لغَرَض أَو لغَرَض لَا يعده الْعُقَلَاء من أهل الدّيانَة غَرضا، مثل دفع المَال إِلَى الْمُغنِي واللعاب وَشِرَاء الْحمام الطيارة بِثمن غال والغبن فِي التِّجَارَات من غير محمدة، وَأَبُو حنيفَة لَا يرى الْحجر بِسَبَب السَّفه، وَبِه قَالَ زفر، وَهُوَ مَذْهَب إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين، وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك
وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَق وَأَبُو ثَوْر: يحْجر على السَّفِيه، رُوِيَ ذَلِك عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَاحْتج أَبُو حنيفَة بِحَدِيث ابْن عمر الَّذِي يَأْتِي الْآن: إِذا بَايَعت فَقل: لَا خلابة، فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم وقف على أَنه كَانَ يغبن فِي الْبيُوع فَلم يمنعهُ من التَّصَرُّف وَلَا حجر عَلَيْهِ، وَحجَّة الآخرين الْآيَة الْمَذْكُورَة. وَهِي قَوْله:{وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم. .} (النِّسَاء: 5) . الْآيَة. قَوْله: (وَمَا ينْهَى عَن الخداع) ، عطف على مَا قبله، وَتَقْدِيره أَي: بَاب فِي بَيَان كَذَا وَكَذَا، وَفِي بَيَان مَا ينْهَى عَن الخداع، أَي: فِي الْبيُوع.
7042 -
حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ عبْدِ الله بنِ دِينارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ قَالَ رجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنِّي أُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ إذَا بايَعْتَ فقُلْ لَا خِلَابَةَ فكانَ الرَّجُلُ يَقُولُهُ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الرجل كَانَ يغبن فِي الْبيُوع، وَهُوَ من إِضَاعَة المَال والْحَدِيث قد مر فِي الْبيُوع فِي: بَاب مَا يكره من الخداع فِي البيع، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عبيد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن عبد الله بن دِينَار إِلَى آخِره، وَأخرجه هُنَا عَن أبي نعيم الْفضل بن دُكَيْن عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبد الله بن دِينَار
…
إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، والخلابة، بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة: الخداع.
8042 -
حدَّثنا عُثْمانُ قَالَ حَدثنَا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عنِ الشَّعْبِيِّ عنْ ورَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ عنِ الْمُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّ الله حَرَّمَ عليْكُمْ عُقوقَ الأمَّهَاتِ ووَأْدِ الْبَنَاتِ ومَنْعَ وهاتِ وكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وقالَ وكثْرَةَ السُّؤالِ وإضَاعَةَ الْمَالِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وإضاعة المَال. وَرِجَاله ذكرُوا غير مرّة، وَعُثْمَان هُوَ ابْن أبي شيبَة، وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل.
وَهَؤُلَاء كلهم كوفيون، لَكِن سكن جرير الرّيّ. وَفِيه: ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد، وهم: مَنْصُور وَالشعْبِيّ ووراد.
والْحَدِيث مر فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافاً} (الْبَقَرَة: 372) . بأخصر مِنْهُ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن خَالِد الْحذاء عَن الشّعبِيّ. . إِلَى آخِره. قَوْله:(عقوق الْأُمَّهَات) أصل العقوق الْقطع كَأَن الْعَاق لأمه يقطع مَا بَينهمَا من الْحُقُوق، وَإِنَّمَا خص الْأُمَّهَات بِالذكر، وَإِن كَانَ عقوق الْآبَاء أَيْضا حَرَامًا، لِأَن العقوق إلَيْهِنَّ أسْرع من الْآبَاء لضعف النِّسَاء، وللتنبيه على أَن بر الْأُم مقدم على بر الْأَب فِي التلطف والحنو وَنَحْو ذَلِك، وَلِأَن ذكر أَحدهمَا يدل على أَن الآخر مثله بِالضَّرُورَةِ، وَلَكِن تعْيين الْأُم لما ذكرنَا. قَوْله:(ووأد الْبَنَات)، الوأد مصدر وَأَدت الوائدة ابْنَتهَا تئدها: إِذا دفنتها حَيَّة، وَقَالَ ابْن التِّين بِإِسْكَان الْهمزَة، وَضبط ابْن فَارس بِفَتْحِهَا، وَقَالَ أَبُو عبيد: كَانَ أحدهم فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا جَاءَتْهُ الْبِنْت يدفنها حَيَّة حِين تولد، وَيَقُولُونَ: الْقَبْر صهر، وَنعم الصهر. وَكَانُوا يَفْعَلُونَهُ غيرَة وأنفة، وَبَعْضهمْ يَفْعَله تَخْفِيفًا للمؤونة. قَوْله:(وَمنع)، أَي: وَحرم عَلَيْكُم منع مَا عَلَيْكُم إِعْطَاؤُهُ. قَوْله: (وهات) أَي: وَحرم عَلَيْكُم طلب مَا لَيْسَ لكم أَخذه، وَقيل: نهى عَن منع الْوَاجِب من مَاله وأقواله وأفعاله وأخلاقه من الْحُقُوق اللَّازِمَة فِيهَا، وَنهى عَن استدعاء مَا لَا يجب عَلَيْهِم من الْحُقُوق، وتكليفه إيَّاهُم بِالْقيامِ بِمَا لَا يجب عَلَيْهِم، فَكَأَنَّهُ ينتصف وَلَا ينصف، وَهَذَا من أسمج الْخلال، وَقَالَ إِسْحَاق بن مَنْصُور: قلت لِأَحْمَد بن حَنْبَل: مَا معنى منع وهات؟ قَالَ: أَن تمنع مَا عنْدك فَلَا تَتَصَدَّق وَلَا تُعْطِي فتمد يدك فتأخذ من النَّاس. وَقَالَ ابْن التِّين: وَضبط منع، بِغَيْر ألف، وَصَوَابه: منعا، بِالْألف لِأَنَّهُ مفعول حرم. قلت: صرح الْكرْمَانِي بقوله: منعا بِالْألف حَيْثُ قَالَ: فَإِن قلت: كَيفَ صَحَّ عطفه أَي: عطف هَات على منعا ثمَّ أجَاب بقوله: تَقْدِيره هَات وهات، إِذْ هُوَ بِاعْتِبَار لَازم مَعْنَاهُ، وَهُوَ الْأَخْذ. انْتهى. قلت: لِأَن معنى هَات أَعْطِنِي، وَمن لَازم الْعَطاء الْأَخْذ، تَقول: هَات يَا رجل، بِكَسْر التَّاء، وللإثنين: هاتيا، مثل إيتيا، وللجمع: هاتوا، وللمرأة: هَاتِي، بِالْيَاءِ، وللمرأتين: هاتيا