الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْغَالِب إِذْ كَانَت عَادَتهم الْحلف بِمثلِهِ وَذَلِكَ لِأَن الْغَالِب أَن مثله كَانَ يَقع فِي آخر النَّهَار حَيْثُ أَرَادوا الانعزال عَن السُّوق والفراغ عَن معاملتهم وَقيل خصص الْعَصْر بِالذكر لما فِيهِ من زِيَادَة الجراءة إِذْ التَّوْحِيد هُوَ أساس التنزيهات وَالْعصر هُوَ وَقت صعُود مَلَائِكَة النَّهَار وَلِهَذَا يغلظ فِي إِيمَان اللّعان بِهِ وَقيل لِأَن وَقت الْعَصْر وَقت تعظم فِيهِ الْمعاصِي لارْتِفَاع الْمَلَائِكَة بِالْأَعْمَالِ إِلَى الرب تَعَالَى فيعظم أَن يرتفعوا بِالْمَعَاصِي وَيكون آخر عمله هُوَ الْمَرْفُوع فالخواتم هِيَ المرجوة وَإِن كَانَت الْيَمين الْفَاجِرَة مُحرمَة كل وَقت قَوْله " لقد أَعْطَيْت " على صِيغَة الْمَجْهُول وَقد أكد يَمِينه الْفَاجِرَة بمؤكدات وَهِي بتوحيد الله تَعَالَى وباللام وَكلمَة قد الَّتِي للتحقيق هُنَا قَوْله " فَصدقهُ رجل " أَي المُشْتَرِي وَاشْتَرَاهُ بذلك الثّمن الَّذِي حلف أَنه أعْطِيه بِكَذَا اعْتِمَادًا على حلفه (وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ) مَا ذكرنَا أَن صَاحب المَاء أولى بِهِ عِنْد حَاجته وَفِي التَّوْضِيح فَإِذا كَانَ المَاء مِمَّا يحل مَنعه منع إِلَّا بِالثّمن إِلَّا أَن لَا يكون مَعَهم وَأما الْمَوَاشِي والسقاة الَّتِي لَا يحل منع مَائِهَا فَلَا يمْنَعُونَ فَإِن منعُوا قوتلوا وَكَانَ هدرا وَإِن أُصِيب طَالب المَاء كَانَت دِيَته على صَاحب المَاء مَعَ الْعقُوبَة والسجن كَذَا قَالَه الدَّاودِيّ وَقَالَ ابْن التِّين أَنَّهَا على عَاقِلَته إِن مَاتَ عطشا وَإِن أُصِيب أحد من الْمُسَافِرين أَخذ بِهِ جَمِيع مَا نعى وَقتلُوا بِهِ -
6 -
(بابُ سكْرِ الأنْهارِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم سكر الْأَنْهَار، السكر، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْكَاف: سد المَاء وحبسه، يُقَال: سكرت النَّهر إِذا سددته. وَقَالَ صَاحب (الْعين) السكر، اسْم ذَلِك السد، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: وَأَصله من: سكرت الرّيح: سكن هبوبها، وَفِي (الْمغرب) : السكر، بِالْكَسْرِ الِاسْم وَقد جَاءَ فِيهِ الْفَتْح على تَسْمِيَته بِالْمَصْدَرِ.
حدَّثنا عبدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ قَالَ حدَّثني ابنُ شِهابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عَبد لله بنِ الزُّبَيْرِ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّهُ حدَّثَهُ أنَّ رجُلاً مِنَ الأنْصَارِ خاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شِرَاجِ الحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الأنْصَارِيُّ سَرِّحِ المَاءَ يَمُرُّ فأبَى عَلَيْهِ فاخْتَصَمَا عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للزُّبَيْرِ اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أرْسِلِ المَاءَ إلَى جارِكَ فغَضِبَ الأنْصَارِيُّ فقالَ إنْ كانَ ابنِ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ إسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حتَّى يَرْجِعَ إلَى الجَدْرِ فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَالله إنِّي لأحْسِبُ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ {فَلَا ورَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حتَّى يُحَكِّمُوكَ فيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (النِّسَاء: 56) . .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (سرح المَاء يمر فَأبى عَلَيْهِ) أَي: امْتنع عَلَيْهِ وَلم يسرح المَاء بل سكره. والْحَدِيث صورته صُورَة الْإِرْسَال وَلكنه مُتَّصِل فِي الْمَعْنى.
وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي القضايا عَن أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَحْكَام وَفِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْقَضَاء وَفِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنة وَفِي الْأَحْكَام عَن مُحَمَّد بن رمح بِهِ.
قَوْله: (رجلا من الْأَنْصَار خَاصم الزبير) يَعْنِي: الزبير بن الْعَوام أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ، قَالَ شَيخنَا: لم يَقع تَسْمِيَة هَذَا الرجل فِي شَيْء من طرق الحَدِيث فِيمَا وقفت عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ الزبير وَبَقِيَّة الروَاة أَرَادوا ستره لما وَقع مِنْهُ، وَحكى الدَّاودِيّ فِيمَا نَقله القَاضِي عِيَاض عَنهُ: أَن هَذَا الرجل كَانَ منافقاً. فَإِن قلت: ذكر فِيهِ أَنه من الْأَنْصَار؟ قلت: قَالَ النَّوَوِيّ: لَا يُخَالف هَذَا قَوْله فِيهِ: أَنه من الْأَنْصَار، لِأَنَّهُ يكون من قبيلتهم لَا من أنصار الْمُسلمين. قلت: يُعَكر على هَذَا قَول البُخَارِيّ فِي كتاب الصُّلْح: أَنه من الْأَنْصَار قد شهد بَدْرًا، وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا قَوْله فِي الحَدِيث فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَغَيره: فَغَضب الْأنْصَارِيّ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، وَلم يكن غير الْمُسلمين يخاطبونه، صلى الله عليه وسلم، بقَوْلهمْ: يَا رَسُول الله، وَإِنَّمَا كَانُوا يَقُولُونَ: يَا مُحَمَّد، وَلَكِن أجَاب الدَّاودِيّ عَن هَذَا الرجل بعد أَن جزم أَنه كَانَ منافقاً، بِأَنَّهُ وَقع مِنْهُ ذَلِك قبل شُهُوده
بَدْرًا لانْتِفَاء النِّفَاق عَمَّن شهد بَدْرًا، وَأما قَوْله: من الْأَنْصَار، فَيحمل على الْمَعْنى اللّغَوِيّ، يَعْنِي: مِمَّن كَانَ ينصر النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، لَا بِمَعْنى أَنه كَانَ من الْأَنْصَار الْمَشْهُورين، وَقد أجَاب التوربشتي عَن هَذَا بقوله: قد اجترأ جمع بِنِسْبَة هَذَا الرجل إِلَى النِّفَاق وَهُوَ بَاطِل، إِذْ كَونه أَنْصَارِيًّا وصف مدح، وَالسَّلَف احترزوا أَن يطلقوا على من اتهمَ بالنفاق الْأنْصَارِيّ، فَالْأولى أَن يُقَال: هَذَا قَول أزله الشَّيْطَان فِيهِ عِنْد الْغَضَب، وَلَا يستبدع من الْبشر الِابْتِلَاء بأمثال ذَلِك. قلت: هَذَا اعْتِرَاف مِنْهُ أَن الَّذِي خَاصم الزبير هُوَ حَاطِب، وَلكنه أبطل اتصافه بالنفاق، واعتراف مِنْهُ أَنه أَنْصَارِي، وَلَيْسَ بِأَنْصَارِيِّ إلَاّ إِذا حملنَا ذَلِك على الْمَعْنى الَّذِي ذَكرْنَاهُ آنِفا.
