المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَيْ غَارَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ (فَجَبَّ مَذَاكِيرَهُ) أَيْ قَطَعَ السَّيِّدُ ذَكَرَ - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ١٢

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌37 - كتاب الحدود

- ‌(باب الحكم في من ارتد)

- ‌(باب الحكم فِي مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُحَارَبَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ)

- ‌(باب يعفى عن الحدود)

- ‌(باب السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الْحُدُودِ)

- ‌(بَاب فِي صَاحِبِ الْحَدِّ يَجِيءُ فَيُقِرُّ)

- ‌(بَاب فِي التَّلْقِينِ فِي الْحَدِّ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَعْتَرِفُ بِحَدٍّ وَلَا يُسَمِّيهِ)

- ‌(بَاب فِي الِامْتِحَانِ بِالضَّرْبِ [4382] أَيِ امْتِحَانِ السَّارِقِ)

- ‌(بَاب مَا يُقْطَعُ فِيهِ السَّارِقُ)

- ‌(بَاب مَا لَا قَطْعَ فِيهِ)

- ‌(باب القطع في الخلسة)

- ‌(باب فيمن سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ)

- ‌(بَاب فِي الْقَطْعِ فِي الْعَارِيَةِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حدا)

- ‌(بَاب فِي الْغُلَامِ يُصِيبُ الْحَدَّ هَلْ يُقَامُ عَلَيْهِ)

- ‌(باب السارق يَسْرِقُ فِي الْغَزْوِ أَيُقْطَعُ)

- ‌(بَاب فِي قَطْعِ النَّبَّاشِ)

- ‌(باب السَّارِقِ يَسْرِقُ مِرَارًا)

- ‌(باب في السارق تعلق يده فِي عُنُقِهِ)

- ‌(باب بَيْعِ الْمَمْلُوكِ إِذَا سَرَقَ)

- ‌(باب في الرجم)

- ‌(بَاب رَجْمِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ)

- ‌(باب في المرأة التي الخ)

- ‌(بَاب فِي رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِحَرِيمِهِ)

- ‌(باب فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ)

- ‌(باب في من عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ)

- ‌(باب في من أَتَى بَهِيمَةً أَيْ جَامَعَهَا)

- ‌(باب إذا أقر الرجل بالزنى وَلَمْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ)

- ‌(باب فِي الرَّجُلِ يصيب من المرأة ما دون الجماع)

- ‌(باب فِي الْأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ)

- ‌(باب فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَرِيضِ)

- ‌(باب في حد القاذف)

- ‌(باب في الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ)

- ‌(باب إِذَا تَتَابَعَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ أَيْ تَوَالَى فِي شُرْبِهَا)

- ‌(باب فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ فِي الْمَسْجِدِ أَيْ هَلْ يَجُوزُ)

- ‌(باب فِي التَّعْزِيرِ)

- ‌38 - كتاب الديات

- ‌(باب لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه أو أخيه)

- ‌(باب الْإِمَامِ يَأْمُرُ بِالْعَفْوِ فِي الدَّمِ)

- ‌(باب ولي العمد يأخذ الدية)

- ‌(بَاب من قتل بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ)

- ‌(باب فيمن سقى رجلا سما)

- ‌(باب مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ أَيُقَادُ مِنْهُ)

- ‌(باب القسامة)

- ‌(باب فِي تَرْكِ الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ)

- ‌(بَاب يُقَادُ مِنْ الْقَاتِلِ)

- ‌(بَاب أَيُقَادُ المسلم من الكافر)

- ‌(باب فيمن وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ)

- ‌(باب العامل)

- ‌(بَاب القود بغير حديد)

- ‌(بَاب الْقَوَدِ مِنْ الضَّرْبَةِ وَقَصِّ الْأَمِيرِ مِنْ نفسه)

- ‌(بَاب عَفْوِ النِّسَاءِ عَنْ الدَّمِ)

- ‌(باب من قتل في عميا بين قوم)

- ‌(بَاب الدِّيَةِ كَمْ هِيَ)

- ‌(بَاب فِي دِيَةِ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ)

- ‌(باب أسنان الإبل)

- ‌(بَاب دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ)

- ‌(بَاب دِيَةِ الْجَنِينِ)

- ‌(بَاب فِي دِيَةِ الْمُكَاتَبِ)

