الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ
5 -
(بَاب الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ)
وَقَدْ وَقَعَ هَذَا الْبَابُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه
قَالَ الْحَافِظُ ذَهَبَ السَّلَفُ إِلَى أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَقَالُوا مَتَى قُبِلَ ذَلِكَ كان شكا
وقال الشيخ محي الدِّينِ وَالْأَظْهَرُ الْمُخْتَارُ أَنَّ التَّصْدِيقَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ بكثرة النظر ووضوح الأدلة لهذا كَانَ إِيمَانُ الصِّدِّيقِ أَقْوَى مِنْ إِيمَانِ غَيْرِهِ لَا يَعْتَرِيهِ الشُّبْهَةُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي قَلْبِهِ يَتَفَاضَلُ حَتَّى أَنَّهُ يَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ الْإِيمَانُ أَعْظَمَ يَقِينًا وَإِخْلَاصًا وَتَوَكُّلًا مِنْهُ فِي بَعْضِهَا وَكَذَلِكَ فِي التَّصْدِيقِ وَالْمَعْرِفَةِ بِحَسَبِ ظُهُورِ الْبَرَاهِينَ وَكَثْرَتِهَا انتهى
(لَمَّا تَوَجَّهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْكَعْبَةِ) أَيْ تَوَجَّهَ لِلصَّلَاةِ إِلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ بَعْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) أَيْ صَلَاتَكُمْ
قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ فَسُمِّيَتِ الصَّلَاةُ إِيمَانًا فَعُلِمَ أَنَّهَا مِنَ الْإِيمَانِ بِمَكَانٍ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ
(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ) وَهُوَ الْبَاهِلِيُّ صُدَيُّ بْنُ عَجْلَانَ رضي الله عنه (مَنْ أَحَبَّ) أَيْ شيئا أو شخصا فخذف الْمَفْعُولُ (لِلَّهِ) أَيْ لِأَجْلِهِ وَلِوَجْهِهِ مُخْلِصًا لَا لِمَيْلِ قَلْبِهِ وَلَا لِهَوَاهُ (وَأَبْغَضَ لِلَّهِ لَا) لِإِيذَاءِ مَنْ أَبْغَضَهُ لَهُ بَلْ لِكُفْرِهِ وَعِصْيَانِهِ (وَأَعْطَى لِلَّهِ) أَيْ لِثَوَابِهِ وَرِضَاهُ لَا لِنَحْوِ رِيَاءٍ (وَمَنَعَ لِلَّهِ) أَيْ لِأَمْرِ اللَّهِ كَأَنْ لَمْ يَصْرِفِ الزَّكَاةَ لِكَافِرٍ لِخِسَّتِهِ وَلَا لِهَاشِمِيٍّ لِشَرَفِهِ بَلْ لِمَنْعِ اللَّهِ لَهُمَا مِنْهَا
قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ (فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ) بِالنَّصْبِ أَيْ أَكْمَلَهُ وَقِيلَ بِالرَّفْعِ أَيْ تَكَمَّلَ إِيمَانُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّامِيُّ وَقَدْ تَكَلَّمَ فيه غير واحد
(لِذِي لُبٍّ) بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ بِمَعْنَى الْعَقْلِ (قَالَتْ) أَيِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي خَاطَبَهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ) أَيْ تُعْدَلُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ (وتقيم أياما) أي أيام الحيض والنقاس (لَا تُصَلِّي) أَيْ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَصْفُهُ صلى الله عليه وسلم النِّسَاءَ نُقْصَانَ الدِّينِ لِتَرْكِهِنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ قَدْ يَسْتَشْكِلُ مَعْنَاهُ وَلَيْسَ بِمُشْكِلٍ بَلْ هو ظاهر فإن الدين والإيمان مُشْتَرِكَةٌ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الطَّاعَاتِ تُسَمَّى إِيمَانًا وَدِينًا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ كَثُرَتْ عِبَادَتُهُ زَادَ إِيمَانُهُ وَدِينُهُ وَمَنْ نَقَصَتْ عِبَادَتُهُ نَقَصَ دِينُهُ ثُمَّ نَقْصُ الدِّينِ قَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يَأْثَمُ بِهِ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ وَقَدْ يَكُونُ على وجه لاإثم فِيهِ كَمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ غَيْرَهَا مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُذْرُ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ هُوَ مُكَلَّفٌ بِهِ كَتَرْكِ الْحَائِضِ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ
انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ
وَبِهَذَا الْكَلَامِ ظَهَرَ أَيْضًا وَجْهُ مُنَاسَبَةِ الْحَدِيثِ بِالْبَابِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه مسلم وبن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سرح عن أبي سعيد الخدري
(أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا) بِضَمِّ اللَّامِ
