الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالزُّلَفُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَقِيلَ الطَّرَفُ الْأَوَّلُ الصُّبْحُ وَالثَّانِي الْعَصْرُ وَالزُّلَفُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَلَيْسَتِ الظُّهْرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بَلْ فِي غَيْرِهَا
وَقِيلَ الطَّرَفَانِ الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَأَحْسَنُهَا الْأَوَّلُ
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (إِلَى آخِرِ الْآيَةِ) وَتَمَامُ الْآيَةِ مَعَ تَفْسِيرِهَا هَكَذَا (إن الحسنات يذهبن السيئات) أَيْ تُكَفِّرُهَا وَالْمُرَادُ مِنَ السَّيِّئَاتِ الصَّغَائِرُ أَنَّ الصَّلَاةَ إِلَى الصَّلَاةِ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُمَا مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ (ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (ذِكْرَى) أَيْ تَذْكِيرٌ وَمَوْعِظَةٌ (لِلذَّاكِرِينَ) أَيْ لِنِعْمَةِ اللَّهِ أَوْ لِلْمُتَّعِظِينَ (أَلَهُ خَاصَّةً) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ أَهَذَا الْحُكْمُ لِلسَّائِلِ يَخُصُّهُ خُصُوصًا أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً (فَقَالَ لِلنَّاسِ كَافَّةً) أَيْ يَعُمُّهُمْ جَمِيعًا وَهُوَ مِنْهُمْ
قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا تُسْتَعْمَلُ كَافَّةٌ حَالًا أَيْ كُلَّهُمْ وَلَا يُضَافُ فَيُقَالُ كَافَّةُ النَّاسِ وَلَا الْكَافَّةُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي تَصْحِيفِ الْعَوَامِّ وَمَنْ أَشْبَهَهُمُ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لِمَا تَرْجَمَ لَهُ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ أَبُو الْيَسَرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ
3 -
(باب فِي الْأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ)
[4469]
(سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ) أَيْ تُحَدُّ أَمْ لَا (وَلَمْ تُحْصَنْ) بِفَتْحِ الصَّادِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ زَنَتْ وَتَقْيِيدُ حَدِّهَا بِالْإِحْصَانِ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةُ حَالٍ وَالْمُرَادُ بِالْإِحْصَانِ هُنَا مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ عِفَّةٍ وَحُرِّيَّةٍ لَا الْإِحْصَانِ بِالتَّزْوِيجِ لِأَنَّ حَدَّهَا الْجَلْدُ سَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ أَمْ لَا قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (قَالَ إِنْ زَنَتْ فاجلدوها) قيل أعاد الزنى فِي الْجَوَابِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْإِحْصَانِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ وَأَنَّ مُوجِبَ الْحَدِّ في الأمة مطلق الزنى
وَمَعْنَى اجْلِدُوهَا الْحَدَّ اللَّائِقَ بِهَا الْمُبَيَّنَ فِي الْآيَةِ وَهُوَ نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ قَالَهُ الحافظ
وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَالْخِطَابُ فِي فَاجْلِدُوهَا لِمُلَّاكِ الْأَمَةِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُقِيمُ عَلَى عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ الْحَدَّ وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِمَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي آخَرِينَ وَاسْتَثْنَى مَالِكٌ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ لِأَنَّ فِي الْقَطْعِ مُثْلَةً فَلَا يُؤْمَنُ السَّيِّدُ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يُمَثِّلَ بِعَبْدِهِ فَيُخْشَى أَنْ يَتَّصِلَ الْأَمْرُ بِمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِذَلِكَ فَيُمْنَعُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ الْقَطْعَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ (وَلَوْ بِضَفِيرٍ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَعِيلٍ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَهُوَ الْحَبْلُ الْمَضْفُورُ وَعَبَّرَ بِالْحَبْلِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهَا وَعَنْ مِثْلِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ (قَالَ بن شِهَابٍ لَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ) أَيْ لَا أَدْرِي هَلْ يَجْلِدُهَا ثُمَّ يَبِيعُهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ بَعْدَ الزَّنْيَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