- ‌(بَاب فِي دِيَةِ الذِّمِّيِّ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يُقَاتِلُ الرَّجُلَ فَيَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ)

- ‌(باب فيمن تطبب ولا يعلم منه طب فَأَعْنَتَ)

- ‌(بَاب فِي دِيَةِ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ)

- ‌(بَاب الْقِصَاصِ مِنْ السِّنِّ)

- ‌(بَاب فِي الدَّابَّةِ تَنْفَحُ بِرِجْلِهَا)

- ‌(بَاب الْعَجْمَاءُ وَالْمَعْدِنُ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ)

- ‌(بَاب فِي النَّارِ)

- ‌(باب جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ قَتَلَ)

- ‌39 - كتاب السُّنَّة

- ‌ بَاب النَّهْيِ عَنْ الْجِدَالِ وَاتِّبَاعِ الْمُتَشَابِهِ مِنْ الْقُرْآنِ)

- ‌ بَاب مُجَانَبَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَبُغْضِهِمْ)

- ‌(باب في تَرْكِ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ الْجِدَالِ فِي الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب فِي لُزُومِ السُّنَّةِ)

- ‌(باب من دعا إلى السُّنَّةِ)

- ‌(بَاب فِي التَّفْضِيلِ)

- ‌(بَاب فِي الْخُلَفَاءِ)

- ‌(باب في فضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ)

- ‌(بَاب فِي اسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه

- ‌(بَاب مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ)

- ‌(باب في التخيير بين الأنبياء عليهم السلام

- ‌(بَابٌ فِي رَدِّ الْإِرْجَاءِ)

- ‌(بَاب الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ)

- ‌(بَاب فِي الْقَدَرِ)

- ‌(بَاب فِي ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ)

الفصل: أَيْ غَارَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ (فَجَبَّ مَذَاكِيرَهُ) أَيْ قَطَعَ السَّيِّدُ ذَكَرَ

أَيْ غَارَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ (فَجَبَّ مَذَاكِيرَهُ) أَيْ قَطَعَ السَّيِّدُ ذَكَرَ عَبْدِهِ (عَلَيَّ) أَيِ ائْتُونِي (بِالرَّجُلِ) أَيِ السَّيِّدِ (فَطُلِبَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيِ السَّيِّدُ (فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ) عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لَمْ يُتَمَكَّنْ مِنْهُ

وَفِي الْمِصْبَاحِ قَدَرْتُ عَلَى الشَّيْءِ قَوِيتُ عَلَيْهِ وَتَمَكَّنْتُ مِنْهُ (اذْهَبْ) لِلْعَبْدِ الْمَقْطُوعِ مَذَاكِيرُهُ (فَأَنْتَ حُرٌّ) كَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يجترىء النَّاسُ عَلَى مِثْلِهِ

قَالَهُ السِّنْدِيُّ فِي حَاشِيَةِ بن مَاجَهْ

وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْفِعْلَ الشَّنِيعَ بِعَبْدِهِ يُعْتَقُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَيَصِيرُ حُرًّا وبوب بن ماجه باب من مثل بعبده فهو حرا انْتَهَى

وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَقَالَ) الْعَبْدُ (عَلَى مَنْ نُصْرَتِي) وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ قَالَ عَلَى مَنْ نُصْرَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَقُولُ أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَرَقَّنِي مَوْلَايَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَوْ مُسْلِمٍ (أَوْ قَالَ) شَكٌ مِنَ الرَّاوِي (قَالَ أَبُو دَاوُدَ الَّذِي عُتِقَ كَانَ اسْمُهُ إِلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ إِلَى آخِرِهَا وُجِدَتْ فِي بَعْضِ النسخ

وأخرج بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَخْصَى غُلَامًا لَهُ فَأَعْتَقَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بالمثلة انتهى

(باب القسامة)

بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ مَصْدَرُ أَقْسَمَ وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ إِذَا ادَّعَوُا الدَّمَ أَوْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمُ الدَّمُ

وَخُصَّ الْقَسَمُ عَلَى الدَّمِ بِالْقَسَامَةِ

وَقَدْ حَكَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ الْقَسَامَةَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ اسْمٌ لِلْأَيْمَانِ

وَعِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْحَالِفِينَ

وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقَامُوسِ

قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ حَدِيثُ الْقَسَامَةِ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرْعِ وَقَاعِدَةٌ مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ وَبِهِ أَخَذَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ بِهِ

