الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَغِير إِذا قوي، وَفِي (الصِّحَاح) : العتود مَا رعى وَقَوي وأتى عَلَيْهِ حول، وَقيل: إِذا قدر على السفاد، وَجمعه: أعتدة وعتان وعدان قَوْله: (ضحِّ أَنْت)، ويروى: ضح بِهِ أَي: بالعتود، وَهُوَ أَمر من: ضحى يُضحي تضحية.
وَفِيه: الْأُضْحِية بِمَا يعْطى. وَفِيه: الِاخْتِصَار بالأضحية بالجذع من الْمعز، لِأَن العتود من أَوْلَاد الْمعز. وَفِيه: التَّوْكِيل بِالْقِسْمَةِ.
2 -
(بابٌ إِذا وكَّلَ المُسْلِمُ حَرْبيا فِي دارِ الحَرْبِ أوْ فِي دارِ الإسْلامِ جازَ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا وكَّل
…
إِلَى آخِره. قَوْله: (وَفِي دَار الْإِسْلَام) أَي: أَو وكَّل حَرْبِيّا كَائِنا فِي دَار الْإِسْلَام، يَعْنِي: كَانَ الْحَرْبِيّ فِي دَار الْإِسْلَام بِأَمَان ووكَّله مُسلم. قَوْله: (جَازَ)، أَي: التَّوْكِيل، يدل عَلَيْهِ قَوْله:(وكل) كَمَا فِي قَوْله: {اعدلوا هُوَ أقرب للتقوى} (الْمَائِدَة: 8) . أَي: الْعدْل أقرب
…
1032 -
حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني يوسُفُ بنُ المَاجِشُونِ عنْ صالِحِ بنِ إبْرَاهِيمَ ابنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عَوْفٍ عنْ أبِيهِ عنْ جَدِّهِ عبدِ الرَّحْمانِ بنِ عَوفٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كاتَبْتُ أُمَيَّةَ ابنَ خَلَفٍ كِتَابا بِأَن يَحْفَظَني فِي صاغِيَتِي بِمَكَّةَ وأحْفَظَهُ فِي صاغِيَتِهِ بالمَدِينَةِ فلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمانَ قَالَ لَا أعْرِفُ الرَّحْمانَ كاتِبْنِي باسْمِكَ الذِي كانَ فِي الجاهِلِيَّةِ فكَاتَبْتُهُ عبدُ عَمْرٍ وفلَمَّا كانَ فِي يَوْم بَدْرٍ خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لأحْرِزَهُ حينَ نامَ النَّاسُ فأبْصَرَهُ بلالٌ فخَرَجَ حتَّى وقَفَ علَى مَجْلِس مِنَ الأنْصَارِ فَقَالَ أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ لَا نَجَوْتُ إنْ نَجا أُمَيَّةُ فَخَرجَ معَهُ فَرِيقٌ منَ الأنصَارِ فِي آثَارِنا فلَمَّا خَشِيتُ أنْ يَلْحَقُونَا خَلَّفْتُ لَهُمْ ابْنَهُ لأشْغلَهُمْ فقَتَلُوهُ ثمَّ أبَوْا حتَّى يَتْبَعُونا وكانَ رجُلاً ثَقيلاً فلمَّا أدْرَكُونَا قُلْتُ لَهُ ابْرُكْ فألْقَيْتُ علَيْهِ نَفْسِي لأِمْنَعَهُ فتَخَلَّلُوهُ بالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ وأصَابَ أحَدُهُم رِجلي بِسَيْفِهِ: وكانَ عَبْدُ الرَّحْمانِ يُرِينَا ذَلِكَ الأثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ. (الحَدِيث 1032 طرفه فِي: 1793) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَهُوَ مُسلم فِي دَار الْإِسْلَام كَاتب إِلَى أُميَّة بن خلف، وَهُوَ كَافِر فِي دَار الْحَرْب بتفويضه إِلَيْهِ لينْظر فِيمَا يتَعَلَّق بِهِ، وَهُوَ معنى التَّوْكِيل، لِأَن الْوَكِيل إنماهو مرصد لمصَالح مُوكله وَقَضَاء حَوَائِجه، ورد بِهَذَا مَا قَالَه ابْن التِّين: لَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث، وكَالَة إِنَّمَا تعاقد أَن يجير كل وَاحِد مِنْهُمَا صاغية صَاحبه. فَإِن قلت: بِمُجَرَّد هَذَا يَصح تَوْكِيل مُسلم حَرْبِيّا فِي دَار الْحَرْب. قلت: الظَّاهِر أَن عبد الرَّحْمَن لم يفعل هَذَا إلَاّ باطلاع النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَلم يُنكر عَلَيْهِ فَدلَّ على صِحَّته. فَإِن قلت: التَّرْجَمَة فِي شَيْئَيْنِ والْحَدِيث لَا يدل إلَاّ على أَحدهمَا، وَهُوَ: تَوْكِيل الْمُسلم حَرْبِيّا وَهُوَ فِي دَار الْحَرْب، قلت: إِذا صَحَّ هَذَا فتوكيله إِيَّاه فِي دَار الْإِسْلَام يكون بطرِيق الأولى أَن يَصح، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: تَوْكِيل الْمُسلم حَرْبِيّا مستأمنا وتوكيل الْحَرْبِيّ الْمُسْتَأْمن مُسلما لَا خلاف فِي جَوَاز ذَلِك.