الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى قَتْلِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَقَالَ بِهِ أَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ إِلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وعطاء وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ
وَفِيهِ صِحَّةُ الْقِصَاصِ بِالْمُثْقَلِ
وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْتُلِ الْيَهُودِيَّ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِي أَوْ بِقَوْلِهِ وَقَتَلَهُ بِاعْتِرَافِهِ بِالْحَجَرِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْحَجَرَ الَّذِي رَمَاهَا بِهِ بَعْدَ أَنْ وَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى الْآخَرِ
1 -
(بَاب أَيُقَادُ المسلم من الكافر)
[4530]
(عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ مُخَضْرَمٌ (وَالْأَشْتَرُ) بِالْمُعْجَمَةِ السَّاكِنَةِ وَالْمُثَنَّاةِ الْمَفْتُوحَةِ كَذَا ضَبَطَهُ الْحَافِظُ وَهُوَ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ (إلى علي) أي بن أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه (هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ) أَيْ أَوْصَاكَ (فَأَخْرَجَ كِتَابًا) وَلَيْسَ يَخْفَى أَنَّ مَا فِي كِتَابِهِ مَا كَانَ مِنَ الْأُمُورِ الْمَخْصُوصَةِ (وَقَالَ أَحْمَدُ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ) أَيْ زَادَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَتِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ كِتَابًا لَفْظَ مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ وَالْقِرَابُ بِكَسْرِ الْقَافِ وِعَاءٌ مِنْ جِلْدٍ شِبْهُ الْجِرَابَ يَطْرَحُ فِيهِ الرَّاكِبُ سَيْفَهُ بِغِمْدِهِ وَسَوْطَهُ (فَإِذَا فِيهِ) أَيْ فِي الْكِتَابِ (الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ) بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ أَيْ تَتَسَاوَى (دِمَاؤُهُمْ) أَيْ فِي الدِّيَاتِ وَالْقِصَاصِ
فِي شَرْحِ السُّنَّةِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْقِصَاصِ يُقَادُ الشَّرِيفُ مِنْهُمْ بِالْوَضِيعِ وَالْكَبِيرُ بِالصَّغِيرِ وَالْعَالِمُ بِالْجَاهِلِ وَالْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ شَرِيفًا أَوْ عَالِمًا وَالْقَاتِلُ وَضِيعًا أَوْ جَاهِلًا وَلَا يُقْتَلُ بِهِ غَيْرُ قَاتِلِهِ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانُوا لَا يَرْضَوْنَ فِي دَمِ الشَّرِيفِ بِالِاسْتِقَادَةِ مِنْ قَاتِلِهِ الْوَضِيعِ حَتَّى يَقْتُلُوا عِدَّةً مِنْ قَبِيلَةِ الْقَاتِلِ (وَهُمْ) أَيِ الْمُؤْمِنُونَ (يَدٌ) أَيْ كَأَنَّهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ فِي التَّعَاوُنِ وَالتَّنَاصُرِ (عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْ الْمُسْلِمُونَ لَا يَسَعُهُمُ التَّخَاذُلُ بَلْ يُعَاوِنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ (وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ) الذِّمَّةُ الْأَمَانُ وَمِنْهَا سُمِّيَ الْمُعَاهَدُ ذِمِّيًّا لِأَنَّهُ أُومِنَ عَلَى مَالِهِ وَدَمِهِ لِلْجِزْيَةِ
وَمَعْنَى أَنَّ وَاحِدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا آمَنَ كَافِرًا حَرُمَ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ دَمُهُ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُجِيرُ أَدْنَاهُمْ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ عَسِيفًا تَابِعًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا يُخْفَرُ ذِمَّتَهُ (أَلَا) بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بكافر
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِأَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْتُولُ مِنْهُمْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَفْيٌ عَنْ نَكِرَةٍ فَاشْتَمَلَ عَلَى جِنْسِ الْكُفَّارِ عُمُومًا (وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ) قَالَ الْقَاضِي أَيْ لَا يُقْتَلُ لِكُفْرِهِ ما دام معاهدا غير ناقض
وقال بن الْمَلَكِ أَيْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ ابْتِدَاءً مَا دَامَ فِي الْعَهْدِ
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقَادُ بِالْكَافِرِ أَمَّا الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ فَذَلِكَ إِجْمَاعٌ وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِصِدْقِ اسْمِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ وَذَهَبَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ وَقَالُوا إِنَّ قَوْلَهَ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مُؤْمِنٌ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ كَمَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْكَافِرِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَعْطُوفِ هُوَ الْحَرْبِيُّ فَقَطْ بِدَلِيلِ جَعْلِهِ مُقَابِلًا لِلْمُعَاهَدِ لِأَنَّ الْمُعَاهَدَ يُقْتَلُ بِمَنْ كَانَ مُعَاهَدًا مِثْلَهُ مِنَ الذِّمِّيِّينَ إِجْمَاعًا فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَيَّدَ الْكَافِرُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِالْحَرْبِيِّ كَمَا قُيِّدَ فِي الْمَعْطُوفِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ
وَهُوَ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ الذِّمِّيِّ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مَفْهُومٌ صِفَةً وَفِي الْعَمَلِ بِهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَالْحَنَفِيَّةُ لَيْسُوا بِقَائِلِينَ بِهِ وَبِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْمَعْطُوفَةَ أَعْنِي قَوْلَهَ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ لِمُجَرَّدِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْمُعَاهَدِ فَلَا تَقْدِيرَ فِيهَا أَصْلًا
وَبِأَنَّ الصَّحِيحَ الْمَعْلُومَ مِنْ كَلَامِ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ النُّحَاةِ وَهُوَ الَّذِي نص عليه الرِّضَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ اشْتَرَاكُ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إِلَّا فِي الْحُكْمِ الَّذِي لِأَجْلِهِ وَقَعَ العطف وهو ها هنا النَّهْيُ عَنِ الْقَتْلِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى كَوْنِهِ قِصَاصًا أَوْ غَيْرَ قِصَاصٍ فَلَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنُ إِحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ فِي الْقِصَاصِ أَنْ تَكُونَ الْأُخْرَى مِثْلَهَا حَتَّى يَثْبُتَ ذَلِكَ التَّقْدِيرُ الْمُدَّعَى (مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفْسِهِ) أَيْ مَنْ جَنَى جِنَايَةً كَانَ مَأْخُوذًا بِهَا وَلَا يُؤْخَذُ بِجُرْمِ غَيْرِهِ وَهَذَا فِي الْعَمْدِ الَّذِي يَلْزَمُهُ فِي مَالِهِ دُونَ الْخَطَأِ الَّذِي يَلْزَمُ عَاقِلَتَهُ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ (أَوْ آوَى مُحْدِثًا) أَيْ آوى جانيا أَوْ أَجَارَهُ مِنْ خَصْمِهِ وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّوَائِيِّ قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن ماجه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله آخِر الْبَاب وَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَاب الْمَرَاسِيل عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْعَزِيز الْحَضْرَمِيّ قَالَ