الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُغَاير لحَدِيث ابْن عمر لِأَن فِيهِ أَنه استأجرهم على أَن يعملوا إِلَى نصف النَّهَار وَأجِيب بِأَن ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى من عجز عَن الْإِيمَان بِالْمَوْتِ قبل ظُهُور دين آخر وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى من أدْرك دين الْإِسْلَام وَلم يُؤمن بِهِ وَقد تقدم تَمام الْبَحْث فِي ذَاك الْبَاب قَوْله " لَا حَاجَة لنا إِلَى أجرك " إِشَارَة إِلَى أَنهم كفرُوا وتولوا وَاسْتغْنى الله عَنْهُم وَهَذَا من بَاب إِطْلَاق القَوْل وَإِرَادَة لَازمه لِأَن لَازمه ترك الْعَمَل الْمعبر بِهِ عَن ترك الْإِيمَان قَوْله " وَمَا عَملنَا بَاطِل " إِشَارَة إِلَى إحباط عَمَلهم بكفرهم بِعِيسَى عليه الصلاة والسلام إِذْ لَا يَنْفَعهُمْ الْإِيمَان بمُوسَى عليه الصلاة والسلام وَحده بعد بعثة عِيسَى عليه الصلاة والسلام وَكَذَلِكَ القَوْل فِي النَّصَارَى إِلَّا أَن فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن مدتهم كَانَت قدر نصف الْمدَّة فاقتصروا على نَحْو الرّبع من جَمِيع النَّهَار قَوْله " لَا تَفعلُوا " أَي إبِْطَال الْعَمَل وَترك الْأجر الْمَشْرُوط (فَإِن قلت) الْمَفْهُوم مِنْهُ أَن أهل الْكِتَابَيْنِ لم يَأْخُذُوا شَيْئا وَمن السَّابِق أَنهم أخذُوا قيراطا قيراطا (قلت) الآخذون هم الَّذين مَاتُوا قبل النّسخ والتاركون الَّذين كفرُوا بِالنَّبِيِّ الَّذِي بعد نَبِيّهم قَوْله " فَإِنَّمَا بَقِي من النَّهَار شَيْء يسير " أَي بِالنِّسْبَةِ لما مضى مِنْهُ وَالْمرَاد مَا بَقِي من الدُّنْيَا حَتَّى إِذا كَانَ حِين صَلَاة الْعَصْر هُوَ بِنصب حِين وَيجوز الرّفْع قَالَه بَعضهم وَلم يبين وَجهه وَلَا وَجه النصب (قلت) أما النصب فعلى الظَّرْفِيَّة وَأما الرّفْع فعلى أَنه اسْم كَانَ قَوْله " أجر الْفَرِيقَيْنِ كليهمَا " كَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر وَغَيره وَحكى ابْن التِّين أَن فِي رِوَايَته كِلَاهُمَا بِالرَّفْع ثمَّ خطأه (قلت) لَيْسَ لما قَالَه وَجه لِأَن كِلَاهُمَا بِالْألف على لُغَة من يَجْعَل الْمثنى فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة بِالْألف قَوْله " فَذَلِك مثلهم " أَي مثل الْمُسلمين وَمثل مَا قبلوا من هَذَا النُّور أَي نور الْهِدَايَة إِلَى الْحق وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ فَذَلِك مثل الْمُسلمين الَّذين قبلوا هدى الله وَمَا جَاءَ بِهِ رَسُوله وَمثل الْيَهُود وَالنَّصَارَى تركُوا مَا أَمرهم الله بِهِ وَالْمَقْصُود من التمثيلين من الأول بَيَان أَن أَعمال هَذِه الْأمة أَكثر ثَوابًا من أَعمال سَائِر الْأُمَم وَمن الثَّانِي أَن الَّذين لم يُؤمنُوا بِمُحَمد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - أَعْمَالهم السالفة على دينهم لَا ثَوَاب لَهَا قيل اسْتدلَّ بِهِ على أَن بَقَاء هَذِه الْأمة تزيد على الْألف لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَن مُدَّة الْيَهُود نَظِير مدتي النَّصَارَى وَالْمُسْلِمين وَقد اتّفق أهل النَّقْل على أَن مُدَّة الْيَهُود إِلَى بعثة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - كَانَت أَكثر من ألفي سنة وَمُدَّة النَّصَارَى من ذَلِك سِتّمائَة سنة وَقيل أقل فَيكون مُدَّة الْمُسلمين أَكثر من ألف قطعا (قلت) فِيهِ نظر لِأَنَّهُ صَحَّ عَن ابْن عَبَّاس من طرق صِحَاح أَنه قَالَ الدُّنْيَا سَبْعَة أَيَّام كل يَوْم ألف سنة وَبعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فِي الْيَوْم الآخر مِنْهَا وَقد مَضَت مِنْهُ سنُون أَو مئون وَيُؤَيّد هَذَا أَيْضا حَدِيث زمل الْخُزَاعِيّ حِين قصّ على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - رُؤْيَاهُ وَقَالَ فِيهَا رَأَيْتُك على مِنْبَر لَهُ سبع دَرَجَات الحَدِيث وَفِيه فِي الْمِنْبَر ودرجاته الدُّنْيَا سَبْعَة آلَاف سنة بعثت فِي آخرهَا ألفا وَقد صحّح أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ هَذَا الأَصْل بآثار -
