الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ فِي الْمَعَالِمِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ دِيَةُ هَذَا الْقَتِيلِ فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ دِيَتُهُ عَلَى الَّذِينَ نَازَعُوهُمْ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ دِيَتُهُ عَلَى عَوَاقِلِ الْآخَرِينَ إِلَّا أَنْ يَدَّعُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَيَكُونَ قَسَامَةً وكذلك قال إسحاق
وقال بن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْفَرِيقَيْنِ الَّذِينَ اقْتَتَلُوا مَعًا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَقْلُهُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيقَيْنِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَالْقِصَاصُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ قَسَامَةٌ إِنِ ادَّعَوْهُ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْ طَائِفَةٍ بِعَيْنِهَا وَإِلَّا فَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَبِيلَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهِمْ إِنْ لَمْ يَدَّعِ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ عَلَى غَيْرِهِمُ انْتَهَى
[4540]
(فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ) قَالَ المنذري يعني بن عُيَيْنَةَ يَعْنِي الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ الَّذِي قَبْلَهُ
وَأَخْرَجَهُ النسائي وبن مَاجَهْ مَرْفُوعًا
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَوْلُهُ خَطَأٌ وَعَقْلُهُ عَقْلُ الْخَطَأِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ هُوَ شِبْهَ خَطَأٍ لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ كَالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ يُرِيدُ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ إِلَّا أَنَّ قَتِيلَ الْخَطَأِ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
8 -
(بَاب الدِّيَةِ كَمْ هِيَ)
الدِّيَةُ مَصْدَرُ وَدَى الْقَاتِلُ الْمَقْتُولَ إِذَا أَعْطَى وَلِيَّهُ الْمَالَ الَّذِي هُوَ بَدَلُ النَّفْسِ ثُمَّ قِيلَ لِذَلِكَ الْمَالِ الدِّيَةُ تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَتْلَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ عَمْدٌ وَخَطَأٌ وَشِبْهُ عَمْدٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَجَعَلُوا فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصَ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةَ وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ الدِّيَةَ مُغَلَّظَةً وَيَأْتِي تَفْصِيلُ الدِّيَةِ وَبَيَانُ تَغْلِيظِهَا فِي الْبَابِ
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْعَمْدُ مَا تَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِسِلَاحٍ أَوْ مَا أُجْرِيَ مَجْرَى السِّلَاحِ كَالْمُحَدَّدِ مِنَ
الْخَشَبِ وَلِيطَةِ الْقَصَبِ وَشِبْهُ الْعَمْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنْ يَتَعَمَّدَ الضَّرْبَ بِمَا لَيْسَ بِسِلَاحٍ وَلَا مَا أُجْرِيَ مَجْرَى السِّلَاحِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله إِذَا ضَرَبَهُ بِحَجَرٍ عَظِيمٍ أَوْ بِخَشَبَةٍ عَظِيمَةٍ فَهُوَ عَمْدٌ وَشِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ غَالِبًا
[4541]
(حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) حَدِيثَ هَارُونَ بْنِ زَيْدٍ فِي رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ
وَأَمَّا حَدِيثُ مُسْلِمِ بن إبراهيم ففي رواية بْنِ الْأَعْرَابِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ (قَضَى أَنَّ مَنْ قُتِلَ خَطَأً إِلَخْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ لَا أَعْرِفُ أَحَدًا قَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفُقَهَاءِ (ثَلَاثُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ) وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّ أُمَّهَا صَارَتْ ذَاتَ مَخَاضٍ بِأُخْرَى (بِنْتُ لَبُونٍ) وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّ أُمَّهَا تَلِدُ أُخْرَى وَتَكُونُ ذَاتَ لَبَنٍ (حِقَّةٌ) وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تُرْكَبَ وَتَحْمِلَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الْخَطَّابِيِّ وَسَكَتَ عَنْهُ
[4542]
(قِيمَةُ الدِّيَةِ) أَيْ قِيمَةُ الْإِبِلِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ فِي الدِّيَةِ (النِّصْفُ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ (مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ) مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالنِّصْفِ (قَالَ) أَيْ جَدُّهُ (حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ جُعِلَ خَلِيفَةً (فَقَامَ) أَيْ عُمَرُ (أَلَا) بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (قَدْ غَلَتْ) مِنَ الْغَلَاءِ وَهُوَ ارْتِفَاعُ الثَّمَنِ أَيِ ازْدَادَتْ قِيمَتُهَا (قَالَ) أَيْ جَدُّهُ (فَفَرَضَهَا) أَيْ قَدْرَ الدِّيَةِ (وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيُسَكَّنُ أَيْ أَهْلِ الْفِضَّةِ (اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا) أَيْ مِنَ
الدَّرَاهِمِ (وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ) بِالْهَمْزِ فِي آخِرِهِ اسْمُ جِنْسٍ (أَلْفَيْ شَاةٍ) بِالتَّاءِ لِوَاحِدَةٍ مِنَ الْجِنْسِ (وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ جَمْعُ حُلَّةٍ وَهِيَ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الثِّيَابِ وَقِيلَ الْحُلَلُ بُرُودُ الْيَمَنِ وَلَا يُسَمَّى حُلَّةً حَتَّى يَكُونَ ثَوْبَيْنِ (قَالَ) أَيْ جَدُّهُ (وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ) أَيْ وَتَرَكَ عُمَرُ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم
قَالَ الطِّيبِيُّ يَعْنِي لَمَّا كَانَتْ قِيمَةُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَقِيمَةُ دِيَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا رَفَعَ عُمَرُ دِيَةَ الْمُسْلِمِ إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَقَرَّرَ دِيَةَ الذِّمِّيِّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ صَارَ دِيَةُ الذِّمِّيِّ كَثُلُثِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا
وَلَعَلَّ مَنْ أَوْجَبَ الثُّلُثَ نَظَرَ إِلَى هَذَا انْتَهَى
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَإِنَّمَا قَوَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الْقُرَى لِعِزَّةِ الْإِبِلِ عِنْدَهَمْ فَبَلَغَتِ الْقِيمَةُ فِي زَمَانِهِ مِنَ الذَّهَبِ ثَمَانِيَ مِائَةِ دِينَارٍ وَمِنَ الْوَرِقِ ثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَجَرَى الْأَمْرُ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ كَانَ عُمَرُ وَعَزَّتِ الْإِبِلُ فِي زَمَانِهِ فَبَلَغَ بِقِيمَتِهَا مِنَ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ وَمِنَ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا وَعَلَى هَذَا بَنَى الشَّافِعِيُّ أَصْلَ قَوْلِهِ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ فَأَوْجَبَ فِيهِ الْإِبِلَ وَإِنْ كَانَ لَا يُصَارُ إِلَى النُّقُودِ إِلَّا عِنْدَ إِعْوَازِ الْإِبِلِ فَإِذَا أَعْوَزَتْ كَانَتْ فِيهَا قِيمَتُهَا مَا بَلَغَتْ وَلَمْ تُعْتَبَرْ فِيهَا قِيمَةُ عُمَرَ الَّتِي قَوَّمَهَا فِي زَمَانِهِ لأن كَانَتْ قِيمَةَ تَعْدِيلٍ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْقِيَمُ تَخْتَلِفُ فَتَزِيدُ وَتَنْقُصُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِ الْجَدِيدِ
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ بِقِيمَةِ عُمَرَ رضي الله عنه وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا أَوْ أَلْفُ دِينَارٍ وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْوَرِقِ انْتَهَى وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[4543]
(وَعَلَى أَهْلِ الْقَمْحِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْبُرُّ (لَمْ يحفظه محمد) أي بن إسحاق
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا مُرْسَلٌ وَفِيهِ مُحَمَّدٌ يَعْنِي بن إِسْحَاقَ [4544](وَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مُوسَى) يَعْنِي الْمُرْسَلَ الَّذِي قَبْلَهُ
وَالْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ الدِّيَةَ مِنَ الْإِبِلِ مِائَةٌ وَمِنَ الْبَقَرِ مِائَتَانِ وَمِنَ الشَّاةِ أَلْفَانِ وَمِنَ الْحُلَلِ مِائَتَانِ كُلُّ حُلَّةٍ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ وَقَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الْأَصْلَ فِي الدِّيَةِ الْإِبِلُ وَبَقِيَّةُ الْأَصْنَافِ مَصَالِحُهُ لَا تَقْدِيرَ شَرْعِيَّ كَذَا فِي النَّيْلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَهَذَا مُنْقَطِعٌ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ مَنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَطَاءٍ فَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَجْهُولٍ
[4545]
(عَنْ خِشْفِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْفَاءِ (جَذَعَةً) وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الْخَامِسَةِ وَهِيَ أَكْبَرُ سِنٍّ يُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ (وَعِشْرُونَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُرٌ) بِضَمَّتَيْنِ لَعَلَّهُ تَخْفِيفُ ذُكُورٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ذُكُورًا (وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ بن مَسْعُودٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله
وَذَهَبَ اللَّيْثُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وعشرون بن لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَهَذَا الْحَدِيث قَدْ رَوَاهُ إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق السَّبِيعِيّ عَمْرو بْن عَبْد اللَّه عَنْ عَلْقَمَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ فِي الْخَطَأ أَخْمَاسًا عِشْرُونَ حِقَّة وعشرون جذعة وعشرون بنات لَبُون وَعِشْرُونَ بَنَات مَخَاض وَعِشْرُونَ بَنِي مَخَاض ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ
قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ عَلْقَمَة عَنْ عَبْد اللَّه وَعَنْ مَنْصُور عَنْ إِبْرَاهِيم عَنْ عَبْد اللَّه وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مِجْلَز عَنْ أَبِي عُبَيْدَة عَنْ عَبْد اللَّه
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فِي السِّنّ أَقَلّ مِمَّا حَكَاهُ الشَّافِعِيّ عَنْ بَعْض التَّابِعِينَ وَاسْم الْإِبِل يَقَع عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْل صَحَابِيّ فَقِيه فَهُوَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ
قَالَ وَمَنْ رَغِبَ عَنْهُ اِحْتَجَّ بِحَدِيثِ سَهْل بْن أَبِي حَثْمَة فِي الْقَسَامَة فَوَدَاهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِبِل الصَّدَقَة وَلَيْسَ لِبَنِي الْمَخَاض مَدْخَل فِي فَرَائِض الصَّدَقَات
قَالَ وَحَدِيث الْقَسَامَة وَإِنْ كَانَ فِي قَتْل الْعَمْد وَنَحْنُ نَتَكَلَّم فِي دِيَة الْخَطَأ فَكَأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حِين لَمْ يَثْبُت الْقَتْل عَلَيْهِمْ وَدَاهُ بِدِيَةِ الْخَطَأ مُتَبَرِّعًا بِذَلِكَ
وَعَلَّلَ حديث بن مَسْعُود بِأَنَّهُ مُنْقَطِع لِأَنَّ أَبَا إِسْحَاق لَمْ يَسْمَع مِنْ عَلْقَمَة
قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ خِشْفَ بْنَ مَالِكٍ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ
وَعَدَلَ الشَّافِعِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالَ يَعْقُوب بْن سُفْيَان حَدَّثَنَا بُنْدَار حَدَّثَنَا أُمَيَّة بْن خَالِد حَدَّثَنَا شُعْبَة قَالَ كُنْت عِنْد أَبِي إِسْحَاق الْهَمْدَانِيِّ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ شُعْبَة يَقُول إِنَّك لَمْ تَسْمَع مِنْ عَلْقَمَة شَيْئًا فَقَالَ صَدَقَ
وَأَمَّا أَبُو عُبَيْدَة فَلَمْ يَسْمَع مِنْ أَبِيهِ قَالَ شُعْبَة عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة سَأَلْت أَبَا عُبَيْدَة تَحْفَظ مِنْ أَبِيك شَيْئًا قَالَ لَا
ثُمَّ ذَكَرَ تَعْلِيل حَدِيث خِشْفِ بْن مَالِك الْمَرْفُوع
وَمُرَاد الْبَيْهَقِيِّ يقول إن ما في حديث بن مَسْعُود أَقَلّ مِمَّا حَكَاهُ الشَّافِعِيّ عَنْ بَعْض التَّابِعِينَ وَالْأَخْذ بِهِ أَوْلَى أَنَّ الشَّافِعِيّ قَالَ فِي رِوَايَة الرَّبِيع وَإِذَا قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي قَتْل عَمْد الْخَطَأ مُغَلَّظَة مِنْهَا أَرْبَعُونَ خِلْفَة فِي بُطُونهَا أَوْلَادهَا فَفِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَنَّ دِيَة الْخَطَأ الَّذِي لَا يُخَالِطهُ عَمْد مُخَالَفَة لِهَذِهِ الدِّيَة
وَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِيهَا فَأُلْزِمَ الْقَاتِل مِائَة مِنْ الْإِبِل بِالسُّنَّةِ ثُمَّ مَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ فَلَا أُلْزِمهُ مِنْ أَسْنَان الْإِبِل إِلَّا أَقَلّ مَا قَالُوا يَلْزَمهُ لِأَنَّ اِسْم الْإِبِل يَلْزَم الصِّغَار وَالْكِبَار
