المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب جوار أبي بكر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعقده) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ١٢

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أنْ يبْدُو صَلَاحُهَا)

- ‌(بابُ بَيْعِ النَّخْلِ قَبْلَ أنْ يَبْدُو صَلَاحُها)

- ‌(بابٌ إذَا باعَ الثِّمَارَ قَبْلَ أنْ يَبْدُو صَلَاحُهَا ثُمَّ أصَابَتْهُ عَاهَةٌ فَهْوَ مِنَ البَائِعِ)

- ‌(بابُ شِرَاءِ الطَّعَامِ إِلَى أجَلٍ)

- ‌(بابٌ إذَا أرادَ بَيْعَ تَمْرٍ بِتَمْرٍ خَيْر مِنْهُ)

- ‌(بابُ منْ باعَ نَخْلاً قَدْ أُبِرَّتْ أوْ أرْضا مزْرُوعَةً أوْ بإجَارةٍ)

- ‌(بابُ بَيْعِ الزَّرْعِ بالطَّعام كَيْلا)

- ‌(بابُ بَيْعِ النَّخْلِ بأصْلِهِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ المُخَاضَرَةِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ الجُمَّارِ وأكْلِهِ)

- ‌(بابُ منْ أجْرَى أمْرَ الأمْصَارِ عَلَى مَا يتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ فِي البُيُوعِ والإجَارَةِ والمِكْيَالِ والوَزْنِ وسُنَنهمْ عَلِى نِيَّاتِهِمْ ومَذَاهِبِهِمْ المَشْهُورَةِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ الشَّرِيكِ مِنْ شَرِيكِهِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ الأرْضِ والدُّورِ والعُرُوضِ مُشاعا غَيْرَ مَقْسُومٍ)

- ‌(بابٌ إذَا اشْتَرَى شَيْئا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَرَضِيَ)

- ‌(بابُ الشِّرَاءِ والبَيْعِ مَعَ المُشْرِكِينَ وأهْلِ الحَرْبِ)

- ‌(بابُ شِرَاءِ المَمْلُوكِ مِنَ الحَرْبِيِّ وهِبَتِهِ وعِتْقِهِ)

- ‌(بابُ جُلُودِ المَيْتَةِ قَبْلَ أنْ تدْبَغَ)

- ‌(بابُ قَتْلِ الخِنْزِيرِ)

- ‌(بابٌ لَا يُذَابُ شَحْمُ المَيْتَةِ ولَا يُباعُ ودَكُهُ)

- ‌(بابُ بَيْعِ التَّصاوِيرِ الَّتِي لَيْسَ فِيها رُوحٌ وَمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ)

- ‌(بابُ تَحْرِيمِ التِّجَارَةِ فِي الخَمْرِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ باعَ حُرّا)

- ‌(بابُ أمرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الْيَهُودَ بِبَيْعِ أرْضِيهِمْ ودِمَنِهِمْ حينَ أجْلاهُمْ فِيهِ المَقْبُرِيُّ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ بَيْعِ العَبِيدِ والحَيوَانِ بالحَيَوانِ نَسيئَةً)

- ‌(بابُ بَيْعِ الرَّقِيقِ)

- ‌(بابُ بَيْعِ المدَبَّرِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُسَافِرُ بالجَارِيَةِ أنْ يَسْتَبْرِئَها)

- ‌(بابُ بَيْعِ المَيْتَةِ والأصْنَامِ)

- ‌(بابُ ثَمَنِ الكَلْبِ)

- ‌(كتابُ السَّلَمِ)

- ‌(بابُ السَّلَمِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ)

- ‌(بابُ السَّلَمِ فِي وَزْنٍ مَعْلُومٍ)

- ‌(بابُ السَّلَمِ إلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أصْلٌ)

- ‌(بابُ السلَمِ فِي النَّخْلِ)

- ‌(بابُ الكَفِيلِ فِي السَّلَمِ)

- ‌(بابُ الرَّهْنِ فِي السَّلَمِ)

- ‌(بابُ السَّلَمِ إلَى أجَلٍ مَعْلُومٍ)

- ‌(بابُ السَّلَمِ إلَى أنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ)

- ‌(كِتابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(كِتابُ السَّلَمِ فِي الشُّفْعَةِ)

- ‌(بابُ الشُّفْعَةِ فِي مَا لَمْ يُقْسَمْ فإذَا وقعَتِ الحُدُودِ فلَا شْفْعَةَ)

- ‌(بابُ عَرْضِ الشُّفْعَةِ على صاحِبِهَا قِبلَ الْبَيْعِ)

- ‌(بابٌ أيُّ الجِوَارِ أقْرَبُ)

- ‌(كِتَابُ الإجَارَة)

- ‌(بابٌ فِي استِئْجارِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ)

- ‌(بابُ رَعْي الغَنمِ عَلى قَرَارِيطَ)

- ‌(بَاب اسْتِئْجَار الْمُشْركين عِنْد الضَّرُورَة أَو إِذا لم يُوجد أهل الْإِسْلَام)

- ‌(بَاب إِذا اسْتَأْجر أَجِيرا ليعْمَل لَهُ بعد ثَلَاثَة أَيَّام أَو بعد شهر أَو بعد سِتَّة أشهر أَو بعد سنة جَازَ وهما على شَرطهمَا الَّذِي اشترطاه إِذا جَاءَ الْأَجَل)

- ‌(بابُ الأجِيرِ فِي الْغَزْوِ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتَأجَرَ أجِيرا فَبَيَّنَ لَهُ الأجَلَ ولَمْ يُبَيِّنُ لَهُ الْعَمَلَ لِقَوْلِهِ {إنِّي أرِيدُ أنْ أنْكِحَكَ إحْدَى بِنْتَيَّ هَاتَيْننِ عَلَى أنْ تأجُرَنِي} إِلَى قَوْله: {وَالله علَى مَا نقولُ وَكِيلٌ} )

- ‌(بابٌ إذَا اسْتَأجَرَ أَجِيرا علَى أنْ يُقِيمَ حائِطا يُرِيدُ أنْ يَنْقَضَّ جازَ)

- ‌(بابُ الإجارَةِ إلَى نِصْفِ النَّهارِ)

