الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على تَقْدِير: أقِم أَو أحضر شهودك، وَكَذَا: يَمِينه، بِالنّصب أَي: فاطلب يَمِينه، ويروى بِالرَّفْع فيهمَا، وَالتَّقْدِير: فالمثبت لدعواك شهودك أَو فالحجة القاطعة بَيْنكُمَا يَمِينه، فَيكون إرتفاعهما على أَنَّهُمَا خَبرا مبتدأين محذوفين. قَوْله:(إِذا يحلف) قَالَ الْكرْمَانِي: و: يحلف، بِالنّصب لَا غير. قلت: كلمة إِذا حرف جَوَاب وَجَزَاء ينصب الْفِعْل الْمُسْتَقْبل، مثل مَا يُقَال: أَنا آتِيك، فَيَقُول: إِذا أكرمك، وَإِنَّمَا قَالَ: بِالنّصب لَا غير، لِأَنَّهَا تصدرت فَيتَعَيَّن النصب، بِخِلَاف مَا إِذا وَقعت بعد الْوَاو وَالْفَاء فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ.
وَمِمَّا يُسْتَفَاد من الحَدِيث: أَن الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي، وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ إِذا أنكر، وَبِه اسْتدلَّ من يَقُول: إِنَّه إِذا اعْترف الْمُدَّعِي أَنه لَا بَينه لَهُ لم يقبل دَعْوَاهُ بعد ذَلِك، ورد بِأَنَّهُ: لَيْسَ فِيهِ حجَّة على ذَلِك لِأَن الْأَشْعَث لم يدعِ بعد ذَلِك أَن لَهُ بَينه. وَفِيه: أَن للْحَاكِم أَن يطْلب الْمُدَّعِي عَلَيْهِ عِنْد عدم الْبَيِّنَة، وَإِن لم يَطْلُبهُ صَاحب الْحق، لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أمره بِالْحلف. وَفِيه: إبِْطَال مَسْأَلَة الظفر، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ردده بَين الْبَيِّنَة وَالْيَمِين، فَدلَّ على عدم الْأَخْذ بِغَيْر ذَلِك، وأصرح من هَذَا قَوْله، صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيث وَائِل بن حجر عِنْد مُسلم، وَقد ذَكرْنَاهُ: لَيْسَ لَك مِنْهُ إلَاّ ذَلِك.
5 -
(بابُ إثْمِ مِنْ مَنَعَ ابنَ السَّبِيلِ مِنَ المَاءِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِثْم من منع ابْن السَّبِيل أَي: الْمُسَافِر من المَاء الْفَاضِل عَن حَاجته، وَهَذَا الْقَيْد لَا بُد مِنْهُ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله فِي حَدِيث الْبَاب: رجل لَهُ فضل مَاء بِالطَّرِيقِ فَمَنعه من ابْن السَّبِيل، وَقَالَ ابْن بطال: فِيهِ دلَالَة على أَن صَاحب الْبِئْر أولى من ابْن السَّبِيل عِنْد الْحَاجة، فَإِذا أَخذ حَاجته لم يجز لَهُ منع ابْن السَّبِيل.
7 -
(حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَ حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد عَن الْأَعْمَش قَالَ سَمِعت أَبَا صَالح يَقُول سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة رضي الله عنه يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ثَلَاثَة لَا ينظر الله إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم رجل كَانَ لَهُ فضل مَاء بِالطَّرِيقِ فَمَنعه من ابْن السَّبِيل وَرجل بَايع إِمَامًا لَا يبايعه إِلَّا لدُنْيَا فَإِن أعطَاهُ مِنْهَا رَضِي وَإِن لم يُعْطه مِنْهَا سخط وَرجل أَقَامَ سلْعَته بعد الْعَصْر فَقَالَ وَالله الَّذِي لَا إِلَه غَيره لقد أَعْطَيْت بهَا كَذَا وَكَذَا فَصدقهُ رجل ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله رجل كَانَ لَهُ فضل مَاء بِالطَّرِيقِ فَمَنعه من ابْن السَّبِيل فَإِنَّهُ أحد الثَّلَاثَة الَّذين أخبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - بِأَن الله لَا ينظر إِلَيْهِم وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم وَلَو لم يَأْثَم مَانع ابْن السَّبِيل من المَاء الْفَاضِل عَنهُ لما اسْتحق هَذَا الْوَعيد. وَعبد الْوَاحِد بن زِيَاد بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف الْبَصْرِيّ وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات السمان قَوْله " ثَلَاثَة " أَي ثَلَاثَة أشخاص وارتفاعه على أَنه مُبْتَدأ وَقَوله لَا ينظر الله إِلَيْهِم خَبره وَهَذَا عبارَة عَن عدم الْإِحْسَان إِلَيْهِم قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ هُوَ كِنَايَة عَنهُ فِيمَن يجوز عَلَيْهِ النّظر مجَاز فِيمَا لَا يجوز عَلَيْهِ والتنصيص على الْعدَد لَا يُنَافِي الزَّائِد فَالَّذِي ذكره من الْوَعيد لَا ينْحَصر فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة قَوْله " وَلَا يزكيهم " أَي يثني عَلَيْهِم أَولا يطهرهم من الذُّنُوب قَوْله " رجل " مَرْفُوع لِأَنَّهُ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره من الثَّلَاثَة رجل قَوْله " كَانَ لَهُ فضل مَاء " جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا صفة لرجل قَوْله " فَمَنعه " أَي فَمنع الْفَاضِل من المَاء قَوْله " وَرجل " أَي الثَّانِي من الثَّلَاثَة رجل بَايع إِمَامًا المُرَاد هُوَ الإِمَام الْأَعْظَم وَهَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره بَايع إِمَامه وَالْمرَاد من الْمُبَايعَة هُنَا هُوَ المعاقدة عَلَيْهِ والمعاهدة فَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بَاعَ مَا عِنْده من صَاحبه وَأَعْطَاهُ خَالِصَة نَفسه وطاعته ودخيلة أمره قَوْله " إِلَّا لدُنْيَا " أَي إِلَّا لأجل شَيْء يحصل لَهُ من مَتَاع الدُّنْيَا وَكلمَة دنيا غير منون واضمحل مِنْهَا معنى الوصفية لغَلَبَة الإسمية عَلَيْهَا فَلَا تحْتَاج إِلَى من وَنَحْوه وَالْفَاء فِي قَوْله فَإِن أعطَاهُ تفسيرية تفسر مبايعته للْإِمَام للدنيا قَوْله " أَقَامَ " من قَامَت السُّوق إِذا نفقت قَوْله " سلْعَته " أَي مَتَاعه قَوْله بعد الْعَصْر هَذَا لَيْسَ بِقَيْد وَإِنَّمَا خرج هَذَا مخرج