فَدِيَة الْخَطَأ أَخْمَاس عِشْرُونَ اِبْنَة مَخَاض وَعِشْرُونَ اِبْنَة لَبُون وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُون ذُكُور وَعِشْرُونَ حِقَّة وَعِشْرُونَ جَذَعَة
أخبرنا مالك عن بن شِهَاب وَرَبِيعَة بْن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن وَبَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ
فَهَذَا الَّذِي أَلْزَمهُ الْبَيْهَقِيُّ لِأَجْلِهِ أَنْ يقول بما قاله بن مَسْعُود لِوَجْهَيْنِ
أَحَدهمَا أَنَّهُ أَقَلّ مِمَّا قَالَهُ هَؤُلَاءِ
وَالثَّانِي أَنَّهُ قَوْل صَحَابِيّ مِنْ فُقَهَاء الصَّحَابَة فَالْأَخْذ بِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْل التَّابِعِينَ
وَأَمَّا تَعْلِيله بِمَا ذُكِرَ فَضَعِيف فَإِنَّهُ قَدْ روي من وجوه متعددة عن بن مَسْعُود إِذَا جُمِعَ بَعْضهَا إِلَى بَعْض قَوِيَ مَجْمُوعهَا عَلَى دَفْعِ الْعِلَّة الَّتِي عَلَّلَ بِهَا
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ إِبْرَاهِيم أَنَّهُ قَالَ إِذَا قُلْت قَالَ عَبْد اللَّه فَهُوَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ جَمَاعَة عَنْهُ وَإِذَا قُلْت حَدَّثَنِي فُلَان عَنْ عَبْد اللَّه فَهُوَ الَّذِي سَمَّيْت
وَأَبُو عُبَيْدَة شَدِيد الْعِنَايَة بِحَدِيثِ أَبِيهِ وَفَتَاوِيه وَعِنْده فِي ذَلِكَ مِنْ الْعِلْم مَا لَيْسَ عِنْد غَيْره
وَأَبُو إِسْحَاق وَإِنْ لَمْ يَسْمَع مِنْ عَلْقَمَة فَإِمَامَته وَجَلَالَته وَعَدَم شُهْرَته بِالتَّدْلِيسِ تَمْنَع أَنْ يَكُون سَمِعَهُ مِنْ غَيْر ثِقَة فَيُعَدّ إِسْقَاطه تَدْلِيسًا لِلْحَدِيثِ
وَبَعْد فَفِي الْمَسْأَلَة مَذْهَبَانِ آخَرَانِ
أَحَدهمَا أَنَّهَا خَمْس وَعِشْرُونَ بِنْت مَخَاض وَخَمْس وَعِشْرُونَ حِقَّة وَخَمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة
عَنِ الْقَوْلِ بِهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْعِلَّةِ فِي رُوَاتِهِ وَلِأَنَّ فِيهِ بَنِي مَخَاضٍ وَلَا مَدْخَلَ لِبَنِي مَخَاضٍ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْنَانِ الصَّدَقَاتِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ الْقَسَامَةِ أَنَّهُ وَدَى قَتِيلَ خَيْبَرَ بِمِائَةٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَلَيْسَ في أسنان الصدقة بن مَخَاضٍ
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ غَيْرٌ ثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ لَا نَعْلَمُهُ رَوَاهُ إِلَّا خشف بن مالك عن بن مَسْعُودٍ وَهُوَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ ثُمَّ قَالَ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِلَّا حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ وَالْحَجَّاجُ رَجُلٌ مَشْهُورٌ بِالتَّدْلِيسِ وَبِأَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ مَنْ لَمْ يَلْقَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَخِشْفُ بْنُ مَالِكٍ مَجْهُولٌ وَقَالَ الْمَوْصِلِيُّ خشف بن مالك ليس بذالك وَذَكَرَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ
وَخِشْفُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَاءٍ وَاخْتُلِفَ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَالْحَجَّاجُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[4546]
(أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ قُتِلَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا) أَيْ من الدراهم (رواه بن عيينة الخ) حاصلة أن الحديث رواه بن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مرسلا فإنه لم يذكر بن عَبَّاسٍ
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ مِنَ الْفِضَّةِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِنَّ الدِّيَةَ إِذَا كَانَتْ نَقْدًا فَمِنَ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَمِنَ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعِنْدَ أبي
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ بِنْت لَبُون أَرْبَاعًا حَكَاهُ الشَّافِعِيّ فيما بلغه عن بن مَهْدِيّ عَنْ سُفْيَان عَنْ أَبِي إِسْحَاق بْن ضَمْرَة عَنْ عَلِيّ
الثَّانِي أَنَّهَا ثَلَاثُونَ حِقَّة وَثَلَاثُونَ بِنْت لَبُون وَعِشْرُونَ بِنْت مَخَاض وَعِشْرُونَ بن لَبُون ذَكَر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُثْمَان بْن عَفَّان وَزَيْد بْن ثَابِت
وَكُلّ هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَسْنَان شَيْء مُقَدَّر عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَاللَّهُ أعلم