وَقد سَمَّاهُ الواحدي فِي (أَسبَاب النُّزُول) وَقَالَ: إِنَّه حَاطِب بن أبي بلتعة، وَكَذَا سَمَّاهُ مُحَمَّد بن الْحسن النقاش ومكي والمهدوي، ورد عَلَيْهِم بِأَن حَاطِبًا مُهَاجِرِي وَلَيْسَ من الْأَنْصَار، وَلَكِن يحسن حمله على الْمَعْنى الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَقَالَ الواحدي: وَقيل: إِنَّه ثَعْلَبَة بن حَاطِب، وَقَالَ ابْن بشكوال فِي (المبهمات) ؛ وَقَالَ شَيخنَا أَبُو الْحسن مغيث مرَارًا: إِنَّه ثَابت بن قيس بن شماس، قَالَ: وَلم يَأْتِ على ذَلِك بِشَاهِد ذكره.
وَذكر أَبُو بكر بن الْمقري فِي (مُعْجَمه) من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة: أَن حميدا رجلا من الْأَنْصَار خَاصم الزبير فِي شراج الْحرَّة
…
الحَدِيث. قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ: هَذَا حَدِيث صَحِيح لَهُ طرق وَلَا أعلم فِي شَيْء مِنْهَا ذكر حميد إلَاّ فِي هَذِه الطَّرِيق. وَقَالَ: حميد، بِضَم الْحَاء وَفِي آخِره دَال مُهْملَة. قلت: روى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب، سمعته من الزُّهْرِيّ:{فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ} (النِّسَاء: 56) . الْآيَة، قَالَ: نزلت فِي الزبير بن الْعَوام وحاطب بن أبي بلتعة اخْتَصمَا فِي مَاء
…
الحَدِيث، فَهَذَا إِسْنَاده قوي، وَإِن كَانَ مُرْسلا، وَإِن كَانَ ابْن الْمسيب سَمعه من الزبير يكون مَوْصُولا فَهَذَا يُقَوي قَول من قَالَ: إِن الَّذِي خَاصم الزبير حَاطِب بن أبي بلتعة، وَهُوَ بَدْرِي وَلَيْسَ من الْأَنْصَار. وَقَالَ النَّوَوِيّ: قَالَ الْعلمَاء: لَو صدر مثل هَذَا الْكَلَام الْيَوْم من إِنْسَان جرت على قَائِله أَحْكَام الْمُرْتَدين فَيجب قَتله بِشَرْطِهِ، قَالُوا: وَأما ترك النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، لِأَنَّهُ كَانَ فِي أول الْإِسْلَام يتألف النَّاس وَيدْفَع بِالَّتِي هِيَ أحسن ويصبر على أَذَى الْمُنَافِقين الَّذين فِي قُلُوبهم مرض.
وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: فَلَمَّا خرجا يَعْنِي: الزبير وحاطباً مرا على الْمِقْدَاد، فَقَالَ: لمن كَانَ الْقَضَاء يَا أَبَا بلتعة؟ فَقَالَ: قضى لِابْنِ عمته، ولوى شدقه، فطن لَهُ يَهُودِيّ كَانَ مَعَ الْمِقْدَاد فَقَالَ: قَاتل الله هَؤُلَاءِ، يشْهدُونَ أَنه رَسُول الله ثمَّ يَتَّهِمُونَهُ فِي قَضَاء يقْضِي بَينهم، وأيم الله! لقد أَذْنَبْنَا مرّة فِي حَيَاة مُوسَى، عليه الصلاة والسلام، فَدَعَانَا مُوسَى إِلَى التَّوْبَة مِنْهُ، فَقَالَ: اقْتُلُوا أَنفسكُم، فَقَتَلْنَا، فَبلغ قَتْلَانَا سبعين ألفا فِي رَبنَا حَتَّى رَضِي عَنَّا. قلت: هَذَا مَوضِع تَأمل.