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى بن عَمْرو أَبُو الْقَاسِم الْقرشِي العامري الأويسي. الثَّانِي: يُوسُف ابْن يَعْقُوب بن عبد الله بن أبي سَلمَة الْمَاجشون، بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا. الثَّالِث: صَالح بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْقرشِي، يكنى أَبَا عَمْرو. الرَّابِع: أَبوهُ إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الْقرشِي، يكنى أَبَا إِسْحَاق، وَقيل: أَبَا مُحَمَّد، توفّي سنة سِتّ وَتِسْعين. الْخَامِس: عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بن عبد عَوْف الْقرشِي أَبُو مُحَمَّد، أحد الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ، توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَدفن بِالبَقِيعِ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده، وَلَفظ الْمَاجشون هُوَ لقب يَعْقُوب وَهُوَ لفظ فَارسي وَمَعْنَاهُ: المورد. وَفِيه: أَن الروَاة
كلهم مدنيون.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي مُخْتَصرا عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله أَيْضا.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (كاتبت أُميَّة بن خلف) يَعْنِي: كتبت إِلَيْهِ كتابا، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: عَاهَدت أُميَّة بن خلف وكاتبته، وَأُميَّة، بِضَم الْهمزَة وَفتح الْمِيم المخففة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن خلف، بِالْخَاءِ وَاللَّام المفتوحتين: ابْن وهب ابْن حذافة بن جمح بن عَمْرو بن هصيص بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب بن فهر. وَقَالَ عُلَمَاء السّير: كَانَ أُميَّة بن خلف الجُمَحِي أَشد النَّاس على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فجَاء فِي يَوْم بِعظم نخر فَفتهُ فِي يَده، وَقَالَ: يَا مُحَمَّد تزْعم أَن رَبك هَذَا، ثمَّ نفخه فطار، فَأنْزل الله تَعَالَى:{قَالَ: من يحيي الْعِظَام وَهِي رَمِيم} (يس: 87) . قَوْله: (صاغيتي)، بصاد مُهْملَة وغين مُعْجمَة: هِيَ المَال، وَقيل: الْحَاشِيَة، يُقَال: صاغية الرجل: حَاشِيَته، وكل من يصغي إِلَيْهِ، أَي: يمِيل، وَعَن الْقَزاز: صاغية الرجل أَهله، يُقَال أكْرمُوا فلَانا فِي صاغيته، أَي: فِي أَهله، وَقَالَ الْهَرَوِيّ: خالصته، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الصاغية هم الْقَوْم الَّذين يميلون إِلَيْهِ ويأتونه، أَي: أَتْبَاعه وحواشيه. قلت: فعلى هَذَا تكون الصاغية مُشْتَقَّة من: صغيت إِلَى فلَان، أَي: ملت بسمعي إِلَيْهِ، وَمِنْه:{ولتصغي إِلَيْهِ أَفْئِدَة الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة} (الْأَنْعَام: 311) . وكل مائل إِلَى شَيْء أَو مَعَه فقد صغى إِلَيْهِ، وأصغى. وَفِي حَدِيث الْهِرَّة: أَنه كَانَ يصغي لَهَا الْإِنَاء أَي: يميله إِلَيْهَا ليسهل عَلَيْهَا الشّرْب مِنْهُ. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الصاغية خاصية الْإِنْسَان، والمائلون إِلَيْهِ ذكره فِي تَفْسِير هَذَا الحَدِيث، وَقيل: الْأَشْبَه أَن يكون هَذَا هُوَ الْأَلْيَق بتفسير هَذَا الحَدِيث، وَالله تَعَالَى أعلم، وَقَالَ ابْن التِّين: وَرَوَاهُ الدَّاودِيّ: ظاعنتي، بالظاء المشالة الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة بعْدهَا نون، ثمَّ فسره: بِأَنَّهُ الشَّيْء الَّذِي يسفر إِلَيْهِ، قَالَ: وَلم أر هَذَا لغيره. قَوْله: (لَا أعرف الرَّحْمَن)، قَالَ بَعضهم: أَي: لَا أعترف بتوحيده. قلت: هَذَا الَّذِي فسره لَا يَقْتَضِيهِ قَوْله: (لَا أعرف الرَّحْمَن) ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنه لما كتب إِلَيْهِ ذكر اسْمه بِعَبْد الرَّحْمَن، فَقَالَ: مَا أعرف الرَّحْمَن الَّذِي جعلت نَفسك عبدا لَهُ، أَلا ترى أَنه قَالَ: كاتبني بِاسْمِك الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَ اسْمه فِي الْجَاهِلِيَّة: عبد عَمْرو، فَلذَلِك كَاتبه: عبد عَمْرو، وَقيل: كَانَ اسْمه فِي الْجَاهِلِيَّة: عبد الْكَعْبَة فَسَماهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: عبد الرَّحْمَن، وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح مَعْنَاهُ لَا أعبد من تعبده، وَهَذِه حمية الْجَاهِلِيَّة الَّتِي ذكرت حِين لم يقرؤا كِتَابه صلى الله عليه وسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة، لما كتب: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، قَالُوا: لَا نَعْرِف الرَّحْمَن أكتب بِاسْمِك أللهم. قَوْله: (وَلما كَانَ يَوْم بدر)، يَعْنِي: غَزْوَة يَوْم بدر، وَكَانَت يَوْم الْجُمُعَة السَّابِع عشر من رَمَضَان فِي السّنة الثَّانِيَة، قَالَه عُرْوَة بن الزبير وَقَتَادَة وَالسُّديّ وَأَبُو جَعْفَر الباقر، وَقيل: غير ذَلِك، وَلَكِن لَا خلاف أَنَّهَا فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة، وَبدر: بِئْر لرجل كَانَ يدعى بَدْرًا، قَالَه الشّعبِيّ. وَقَالَ البلاذري: بدر اسْم مَاء لخَالِد بن النَّضر، بَينه وَبَين الْمَدِينَة ثَمَانِيَة برد. قَوْله:(لأحرزه)، بِضَم الْهمزَة من الْإِحْرَاز أَي: لأحفظه. وَقَالَ الْكرْمَانِي: لأحوزه من الْحِيَازَة أَي: الْجمع، وَفِي بَعْضهَا من: الْحَوْز، أَي: الضَّبْط وَالْحِفْظ، وَفِي بَعْضهَا: من التحويز أَي: التبعيد. قَوْله: (حِين نَام النَّاس)، أَي: حِين رقدوا، وَأَرَادَ بذلك اغتنام غفلتهم ليصون دَمه. قَوْله:(فَأَبْصَرَهُ بِلَال)، أَي: أبْصر أُميَّة بِلَال بن حمامة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله:(فَقَالَ)، أَي: بِلَال. قَوْله: (أُميَّة بن خلف)، بِالنّصب على الإغراء أَي: إلزموا أُميَّة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِالرَّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ أُميَّة. وَقَالَ بَعضهم: خبر مُبْتَدأ مُضْمر. قلت: لَا يُقَال لمثل هَذَا الْمَحْذُوف مُضْمر، وَلَيْسَ بمصطلح هَذَا، وَالْفرق بَين الْمُضمر والمحذوف قَائِم. قَوْله:(لَا نجوت إِن نجى أُميَّة) ، إِنَّمَا قَالَ ذَلِك بِلَال، لِأَن أُميَّة كَانَ يعذب بِلَالًا بِمَكَّة عذَابا شَدِيدا لأجل إِسْلَامه، وَكَانَ يُخرجهُ إِلَى الرمضاء إِذا حميت فيضجعه على ظَهره، ثمَّ يَأْخُذ الصَّخْرَة الْعَظِيمَة فَيَضَعهَا على صَدره، وَيَقُول: لَا تزَال هَكَذَا حَتَّى تفارق دين مُحَمَّد، فَيَقُول بِلَال: أحد أحد. قَوْله: (فَخرج مَعَه)، أَي: فَخرج مَعَ بِلَال فريق من الْأَنْصَار، وَكَانَ قد استصرخ بالأنصار وأغراهم على قَتله. قَوْله:(خلفت لَهُم ابْنه) أَي: ابْن أُمِّيّه واسْمه عَليّ. قَوْله: (لأشغلهم) ، بِضَم الْهمزَة، من الأشغال يَعْنِي: يشتغلون بِابْنِهِ عَن أَبِيه أُميَّة. قَوْله: (فَقَتَلُوهُ)، أَي: قتلوا ابْنه، وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: فَكنت بَين أُميَّة وَابْنه آخذ بأيديهما، فَلَمَّا رَآهُ بِلَال صرخَ بِأَعْلَى صَوته: يَا أنصار الله! رَأس الْكفْر أُميَّة بن خلف، فأحاطوا بِنَا، وَأَنا أذب عَنهُ، فَضرب رجل ابْنه بِالسَّيْفِ فَوَقع، وَصَاح أُميَّة صَيْحَة مَا سَمِعت مثلهَا قطّ، فَقلت: أَنْج نَفسك، فوَاللَّه لَا أُغني عَنْك شَيْئا. قَوْله:(ثمَّ أَبَوا)، من الإباء بِمَعْنى: الِامْتِنَاع، ويروى: ثمَّ أَتَوا من الْإِتْيَان. قَوْله: (وَكَانَ رجلا ثقيلاً)، أَي: كَانَ أُميَّة رجلا ضخما. قَوْله: (فَلَمَّا أدركونا)، أَي: قَالَ