قَالَ النَّوَوِيُّ مَا مُحَصَّلُهُ أَنَّهُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَوْلَهُ وَلَمْ تُحْصَنْ غَيْرُ مَالِكٍ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى تَضْعِيفِهَا وَأَنْكَرَ الْحُفَّاظُ هَذَا عَلَى الطَّحَاوِيِّ قالوا بل روى هذه اللفظة أيضا بن عيينة ويحيى بن سعيد عن بن شِهَابٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فَهَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا حُكْمٌ مُخَالِفٌ لِأَنَّ الْأَمَةَ تُجْلَدُ نِصْفَ جَلْدِ الْحُرَّةِ سَوَاءٌ كَانَتِ الْأَمَةُ مُحْصَنَةً بِالتَّزْوِيجِ أَمْ لَا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ لِمَنْ لَمْ يُحْصَنْ وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا على المحصنات من العذاب بَيَانُ مَنْ أُحْصِنَتْ فَحَصَلَ مِنَ الْآيَةِ
وَالْحَدِيثُ بَيَانٌ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُحْصَنَةَ بِالتَّزْوِيجِ وَغَيْرِ الْمُحْصَنَةِ تُجْلَدُ وَهُوَ مَعْنَى مَا قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَقِيمُوا عَلَى أَرِقَّائِكُمُ الْحَدَّ مَنْ أُحْصِنَّ مِنْهُنَّ وَمَنْ لَمْ يُحْصَنَّ
وَالْحِكْمَةُ فِي التَّقْيِيدِ فِي الْآيَةِ بِقَوْلِهِ فإذا أحصن التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِلَّا نِصْفُ جَلْدِ الْحُرَّةِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْتَصِفُ وَأَمَّا الرَّجْمُ فَلَا يَنْتَصِفُ فَلَيْسَ مُرَادًا فِي الْآيَةِ بِلَا شَكٍّ وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ لَمْ تَكُنْ مُزَوَّجَةً مِنَ الْإِمَاءِ والعبيد وممن قاله بن عباس وطاوس وعطاء وبن جُرَيْجٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[4470]
(فَلْيَحُدَّهَا) أَيِ الْحَدَّ الْوَاجِبَ الْمَعْرُوفَ مِنْ صَرِيحِ الْآيَةِ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ من العذاب (وَلَا يُعَيِّرُهَا) مِنَ التَّعْيِيرِ وَهُوَ التَّوْبِيخُ وَاللَّوْمُ والتثريب
قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ كَانَ تَأْدِيبُ الزُّنَاةِ قَبْلَ مَشْرُوعِيَّةِ الْحَدِّ التَّثْرِيبَ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُمْ بِالْحَدِّ وَنَهَاهُمْ عَنِ الِاقْتِصَارِ عَلَى التَّثْرِيبِ
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ النَّهْيُ عَنِ التَّثْرِيبِ بَعْدَ الْجَلْدِ فَإِنَّهُ كَفَّارَةٌ لِمَا ارْتَكَبَتْهُ فَلَا يُجْمَعُ عَلَيْهَا الْعُقُوبَةُ بِالْحَدِّ وَالتَّعْيِيرُ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي طَائِفَةٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي الدِّلَالَةِ لِلْجُمْهُورِ انْتَهَى (ثَلَاثَ مِرَارٍ) أَيْ قَالَ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ إِذَا زَنَتْ إِلَخْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (وَلْيَبِعْهَا) قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْبَيْعُ الْمَأْمُورُ بِهِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ
وَقَالَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ هُوَ وَاجِبٌ (بِضَفِيرٍ أَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ) شَكٌ مِنَ الرَّاوِي
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ
قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ قُيِّدَ بِالشَّعْرِ لِأَنَّهُ كَانَ الْأَكْثَرَ فِي حِبَالِهِمْ
قَالَ الْحَافِظُ وَاسْتُشْكِلَ الْأَمْرُ بِبَيْعِ الرَّقِيقِ إِذَا زَنَى مَعَ أَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ مَأْمُورٌ أَنْ يَرَى لِأَخِيهِ مَا يَرَى لِنَفْسِهِ وَمِنْ لَازِمِ الْبَيْعِ أَنْ يُوَافِقَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ عَلَى أَنْ يَقْتَنِي مَا لَا يرضى اقتناؤه لِنَفْسِهِ
وَأُجِيبَ بِأَنَّ السَّبَبَ الَّذِي بَاعَهُ لِأَجْلِهِ لَيْسَ مُحَقَّقَ الْوُقُوعِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِجَوَازِ أَنْ يَرْتَدِعَ الرَّقِيقُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَتَى عَادَ أُخْرِجَ فَإِنَّ الْإِخْرَاجَ مِنَ الْوَطَنِ الْمَأْلُوفِ شَاقٌّ وَلِجَوَازِ أَنْ يَقَعَ الْإِعْفَافُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِنَفْسِهِ أو بغيره
قال بن الْعَرَبِيِّ يُرْجَى عِنْدَ تَبْدِيلِ الْمَحَلِّ تَبْدِيلُ الْحَالِ
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ لِلْمُجَاوَرَةِ تَأْثِيرًا فِي الطَّاعَةِ وَفِي الْمَعْصِيَةِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والنسائي وبن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا
[4471]
(فَلْيَضْرِبْهَا كِتَابَ اللَّهِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلْيَجْلِدْهَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ الْمَذْكُورَ فِي كِتَابِ