قَوْله: (فِي شراج الْحرَّة) ، الشراج، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء وَفِي آخِره جِيم، قيل: هُوَ وَاحِد، وَقيل: هُوَ جمع شرج، مثل: رهن ورهان وبحر وبحار. وَفِي (الْمُنْتَهى) لأبي الْمعَانِي: الشرج مسيل المَاء من الْحزن إِلَى السهل، وَالْجمع شراج وشروج وشرج، وَقيل: الشرج جمع شراج والشراج جمع شرج. وَفِي (الْمُحكم) : وَيجمع على أشراج، وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ: شريج الْحرَّة، وَإِنَّمَا أضيف إِلَى الْحرَّة لكَونهَا فِيهَا. وَقَالَ الدَّاودِيّ: الشراج نهر عِنْد الْحرَّة بِالْمَدِينَةِ، وَهَذَا غَرِيب وَلَيْسَ بِالْمَدِينَةِ نهر، والحرة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء: من الأَرْض الصلبة الغليظة الَّتِي أفنيتها كلهَا حِجَارَة سود نخرة، كَأَنَّهَا مطرَت، وَالْجمع: حرات وحرار، وَفِي (مثلث) ابْن سَيّده: وَيجمع أَيْضا على حرون، وبالمدينة حرتان: حرَّة واقم وحرة لبلى، زَاد ابْن عديس فِي (الْمثنى والمثلث) : وحرة الْحَوْض من الْمَدِينَة والعقيق، وحرة قبا فِي قبْلَة الْمَدِينَة، وَزَاد ياقوت: وحرة الْوَبرَة بِالتَّحْرِيكِ، وأوله وَاو بعْدهَا بَاء مُوَحدَة، على أَمْيَال من الْمَدِينَة، وحرة النَّار قرب الْمَدِينَة. قَوْله:(الَّتِي يسقون بهَا)، وَفِي رِوَايَة شُعَيْب: كَانَا يسقيان بِهِ كِلَاهُمَا. قَوْله: (سرح المَاء)، أَمر من التسريح: أَي: أرْسلهُ وسيِّبه، وَمِنْه: سرحوا المَاء فِي الخَنْدَق. قَوْله: (يمر) ، جملَة وَقعت حَالا من المَاء، وَقَالَ بَعضهم: وَضبط الْكرْمَانِي: فَأمره، بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء على أَنه فعل أَمر من الإمرار. قَالَ: وَهُوَ مُحْتَمل. قلت: لم أرَ ذَلِك فِي شرح الْكرْمَانِي، فَإِن كَانَت النّسخ مُخْتَلفَة فَلَا يبعد. قَوْله:(فَأبى عَلَيْهِ)، أَي: امْتنع الزبير على الَّذِي خاصمه من إرْسَال المَاء، وَإِنَّمَا قَالَ الْأنْصَارِيّ ذَلِك لِأَن المَاء كَانَ يمر بِأَرْض الزبير قبل أَرض الْأنْصَارِيّ فحبسه لإكمال سقِِي أرضه، ثمَّ يُرْسِلهُ إِلَى أَرض جَاره، فالتمس مِنْهُ الْأنْصَارِيّ تَعْجِيل ذَلِك فَأبى عَلَيْهِ. قَوْله:(إسق يَا زبير)، بِكَسْر الْهمزَة: من سقى يسْقِي، من بَاب ضرب يضْرب، وَحكى ابْن التِّين بِفَتْح الْهمزَة
من الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ من: أسْقى يسْقِي إسقاء، وَقَالَ بَعضهم: حكى ابْن التِّين بِهَمْزَة قطع من الرباعي. قلت: هَذَا لَيْسَ بمصطلح فَلَا يُقَال: رباعي إلَاّ لكلمة أصُول حروفها أَرْبَعَة أحرف، وَسَقَى ثلاثي مُجَرّد، فَلَمَّا زيد فِيهِ الْألف صَار ثلاثياً مزيداً فِيهِ. قَوْله:(إِن كَانَ ابْن عَمَّتك)، بِفَتْح همزَة: أَن، وَأَصله: لِأَن كَانَ فَحذف اللَّام، وَمثل هَذَا كثير، وَالتَّقْدِير: حكمت لَهُ بالتقديم لأجل أَنه ابْن عَمَّتك؟ وَكَانَت أم الزبير صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب وَهِي عمَّة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ ابْن مَالك: يجوز فِيهِ الْفَتْح وَالْكَسْر لِأَنَّهَا وَاقعَة بعد كَلَام تَامّ مُعَلل بمضمون مَا صدر بهَا، فَإِذا كسرت قدر قبلهَا ألفا، وَإِذا فتحت قدر اللَّام قبلهَا، وَقد ثَبت الْوَجْهَانِ فِي قَوْله تَعَالَى:{نَدْعُوهُ إِنَّه هُوَ الْبر الرَّحِيم} (الطّور: 82) . بِالْفَتْح، قَرَأَ نَافِع وَالْكسَائِيّ وَالْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ، وَقَالَ بَعضهم: وَحكى الْكرْمَانِي: إِن كَانَ، بِكَسْر الْهمزَة على أَنَّهَا شَرْطِيَّة، وَالْجَوَاب مَحْذُوف، قَالَ: وَلَا أعرف هَذِه الرِّوَايَة، نعم وَقع فِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، فَقَالَ: إعدل يَا رَسُول الله، وَإِن كَانَ ابْن عَمَّتك؟ وَالظَّاهِر أَن هَذِه بِالْكَسْرِ. انْتهى. قلت: لم يذكر الْكرْمَانِي هَذَا فِي شَرحه، وَإِن ذكره فَلهُ وَجه موجه يدل عَلَيْهِ رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، لِأَن: إِن، فِيهَا بِالْكَسْرِ جزما فَلَا يحْتَاج إلَاّ أَن يُقَال: وَالظَّاهِر أَن هَذِه بِالْكَسْرِ، وَأَيْضًا عدم مَعْرفَته بِهَذِهِ الرِّوَايَة لَا يسْتَلْزم الْعَدَم مُطلقًا. فَافْهَم. قَوْله:(فَتَلَوَّنَ وَجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ، أَي: تغير، وَهَذَا كِنَايَة عَن الْغَضَب، وَفِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق: حَتَّى عرفنَا أَن قد سَاءَهُ مَا قَالَ. قَوْله: (ثمَّ احْبِسْ المَاء) ، لَيْسَ المُرَاد مِنْهُ أمسك المَاء، بل أمسك نَفسك عَن السَّقْي حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر، أَي: حَتَّى يصير إِلَيْهِ، والجدر، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة، وَهُوَ: جر الْجِدَار الَّذِي هُوَ الْحَائِل بَين المشارب وَهُوَ الحواجز الَّتِي تحبس المَاء. وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ: وَرَوَاهُ بَعضهم حَتَّى يبلغ الْجدر، بِضَم الْجِيم وَالدَّال: جمع جِدَار، وَقَالَ ابْن التِّين: ضبط فِي أَكثر الرِّوَايَات بِفَتْح الدَّال، وَفِي بَعْضهَا بِالسُّكُونِ، وَهُوَ الَّذِي فِي اللُّغَة، وَهُوَ أصل الْحَائِط. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: لم يَقع فِي الرِّوَايَة إلَاّ بِالسُّكُونِ، وَالْمعْنَى: أَن يصل المَاء إِلَى أصُول النّخل، قَالَ: ويروى بِكَسْر الْجِيم وَهُوَ الْجِدَار، وَالْمرَاد بِهِ: جدران الشربات، وَهِي الْحفر الَّتِي تحفر فِي أصُول النّخل، والشربات، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وبالباء الْمُوَحدَة: جمع شربة بالفتحات، قَالَ ابْن الْأَثِير: هِيَ حَوْض يكون فِي أصل النَّخْلَة وحولها يمْلَأ بِمَاء لتشربه، وَحكى الْخطابِيّ: الجذر، بِسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة، وَهُوَ جذر الْحساب، وَالْمعْنَى: حَتَّى يبلغ تَمام الشّرْب. قَوْله: (فَقَالَ الزبير: وَالله إِنِّي لأحسب هَذِه الْآيَة نزلت فِي ذَلِك: {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم} (النِّسَاء: 56) .) . وَزَاد شُعَيْب فِي رِوَايَته: {ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجاً مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا} (النِّسَاء: 56) . قَوْله هَذِه الْآيَة إِشَارَة إِلَى قَوْله: {فَلَا وَرَبك} (النِّسَاء: 56) . قَوْله: (فِي ذَلِك) أَي: فِيمَا ذكر من أمره مَعَ خَصمه، وَقَالَ بَعضهم: الزبير كَانَ لَا يجْزم بذلك. قلت: قَوْله: وَالله، يَقْتَضِي الْجَزْم وَيرد معنى الظَّن فِي قَوْله: لأحسب، لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون مَعْنَاهُ: لأعد هَذِه الْآيَة أَنَّهَا نزلت فِي ذَلِك، وَلَا سِيمَا قَالَ الزبير فِي رِوَايَة ابْن جريج الَّتِي تَأتي عَن قريب: وَالله إِن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي ذَلِك، فَانْظُر كَيفَ أكد كَلَامه بالقسم وَبِأَن وَبِالْجُمْلَةِ الإسمية، وَكَيف لَا يكون الْجَزْم بِهَذِهِ المؤكدات مَعَ أَن هَذَا الْقَائِل قَالَ: لَكِن وَقع فِي رِوَايَة أم سَلمَة عِنْد الطَّبَرِيّ وَالطَّبَرَانِيّ الْجَزْم بذلك، وَأَنَّهَا نزلت فِي قصَّة الزبير وخصمه.