ص: 155

وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ إِبْطَالُ الْقَسَامَةِ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَا فِيمَا إِذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا هَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِهَا أَمْ لَا فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَجِبُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ

وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ لَا يَجِبُ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ

وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ يَحْلِفُ الْوَرَثَةُ وَيَجِبُ الْحَقُّ بِحَلِفِهِمْ

وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ يُسْتَحْلَفُ خَمْسُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيَتَحَرَّاهُمُ الْوَلِيُّ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَمَا عَلِمْنَا قَاتِلَهُ فَإِذَا حَلَفُوا قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِمْ بِالدِّيَةِ انْتَهَى

[4520]

(بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ) بِالتَّصْغِيرِ (عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ (وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ (أَنَّ مُحَيِّصَةَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ يُسَكَّنُ الْيَاءُ وَكَذَلِكَ حُوَيِّصَةُ الْآتِي ذِكْرُهُ وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ مُشَدَّدَتَيِ الصَّادِ صَحَابِيَّانِ وَلَا شَكَّ أَنَّ تَشْدِيدَ الصَّادِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ سُكُونِ الْيَاءِ (قِبَلَ خَيْبَرَ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ إِلَى خَيْبَرَ (فِي النَّخْلِ) اسْمُ جِنْسٍ بِمَعْنَى النَّخِيلِ (فَقُتِلَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فَجَاءَ أَخُوهُ) أَيْ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ) بَدَلٌ مِنْ أَخُوهُ (وَابْنَا عَمِّهِ) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ لِعَبْدِ اللَّهِ (حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ) بِالرَّفْعِ فِيهِمَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنَ ابْنَا عَمِّهِ (فِي أَمْرِ أَخِيهِ) أَيِ الْمَقْتُولِ (وَهُوَ) أَيْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (أَصْغَرُهُمْ) أَيْ أَصْغَرُ مِنَ الثَّلَاثَةِ (الْكُبْرَ الْكُبْرَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَبِالنَّصْبِ فِيهِمَا عَلَى الْإِغْرَاءِ أَيْ لِيَبْدَأَ الْأَكْبَرُ بِالْكَلَامِ أَوْ قَدِّمُوا الْأَكْبَرَ إِرْشَادًا إِلَى الْأَدَبِ فِي تَقْدِيمِ الْأَسَنِّ وَالتَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ (أَوْ) لِلشَّكِّ (فَتَكَلَّمَا) أَيْ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ (فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمَا) أَيِ الْمَقْتُولِ (خَمْسُونَ) أَيْ رَجُلًا (عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ) أَيْ مِنَ الْيَهُودِ (فَلْيُدْفَعْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (بِرُمَّتِهِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْحَبْلِ وَالْمُرَادُ ها هنا الحبل الذي يربط في ربقة الْقَاتِلِ وَيُسْلَمُ فِيهِ إِلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ

ص: 156

وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّ الْقَسَامَةَ يَثْبُتُ فِيهَا الْقِصَاصُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ مَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَتَأَوَّلَ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْقِصَاصِ فِيهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُسَلَّمَ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ الدِّيَةُ لِكَوْنِهَا ثَبَتَتْ عَلَيْهِ (فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ) أي تبرأ إليكم من دعوا كم بِخَمْسِينَ يَمِينًا

وَقِيلَ مَعْنَاهُ يُخَلِّصُونَكُمْ مِنَ الْيَمِينِ بِأَنْ يَحْلِفُوا فَإِذَا حَلَفُوا انْتَهَتِ الْخُصُومَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ وَخَلَصْتُمْ أَنْتُمْ مِنَ الْيَمِينِ

كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ (قَوْمٌ كُفَّارٌ) أَيْ هُمْ قَوْمٌ كُفَّارٌ لَا تُقْبَلُ أَيْمَانُهُمْ أَوْ كَيْفَ نَعْتَبِرُ أَيْمَانَهُمْ (فَوَدَاهُ) بِتَخْفِيفِ الدَّالِ أَيْ أَعْطَى دِيَةَ الْقَتِيلِ (مِنْ قِبَلِهِ) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ أَيْ مِنْ عِنْدِهِ وَإِنَّمَا وَدَاهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَإِصْلَاحًا لِذَاتِ الْبَيْنَ فَإِنَّ أَهْلَ الْقَتِيلِ لَا يَسْتَحِقُّونَ إِلَّا أن يحلفوا أو يَسْتَحْلِفُوا الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَقَدِ امْتَنَعُوا مِنَ الْأَمْرَيْنِ وَهُمْ مَكْسُورُونَ بِقَتْلِ صَاحِبِهِمْ فَأَرَادَ صلى الله عليه وسلم جَبْرَهُمْ وَقَطْعَ الْمُنَازَعَةِ بِدَفْعِ دِيَتِهِ من عنده (قال سهل) أي بن أَبِي حَثْمَةَ (مِرْبَدًا) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْبَاءِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحْبَسُ فِيهِ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ وَالَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ التَّمْرُ لِيَجِفَّ (فَرَكَضَتْنِي) أَيْ ضَرَبَتْنِي بِالرِّجْلِ وَالرَّكْضُ الضَّرْبُ بِالرِّجْلِ

وَأَرَادَ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ ضَبَطَ الْحَدِيثَ وَحَفِظَهُ حِفْظًا بَلِيغًا (قال حماد) أي بن زَيْدٍ (هَذَا أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ هَذَا الْحَدِيثُ هَكَذَا كَمَا رُوِّينَاهُ أَوْ فِيهِ تَغَيُّرُ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

(أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ) أَيْ يَثْبُتُ حَقُّكُمْ عَلَى مَنْ حَلَفْتُمْ عَلَيْهِ وَهَلْ ذَلِكَ الْحَقُّ قِصَاصٌ أَوْ دِيَةٌ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ

وَكَلِمَةُ أَوْ لِلشَّكِّ

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ الْقَسَامَةِ مُخَالِفٌ لِسَائِرِ الدَّعَاوَى مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَأَنَّهَا خَمْسُونَ يَمِينًا وَهُوَ يَخُصُّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِيُنُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (وَلَمْ يَذْكُرْ بِشْرٌ دَمَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ عَلَى الْحِكَايَةِ

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ دَمًا بِالتَّنْوِينِ أَيْ قَالَ بِشْرٌ فِي رِوَايَتِهِ تَسْتَحِقُّونَ صَاحِبَكُمْ بِحَذْفِ لَفْظَةِ دَمٍ

ص: 157

(وقال عبدة عن يحيى) هو بن سَعِيدٍ أَيْ فِي رِوَايَتِهِ (كَمَا قَالَ حَمَّادٌ) أي بن زَيْدٍ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِحْقَاقَ) أي لم يذكر بن عُيَيْنَةَ قَوْلَهُ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ (وهذا وهم من بن عُيَيْنَةَ) الْمُشَارُ إِلَيْهِ هُوَ بُدَاءَتُهُ بِقَوْلِهِ تُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا يَحْلِفُونَ

وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ هَذِهِ الْعِبَارَةُ قَالَ أَبُو عِيسَى بَلَغَنِي عَنْ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا الْحَدِيثُ وهم من بن عُيَيْنَةَ يَعْنِي التَّبْدِئَةَ انْتَهَى

وَأَبُو عِيسَى هَذَا هُوَ الرَّمْلِيُّ أَحَدُ رُوَاةِ أَبِي دَاوُدَ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه إِلَّا أن بن عيينة لا يثبت أقدم (إقدام) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَنْصَارِيِّينَ فِي الْأَيْمَانِ أَوْ يَهُودَ فَيُقَالُ فِي الْحَدِيثِ إِنَّهُ قَدَّمَ الْأَنْصَارِيِّينَ فَيَقُولُ هُوَ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَهُ هذا وحديث الإمام الشافعي أيضا عن بن عُيَيْنَةَ أَنَّهُ بَدَأَ بِالْأَنْصَارِ وَقَالَ وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُهُ هَكَذَا وَرُبَّمَا قَالَ لَا أَدْرِي أَبْدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْأَنْصَارِ فِي أَمْرِ يَهُودِيٍّ فَيُقَالُ لَهُ إِنَّ النَّاسَ يُحَدِّثُونَ أَنَّهُ بَدَأَ بِالْأَنْصَارِ قَالَ فَهُوَ ذَاكَ وَرُبَّمَا حَدَّثَهُ وَلَمْ يَشُكَّ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا أَخْرَجَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْبُدَاءَةِ بِالْأَنْصَارِ