قال بن رَسْلَانَ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ أَوْصَافِ الْإِنْسَانِ الَّتِي يُعَامِلُ بِهَا غَيْرَهُ وَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى مَحْمُودَةٍ وَمَذْمُومَةٍ فَالْمَحْمُودَةُ مِنْهَا صِفَاتُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ كَالصَّبْرِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ وَالْحَمْلِ عِنْدَ الْجَفَا وَحَمْلِ الْأَذَى وَالْإِحْسَانِ لِلنَّاسِ وَالتَّوَدُّدِ إِلَيْهِمْ وَالرَّحْمَةِ بِهِمْ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ وَاللِّينِ فِي الْقَوْلِ وَمُجَانَبَةِ الْمَفَاسِدِ وَالشُّرُورِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَقِيقَةُ حُسْنِ الْخُلُقِ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ وَكَفُّ الْأَذَى وَطَلَاقَةُ الوجه
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَزَادَ فِي آخره وخياركم خياركم لنسائهم
(قَالَ أَوْ مُسْلِمٌ) قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي بإسكان الواو لا بفتحها
وفي رواية بن الْأَعْرَابِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَا تَقُلْ مُؤْمِنٌ بَلْ مُسْلِمٌ فَوَضَّحَ أَنَّهَا لِلْإِضْرَابِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ الْإِنْكَارَ بَلِ الْمَعْنَى أَنَّ إِطْلَاقَ الْمُسْلِمِ عَلَى مَنْ يُخْتَبَرُ حَالُهُ الْخِبْرَةَ الْبَاطِنَةَ أَوْلَى مِنْ إِطْلَاقِ الْمُؤْمِنِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مَعْلُومٌ بِحُكْمِ الظاهر انتهى مخلصا (مَخَافَةَ أَنْ يُكِبَّ) ضُبِطَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْكَافِ مِنَ الْإِكْبَابِ
قَالَ الْحَافِظُ أَكَبَّ الرَّجُلُ إِذَا أَطْرَقَ وَكَبَّهُ غَيْرُهُ إِذَا قَبَّلَهُ وَهَذَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْفِعْلَ اللَّازِمَ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ وَهَذَا زِيدَتْ عَلَيْهِ الْهَمْزَةُ فَقُصِرَ انْتَهَى
وَالْمَعْنَى مَخَافَةَ أَنْ يَقَعَ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ إِنْ لَمْ يُعْطِ لِكَوْنِهِ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْمُجَرَّدِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الْمُنْذِرِيِّ بَعْدَ الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ فقال وهو طرف من الذي قبله
(حَتَّى أَعَادَهَا) أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ (ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (وَأَدَعُ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ أَتْرُكُ (مَخَافَةَ أَنْ يُكِبُّوا) بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ أَوْ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْمُجَرَّدِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
(قَالَ) أَيِ الزُّهْرِيُّ (نَرَى) بِضَمِّ النُّونِ وَبِفَتْحٍ (أَنَّ الْإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ) أَيْ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ (وَالْإِيمَانَ الْعَمَلُ) أَيِ الصالح
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ مَا أَكْثَرَ مَا يَغْلَطُ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَمَّا الزُّهْرِيُّ فَقَدْ ذَهَبَ إِلَى مَا حَكَاهُ مَعْمَرٌ عَنْهُ وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
فَمَا وَجَدْنَا فيها غير بيت من المسلمين قَالَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ إِذْ كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ وَعَدَ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ وَأَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانِيِّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَذَابُ مِنْهُمْ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْ وَجَدَهُ فِيهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِنْجَازًا لِلْوَعْدِ فَثَبَتَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ
قَالَ وَالصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَيَّدَ الْكَلَامُ فِي هَذَا وَلَا يُطْلَقَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمَ قَدْ يَكُونُ مُؤْمِنًا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا فِي بَعْضِهَا وَالْمُؤْمِنَ مُسْلِمٌ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ فَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا
فَإِذَا حَمَلْتَ الْأَمْرَ عَلَى هَذَا اسْتَقَامَ لَكَ تَأْوِيلُ الْآيَاتِ وَاعْتَدَلَ الْقَوْلُ فِيهَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ شَيْءٌ مِنْهَا