قلت: رَوَاهُ الواحدي أَيْضا فِي (أَسبَاب النُّزُول) من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة: عَن عَمْرو بن دِينَار، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، عَن أبي سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن أم سَلمَة: أَن الزبير بن الْعَوام خَاصم رجلا، فَقضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم للزبير، وَقَالَ الرجل: إِنَّمَا قضى لَهُ لِأَنَّهُ ابْن عمته، فَأنْزل الله تَعَالَى: {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ
…
} (النِّسَاء: 56) . الْآيَة. وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر بن مرْدَوَيْه: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دُحَيْم حَدثنَا أَحْمد بن حَازِم حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن سَلمَة رجل من آل أبي سَلمَة قَالَ: خَاصم الزبير رجلا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقضى للزبير، فَقَالَ الرجل: إِنَّمَا قضى لَهُ لِأَنَّهُ ابْن عمته فَنزلت: {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم
…
} (النِّسَاء: 56) . الْآيَة.
وَهنا سَبَب آخر غَرِيب جدا قَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى قِرَاءَة عَلَيْهِ أخبرنَا ابْن وهب أَخْبرنِي عبد الله بن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود، قَالَ: اخْتصم رجلَانِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقضى بَينهمَا، فَقَالَ الَّذِي قضى عَلَيْهِ: ردنا إِلَى عمر بن الْخطاب، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إنطلقا إِلَيْهِ، قَالَ الرجل: يَا ابْن الْخطاب قضى لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على هَذَا، فَقَالَ: ردنا إِلَى عمر فَرَدَّنَا إِلَيْك، فَقَالَ: أَكَذَلِك؟ فَقَالَ: نعم. فَقَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: مَكَانكُمَا حَتَّى أخرج
إلَيْكُمَا فأقضي بَيْنكُمَا، فَخرج إِلَيْهِمَا مُشْتَمِلًا على سَيْفه، فَضرب الَّذِي قَالَ: ردنا إِلَى عمر، فَقتله وَأدبر الآخر فَارًّا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله! قتل عمر وَالله صَاحِبي، وَلَوْلَا أَنِّي أَعْجَزته لَقَتَلَنِي، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا كنت أَظن أَن يجترىء عمر على قتل رجل مُؤمن. فَأنْزل الله تَعَالَى: {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ
…
} (النِّسَاء: 56) . الْآيَة، فَهدر دم ذَلِك الرجل وبرىء عمر من قَتله، فكره الله أَن يسن ذَلِك بعد فَقَالَ:{وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم} إِلَى قَوْله: {وَأَشد تثبيتاً} (النِّسَاء: 66) . وَكَذَا رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود بِهِ، قَالَ ابْن كثير: وَهُوَ أثر غَرِيب ومرسل، وَابْن لَهِيعَة ضَعِيف.
طَرِيق أُخْرَى: قَالَ الْحَافِظ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم بن دُحَيْم فِي (تَفْسِيره) : حَدثنَا شُعَيْب بن شُعَيْب حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة حَدثنَا عتبَة بن ضَمرَة حَدثنِي أبي: أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقضى للمحق على الْمُبْطل، فَقَالَ الْمقْضِي عَلَيْهِ: لَا أرْضى، فَقَالَ صَاحبه: فَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أَن نَذْهَب إِلَى أبي بكر الصّديق،؟ ، وَقد ذَهَبا إِلَيْهِ فَقَالَ الَّذِي قضي لَهُ: قد اختصمنا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فقضي لي، فَقَالَ أَبُو بكر: فأنتما على مَا قضى بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَأبى صَاحبه أَن يرضى، قَالَ: فاتيا عمر بن الْخطاب فَأتيَاهُ، فَقَالَ الْمقْضِي لَهُ: قد اختصمنا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقضى لي عَلَيْهِ فَأبى أَن يرضى، ثمَّ أَتَيْنَا أَبَا بكر فَقَالَ: أَنْتُمَا على مَا قضى بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَأبى أَن يرضى، فَسَأَلَهُ عمر، فَقَالَ كَذَلِك، فَدخل عمر منزله وَخرج وَالسيف فِي يَده قد سَله، فَضرب بِهِ رَأس الَّذِي أَبى أَن يرضى فَقتله، فَأنْزل الله {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ} (النِّسَاء: 56) . إِلَى آخر الْآيَة.
قَوْله: {فَلَا وَرَبك} (النِّسَاء: 56) . أَي: لَيْسَ الْأَمر كَمَا يَزْعمُونَ أَنهم آمنُوا وهم يخالفون حكمك، ثمَّ اسْتَأْنف الْقسم فَقَالَ: لَا يُؤمنُونَ، وَقيل: هِيَ مُتَّصِلَة بِقصَّة الْيَهُودِيّ. قَوْله: {فِيمَا شجر بَينهم} (النِّسَاء: 56) . أَي: اخْتلف وَاخْتَلَطَ من أَمرهم والتبس عَلَيْهِم حكمه، وَمِنْه الشّجر لاخْتِلَاف أغصانه. قَوْله:{حرجاً} (النِّسَاء: 56) . أَي: شكا وضيقاً. قَوْله: {ويسلموا تَسْلِيمًا} (النِّسَاء: 56) . أَي: فِيمَا أَمرتهم بِهِ وَلَا يعارضوه، ودلت الْآيَة على أَن من لم يرض بِحكم الرَّسُول فَهُوَ غير مُؤمن.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن مَاء الأودية الَّتِي لم تستنبط بِعَمَل فِيهَا مُبَاح، وَمن سبق إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَق بِهِ. وَفِيه: أَن أهل الشّرْب الْأَعْلَى يقدَّم على من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ وَيحبس الأول المَاء حَتَّى يبلغ إِلَى جِدَار حَائِطه، ثمَّ يُرْسل المَاء إِلَى من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ فيسقي كَذَلِك وَيحبس المَاء كَذَلِك، ثمَّ يُرْسِلهُ إِلَى من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ، وَهَكَذَا، وَفِي حَدِيث الْبَاب: إحبس المَاء حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر، وَفِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو الَّذِي أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قضى فِي سبل المهزور أَن يمسك حَتَّى يبلغ الْكَعْبَيْنِ. ثمَّ يُرْسل الْأَعْلَى إِلَى الْأَسْفَل، والمهزور بالزاي ثمَّ بالراء وَادي بني قُرَيْظَة، قَالَه ابْن الْأَثِير، وَفِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت الَّذِي أخرجه ابْن مَاجَه عَنهُ قَالَ: إِن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، قضى فِي شرب النّخل من السَّيْل: أَن الْأَعْلَى يشرب قبل الْأَسْفَل وَيتْرك المَاء فِيهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثمَّ يُرْسل المَاء إِلَى أَسْفَل الَّذِي يَلِيهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِي الحواشط، وَفِي حَدِيث ثَعْلَبَة بن أبي مَالك الْقرظِيّ الَّذِي أخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا عَنهُ، قَالَ: قضى رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فِي سيل مهزور الْأَعْلَى قبل الْأَسْفَل. فيسقي الْأَعْلَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثمَّ يُرْسل إِلَى من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ، وَقَالَ الرَّافِعِيّ لَا مُخَالفَة بَين التَّقْدِيرَيْنِ، لِأَن المَاء إِذا بلغ الكعب بلغ أصل الْجِدَار، وَقَالَ ابْن شهَاب: فقدرت الْأَنْصَار وَالنَّاس قَول النَّبِي، صلى الله عليه وسلم: إسق يَا زبير ثمَّ احْبِسْ المَاء حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر، كَانَ ذَلِك إِلَى الْكَعْبَيْنِ على مَا يَجِيء، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَقَالَ أَبُو الْحسن الْمَاوَرْدِيّ: لَيْسَ التَّقْدِير بِالْبُلُوغِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ على عُمُوم الْأَزْمَان والبلدان، لِأَنَّهُ يَدُور بِالْحَاجةِ، وَالْحَاجة تخْتَلف باخْتلَاف الأَرْض، وباختلاف مَا فِيهَا من زرع وَشَجر وبوقت الزِّرَاعَة وَوقت السَّقْي وَحمل بعض الْفُقَهَاء الْمُتَأَخِّرين قَول الْفُقَهَاء فِي أَنه: يسْقِي الأول أرضه ثمَّ يُرْسِلهُ إِلَى الثَّانِي ثمَّ يُرْسِلهُ إِلَى الثَّالِث أَن المُرَاد بِالْأولِ من تقدم إحياؤه، وَبِالثَّانِي الَّذِي أحيى بعد الأول، وَهَكَذَا قَالَه صَاحب الْمُهِمَّات، وَحمل كَلَام الرَّافِعِيّ عَلَيْهِ قَالَ: وَلَيْسَ المُرَاد الْأَقْرَب إِلَى أصل النَّهر فَالْأَقْرَب لَا بِالسَّبقِ، فَلذَلِك اعتبرناه انْتهى. قلت: هَذَا لَيْسَ بِشَيْء وَلَيْسَ مُرَاد الرَّافِعِيّ وَغَيره من الْفُقَهَاء بِالْأولِ الَّذِي هُوَ أقرب إِلَى أصل المَاء، لأَنا إِذا اعْتبرنَا هَذَا يضيع حق الأول، وَذَلِكَ لِأَن المَاء إِذا نزل من علو فَلم يسق الأول حَتَّى نزل المَاء إِلَى الْأَسْفَل وَسَقَى بِهِ الْأَسْفَل، وَبعد ذَلِك كَيفَ يعود المَاء إِلَى الأول