- ‌(بابُ الإجارَةِ إِلَى صَلاةِ الْعَصْرِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ مَنَعَ أجْرَ الأجيرِ)

- ‌(بابُ الإجارَةِ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ)

- ‌(بابُ مَنِ اسْتأجرَ أَجِيرا فتَرَكَ أجْرَهُ فعَمِلَ فِيهِ الْمُسْتأجِرُ فَزادَ أوْ منْ عَمِلَ فِي مالِ غَيْرِهِ فاسْتَفْضَلَ)

- ‌(بابُ منْ آجَرَ نَفْسَهُ لِيَحْمِلَ عَليّ ظَهْرِهِ ثْمَّ تصَدَّقَ بِهِ وأُجْرَةِ الحَمَّالِ)

- ‌(بابُ أجْرِ السَّمْسَرَةِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُؤاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ مِنْ مُشْرِكٍ فِي أرْضِ الحَرْبِ)

- ‌(بابُ مَا يُعْطَى فِي الرقَيَّةِ عَلى أحْياءِ الَعرَبِ بِفاتِحَةِ الْكِتابِ)

- ‌(بابُ ضَرِيبَةِ الْعَبْد وتَعاهُدِ ضَرَائِبِ الإماءِ)

- ‌(بابُ خَرَاجِ الحَجَّامِ)

- ‌(بابُ مَنْ كَلَّمَ مَوَالِيَ العَبْدِ أنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ)

- ‌(بابُ كَسْبِ الْبَغِيِّ والإماءِ)

- ‌(بابُ عَسْبِ الفَحْلِ)

- ‌(بابٌ إذَا اسْتَأجَرَ أحَدٌ أرْضا فماتَ أحَدُهُمَا)

- ‌(كتابُ الحَوالاتِ)

- ‌(بابٌ فِي الحَوالَةِ وهَلْ يَرْجِعُ فِي الحَوَالَةِ

- ‌(بابٌ إِذا أحالَ على مُلِيٍّ فَليْسَ لَهُ رَدٌّ)

- ‌(بابٌ إِذا أحالَ دَيْنَ المَيِّتِ على رَجُلٍ جازَ)

- ‌(بَاب الْكفَالَة فِي الْقَرْض والديون بالأبدان وَغَيرهَا)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {والَّذِينَ عاقَدَتْ أيْمَانُكم فآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (النِّسَاء:

- ‌(بابُ مَنْ تَكَفَّلَ عنْ مَيِّتٍ دَيْنالله فلَيْسَ لَهُ أنْ يَرْجِعَ)

- ‌(بابُ جُوَارِ أبِي بَكْرٍ فِي عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعَقْدِهِ)

- ‌(بابُ الدَّيْنِ)

- ‌(كَتابُ الوكالَةِ)

- ‌(بابٌ فِي وَكالَةِ الشَّرِيكِ الشَّرِيكِ فِي القِسْمَةِ وغَيْرِها)

- ‌(بابٌ إِذا وكَّلَ المُسْلِمُ حَرْبيا فِي دارِ الحَرْبِ أوْ فِي دارِ الإسْلامِ جازَ)

- ‌(بابُ الوَكالَة فِي الصَّرْفِ والمِيزَانِ)

- ‌(بابٌ إذَا أبْصَرَ الرَّاعِي أوِ الوَكِيلُ شَاة تَمُوتُ أوْ شَيْئا يَفْسُدُ ذَبَحَ وأصْلَحَ مَا يَخَافُ علَيْهِ الْفَسادَ)

- ‌(بابٌ وكالَةُ الشَّاهِدِ والغَائِبِ جائِزَةٌ)

- ‌(بابُ الوَكَالَةِ فِي قَضاءِ الدُّيُونِ)

- ‌(بابٌ إِذا وهَبَ شَيْئا لوكِيلٍ أوْ شَفِيعِ قَوْمٍ جازَ)

- ‌(بابٌ إذَا وكِّل رَجُلٌ أنْ يُعْطِيَ شَيْئا ولَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يُعْطِي فأعْطَى عَلَى مَا يتَعَارَفُهُ الناسُ)

- ‌(بابُ وكالَةِ الإمْرَأةِ الإمامَ فِي النِّكَاحِ)

- ‌(بَاب إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلاً فتَرَكَ الوَكِيلُ شَيْئا فأجازَهُ المُوَكِّلُ فَهْوَ جائِزٌ وإنْ أقْرَضَهُ إلَى أجلٍ مُسَمَّى جازَ)

- ‌(بابٌ إذَا باعَ الوَكِيلُ شَيْئاً فاسِداً فَبَيعُهُ مَرْدُودٌ)

- ‌(بابُ الوَكالَةِ فِي الوَقْفِ ونَفَقَتِهِ وأنْ يُطْعِمَ صَدِيقا لَهُ ويَأكُلَ بالمَعْرُوفِ)

- ‌(بابُ الوَكالَة فِي الحُدودِ)

- ‌(بَاب الوَكالَةِ فِي الْبُدْنِ وتَعاهُدِها)

- ‌(بابٌ إِذا قَالَ الرَّجُلُ لِوَكِيلِهِ ضعْهُ حَيْث أرَاكَ الله وَقَالَ الوَكِيلُ قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ)

- ‌(بابُ وَكالةِ الأمِينِ فِي الخِزَانَةِ ونَحْوِها)

- ‌(كتاب المُزَارَعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الزَّرْعِ والْغِرْسِ إذَا اكِلَ مِنه)

- ‌(بابُ مَا يُحْذَرُ مِنْ عَوَاقِبِ الاشْتِغَالِ بآلَةِ الزَّرْعِ أوْ مُجَاوزَةِ الحَدِّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ)

- ‌(بابُ اقْتِناءِ الْكَلْبِ لِلْحَرْثِ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمالِ البَقَرِ لِلْحِرَاثَةِ)

- ‌(بَاب إِذا قَالَ اكْفِنِي مُؤنَة النّخل أَو غَيره وتشركني فِي الثَّمر)

- ‌(بابُ قَطْعِ الشَّجَرِ والنخْلِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ المُزَارَعَةِ بالشَّطْرِ ونَحْوِهِ)