21 -
(بابُ مَنِ اسْتأجرَ أَجِيرا فتَرَكَ أجْرَهُ فعَمِلَ فِيهِ الْمُسْتأجِرُ فَزادَ أوْ منْ عَمِلَ فِي مالِ غَيْرِهِ فاسْتَفْضَلَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر من اسْتَأْجر أَجِيرا فَترك أجره، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني فَترك الْأَجِير أجره وغايته أَنه أظهر فَاعل ترك. قَوْله:(فَعمل فِيهِ)، ويروى: بِهِ، أَي: اتّجر فِيهِ أَو زرع فَزَاد أَي ربح. قَوْله: (من عمل فِي مَال غَيره)، عطف على: من اسْتَأْجر. قَوْله: (فاستفضل)، بِمَعْنى: أفضل، يَعْنِي: أفضل من مَال غَيره الشَّيْء، وَلَيْسَ السِّين فِيهِ للطلب.
2722 -
حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَن الزُّهْرِيِّ قَالَ حدَّثني سالِمُ بنُ عَبْدِ الله أنَّ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ انْطَلَقَ ثلاثةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كانَ قَبْلَكُمْ أوَوْا المَبِيتَ إلَى غارٍ فدَخَلُوهُ فانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ فقالُوا إنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إلَاّ أنْ تَدْعُوا الله بصالِحِ أعْمَالِكُمْ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أللَّهُمَّ كانَ لِي أبَوانِ شَيْخَانِ كَبِيرانِ وكُنْتُ لَا أغْبَقُ قَبْلَهُمَا أهْلاً ولَا مَالا فنأى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ
يوْما فَلَمْ أرِحْ عَلَيْهِما حَتَّى نامَا فَحَلَبْتُ لَهُما غَبُوقَهُما فوَجدْتُهُما نائِمَيْنِ وكَرِهْتُ أنْ أغبِقَ قَبْلَهُما أهْلاً أوْ مَالا فَلَبِثْتُ والقَدَحُ على يَدَيَّ أنْتَظِرِ اسْتِيقَاظَهُما حَتَّى بَرَق الفَجْرُ فاسْتَيْقَظَا فشَرِبا غَبُوقَهُما اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعلْتُ ذَلِكَ ابْتِغاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ منْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ فانْفَرَجَتْ شيْئا لَا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الآخرُ أللَّهُمَّ كانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ كانَتْ أحَبَّ النَّاسَ إلَيَّ فأرَدْتُها عنْ نَفْسها فامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى ألَمَّتْ بِا سَنَةٌ مِنَ السِّنينَ فَجاءَتْنِي فأعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ ومِائَةَ دِينَارٍ علَى أنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وبَيْنَ نَفْسِهَا فَفَعَلتْ حتَّى إذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا قالتْ لَا احلُّ لَكَ أنْ تَفُضَّ الخَاتَمَ إلَاّ بِحَقِّهِ فتَحَرَّجْتُ مِنَ الوُقُوعِ عَلَيْهَا فانْصَرَفْتُ عَنْهَا وهْيَ أحَبُّ النَاسِ إلَيَّ وتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أعْطَيْتُهَا اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابتِغَاءَ وجْهِكَ فافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فيهِ فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْها قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إنِّيي استَأجَرْتُ أُجَرَاءَ فأعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غَيْرَ رجلٍ واحِدٍ ترَكَ الَّذِي لَهُ وذَهَبَ فَثَمَّرْتُ أجْرَهُ حتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأمْوَالُ فجَاءَنِي بَعْدَ حِين فَقَالَ يَا عَبْدَ الله أدِّي إلَيَّ أجْرِي فَقُلْتُ لَهُ كُلُّ مَا تَرَى منْ أجْرِكَ مِنَ الإبِلِ والْبَقَرِ والغَنَمِ والرَّقِيقِ فَقَالَ يَا عَبْدَ الله لَا تَسْتَهْزِىءْ بِي فقُلْتُ إنِّي لَا أسْتَهْزِىءُ بِكَ فأخذَهُ كُلَّهُ فاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكّ مِنْهُ شَيْئا اللَّهُمَّ فإنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فافْرُجْ عنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فأعطيتهم أجرهم غير رجل وَاحِد ترك الَّذِي لَهُ وَذهب) إِلَى قَوْله: (بعد حِين) . قَالَ الْمُهلب: لَيْسَ فِيهِ دَلِيل لما ترْجم لَهُ، وَإِنَّمَا أتجر الرجل فِي أجر أجيره ثمَّ أعطَاهُ على سَبِيل التَّبَرُّع، وَإِنَّمَا الَّذِي كَانَ يلْزمه قدر الْعَمَل خَاصَّة. قلت: وَرِجَاله هَكَذَا قد تقدمُوا غير مرّة، وَأَبُو الْيَمَان: الحكم بن نَافِع الْحِمصِي، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب.
وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الْبيُوع فِي: بَاب إِذا اشْترى شَيْئا لغيره بِغَيْر إِذْنه. فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن أبي عَاصِم عَن ابْن جريج عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَبَينهمَا تفَاوت فِي الْمَتْن يعرف بِالنّظرِ.
قَوْله: (ثَلَاثَة رَهْط) ، الرَّهْط من الرِّجَال مَا دون الْعشْرَة، وَقيل: إِلَى الْأَرْبَعين وَلَا يكون فيهم امْرَأَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه وَيجمع على أرهط وأرهاط وأراهط، جمع الْجمع. قَوْله:(حَتَّى أووا)، يُقَال: أَوَى فلَان إِلَى منزله يأوي أويا على وزن فعول، وَقَالَ أَبُو زيد: فعلت وأفعلت بِمَعْنى، يَعْنِي: أَوَى بِالْقصرِ وآوى بِالْمدِّ سَوَاء، وَالْمَبِيت مَوضِع البيتوتة، وَكلمَة: إِلَى، فِي: إِلَى غَار، للانتهاء. يَعْنِي: انْتهى، أويهم لأجل البيتوتة إِلَى غَار، وَهُوَ كَهْف فِي الْجَبَل. قَوْله:(فانحدرت) أَي: هَبَطت وَنزلت. قَوْله: (لَا ينجيكم) ، بِضَم الْيَاء، من الإنجاء بِالْجِيم، وَهُوَ التخليص. قَوْله:(إلَاّ أَن تدعوا الله) ، بِسُكُون الْوَاو لِأَنَّهُ جمع، وَأَصله: تدعون، من الدُّعَاء فَسَقَطت النُّون لأجل: أَن. قَوْله: (أللهم قد) ذكرنَا مَعْنَاهُ هُنَاكَ فِي ذَلِك الْبَاب. قَوْله: (لَا أغبق) ، من الغبوق بالغين الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره قَالَ، وَهُوَ: شرب الْعشي، وضبطوا: لَا أغبق، بِفَتْح الْهمزَة من الثلاثي إلَاّ الْأصيلِيّ، فَإِنَّهُ يضمها من الرباعي، وخطؤه فِيهِ. وَقَالَ صَاحب (الْأَفْعَال) : يُقَال: غبقت الرجل، وَلَا يُقَال: أغبقته، والغبوق: شرب آخر النَّهَار مُقَابل الصبوح، وَاسم الشَّرَاب الغبق. قَوْله:(أَهلا) الْأَهْل الزَّوْجَات، وَالْمَال الرَّقِيق، وَقَالَ الدادي: وَالدَّوَاب أَيْضا. وَقَالَ ابْن التِّين: وَلَيْسَ للدواب هُنَا معنى يذكر بِهِ. قَوْله: (فنَاء بِي) بِمد بعد النُّون بِوَزْن جَاءَ فِي رِوَايَة كَرِيمَة والأصيلي، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: فنأى، بِفَتْح النُّون والهمزة مَقْصُورا على وزن: سقى، أَي: بعد، وأصل هَذِه الْمَادَّة