[4521]

(أَنَّهُ أَخْبَرَهُ) أَيْ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَ أَبَا لَيْلَى (هُوَ) تَأْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ فِي أَخْبَرَ (وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ) الضَّمِيرُ لِسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ (مِنْ جَهْدٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّهِ أَيْ قَحْطٍ وَفَقْرٍ وَمَشَقَّةٍ (فَأُتِيَ مُحَيِّصَةُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ (فِي فَقِيرٍ) بِفَاءٍ ثُمَّ قَافٍ هُوَ الْبِيرُ الْقَرِيبَةُ الْقَعْرِ الْوَاسِعَةُ الْفَمِ وَقِيلَ الْحُفْرَةُ الَّتِي تَكُونُ حَوْلَ النَّخْلِ (أَوْ عَيْنٍ) شَكٌ مِنَ الرَّاوِي (فَأَتَى) أَيْ مُحَيِّصَةُ (يَهُودَ) بِالنَّصْبِ وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ فَفِيهِ التَّأْنِيثُ وَالْعَلَمِيَّةُ (حَتَّى قَدِمَ) أَيْ فِي الْمَدِينَةِ (فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ) أَيْ مَا جَرَى لَهُ (ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ) أَيْ مُحَيِّصَةُ (وَهُوَ) أَيْ

ص: 158

حُوَيِّصَةُ (أَكْبَرُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مُحَيِّصَةَ (وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ) هُوَ أَخُو الْمَقْتُولِ (فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ) وَإِنَّمَا بَدَّرَ لِكَوْنِهِ حَاضِرًا فِي الْوَقْعَةِ (كَبِّرْ كَبِّرْ) أَيْ عَظِّمْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ وَقَدِّمْهُ فِي التَّكَلُّمِ (يُرِيدُ السِّنَّ) أَيْ يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ كَبِّرْ كَبِّرْ كَبِيرَ السِّنِّ وَفِيهِ إِرْشَادٌ إِلَى الْأَدَبِ يَعْنِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَكَلَّمَ الْأَكْبَرُ سِنًّا أَوَّلًا (إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الدَّالِ الْمُخَفَّفَةِ مِنْ وَدَى يَدِي دِيَةً كَوَعَدَ يَعِدُ عِدَةً أَيْ إِمَّا أَنْ يُعْطُوا دِيَةَ صَاحِبِكُمُ الْمَقْتُولِ (وَإِمَّا أَنْ يُؤْذَنُوا) أَيْ يُخْبَرُوا وَيُعْلَمُوا (بِحَرْبٍ) أَيْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالضَّمِيرَانِ لِلْيَهُودِ (إِلَيْهِمْ) أَيْ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ (لَيْسُوا مُسْلِمِينَ) أَيْ فَكَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَهُمْ (فَوَدَاهُ) أَيْ أَعْطَى دِيَتَهُ (حَتَّى أُدْخِلَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَالضَّمِيرُ لِلنَّاقَةِ (لَقَدْ رَكَضَتْنِي) أَيْ ضَرَبَتْنِي بِرِجْلِهَا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ

[4522]

(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ إِلَخْ) قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ وَكَثِيرِ بْنِ عُبَيْدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَاحِ بْنِ سُفْيَانَ ثَلَاثَتِهِمْ عَنِ الْوَلِيدِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى (مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ

وَفِي بعض النسخ بالضاد المعجمة

وروى بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا قَضَيَا بِذَلِكَ

ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ (بِبَحْرَةِ الرُّغَاءِ) فِي الْقَامُوسِ بَحْرَةُ الرُّغَاءِ بِالضَّمِّ مَوْضِعُ بِلِيَّةِ الطائف بنى بها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَسْجِدًا وَإِلَى الْيَوْمِ عَامِرٌ يُزَارُ

وَفِي الْمَعَالِمِ لِلْخَطَّابِيِّ الْبَحْرَةُ الْبَلْدَةُ تَقُولُ الْعَرَبُ هَذِهِ بَحْرَتُنَا أَيْ بَلْدَتُنَا قَالَ الشَّاعِرُ كَأَنَّ بَقَايَاهُ بِبَحْرَةِ مَالِكٍ بَقِيَّةُ سُحْقٍ مِنْ رِدَاءٍ مُحَبَّرٍ

ص: 159