- ‌(بابٌ إِذا لَمْ يَشْتَرِطِ السِّنينَ فِي المُزَارَعَةِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ المُزَارَعَةِ مَعَ اليَهُودِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَه مِنَ الشُّرُوطِ فِي المُزَارَعَةِ)

- ‌(بابٌ إذَا زَرَعَ بِمالِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ وكانَ فِي ذَلكَ صَلَاحٌ لَهُمْ)

- ‌(بابُ أوْقَافِ أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأرْضِ الخَرَاجِ ومُزَارَعَتِهِمْ ومُعَامَلَتِهِمْ)

- ‌(بابُ منْ أحْيا أرْضاً مَوَاتاً)

- ‌بَاب

- ‌(بابٌ إذَا قالَ رَبُّ الأرْضَ أُقِرُّكَ مَا أقَرَّكَ الله ولَمْ يَذْكُرْ أجَلاً مَعْلُوماً فَهُمَا علَى تَرَاضِيهِما)

- ‌(بابُ مَا كانَ مِنْ أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُوَاسي بَعْضُهُمْ بَعْضاً فِي الزِّرَاعَةِ والثَّمرَةِ)

- ‌(بابُ كِرَاءِ الأرْضِ بالذَّهَبِ والْفِضَّةِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي الْغَرْسِ)

- ‌(كِتابُ المساقاةِ)

- ‌(بابٌ فِي الشُّرْبِ)

- ‌(بابُ منْ قالَ إنَّ صاحِبَ المَاءِ أحَقُّ بالمَاءِ حتَّى يَرْوَى)

- ‌(بابٌ منْ حَفَرَ بِئْراً فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ)

- ‌(بابُ الخُصُومَةِ فِي البِئْرِ والقَضَاءِ فِيها)

- ‌(بابُ إثْمِ مِنْ مَنَعَ ابنَ السَّبِيلِ مِنَ المَاءِ)

- ‌(بابُ سكْرِ الأنْهارِ)

- ‌(بابُ شُرْبِ الأعْلَى قَبْلَ الأسْفَلِ)

- ‌(بابُ شُرْبِ الأعْلى إِلَى الكَعْبَيْنِ)

- ‌(بَاب فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ رَأى أنَّ صاحِبَ الحَوْضِ أوْ الْقَرْبَةِ أحَقُّ بِمائِهِ)

- ‌(بابٌ لَا حِمَى إلَاّ لله ولِرَسُولِه صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ شُرْبِ النَّاسِ وسَقْيِ الدَّوَابِّ مِنَ الأنْهَارِ)

- ‌(بَاب بَيْعِ الحَطَبِ والْكَلإ)

- ‌(بابُ القطائع)

- ‌(بابُ كِتَابَةِ الْقَطائِعِ)

- ‌(بابُ حَلَبِ الإبِلِ عَلَى الْمَاءِ)

- ‌(بابُ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ مَمَرٌّ أوْ شِرْبٌ فِي حائطٍ أوْ فِي نَخْلٍ)

- ‌(كتَابٌ فِي الاسْتِقْرَاضِ وأدَاءِ الدُّيُونِ وَالْحَجْرِ والتَّفْلِيسِ)

- ‌(بابُ مَنِ اشْتَراي بِالدَّيْنِ ولَيْسَ عِنْدَهُ ثَمَنُهُ أوْ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ أخَذَ أمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أدَاءَهَا أوْ إتْلافَهَا)

- ‌(بابُ أدَاءِ الدُّيُونِ)

- ‌(بابُ اسْتِقْرَاضِ الإبِلِ)

- ‌(بابُ حُسْنِ التَّقَاضِي)

- ‌(بابٌ هَلْ يُعْطى أكْبَرَ مِنْ سِنِّهِ)

- ‌(بابُ حُسْنِ الْقَضَاءِ)

- ‌(بابٌ إذَا قَضَى دُونَ حَقِّهِ أوْ حَلَّلَهُ فَهْوَ جائِزٌ)

- ‌(بابٌ إِذا قاصَّ أوْ جازَفَهُ فِي الدَّيْنِ تَمْراً بِتَمْرٍ أوْ غَيْرِهِ)

- ‌(بابُ منِ اسْتَعاذَ مِنَ الدَّيْنِ)

- ‌(بابُ الصَّلاةِ عَلى منْ ترَكَ دَيْناً)

- ‌(بابٌ مَطْلُ الغَنِيِّ ظلْمٌ)

- ‌(بابٌ لِصاحِبِ الْحَقِّ مَقالٌ)

- ‌(بابٌ إذَا وجَدَ مالَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ فِي البَيْعِ والقَرْضِ والوَدِيعَةِ فَهْوَ أحَقُّ بِهِ)

- ‌(بابُ مَنْ أخَّرَ الْغَرِيَ إلاى الغَدِ أوْ نَحْوِهِ ولَمْ يَرَ ذالِكَ مَطْلاً)

- ‌(بابُ مَنْ باعَ مالَ الْمُفْلِسِ أوْ الْمُعْدِمِ فقَسَمَهُ بيْنَ الغُرَماءِ أوْ أعْطَاهُ حتَّى يُنْفِقَ عَلى نفْسِهِ)

- ‌(بابٌ إذَا أقْرَضَهُ إِلَى أجَلٍ مُسَمَّى أوْ أجَّلَهُ فِي البَيْعِ)

- ‌(بابُ الشَّفاعَةِ فِي وَضْعِ الدَّيْنِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى عنْ إضاعَةِ الْمَالِ وقَوْلِ الله تَعَالَى وَالله لَا يُحِبُّ الْفسَادَ وإنَّ الله لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعالى {أصَلَوَاتُكَ تَأْمُرُكَ أنْ نَتْرُكَ مَا يَعبُد آبَاؤُنَا أوْ أنْ نَفْعَلَ فِي أمْوَالِنا مَا

- ‌(بابٌ العَبْدُ راعٍ فِي مَال سَيِّده ولَا يَعْمَلُ إلَاّ بإذْنِهِ)

- ‌(كِتابُ الْخُصوماتِ)

- ‌(بَاب مَا يذكر فِي الْأَشْخَاص، وَالْخُصُومَة بَين الْمُسلم واليهودي)

- ‌(بابُ منْ رَدَّ أمْرَ السَّفِيهِ والضَّعِيفِ العَقْلِ وإنْ لَمْ يَكُنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الإمَامُ)

- ‌(بابُ كَلَامِ الْخُصُومِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ)

- ‌(بابُ إخْرَاجِ أهْلِ الْمَعَاصِي والخُصُومِ مِنَ الْبُيُوتِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ)

- ‌(بابُ دَعْوَى الْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ)

- ‌(بابُ التَّوَثُّقِ مِمَّنْ تُخْشَى مَعَرَّتُهُ)

- ‌(بابُ الرَّبْطِ والْحَبْسِ فِي الْحَرَمِ)

- ‌(بابُ الْمُلَازَمَةِ)

- ‌ بَاب التقاضي

- ‌(كتابٌ فِي اللُّقْطَةِ)

- ‌(بابٌ إذَا أخبرهُ رَبُّ اللُّقْطَةِ بِالعَلامَةِ دَفَعَ إلَيْهِ)

- ‌(بابُ ضالَّةِ الإبِلِ)

- ‌(بابُ ضالَّةِ الغَنَمِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ صاحِبُ اللقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ فَهْيَ لِمَنْ وَجَدَهَا)

- ‌(بابٌ إذَا وَجَدَ خَشَبَةً فِي الْبَحْرِ أوْ سَوْطاً أوْ نَحْوَهُ)

- ‌(بابٌ إذَا وجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ تُعَرَّفُ لَقَطَةُ أهْلِ مَكَّةَ)

- ‌(بابٌ لَا تُحْتَلَبُ ماشِيَةُ أحَدٍ بِغَيْرِ إذْنٍ)

- ‌(بابٌ إذَا جاءَ صاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ ردَّهَا علَيْهِ لِأَنَّها ودِيعَةٌ عِنْدَهُ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ وَلَا يَدَعُهَا تَضِيعُ حتَّى لَا يأخُذُها مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ)

- ‌‌‌(بابُمَنْ عَرَّفَ اللُّقَطَةَ ولَمْ يَدْفَعْهَا إلاى السُّلْطَانِ)

- ‌(بابُ

- ‌(كِتابُ الْمَظَالِمُ والْغَضَبِ)

- ‌(بابُ قِصَاص الْمَظَالِمِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {ألَا لَعْنَةُ الله علَى الظَّالِمِينَ} (هود:

- ‌(بابٌ لَا يَظْلِمُ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمَ وَلَا يُسْلِمُهُ)

- ‌(بابٌ أعِنْ أخاكَ ظالِماً أوْ مَظْلُوماً)

- ‌(بابُ نَصْرِ الْمَظْلُومِ)

- ‌(بابُ الإنْتِصارِ مِنَ الظَّالِمِ)

- ‌(بابُ عَفْوِ الْمَظْلُومِ)

- ‌(بابٌ الْظُّلْمُ ظُلُماتٌ يَوْمَ الْقِيامَةِ)

- ‌(بابُ الإتِّقَاءِ والحَذَرِ مِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ)

- ‌(بابُ مَنْ كَانتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ عِنْدَ الرَّجُلِ فَحَلَّلَهَا لَهُ هَلْ يُبَيِّنُ مَظْلِمَتَهُ)

- ‌(بابٌ إذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ)

- ‌(بابٌ إذَا أذِنَ لَهُ أوْ حَلَّلَهُ ولَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ ظَلَمَ شَيْئاً مِنَ الأرْضِ)

الفصل: ‌(باب جوار أبي بكر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعقده)

أَعطيتك هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا) وَفِي الشَّهَادَات: فَبسط يَده ثَلَاث مَرَّات. قَوْله: (عدَّة) أَي: وأصل عدَّة وعد، فَلَمَّا حذفت الْوَاو عوضت عَنْهَا الْيَاء فِي آخِره فوزنه على هَذَا عِلّة. قَوْله:(فَحثى لي حثية) ، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة، والحثية ملْء الْكَفّ، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: هِيَ الحفنة. وَقَالَ ابْن فَارس: هِيَ ملْء الْكَفَّيْنِ وَالْفَاء فِي: فَحثى، عطف على مَحْذُوف تَقْدِيره: خُذ هَكَذَا، وَأَشَارَ بيدَيْهِ، وَفِي الْوَاقِع هُوَ تَفْسِير لقَوْله: خُذ هَكَذَا. قَوْله: (وَقَالَ خُذ مثليها)، أَي: قَالَ أَبُو بكر: خُذ أَيْضا مثلي خَمْسمِائَة، فالجملة ألف وَخَمْسمِائة، وَذَلِكَ لِأَن جَابِرا لما قَالَ: إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لي: كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: لَو قد جَاءَ مَال الْبَحْرين أَعطيتك هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، ثَلَاث مَرَّات، حثى لَهُ أَبُو بكر حثية، فَجَاءَت خَمْسمِائَة، ثمَّ قَالَ: خُذ مثليها، ليصير ثَلَاث مَرَّات تنفيذا لما وعده النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، بقوله: هَكَذَا، ثَلَاث مَرَّات، وَكَانَ ذَلِك وَعدا من النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ من خلقه الْوَفَاء بالعهد، ونفذه أَبُو بكر بعد وَفَاته، صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ بَعضهم: وَفِيه: قبُول خبر الْوَاحِد الْعدْل من الصَّحَابَة وَلَو جر ذَلِك نفعا لنَفسِهِ، لِأَن أَبَا بكر لم يلْتَمس من جَابر شَاهدا على صِحَة دَعْوَاهُ. انْتهى. قلت: إِنَّمَا لم يلْتَمس شَاهدا مِنْهُ لِأَنَّهُ عدل بِالْكتاب وَالسّنة. أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى: {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} (آل عمرَان: 01) . {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} (الْبَقَرَة: 341) . فَمثل جَابر إِن لم يكن من خير أمة فَمن يكون. وَأما السّنة: فَقَوله صلى الله عليه وسلم: (من كذب عَليّ مُتَعَمدا. .) الحَدِيث، وَلَا يظنّ ذَلِك لمُسلم. فضلا عَن صَحَابِيّ، فَلَو وَقعت هَذِه الْمَسْأَلَة الْيَوْم فَلَا تقبل إلَاّ بِبَيِّنَة. وَقَالَ هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَيحْتَمل أَن يكون أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، علم بذلك فَقضى لَهُ بِعِلْمِهِ فيستدل بِهِ على جَوَاز مثل ذَلِك للْحَاكِم. انْتهى.

قلت: هَذَا الْبَاب فِيهِ تَفْصِيل وَلَيْسَ على الْإِطْلَاق، لِأَن علم القَاضِي على أَنْوَاع.

مِنْهَا: مَا يعلم بِهِ قبل الْبلُوغ وَقبل الْولَايَة من الْأَقْوَال الَّتِي يسْمعهَا وَالْأَفْعَال الَّتِي يشاهدها. وَمِنْهَا: مَا يعلمهَا بعد الْبلُوغ قبل الْولَايَة. وَمِنْهَا: مَا يُعلمهُ بعد الْولَايَة وَلَكِن فِي غير عمله الَّذِي وليه. وَمِنْهَا: مَا يُعلمهُ بعد الْولَايَة فِي عمله الَّذِي وليه. فَفِي الْفَصْل الأول: لَا يقْضِي بِعِلْمِهِ مُطلقًا. وَفِي الْفَصْل الثَّانِي: خلاف بَين أبي حنيفَة وصاحبيه، فَعِنْدَ أبي حنيفَة: لَا يقْضِي، وَعِنْدَهُمَا: يقْضِي إلَاّ فِي الْحُدُود وَالْقصاص، وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ، وَفِي الثَّانِي: لَا يقْضِي أَيْضا، وَفِي الرَّابِع: يقْضِي بِلَا خلاف. وَقَالَ ابْن التِّين: فِي الحَدِيث جَوَاز هبة الْمَجْهُول والآبق وَالْكَلب، وَفِي (حاوي) الْحَنَابِلَة: وَتَصِح هبة الْمشَاع، وَإِن تَعَذَّرَتْ قسمته، وَفِي (الرَّوْضَة) للشَّافِعِيَّة: تجوز هبة الْمشَاع سَوَاء المنقسم أَو غَيره، وساء وهبه للشَّرِيك أَو غَيره، وَيجوز هبة الأَرْض المزروعة مَعَ زَرعهَا وَدون زَرعهَا وَعَكسه. انْتهى، وَعِنْدنَا: لَا تجوز الْهِبَة فِيمَا لَا يقسم إلَاّ محوزة أَي: مفرغة عَن أَمْلَاك الْوَاهِب حَتَّى لَا تصح هبة الثَّمر على الشّجر وَالزَّرْع على الأَرْض بِدُونِ الشّجر وَالْأَرْض، وَكَذَا الْعَكْس، وَهبة الْمشَاع فِيمَا لَا يقسم جَائِزَة.

وَفِيه: الْعدة، فجمهور الْعلمَاء مِنْهُم أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد على أَن إنجاز الْعدة مُسْتَحبّ، وأوجه الْحسن وَبَعض الْمَالِكِيَّة، وَقد اسْتدلَّ بعض الشَّافِعِيَّة بِهَذَا الحَدِيث على وجوب الْوَفَاء بالوعد فِي حق النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأَنهم زَعَمُوا أَنه من خَصَائِصه، وَلَا دلَالَة فِيهِ أصلا لَا على الْوُجُوب وَلَا على الخصوصية.

(بابُ جُوَارِ أبِي بَكْرٍ فِي عَهْدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعَقْدِهِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جوَار أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِضَم الْجِيم وَكسرهَا وَالْمرَاد بِهِ: الزِّمَام والأمان. قَوْله: (فِي عهد النَّبِي، صلى الله عليه وسلم ، أَي: فِي زَمَنه. قَوْله: (وعقده) أَي: عقد أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

7922 -

حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابنُ شِهابٍ فأخبَرَنِي عُرْوَةُ ابنُ الزُّبَيْرِ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا زَوْجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَتْ لَمْ أعْقل أبَوَيَّ إلَاّ وهُمَا يَدِينانِ الدِّين. وَقَالَ أَبُو صالحٍ حدَّثني عبدُ الله عنْ يُونُسَ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ

ص: 121

الزُّبِيْرِ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ لَمْ أعْقَلْ أبَوَيَّ قَطُّ إلَاّ وهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ ولَمْ يَمُرَّ عَلَيْنا يَوْمٌ إلَاّ يأتِينَا فيهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم طَرَفَيِّ النَّهَارِ بُكْرَةً وعَشيَّةً فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ خرَجَ أبُو بَكْرٍ مُهَاجِرا قِبَلَ الحَبَشَةِ حتَّى إِذا بلَغَ بَرُكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ وهْوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ فَقَالَ أيْنَ تريدُ يَا أبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أخْرَجَنِي قَوْمِي فَأَنا أُرِيدُ أنْ أسِيحَ فِي الأرْضِ فأعْبُدَ رَبِّييي قَالَ ابنُ الدَّغِنَةِ إنَّ مِثْلَكَ لَا يَخْرُجُ ولَا يَخْرُجُ فإنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ وتصِلْ الرَّحِمَ وتَحْمِلُ الْكَلَّ وتَقْرِي الضَّيْفَ وتُعينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ وَأَنا لَكَ جارٌ فارْجِعْ فاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلادِكَ فارْتَحَلَ ابنُ الدَّغِنَةِ فرَجَعَ معَ أبِي بَكْرٍ فَطافَ فِي أشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُمْ إنَّ أبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلَهُ ولَا يخْرَجُ أتُخْرِجُونَ رجُلاً يَكْسِبُ المَعْدُومَ ويَصِلُ الرَّحِمَ ويَحْمِلُ الْكَلَّ ويقْرِي الضَّيْفَ ويُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ فأنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جوَارَ ابنِ الدَّغِنَةِ وآمَنُوا أبَا بَكْرٍ وقالُوا لابنِ الدَّغِنَةِ مُرْ أبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فلْيُصلِّ ولْيَقْرأ مَا شاءَ ولَا يْؤْذِينا بِذَلِكَ ولَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ فإنَّا قَدْ خَشِينَايي أنْ يَفْتَنَ أبْناءَنا ونساءَنا قَالَ ذَلِكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأِبِي بَكْرٍ فطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلاةِ ولَا القِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دارِهِ ثُمَّ بدَا لأبِي بكْرٍ فابْتَنى مَسْجِدا بِفِناءِ دَارِهِ وبَرَزَ فَكانَ يُصَلِّي فِيهِ ويَقْرَأُ القُرْآنَ فَيَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِساءُ المُشْرِكِينَ وأبْناؤُهُمْ يَعْجَبُونَ ويَنْظُرُونَ إلَيْهِ وكانَ أبُو بَكْرٍ رَجلاً بَكَّاءً لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يقرَأُ القُرآنَ فأفْزعَ ذَلِكَ أشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ فأرْسَلُوا إِلَى ابنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِم عَلَيْهِمْ فقالُوا لَهُ إنَّا كُنَّا أجرْنا أبَا بَكْرٍ عَلَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ وإنَّهْ جاوَزَ ذَلِكَ فابْتَنَى مَسْجِدا بِفناءِ دَارِهِ وأعْلَنَ الصَّلَاةَ والْقِراءَةَ وقدْ خَشِينا أنْ يَفْتِنَ أبْنَاءَنا ونِسَاءَنا فأْتِهِ فإنَّ أحَبَّ أنْ يَقْتَصِرَ علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فَي دَارِه فَعلَ وإنْ أبَى إلَاّ أَن يُعْلِنَ ذَلِكَ فَسَلْهُ أنْ يَرُدِّ إلَيْكَ ذِمَّتِكَ فإنَّا كَرِهْنَا أنْ نُخْفِرَكَ ولَسْنا مُقِرِّينَ لأِبِي بَكْرٍ الاسْتِعْلانَ قالتْ عائِشَةُ فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ أبَا بَكْرٍ فَقَالَ قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ فإمَّا أنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وإمَّا أنْ تَرُدَّ إلَيَّ ذِمَّتِي فإنِّي لَا أُحِبُّ أنْ تَسْمَعَ العَرَبُ أنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ قَالَ أبُو بَكْرٍ إنِّي أرُدُّ إلَيْكَ جِوَارَكَ وأرْضِي بِجَوَارِ الله ورَسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ أُريتُ دارَ هِجْرَتِكُمْ رَأيْتُ سَبْخَةً ذاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ وهُما الحَرَّتَانِ فَهاجَرَ منْ هاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ورَجَعَ إِلَى المَدِينَةِ بَعْضُ منْ كانَ هاجَرَ إلَى أرْضِ الحَبَشَةِ وتَجَهَّزَ أبُو بَكْرٍ مُهاجِرا فَقَالَ لَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى رِسْلِكَ فإنِّي أرْجُو أَن يُؤْذَنَ لِي قَالَ أبُو بَكْرٍ هَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بأبِي أنْتَ قَالَ نَعَمْ فحَبَسَ أبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لِيَصْحَبَهُ وعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كانَتَا

ص: 122

عِنْدَهُ ورقَ السَّمُرِ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن المجير مُلْتَزم للمجار أَن لَا يُؤْذِي من جِهَة من أَجَارَ مِنْهُ وَكَانَ ضمن لَهُ أَن لَا يُؤْذِي وَأَن تكون الْعهْدَة فِي ذَلِك عَلَيْهِ، وَبِهَذَا يحصل الْجَواب عَمَّا قيل، كَانَ الْمُنَاسب أَن يذكر هَذَا فِي كَفَالَة الْأَبدَان كَمَا ناسب {وَالَّذين عاقدت أَيْمَانكُم} (النِّسَاء: 33) . كَفَالَة الْأَمْوَال.

ذكر رِجَاله وهم تِسْعَة: الأول: يحيى بن بكير، هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير أَبُو زَكَرِيَّا المَخْزُومِي. الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد. الثَّالِث: عقيل، بِضَم الْعين: ابْن خَالِد. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. السَّادِس: أَبُو صَالح، وَاخْتلف فِي اسْمه، فَقَالَ أَبُو نعيم والأصيلي والجياني وَآخَرُونَ: إِنَّه سُلَيْمَان ابْن صَالح ولقبه سلمويه وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ هُوَ أَبُو صَالح عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث وَقَالَ الدمياطي: هُوَ أَبُو صَالح مَحْبُوب بن مُوسَى الْفراء. قيل: الْمُعْتَمد على الأول لِأَنَّهُ وَقع فِي رِوَايَة ابْن السكن عَن الْفربرِي عَن البُخَارِيّ، قَالَ: قَالَ أَبُو صَالح سلمويه: حَدثنَا عبد الله بن الْمُبَارك. السَّابِع: عبد الله بن الْمُبَارك. الثَّامِن: يُونُس بن يزِيد. التَّاسِع: أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي سِتَّة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه مَذْكُور بنسبته إِلَى جده، وَأَنه وَاللَّيْث وَأَبا صَالح على قَول من يَقُول: إِنَّه كَاتب اللَّيْث مصريون، وَعقيل إيلي وَالزهْرِيّ وَعُرْوَة مدنيان وَعبد الله بن الْمُبَارك وَأَبُو صَالح، على قَول من يَقُول: إِنَّه سلمويه، مروزيان، وَعبد الله على قَول من يَقُول: أَبُو صَالح كَاتب اللَّيْث، هُوَ عبد الله بن وهب، مصري.

وَقد مضى صدر هَذَا الحَدِيث فِي أَبْوَاب الْمَسَاجِد فِي: بَاب الْمَسْجِد يكون فِي الطَّرِيق، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة زوج النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، قَالَت: لم أَعقل أَبَوي إِلَّا وهما يدينان

الحَدِيث مُخْتَصرا.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عُرْوَة)، فِيهِ مَحْذُوف. وَقَوله:(فَأَخْبرنِي)، عطف عَلَيْهِ تَقْدِيره: قَالَ ابْن شهَاب: أَخْبرنِي كَذَا وَكَذَا، وعقيب ذَلِك أَخْبرنِي بِهَذَا. قَوْله:(قَالَ أَبُو عبد الله)، هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله:(وَقَالَ أَبُو صَالح: حَدثنِي عبد الله) ، هَذَا تَعْلِيق سقط من رِوَايَة أبي ذَر، وسَاق الحَدِيث عَن عقيل وَحده. قَوْله:(لم أَعقل أَبَوي)، أَي: لم أعرف، يَعْنِي مَا وجدتهما مُنْذُ عقلت إلَاّ متدينين بدين الْإِسْلَام. قَوْله:(قطّ) ، بتَشْديد الطَّاء الْمَضْمُونَة للنَّفْي فِي الْمَاضِي، تَقول مَا رَأَيْته قطّ. وَقَالَ أَبُو عَليّ: وَقد تجزم إِذا كَانَت بِمَعْنى التَّعْلِيل، وتضم وتثقل إِذا كَانَت فِي معنى الزَّمن والحين من الدَّهْر، تَقول: لم أر هَذَا قطّ، وَلَيْسَ عِنْدِي إلَاّ هَذَا فَقَط. قَوْله:(وهما يدينان الدّين)، أَي: يطيعان الله، وَذَلِكَ أَن مولدها بعد الْبَعْث بِسنتَيْنِ، وَقيل: بِخمْس، وَقيل: بِسبع، وَلَا وَجه لَهُ لإجماعهم أَنَّهَا كَانَت حِين هَاجر النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، بنت ثَمَان، وَأكْثر مَا قيل أَن مقَامه بِمَكَّة بعد الْبَعْث ثَلَاث عشرَة سنة، وَإِنَّمَا يَصح خمس على قَول من يَقُول: أَقَامَ ثَلَاث عشرَة سنة، وسنتين على قَول من يَقُول: أَقَامَ عشرا بهَا، وَتَزَوجهَا وَهِي بنت سِتّ، وَقيل: سبع، وَبنى بهَا وَهِي بنت تسع، وَمَات عَنْهَا وَهِي بنت ثَمَانِي عشر سنة، وَعَاشَتْ بعده ثَمَان وَأَرْبَعين سنة. قَوْله:(فَلَمَّا ابتلى الْمُسلمُونَ) أَي: بإيذاء الْمُشْركين. قَوْله: (خرج أَبُو بكر مُهَاجرا) أَي: حَال كَونه مُهَاجرا. وَقَالَ الْأَزْهَرِي: أصل المهاجرة عِنْد الْعَرَب خُرُوج البدوي من الْبَادِيَة إِلَى المدن، يُقَال: هَاجر البدوي إِذا حضر وَأقَام كَأَنَّهُ ترك الأولى للثَّانِيَة. قَوْله: (حَتَّى إِذا بلغ برك الغماد) ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة على الْأَكْثَر، ويروى بِكَسْرِهَا وبسكون الرَّاء وبالكاف، وَفِي (الْمطَالع) : وبكسر الْبَاء، وَقع للأصيلي وَالْمُسْتَمْلِي وَأبي مُحَمَّد الْحَمَوِيّ، قَالَ: وَهُوَ مَوضِع بأقاصي هجر، والغماد، بِكَسْر الْغَيْن وَضمّهَا. كَذَا ذكره ابْن دُرَيْد. وف (مُعْجم) الْبكْرِيّ، قَالَ أَحْمد بن يَعْقُوب الْهَمدَانِي: برك الغماد فِي أقْصَى الْيمن. قَالَ أَبُو مُحَمَّد: برك ونعام موضعان فِي أَطْرَاف الْيمن. وَقَالَ الهجري: برك من الْيَمَامَة. وَقيل: إِن البرك والبريك مُصَغرًا لبني هِلَال بن عَامر. قَوْله: (ابْن الدغنة) ، بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة

ص: 123

وَكسر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح النُّون المخففة، على مِثَال الْكَلِمَة، وَيُقَال: بِضَم الدَّال والغين وَتَشْديد النُّون، وَيُقَال: بِفَتْح الدَّال وَسُكُون الْغَيْن، وَفِي الْمطَالع عِنْد الْمروزِي: الدغنة، بِفَتْح الدَّال وبفتح الْغَيْن. قَالَ الْأصيلِيّ: كَذَا قرأناه، وَعند الْقَابِسِيّ: الدغنة، بِفَتْح الدَّال وَكسر الْغَيْن وَتَخْفِيف النُّون، وَحكى الجياني فِيهِ الْوَجْهَيْنِ، وَيُقَال: ابْن الدثنة أَيْضا، وتسكن الثَّاء أَيْضا، والدغنة: اسْم أمه، وَمَعْنَاهُ لُغَة: الْغَيْم الممطر، والدثنة الْكَثِيرَة اللَّحْم المسترخية. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: واسْمه ربيعَة بن رفيع. قَوْله: (وَهُوَ سيد القارة)، بِالْقَافِ وَتَخْفِيف الرَّاء: قَبيلَة مَوْصُوفَة بجودة الرَّمْي. وَفِي (الْمطَالع) : القارة بَنو الْهون بن خُزَيْمَة. قلت: خُزَيْمَة بن مدركة بن الياس بن مُضر، سموا بذلك لأَنهم فِي بعض حربهم لبني بكر صفوا فِي قارة، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القارة أكمة سَوْدَاء فِيهَا حِجَارَة. قَوْله: (أَن أسيح)، أَي: أَن أَسِير، يُقَال: ساح فِي الأَرْض يسيح سياحة إِذا ذهب فِيهَا، وَأَصله من السيح، وَهُوَ المَاء الْجَارِي المنبسط على الأَرْض. قَوْله:(لَا يَخرُج) ، على بِنَاء الْفَاعِل (وَلَا يُخرج)، على بِنَاء الْمَفْعُول. قَوْله:(تكسب الْمَعْدُوم) أَي: تكسب معاونة الْفَقِير، وتحقيقه مر فِي كتاب الْإِيمَان. قَوْله:(وَتحمل الْكل) ، بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد اللَّام، وَهُوَ الثّقل، أَي: ثقل العجزة، كَذَا فسره الْكرْمَانِي. وَفِي (الْمغرب) : الْكل الْيَتِيم، وَمن هُوَ عِيَال وَثقل على صَاحبه. قَوْله:(وتقرى الضَّيْف)، بِفَتْح التَّاء من: قرى يقري، من بَاب: ضرب يضْرب، تَقول: قريت قرى، مثل: قليته قلى، وقراءً: أَحْسَنت إِلَيْهِ، إِذا كسرت الْقَاف قصرت، وَإِذا فتحت مددت. وَفِي (الْمطَالع) : الْقرى، بِالْكَسْرِ مَقْصُورا مَا يهيأ للضيف من طَعَام، وَنزل. وَقَالَ القالي: إِذا فتحت أَوله مددته. قَوْله: (على نَوَائِب الْحق)، النوائب: جمع نائبة. وَهِي مَا يَنُوب الْإِنْسَان، أَي: ينزل بِهِ من الْمُهِمَّات والحوادث، من نابه ينوبه شَيْء إِذا نزل بِهِ واعتراه. قَوْله:(وَأَنا لَك جَار) ، أَي مجير، وَفِي (الصِّحَاح) : الْجَار الَّذِي أجرته من أَن يَظْلمه ظَالِم. وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنِّي جَار لكم} (الْأَنْفَال: 84) . وَالْمعْنَى هُنَا: أَنا مؤمنك مِمَّن أخافك مِنْهُم، وَفِي (الْمغرب) : أجاره يجيره إِجَارَة: إغاثة، والهمزة للسلب، وَالْجَار المجير والمجار. قَوْله:(فَرجع مَعَ أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)، وَكَانَ الْقيَاس أَن يُقَال: رَجَعَ أَبُو بكر مَعَه، عكس الْمَذْكُور، وَلَكِن هَذَا من إِطْلَاق الرُّجُوع وَإِرَادَة لَازمه الَّذِي هُوَ الْمَجِيء، أَو: هُوَ من قبيل المشاكلة، لِأَن أَبَا بكر كَانَ رَاجعا، وَأطلق الرُّجُوع بِاعْتِبَار مَا كَانَ قبله بِمَكَّة. قَوْله:(فَطَافَ)، أَي: ابْن الدغنة (فِي أَشْرَاف كفار قُرَيْش) أَي: ساداتهم، وهم جمع شرِيف، وشريف الْقَوْم سيدهم وَكَبِيرهمْ. قَوْله:(أتخرجون؟)، بِضَم التَّاء: من الْإِخْرَاج، والهمزة للاستفهام على سَبِيل الأنكار. قَوْله:(يكْسب الْمَعْدُوم) جملَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا صفة لقَوْله: رجلا، وَمَا بعده عطف عَلَيْهَا. قَوْله:(فانفذت)، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَي: امضوا جواره وَرَضوا بِهِ (وآمنوا أَبَا بكر) أَي: جَعَلُوهُ فِي أَمن ضد الْخَوْف قَوْله: (مُر)، أَمر من: يَأْمر. قَوْله: (فليعبد)، قيل: الْفَاء، لَا معنى لَهَا هُنَا، وَقيل: تَقْدِيره: مر أَبَا بكر ليعبد ربه، فليعبد ربه، قَالَه الْكرْمَانِي قلت: هَذَا الَّذِي ذكره أَيْضا لَا معنى لَهُ، لِأَنَّهُ لَا يُفِيد زِيَادَة شَيْء، بل تصلح الْفَاء أَن تكون جَزَاء شَرط، تَقْدِيره: مر أَبَا بكر إِذا قبل مَا تشْتَرط عَلَيْهِ فليعبد ربه فِي دَاره. قَوْله: (بذلك)، إِشَارَة إِلَى مَا ذكر من الصَّلَاة وَالْقِرَاءَة. قَوْله:(وَلَا يستعلن بِهِ)، أَي: بالمذكور من الصَّلَاة وَالْقِرَاءَة، والاستعلان: الْجَهْر، وَلَكِن مُرَادهم الْجَهْر بِدِينِهِ وَصلَاته وقراءته. قَوْله:(أَن يفتن) ، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف من الْفِتْنَة، يُقَال: فتنته أفتنه فتنا وفتونا. وَيُقَال: أفتنه، وَهُوَ قَلِيل، والفتنة تسْتَعْمل على معانٍ كَثِيرة، وَأَصلهَا الامتحان، وَالْمرَاد هُنَا أَن يخرج أَبْنَاءَهُم ونساءهم مِمَّا هم فِيهِ من الضلال إِلَى الدّين. وَقَوله:(أبناءنا) مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول لقَوْله: أَن يفتن (قَالَ ذَلِك) أَي: قَالَ ابْن الدغنة: وَذَلِكَ إِشَارَة إِلَى مَا شرطت أَشْرَاف قُرَيْش عَلَيْهِ. قَوْله: (فَطَفِقَ أَبُو بكر) ، بِكَسْر الْفَاء، يُقَال: طفق يفعل كَذَا، مثل جعل يفعل كَذَا، وَهُوَ من أَفعَال المقاربة، وَلكنه من النَّوْع الَّذِي يدل على الشُّرُوع فِيهِ، وَيعْمل عمل كَانَ، وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : يُقَال: طفق يفعل كَذَا، مثل: ظلّ. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، لِأَن ظلّ من الْأَفْعَال النَّاقِصَة، وَقَالَ صَاحب (الْأَفْعَال) : طفق مَا نسي طفوقا إِذا دَامَ فعله لَيْلًا وَنَهَارًا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{فَطَفِقَ مسحا} (ص: 33) . الْآيَة، وَفِيه نظر (ثمَّ بدا لأبي بكر)، أَي: ظهر لَهُ رَأْي فِي أمره بِخِلَاف مَا كَانَ يَفْعَله. قَوْله: (فابتنى مَسْجِدا بِفنَاء دَاره) ، بِكَسْر الْفَاء، وَهُوَ مَا امْتَدَّ من جَوَانِب الدَّار وَهُوَ أول مَسْجِد بني فِي الْإِسْلَام، قَالَه أَبُو الْحسن. قَالَ الدَّاودِيّ: بِهَذَا يَقُول مَالك وفريق من الْعلمَاء إِن من كَانَت لداره طَرِيقا متسعا لَهُ أَن يرتفق مِنْهَا بِمَا لَا يضر بِالطَّرِيقِ. قَوْله: (وبرز)، أَي: ظهر من البروز. قَوْله:

ص: 124