وَأَصْلُ الْإِيمَانِ التَّصْدِيقُ وَأَصْلُ الْإِسْلَامِ الِاسْتِسْلَامُ وَالِانْقِيَادُ وَقَدْ يكون المرء مستسلما في الظاهر غير مننقاد في الباطن ولا مصدق وَقَدْ يَكُونُ صَادِقَ الْبَاطِنِ غَيْرَ مُنْقَادٍ فِي الظَّاهِرِ انْتَهَى
وَحَاصِلُ مَا صَحَّحَهُ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ النِّسْبَةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُسْلِمِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ
والحديث سكت عنه المنذري
(لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا إِلَخْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْكُفَّارِ الْمُتَكَفِّرِينَ بِالسِّلَاحِ يُقَالُ تَكَفَّرَ الرَّجُلُ بِسِلَاحِهِ إِذَا لَبِسَهُ فَكَفَرَ نَفْسَهُ أَيْ سَتَرَهَا وَأَصْلُ الْكُفْرِ السَّتْرُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي فِرَقًا مُخْتَلِفِينَ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ فَتَكُونُوا فِي ذَلِكَ مُضَاهِينَ لِلْكُفَّارِ فَإِنَّ الْكُفَّارَ مُتَعَادُونَ يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ وَالْمُسْلِمُونَ مُتَوَاخُونَ يَحْقِنُ بَعْضُهُمْ دَمَ بَعْضٍ
وَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ فِرَاسٍ قَالَ سَأَلْتُ مُوسَى بْنَ هَارُونَ عَنْ هَذَا فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَهْلُ الرِّدَّةِ قَتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا
(أَكْفَرَ رَجُلًا مُسْلِمًا) أَيْ نَسَبَهُ إِلَى الْكُفْرِ (فَإِنْ كَانَ) الرَّجُلُ الَّذِي نُسِبَ إِلَيْهِ الْكُفْرُ (كَافِرًا) فَلَا شَيْءَ
عَلَى النَّاسِبِ (وَإِلَّا) أَيْ لَمْ يَكُنْ هُوَ كَافِرًا (كَانَ هُوَ) أَيِ النَّاسِبُ (الْكَافِرُ) أَيْ يُخَافُ عَلَيْهِ شُؤْمُ كَلَامِهِ
قَالَهُ السِّنْدِيُّ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
(أَرْبَعٌ) أَيْ خِصَالٌ أَرْبَعٌ أَوْ أَرْبَعٌ مِنَ الْخِصَالِ فَسَاغَ الِابْتِدَاءُ بِهِ (مَنْ كُنَّ) أَيْ تِلْكَ الْأَرْبَعُ (فِيهِ) الضَّمِيرُ لِمَنْ (فَهُوَ مُنَافِقٌ خَالِصٌ) قَالَ الْعَلْقَمِيُّ أَيْ فِي هَذِهِ الْخِصَالِ فَقَطْ لَا فِي غَيْرِهَا أَوْ شَدِيدُ الشَّبَهِ بِالْمُنَافِقِينَ وَوَصْفُهُ بِالْخُلُوصِ يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُرَادَ بِالنِّفَاقِ الْعَمَلِيِّ دون الإيماني أن النِّفَاقُ الْعُرْفِيُّ لَا الشَّرْعِيُّ لِأَنَّ الْخُلُوصَ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْكُفْرَ الْمُلْقِي فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ (حَتَّى يَدَعَهَا) أَيْ إِلَى أَنْ يَتْرُكَهَا (إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ) أَيْ عَمْدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ (وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ) أَيْ إِذَا وَعَدَ بِالْخَيْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَمْ يَفِ بِذَلِكَ (وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ) أَيْ نَقَضَ الْعَهْدَ وَتَرَكَ الوفاء بماعاهد عَلَيْهِ
وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَعْدِ وَالْعَهْدِ فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَعْدِ وَالْعَهْدِ صريحا
والظاهر من صفيع الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ رحمه الله أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا بَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ صَحِيحِهِ بَابُ مَنْ أُمِرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْدِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى مَضْمُونِ الْبَابِ بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ أَوَّلُهَا حَدِيثُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فِي قِصَّةِ هِرَقْلَ أَوْرَدَ مِنْهُ طَرَفًا وَهُوَ أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ
فَزَعَمْتَ أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ الْحَدِيثَ
وَلَوْلَا أَنَّ الْوَعْدَ وَالْعَهْدَ مُتَّحِدَانِ لَمَا تَمَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ فَثَبَتَ مِنْ صَنِيعِهِ هَذَا أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ
وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْحَافِظِ رحمه الله فِي الْفَتْحِ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا فَإِنَّهُ قَالَ إِنَّ مَعْنَاهُمَا قَدْ يَتَّحِدُ وَنَصُّهُ فِي شَرْحِ بَابِ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِ مِنْ كِتَابِ الْإِيمَانِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ حَصَلَ فِي مَجْمُوعِ الرِّوَايَتَيْنِ خَمْسُ خِصَالٍ لِأَنَّهُمَا تَوَارَدَتَا عَلَى الْكَذِبِ فِي الْحَدِيثِ وَالْخِيَانَةِ فِي الْأَمَانَةِ وَزَادَ الْأَوَّلُ الْخُلْفَ فِي الْوَعْدِ وَالثَّانِي الْغَدْرَ فِي الْمُعَاهَدَةِ وَالْفُجُورَ فِي الْخُصُومَةِ
قُلْتُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الثَّانِي بَدَلُ الْغَدْرِ فِي الْمُعَاهَدَةِ الْخُلْفُ فِي الْوَعْدِ كَمَا فِي الْأَوَّلِ فَكَأَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ تَصَرَّفَ فِي لَفْظِهِ لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا قَدْ يَتَّحِدُ إِلَخْ
فَلَفْظُهُ قَدْ تَدُلُّ دِلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا وَلَكِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ أَيْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ هُوَ أَنَّ الْوَعْدَ أَعَمُّ مِنَ الْعَهْدِ مُطْلَقًا فَإِنَّ الْعَهْدَ هُوَ الْوَعْدُ الْمُوثَقُ فَأَيْنَمَا وُجِدَ الْعَهْدُ وُجِدَ الْوَعْدُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ
لِجَوَازِ أَنْ يُوجَدَ الْوَعْدُ مِنْ غَيْرِ تَوْثِيقٍ
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ فَالْوَعْدُ أَعَمُّ مِنَ الْعَهْدِ بِأَنَّ الْعَهْدَ لَا يُطْلَقُ إِلَّا إِذَا كَانَ الْوَعْدُ مُوَثَّقًا والوعد أعم مِنْ أَنْ يَكُونَ مُوَثَّقًا أَوْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ لَفْظُ الْحَدِيثِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَطْلَقَ عَلَى إِخْلَافِ الْوَعْدِ لَفْظَ الْإِخْلَافِ وَعَلَى إِخْلَافِ الْعَهْدِ لَفْظَ الْغَدْرِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغَدْرَ أَشَدُّ مِنَ الْإِخْلَافِ فَعُلِمَ أَنَّ الْعَهْدَ أَشَدُّ وَأَوْثَقُ مِنَ الْوَعْدِ
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ) الآية
وأما العهد أعم مِنَ الْوَعْدِ فَبِأَنَّ الْوَعْدَ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى مَا يَكُونُ لِشَخْصٍ آخَرَ وَالْعَهْدَ يُطْلَقُ على ما يكون لشخص آخرأو لِنَفْسِهِ كَمَا لَا يَخْفَى
قَالَ اللَّهُ عز وجل (أو كلما عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يؤمنون) فههنا عَهْدُهُمْ لَيْسَ إِلَّا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْإِيمَانِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم) الآية فههنا مُعَاهَدَةُ الْمُؤْمِنِينَ لَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بَلْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
وَأَمَّا الْوَعْدُ فَلَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِلَّا لِرَجُلٍ آخَرَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ ووعدتكم فأخلفتكم) الْآيَةَ
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وعدتنا على رسلك) الْآيَةَ
وَقَالَ تَعَالَى (رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ التي وعدتهم) الْآيَةَ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ وَكَلَامِ أَهْلِ الْعَرَبِ
فَلَعَلَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ الْحَافِظِ بِاتِّحَادِ الْوَعْدِ وَالْعَهْدِ اجْتِمَاعُهُمَا فِي مَادَّةِ الْوَعْدِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى الْوُثُوقِ وَغَيْرِ الْوُثُوقِ وكذلك إلى أنه لرجل آخرأو لِنَفْسِهِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) أَيْ شَتَمَ وَرَمَى بِالْأَشْيَاءِ الْقَبِيحَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي وبن مَاجَهْ
(لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ كامل أو
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ذكر الشيخ بن القيم رحمه الله حديث لا يزاني الزَّانِي ثُمَّ قَالَ وَفِي لَفْظ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَا يَنْتَهِب نُهْبَة ذَات شَرَف يَرْفَع إِلَيْهِ النَّاس فِيهَا أَبْصَارهمْ حِين يَنْتَهِبهَا وَهُوَ مُؤْمِن وَزَادَ مُسْلِم وَلَا يَغُلّ حِين يَغُلّ وَهُوَ مُؤْمِن فَإِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ وَزَادَ أَبُو بَكْر الْبَزَّار فِيهِ فِي الْمُسْنَد يَنْزِع الْإِيمَان مِنْ قَلْبه فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّه عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ في صحيحه عن بن عباس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم
مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ أَوْ أَنَّهُ شَابَهَ الْكَافِرَ فِي عَمَلِهِ وَمَوْقِعُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي جَوَازِ قِتَالِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِيَكُفَّ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ أَدَّى إِلَى قَتْلِهِ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَفْعَلُ هَذِهِ الْمَعَاصِيَ وَهُوَ كَامِلُ الْإِيمَانِ وَإِنَّمَا تَأَوَّلْنَاهُ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ إِلَخْ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
لَا يَزْنِي الْعَبْد حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِن
وَلَا يَسْرِق حِين يَسْرِق وَهُوَ مُؤْمِن
وَلَا يَشْرَب حِين يَشْرَب وَهُوَ مُؤْمِن
وَلَا يَقْتُل حين يقتل وهو مؤمن قال عكهمة قُلْت لِابْنِ عَبَّاس كَيْف يُنْزَع الْإِيمَان مِنْهُ قَالَ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْن أَصَابِعه
ثُمَّ أَخْرَجَهَا فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْن أصابعه
وروى بن صَخْر فِي الْفَوَائِد مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن خالد المخزومي عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيِّ عَنْ زُبَيْد الْيَامِيّ عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْيَقِين الْإِيمَان كُلّه وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه موقوفا على بن مَسْعُود
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي قَتَادَة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَامَ فِيهِمْ
فَذَكَرَ الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه وَالْإِيمَان بِاَللَّهِ أَفْضَل الْأَعْمَال الْحَدِيث
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ سُئِلَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم أَيّ الْأَعْمَال أَفْضَل قَالَ الْإِيمَان بِاَللَّهِ قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجّ مَبْرُور
وَفِي لَفْظ إِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيّ (بَاب مَنْ قَالَ إِنَّ الْإِيمَان هُوَ الْعَمَل) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتِلْكَ الْجَنَّة الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وَقَالَ عِدَّة مِنْ أَهْل الْعِلْم فِي قَوْله تَعَالَى {فَوَرَبِّك لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} عَنْ قَوْل لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي ذَرّ الْغِفَارِيِّ قَالَ قُلْت يَا رَسُول اللَّه أَيّ الْأَعْمَال أَفْضَل قَالَ الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَالْجِهَاد فِي سَبِيله الْحَدِيث
وَرَوَى الْبَزَّار فِي مُسْنَده مِنْ حَدِيث عَمَّار بْن يَاسِر عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاث مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَان الْإِنْصَاف مِنْ نَفْسك وَبَذْل السَّلَام لِلْعَالَمِ
وَالْإِنْفَاق مِنْ الْإِقْتَار
وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَنْ عَائِشَة مِنْ قَوْلهَا
وَقَالَ الْبُخَارِيّ قَالَ مُعَاذ اِجْلِسْ بِنَا نُؤْمِن سَاعَة وَقَالَ الْبُخَارِيّ فِي الصَّحِيح
بَاب سُؤَال جِبْرِيل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْإِيمَان وَالْإِسْلَام
وَالْإِحْسَان وَعِلْم السَّاعَة وَبَيَان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَهُ ثُمَّ قَالَ جَاءَ جِبْرِيل يُعَلِّمكُمْ دِينكُمْ فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلّه دِينًا
وَمَا بَيَّنَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لِوَفْدِ عَبْد الْقَيْس مِنْ الْإِيمَان وَقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} وَفِي حَدِيث الشَّفَاعَة الْمُتَّفَق عَلَى صِحَّته أَخْرِجُوا مِنْ النَّار مَنْ كَانَ فِي قَلْبه مِثْقَال ذَرَّة مِنْ إِيمَان وَفِي لَفْظ مِثْقَال دِينَار مِنْ إِيمَان وَفِي لَفْظ مِثْقَال شَعِيرَة مِنْ إِيمَان وَفِي لَفْظ مِثْقَال خَرْدَلَة مِنْ إِيمَان وَفِي لَفْظ اِنْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبه أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل مِنْ إِيمَان وَفِي لفظ
وَإِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَى تَمَامِ كَلَامِهِ فَارْجِعْ إِلَى شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَهُ (وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ) أَيْ عَلَى فَاعِلِهَا (بَعْدُ) بِالضَّمِّ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ
قَالَ النَّوَوِيُّ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَبُولِ التَّوْبَةِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
إذا كان يوم القيامة شفعت فقلت يا رَبّ أَدْخِلْ الْجَنَّة مَنْ كَانَ فِي قَلْبه خَرْدَلَة مِنْ إِيمَان فَيَدْخُلُونَ
ثُمَّ أَقُول أَدْخِلْ الْجَنَّة مَنْ كَانَ فِي قَلْبه أَدْنَى شَيْء
قَالَ أَنَس كَأَنِّي أَنْظُر إِلَى أَصَابِع رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وَفِي لَفْظ عَنْ أَنَس عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَخْرُج مِنْ النَّار مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَكَانَ فِي قَلْبه مِنْ الْخَيْر مَا يَزِن شَعِيرَة
ثُمَّ قَالَ يَخْرُج مِنْ النَّار مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَكَانَ فِي قَلْبه مِنْ الْخَيْر مَا يَزِن بُرَّة
ثُمَّ يَخْرُج مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَكَانَ فِي قَلْبه مِنْ الْخَيْر مَا يَزِن ذَرَّة
وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيّ عَلَى هَذَا الْحَدِيث
بَاب زِيَادَة الْإِيمَان وَنُقْصَانه
وَقَوْله تَعَالَى {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} وَقَالَ {وَيَزْدَاد الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} وَقَالَ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينكُمْ} فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْكَمَال فَهُوَ نَاقِص
وَكُلّ هَذِهِ الْأَلْفَاظ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدهمَا وَالْمُرَاد بِالْخَيْرِ فِي حَدِيث أَنَس الْإِيمَان فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَخْرُج بِهِ مِنْ النَّار
وَكُلّ هَذِهِ النُّصُوص صَحِيحَة صَرِيحَة لَا تَحْتَمِل التَّأْوِيل فِي أَنَّ نَفْس الْإِيمَان الْقَائِم بِالْقَلْبِ يَقْبَل الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان وَبَعْضهمْ أَرْجَح مِنْ بَعْض
وقال البخاري في صحيحه قال بن أبي ملكية أَدْرَكْت ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كُلّهمْ يَخَاف النِّفَاق عَلَى نَفْسه مَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَد يَقُول إِنَّهُ عَلَى إِيمَان جِبْرِيل وَمِيكَائِيلَ
وَقَالَ الْبُخَارِيّ أَيْضًا
بَاب الصَّلَاة مِنْ الْإِيمَان
وَقَوْله عز وجل {وَمَا كَانَ اللَّه لِيُضِيعَ إِيمَانكُمْ} يَعْنِي صَلَاتكُمْ عِنْد الْبَيْت ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيث تَحْوِيل الْقِبْلَة
وَأَقْدَم مَنْ رُوِيَ عَنْهُ زِيَادَة الْإِيمَان وَنُقْصَانه مِنْ الصَّحَابَة عُمَيْر بْن حَبِيب الْخَطْمِيّ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ أَبِي جَعْفَر الْخَطْمِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عُمَيْر بْن حَبِيب قَالَ الْإِيمَان يَزِيد وَيَنْقُص
قِيلَ وَمَا زِيَادَته وَنُقْصَانه قَالَ إِذَا ذَكَرْنَا اللَّه عز وجل وَحَمِدْنَاهُ وَسَبَّحْنَاهُ فَذَلِكَ زِيَادَته وَإِذَا غَفَلْنَا وَضَيَّعْنَا وَنَسِينَا
فَذَلِكَ نُقْصَانه
وَقَالَ أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد بْن هَارُون أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن طَلْحَة عَنْ زُبَيْد عَنْ ذَرّ قَالَ كَانَ عُمَر بْن الْخَطَّاب يَقُول لِأَصْحَابِهِ هَلُمُّوا نَزْدَدْ إِيمَانًا فَيَذْكُرُونَ اللَّه تَعَالَى
وَقَالَ أَحْمَد حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ شَرِيك عَنْ هِلَال عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُكَيْم قال سمعت عبد الله بن مَسْعُود يَقُول فِي دُعَائِهِ (اللَّهُمَّ زِدْنِي إِيمَانًا وَيَقِينًا وَفِقْهًا أَوْ قَالَ فَهْمًا وَقَالَ أَحْمَد فِي رِوَايَة الْمَرْوَزِيِّ أَخْبَرَنَا يَزِيد بْن هَارُون أَخْبَرَنَا الْعَوَّام حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُدْرِك عَنْ أَبِي زُرْعَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ الْإِيمَان بر فمن زنا فَارَقَهُ الْإِيْمَان فَإِنْ لَامَ نَفْسه وَرَجَعَ رَاجَعَهُ الْإِيمَان
وَفِي تَفْسِير عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عن بن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوب الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إيمانهم} قال
وَإِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَى تَمَامِ كَلَامِهِ فَارْجِعْ إِلَى شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَهُ (وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ) أَيْ عَلَى فَاعِلِهَا (بَعْدُ) بِالضَّمِّ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ
قَالَ النَّوَوِيُّ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَبُولِ التَّوْبَةِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بشهادة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه
فَلَمَّا صَدَّقَ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ زَادَهُمْ الصَّلَاة
فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهَا زَادَهُمْ الصِّيَام
فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهِ زَادَهُمْ الزَّكَاة
فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهَا زَادَهُمْ الْحَجّ
فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهِ زَادَهُمْ الْجِهَاد
ثُمَّ أَكْمَلَ لَهُمْ دِينهمْ فَقَالَ {الْيَوْم أَكْمَلْت لَكُمْ دِينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيت لَكُمْ الْإِسْلَام دِينًا}
وَقَالَ إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش حَدَّثَنِي صَفْوَان بْن عَمْرو عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَبِيعَة الْحَضْرَمِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ الْإِيمَان يَزْدَاد وَيَنْقُص
وَقَالَ إِسْمَاعِيل أَيْضًا عَنْ عَبْد الْوَهَّاب بْن مُجَاهِد عَنْ أبيه عن أبي هريرة وبن عَبَّاس قَالَا الْإِيمَان يَزْدَاد وَيَنْقُص
وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد فِي رِوَايَة الْمَرْوَزِيِّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن حَرْب حَدَّثَنَا جَرِير بْن حَازِم عَنْ فُضَيْلِ بْن يَسَار قَالَ قَالَ مُحَمَّد بْن عَلِيّ هَذَا الْإِسْلَام وَدَوَّرَ دَائِرَة وَدَوَّرَ فِي وَسَطهَا أُخْرَى
وَقَالَ هَذَا الْإِيمَان الَّذِي فِي وَسَطهَا مَقْصُور فِي الْإِسْلَام
وَقَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يزاني الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِن وَلَا يَشْرَب الْخَمْر حِين يَشْرَبهَا وَهُوَ مُؤْمِن وَلَا يَسْرِق حين يسرق هو مُؤْمِن قَالَ قَالَ يَخْرُج مِنْ الْإِسْلَام فَإِذَا تَابَ تَابَ اللَّه عَلَيْهِ فَرَجَعَ إِلَى الْإِيمَان
وَقَالَ أَحْمَد فِي رِوَايَة الْمَرْوَزِيِّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ أَشَعْت عَنْ الْحَسَن عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يُنْزَع مِنْهُ الْإِيمَان فَإِنْ تَابَ أُعِيدَ إِلَيْهِ
وَرَوَاهُ يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ عَوْف عَنْ الْحَسَن مِنْ قَوْله وَهُوَ أَشْبَه
وَقَالَ مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان لُوَيْن سَمِعْت سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ غَيْر مَرَّة يَقُول الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل وَأَخَذْنَاهُ مِمَّنْ قَبْلنَا قِيلَ لَهُ يَزِيد وَيَنْقُص قَالَ فَأَيّ شَيْء إِذَنْ
وَقَالَ مَرَّة وَسُئِلَ الْإِيمَان يَزِيد وينقص قال أليس تقرؤون الْقُرْآن {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} فِي غَيْر مَوْضِع قِيلَ يَنْقُص قَالَ لَيْسَ شَيْء يَزِيد إِلَّا وَهُوَ يَنْقُص وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق سَمِعْت سُفْيَان الثَّوْرِيَّ ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة وبن جُرَيْجٍ وَمَعْمَرًا يَقُولُونَ الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل يَزِيد وينقص وقال الحميدي سمعت بن عُيَيْنَةَ يَقُول الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل يَزِيد وَيَنْقُص فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ إِبْرَاهِيم بْن عُيَيْنَةَ
يَا أَبَا مُحَمَّد لَا تَقُلْ يَزِيد وَيَنْقُص فَغَضِبَ وَقَالَ اُسْكُتْ يَا صَبِيّ بَلَى حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْء
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ سَمِعْت أَحْمَد بْن حَنْبَل يَقُول الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل يَزِيد وَيَنْقُص وَقَالَ الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان سَمِعْت الشَّافِعِيّ يَقُول الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل يَزِيد وَيَنْقُص ذَكَرَهُ الْحَاكِم فِي مَنَاقِبه
وَقَالَ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ النَّمِرِيّ قَالَ رَجُل لِلشَّافِعِيِّ أَيّ الْأَعْمَال عِنْد اللَّه أَفْضَل قَالَ مَا لَا يُقْبَل عَمَل إِلَّا بِهِ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ الْإِيمَان بِاَللَّهِ هُوَ أَعْلَى الْأَعْمَال دَرَجَة وَأَشْرَفهَا مَنْزِلَة وَأَسْنَاهَا
وَإِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَى تَمَامِ كَلَامِهِ فَارْجِعْ إِلَى شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَهُ (وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ) أَيْ عَلَى فَاعِلِهَا (بَعْدُ) بِالضَّمِّ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ
قَالَ النَّوَوِيُّ قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَبُولِ التَّوْبَةِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
حَظًّا
قَالَ الرَّجُل أَلَا تُخْبِرنِي عَنْ الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل أَوْ قَوْل بِلَا عَمَل قَالَ الشَّافِعِيّ الْإِيمَان عَمَل لِلَّهِ وَالْقَوْل بَعْض ذَلِكَ ثُمَّ الْعَمَل احْتُجَّ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْحَاكِم عَنْهُ
وَقَالَ أَحْمَد حَدَّثَنَا وَكِيع حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا نَقَصَتْ أَمَانَة عَبْد إِلَّا نَقَصَ إِيمَانه
وَقَالَ وَكِيع حَدَّثَنَا إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي الْهَيْثَم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} قَالَ لِيَزْدَادَ إِيمَانًا
وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ عَبْد الْكَرِيم الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِد أَنَّ أَبَا ذَرّ سَأَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْإِيمَان فَقَرَأَ عَلَيْهِ {لَيْسَ الْبِرّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب} حَتَّى خَتَمَ الْآيَة
اِحْتَجَّ بِهِ أَحْمَد فِي كِتَاب الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَة
وَرَوَاهُ جَعْفَر بْن عَوْف عَنْ الْمَسْعُودِيّ عَنْ الْقَاسِم عَنْ أَبِي ذَرّ بِمِثْلِهِ
وَقَالَ يَحْيَى بْن سَلِيم الطَّائِفِيّ قَالَ هِشَام عَنْ الْحَسَن الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل فَقُلْت لِهِشَامٍ فَمَا تَقُول أَنْتَ فَقَالَ قَوْل وَعَمَل
وَقَالَ الْحُمَيْدِيّ سَمِعْت وَكِيعًا يَقُول وَأَهْل السُّنَّة يَقُولُونَ الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل وَالْمُرْجِئَة يَقُولُونَ الْإِيمَان قَوْل وَالْجَهْمِيّةُ يَقُولُونَ الْإِيمَان الْمَعْرِفَة وَصَحَّ عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ الْإِيمَان بِالتَّمَنِّي وَلَا بِالتَّحَلِّي وَلَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْب وَصَدَّقَهُ الْعَمَل وَنَحْوه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيِّ
وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الْعَمَل تَصْدِيقًا فِي قوله حَدِيث زِنَى الْعَيْن وَالْجَوَارِح الْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ أو يكذبه وأما الحديث الذي رواه بن مَاجَهْ فِي سُنَنه مِنْ حَدِيث عَبْد السَّلَام بْن صَالِح عَنْ عَلِيّ بْن مُرْسِيّ الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيّ بْن الْحَسَن عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيّ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم الْإِيمَان مَعْرِفَة بِالْقَلْبِ وَقَوْل بِاللِّسَانِ وَعَمَل بِالْأَرْكَانِ قَالَ عَبْد السَّلَام بْن صَالِح لَوْ قُرِئَ هَذَا الْإِسْنَاد عَلَى مَجْنُون لَبَرَأَ
فَهَذَا حَدِيث مَوْضُوع لَيْسَ مِنْ كَلَام رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال بَعْض أَئِمَّة الْحَدِيث لَوْ قُرِئَ هَذَا عَلَى مَجْنُون لَبَرَأَ لَوْ سَلِمَ مِنْ عَبْد السَّلَام وَهُوَ الْمُتَّهَم بِهِ وَفِي الْحَقّ مَا يُغْنِي عَنْ الْبَاطِل وَلَوْ كُنَّا مِمَّنْ يَحْتَجّ بِالْبَاطِلِ وَيَسْتَحِلّهُ لَرَوَّجْنَا هَذَا الْحَدِيث وَذَكَرْنَا بَعْض مَنْ أَثْنَى عَلَى عَبْد السَّلَام وَلَكِنْ نَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقَة كَمَا نَعُوذ بِهِ مِنْ طَرِيقَة تَضْعِيف الْحَدِيث الثَّابِت وَتَعْلِيله إِذَا خَالَفَ قَوْل إِمَام مُعَيَّن وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق